أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

01/04/2010

 

دمشق تداري خاصرتها اللبنانية.. والخطوط مفتوحة مع الرياض

نبيل هيثم 

 

نادرة هي المجالس السورية التي تخلو من ضيف لبناني في هذه الأيام، وتكاد طريق بيروت دمشق تغرق بزحمة سياسيين، أصدقاء قدامى، أصدقاء جدد، أمنيين من الصنفين الرسمي والحزبي، موفدين لأسباب رئاسية، مرسلين بمهام تحضيرية وتنسيقية لتعبيد الطريق أمام «زيارات رسمية» أو «زيارات منتظرة»، ومن بينها زيارة النائب وليد جنبلاط التي تمت بالأمس، ويفترض أنها تسدل الستار على سنوات الخصام والتباينات.
تبدو دمشق هذه الأيام، مقصداً للباحثين عن أجوبة حول تطور الوقائع المتسارعة في المشهد الداخلي ومسبباتها، وللقلقين الباحثين عن مساحة اطمئنان في غمرة الاحتقان الآخذ بالانتفاخ السياسي والمذهبي على حافة حيوية دبت فجأة في المحكمة الدولية التي أطلت بعد فترة طويلة من السكوت والسكون، على وقع تسريبات من وحي خارطة الطريق المؤدية الى سيناريوهات ديرشبيغل!
يطرح زوار دمشق سؤالاً عريضاً: «ماذا يجري في لبنان؟» مقدمة لحبل لا ينتهي من الأسئلة عن:
ـ هوية «اليد الخفيّة» التي أعادت تحريك الوقائع في لبنان، وفرضت التحوّل في مناخ الإيجابيات والمصالحات الى تسريبات ومماحكات وتشنجات سياسية ومذهبية.
ـ سر الاستنفار السياسي الواضح لحلفاء أميركا في لبنان، والانتقال إلى خطوات تصعيدية ضد المقاومة، واستفزازية لسوريا، على ما جرى في مهرجان «البيال».
ـ السر الكامن خلف النشاط المفاجئ للمحكمة، وخلف ملاقاة أكثرية «14 آذار» لهذا النشاط بمحاولة تشكيل مناخ أقرب إلى تحضير الأرضية الداخلية لوقائع مقبلة، وتأتي في سياقها المجاهرة بالرهان على تطورات دراماتيكية يبيّتها التحقيق الدولي، بالإضافة إلى الاجتماعات و«الحلقات» التي ترعاها جهات سياسية والتوجيهات التعبوية التي بدأت تظهر علائمها في الإعلام والمنابر الدينية.
ـ المستهدف الحقيقي بهذه الحملة، هل المقاومة وحدها، هل سوريا وحدها، أم الاثنان معاً؟
ـ سر إطلالة رئيس الحكومة سعد الحريري، من المنبر البلغاري، على موضوع المحكمة الدولية، والكلام الذي وصف بالعالي النبرة في مقاربته عمل المحكمة، وحديثه عن التصدي بصرامة إلى من يسعى لتعطيلها. وهو الكلام الذي استكملته، بالنبرة ذاتها، كتلته النيابية، والمؤسسات الإعلامية التابعة له والأقلام القريبة منه، ومن هؤلاء من يستند إلى «القاعدة 74» لدانييل بلمار الذي يحتفظ فيها بـ«الأدلة السرية» حتى يبني عليها قراره الاتهامي، الذي يسوّق هؤلاء أنه بات وشيكاً!
ـ الوجهة التي يسلكها المشهد اللبناني، الآخذ بالتشكـّل على خط التوتر السياسي، وعدم إدراك من يدفع برواية «دير شبيغل»، إلى أين يمكن أن تصل الأمور؟
ـ مصير الرعاية السورية السعودية للواقع اللبناني، وهل إن بنيان الإيجابية الذي بنته تلك الرعاية وارتكز عليه لبنان في مرحلة ما بعد حكومة الوحدة الوطنية قد تعرَض للاهتزاز؟
ـ وظيفة لبنان في هذه المرحلة، وهل عاد يشكل مختبراً للتجارب القاسية وساحة لتبادل الرسائل، وهل بات مفتوحاً على مرحلة جديدة من مراحل استهداف المقاومة، أو على الأقل إدخالها في بازارات مفتوحة على مصراعيها في المنطقة وإشغالها بما يربكها داخلياً تمهيداً لتوقيت حربي ضدها؟
يلمس زوار دمشق، إن مساحة المتابعة السورية لما يجري في الخاصرة اللبنانية أوسع مما كانت عليه في فترات سابقة، وثمة ملاحظة يسمعها الزوار بأن المنحى السياسي في لبنان تصاعد بشكل مفتعل، منذ ما بعد قمة دمشق التي جمعت الرئيس بشار الأسد والرئيس الإيراني أحمدي نجاد والأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، إذ «يبدو أن أحداً ما قد انزعج فسارع الى تنفيس انزعاجه بالتشويش».
الصورة التي ينقلها الزوار من دمشق تشي بـ«اطمئنان ظاهر، وبرؤية واضحة لمجمل المشهد اللبناني وإدراك لكل تفاصيله ودقائقه، الجديّة والمفتعلة، ضد المقاومة وضد سوريا، وهي كثيرة جداً. هي «مبادرات من قبل جهات لبنانية معروف من أين تنبع وأين تصب، وتمتاز بأنها تقرأ التاريخ من الخلف، كما تقرأ الوقائع بحسب الرغبات والرهانات، وليس بحسب الحقائق التي باتت راسخة وثابتة وأثبتت التجارب استحالة تغييرها، وقد جربوا ذلك وفشلوا في سوريا وفي لبنان».
إلا أن القراءة السورية الهادئة للوقائع اللبنانية، على ما ينقل زوار دمشق، لا تعني إغماض العين على بعض المحطات الملتبسة، التي شهدتها الساحة اللبنانية في الآونة الأخيرة، وذلك على طريقة «نحن لا نمر بشكل سطحي على أي تفصيل، ومن عادتنا أن نقيس الأمور، مهما كان حجمها، بميزان الذهب السوري، وفي الحالة اللبنانية الراهنة هناك أطراف لا همّ لها سوى الافتراء على سوريا، وسوريا لا تعير هؤلاء اهتماماً، وهؤلاء سيتعبون حتماً».
لكن الزوار يرصدون، في دمشق، علامات استفهام حول أداء بعض السياسيين اللبنانيين المتناغم الى حد التماهي مع أصحاب حملات الافتراء، وما جرى في احتفال قوات سمير جعجع خير دليل. فأداء هؤلاء السياسيين ينطوي على إشارات سلبية غير مشجعة، وعلى مفارقات لا تتلاءم أبداً والمسار الذي بدأ مع الزيارة الأولى للرئيس سعد الحريري إلى دمشق ولقائه الرئيس الأسد.
يسأل بعض الزوار هنا، عن مصير الزيارة الثانية للرئيس الحريري إلى دمشق، وما إذا كانت الإشارات السلبية التي تلقتها سوريا، قد أثرت عليها فيأتي الجواب سريعاً: «ما نستطيع قوله في هذا الموضوع أن لا شيء رسمياً حتى بعد ظهر الإثنين (الماضي)، ومعنى ذلك أن لا شيء يؤكدها أو لا يؤكدها».
وليس في دمشق أي إشارة حول برودة تشوب العلاقة على الخط السوري السعودي «فالتواصل مستمر بصورة طبيعية، حول مجمل القضايا العربية، وآخرها خلال زيارة وزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيصل». وسمع الزوار «أن خط التواصل السوري السعودي حول لبنان قد شهد بعض الحماوة في الآونة الأخيرة، وقد سبق لدمشق أن قدمت النصائح وما تزال في هذا الموقع». وهناك من يعتقد أن اتصالات هاتفية وردت بعد ذلك التواصل، من المملكة إلى بيروت، ويقال إن ثمة توضيحات قد أبديت، وفي أي حال سوريا قالت كلمتها قبل أيام وعبّر عنها الرئيس الأسد بكل وضوح، ففي كلامه الكثير من المعاني، وإلى جانب ذلك لا يجب أن نهمل المقابلة، سواء في مضمونها أو في توقيتها الذي اختير بعناية، إضافة الى اختيار قناة «المنار» ورمزيتها وما يعنيه هذا الاختيار، ويعني ذلك إن الرسالة بالغة الدلالة، وينطبق عليها مثل سياسي مغزاه «إن اللبيب اللبناني من الإشارة السورية يفهم».
ويسأل بعض الزوار «كيف تلقفت دمشق الرسالة من مهرجان «قوات البيال» في شكل الحضور وفي مضمون الخطابات؟»
فيأتي الجواب على لسان مسؤول سوري: «الأكيد أنها رسالة افتراء، لكننا نمنا ملء جفوننا». ثم يورد المسؤول ملاحظة: «كانت هناك شراكة كاملة في الاحتفال»، ثم يختم: «المؤكد أن من يلحق الغراب، سيأخذه حتماً إلى الخراب».

المصدر:صحيفة السفير اللبنانية  -   أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري