أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

01/04/2010

 

لا ترسيم حدود في شبعا ولا تمليك ولا حلّ إلا مع الجولان

اميل خوري 

 

هل يمكن القول ان الرئيس بشار الاسد حسم في حديثه الى قناة "المنار" الجدل حول مزارع شبعا بالقول رداً على سؤال حول سبب عدم تقديم سوريا ورقة تثبيت لبنانية هذه المزارع: "لأنك لا تمنح ورقة لا تمتلكها، وتمتلكها بعد أن تقوم بإجراءات قانونية تحدد ملكيات أصحاب الاملاك ومن منح هذه الملكية سوريا أم لبنان، قبل الاستقلال وبعده الى آخره، وبعد الانتهاء من هذه الاجراءات تقوم بعملية ترسيم على الواقع وعندها يتم انهاء الموضوع. أما ان نمنح ورقة لأسباب سياسية فهذا كلام غير منطقي"...
هذا الموقف الصريح والواضح للرئيس الاسد ينقض كلاماً سابقاً صدر عنه وعن مسؤولين سوريين أمام مسؤولين لبنانيين منهم الرئيس سليمان والرئيس السنيورة والرئيس الحريري، وهو "أن مزارع شبعا هي لبنانية" وعندما تنسحب منها اسرائيل "تتم عملية ترسيمها ولا خلاف عندئذ على ذلك، وما دامت هذه المزارع محتلة فلا يمكن القيام بذلك".
الواقع إن الرئيس بشار الاسد عاد بموقفه الجديد هذا الى حديث صحافي سابق لوالده اعتبر فيه ان لمزارع شبعا وجهين: وجه سياسي ووجه قانوني. وقد فسّر في حديثه معنى الوجهين.
ان الموقف الجديد المعلن للرئيس السوري يفهم منه الآتي:
أولاً: ان اجراءات ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا لن تشمل مزارع شبعا ما دامت محتلة من اسرائيل.
ثانياً: ان سوريا لن تستجيب طلب لبنان ارسال كتاب خطي الى الأمم المتحدة تعترف به بملكية لبنان لمزارع شبعا كي يستطيع المطالبة بانسحاب القوات الاسرائيلية من أراضٍ هي ملكها كما انسحبت من أراضٍ كانت تحتلها في الجنوب، وذلك بعد ان تخضع المزارع للقرار 425 الذي يقضي بذلك وليس للقرار 242 الذي يدعو الى اجراء مفاوضات مع اسرائيل، خصوصاً ان الموفد الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الى عملية السلام في الشرق الاوسط تيري رود - لارسن كان قد أكد في تصريح له "ان مجلس الأمن حدد مزارع شبعا كأراضٍ سورية محتلة ولا أحد ممن يحترم القوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن يستطيع قول غير ذلك". ورد وزير الخارجية السوري على رود - لارسن في حينه بالقول: "فليعمل رود - لارسن على تثبيت لبنانية هذه المزارع لدى الأمم المتحدة إذا ما كان غيوراً على لبنان ومتعاطفاً مع الحوار اللبناني - اللبناني (...) وليتفضل ويسحب اسرائيل منها وعندها لن تكون هناك من مشكلة. أما أن يقال ان هذه المزارع هي لبنانية أو سورية، فإنها الآن لا لبنانية ولا سورية (...) انها تحت الاحتلال الاسرائيلي، وإذا كان السيد لارسن يريد فعلاً الخير للبنان، فما عليه الا أن يقدم خدمة يحمل بها اسرائيل على الانسحاب وعندها لن تكون هناك من مشكلة، فنحن مع كل ما يتوافق عليه اللبنانيون لكن أن يكون توافقاً جدياً (...)".
وعام 2009 أكد المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان مايكل وليامس في حديث صحافي انه عندما التقى في دمشق الوزير وليد المعلم قال له بوضوح ومن دون أي التباس ان مزارع شبعا لبنانية، فقلت له: "إن عليّ إعداد تقرير لمجلس الأمن. هل أستطيع أن أذكر هذا الامر؟". فأجاب بنعم، وعندما سئل وليامز: هل يمكن الافادة من هذا الكلام لاثبات لبنانية شبعا؟"، فأجاب: "هذا الكلام يساعد كثيراً، فالأمم المتحدة أجرت عملاً واسعاً من خلال رسام الخرائط الدولية وقد سمحت له الحكومة اللبنانية بالاطلاع على خرائطها وأرشيفها ووجد ايضا خرائط ووثائق كثيرة في الأرشيف الفرنسي، وأتاحت له اسرائيل زيارة مزارع شبعا ميدانياً، ونريد مزيداً من التعاون من سوريا لأننا نعتقد ان ثمة وثائق عن شبعا في الارشيف السوري، اذ ان محادثات لبنانية – سورية حول شبعا حصلت مرتين. الاولى عام 1946 والثانية في اطار لجنة حدود مشتركة عامي 1963 و1964 ووقّع الطرفان محضرها، وبعض الوثائق العائدة الى هذه الاجتماعات ضاعت في لبنان، وهذا يحصل في اي بلد وفي افضل ارشيف، ونحن متشوقون لمعرفة ما اذا كانت سوريا تملك بعض هذه الوثائق وهو ما سيكمل العمل العلمي المنجز حتى الآن، وان سوريا قالت لنا ان مزارع شبعا لبنانية لكن الحل النهائي في هذا المجال ينتظر حلاً اقليمياً مع اسرائيل (...) اضف ان الرئيس الاسد في لقائه مع الامين العام بان كي - مون والوزير المعلم ومعي أشارا الى ان المحادثات غير المباشرة بين سوريا واسرائيل والتي علقت بسبب حوادث غزة، يفكران في جعلها مباشرة وانه بعد حصول اتفاق سلام بين سوريا واسرائيل يمكن حل مسألة مزارع شبعا، واعتقد ان هذا هو الموقف السوري الرسمي".
ثالثا: هذا الموقف السوري السابق اذا ما اضيف الى ما اعلنه الرئيس الاسد في حديثه التلفزيوني الاخير يؤكد حقيقة الجواب السوري للرئيس السنيورة عندما طالب بترسيم الحدود في المنطقة، وهو ان الترسيم "يعني غثيان" اذ كيف نحددها واسرائيل تحتل المنطقة؟"، وعلّق الرئيس السنيورة على هذا الموقف في حينه بالقول في حوار له مع هيئة تحرير صحيفة "الشرق الاوسط": "ان الموقف السوري الداعي الى ارجاء ترسيم الحدود بين البلدين الى أن يتحرر الجولان، يعني ابقاء الاحتلال الاسرائيلي وابقاء السلاح بأيدي مجموعة من اللبنانيين، ويعني أن الدولة لا تستطيع ان تكون صاحبة السلاح الاوحد في البلاد". وختم بالقول رداً على سؤال انه "لا يستجدي زيارة سوريا لكنه يرغب في اقامة علاقات مبنية على الثقة والندية مع سوريا، اذ آن الاوان لأن يعتاد اللبنانيون على حكم انفسهم بأنفسهم وأن تعتاد سوريا على رؤية لبنان مستقلا وسيد امره، فلبنان الحر المستقل أقدر على مساعدة نفسه وسوريا والعرب من لبنان التابع".
وهكذا يتبين من الموقف السوري ولا سيما من الموقف الاخير للرئيس الاسد في حديثه التلفزيوني، ان ترسيم الحدود لن يشمل مزارع شبعا وهو ترسيم له الاولوية لدى لبنان لأن الاسد يرفض الضغط الخارجي عندما يكون الأمر يخص لبنان وسوريا وهو ما جعله يرفض القرار 1680 المتعلق بذلك، واسرائيل لن تنسحب بدورها من هذه المزارع كي توضع في عهدة الامم المتحدة تطبيقا للقرار 1701.
لذلك، فان حل موضوع مزارع شبعا بات مرتبطاً بحل موضوع الجولان، وهذا من شأنه ان يعيد التلازم بين المسارين اللبناني والسوري. وقد تأكد ذلك بقول الرئيس الاسد في حديثه الى قناة "المنار": "ان الانطلاق في عملية السلام يتطلّب وجود لبنان الى جانب سوريا".
والسؤال: هل تصبح مزارع شبعا ورقة تفاوض ومساومة مع اسرائيل ثم ورقة تفاوض ومساومة بين لبنان وسوريا؟ وهذا ما جعل الرئيس امين الجميل يطلب توضيح كلام الاسد عن المزارع.

المصدر:صحيفة النهار اللبنانية  -   أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري