01-06-2009

الرئيسيةأخبار الوطناتصل بنا 

 

قراءة خبير أمني لبناني في شبكات التجسّس الاسرائيلية

 

شبكات التجسّس الإسرائيلية شغل لبنان الشاغل في الموسم الانتخابي، ويكاد لا يمرّ يوم إلا وتعلن فيه الأجهزة الأمنيّة عن رؤوس صغيرة وكبيرة تسقط، وعن اعتقالات واعترافات مذهلة. ما سرّ هذا التساقط في هذه المرحلة بالتحديد، وكيف استطاعت الأجهزة اللبنانية وضع اليد على إحدى عشرة شبكة «موساديّة» في أشهر قليلة؟ «المشاهد السياسي» حاورت العميد الدكتور محمد عطوي، الضابط السابق في الجيش اللبناني، حول لبنان المستهدف والخطط الإسرائيلية والتقنيّات التي تستعملها الشبكات.
«المشاهد السياسي» ـ بيروت
> حضرة العميد، لنبدأ كلامنا على شبكات التجسّس في لبنان وتعريفها. ما هي هذه الشبكات؟

< في الآونة الأخيرة كثر الحديث عن كشف شبكات التجسّس الإسرائيلية، حتى أنه يكاد لا يمرّ يوم في لبنان من دون أن نستيقظ أو ننام على خبر تفكيك شبكة تجسّس إسرائيلية واعتقال أفرادها، حتى أصبح هذا الأمر من مسلّمات الحياة اليومية لهذا الشعب الذي اعتاد المفاجآت حتى أصبحت بمثابة خبزه اليومي، مما يسمح بالقول إنه موسم تساقط شبكات التجسّس الإسرائيلية في لبنان.

شبكة التجسّس هي مجموعة أو خليّة صغيرة نسبياً، مؤلّفة من عنصر أو عنصرين أو ثلاثة كحد أقصى، كما هي عادة عمل الموساد في الخارج. تكون الشبكات منفصلة عن بعضها بعضاً، أو لها ارتباطات مع شبكات أخرى أو سابقة. إن شبكات عملاء الموساد الذين ألقي القبض عليهم هم الأخطر في منطقة الشرق الأوسط، والأكثر تدريباً علي أحدث الأجهزة الإلكترونية.

شبكات التجسّس في لبنان التي تعمل لمصلحة إسرائيل موجودة منذ وجود هذه الدولة الغاصبة، ولكن تنشط وتتكاثر وتنمو وتهمّد حسب الحاجة إليها. فقد عرفها لبنان منذ بدء العمل الفلسطيني، ونشطت هذه الشبكات خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام ١٩٨٢ والعام ١٩٩٦ «حرب عناقيد الغضب» بوساطة عملاء لبنانيين وفلسطينيين وبعض العرب. هذه الشبكات لم تكتشف ولم يجر ضبطها في حينه، لعدم وجود أجهزة لبنانية قادرة على ذلك، ولم يجر الاعلان عنها إلا من قبل المقاومة، وبالأخص بعد بدء تحرير الأرض في عامي ٢٠٠٠ و٢٠٠٥. هذه الشبكات بقيت نائمة ومحدودة الحركة حتى كانت الحرب على لبنان في تموز (يوليو) ٢٠٠٦. وبعد انتصار المقاومة اللبنانية في ذلك العام، بدأت عناصر الشبكات بالتحرّك بشكل كثيف في نهاية العام ٢٠٠٨، بهدف الحصول على المعلومات، وهذا ما ساعد على كشفها. كما أن الاستخبارات الإسرائيلية أعادت، منذ انتهاء عدوانها على لبنان في تموز (يوليو) ٢٠٠٦، التواصل مع معظم عملائها السابقين الذين كانوا يعملون مأجورين لحسابها.

> عمليات الدهم وانتشار الشبكات لا يقتصر على منطقة الجنوب فقط، بل تعدّى ذلك إلى أغلبية المناطق اللبنانية وآخرها في جلّ الديب في بيروت! وهذا يعني أن هناك انتشاراً كاملاً وشاملاً على الأرضي اللبنانية كافة إذا صح القول. فإلام! يعود السبب؟

< من الواضح أن الشبكات التجسّس الإسرائيلية لا تقتصر على منطقة واحدة ولا على طائفة واحدة أو مذهب واحد، بل إن عملها لا مذهب له ولا دين ولا منطقة جغرافية محدّدة، بل يعود إلى المهمّة الملقاة على عاتقها لتنفيذها. ولكن اعتقالها يعود إلى أماكن سكنها ووجودها حيث تستطيع أن تخبّئ معدّاتها وأجهزتها في مكان تعتقد أنه آمن. لذلك نلاحظ أن عمليات دهم هذه الشبكات قد غطّت جزءاً كبيراً من لبنان يمتد من أقصى الجنوب إلى عمق الداخل اللبناني. فمن شبكة محمود الرافع في حاصبيا، إلى شبكة تجسّس الشقيقين علي ويوسف الجرّاح في البقاع الغربي، إلى اعتقال عنصر في قوى الأمن الداخلي مع زوجته في الضاحية الجنوبية لبيروت، إلى اعتقال شخص في منطقة النبطية، وثلاثة أشخاص في بلدة حبّوش قرب النبطية، إلى اعتقال شقيقين من آل شهاب مع زوجة أحدهما في بلدة الغازيّة، بالاضافة إلى شقيقين آخرين حسين وشوقي عباس في بنت جبيل، واعترافهما خلال التحقيقات الأوليّة بعلاقتهما بزوجة الموقوف أديب العلم المسمّاة حياة الصالومي، وإجرائهما مسحاً لمواقع «حزب الله» في الغازيّة، وتسليم التقارير إلى حياة الصالومي مباشرة. أضف إلى ذلك اكتشاف شبكة من ثلاثة أشخاص في جنوب لبنان كانت تعمل في مخيّم عين الحلوة، وهذه الشبكة كانت مؤلّفة من لبنانيين والفلسطيني إبراهيم عوض، إبن عمّ عبد الرحمن العوض، وهو خليفة زعيم تنظيم «فتح الإسلام» شاكر العبسي. إلى أن كانت الصيدة الثمينة باعتقال كل من الضابط المتقاعد في جهاز الأمن العام أديب العلم في منطقة الدكوانة من بلدة رميش الجنوبية مع زوجته حياة الصالومي. هذا العميل جنّد للعمل في الأستخبارات الإسرائيلية كعميل للموساد منذ العام ١٩٨٤ عندما كان لا يزال يخدم في السلك الأمني، بوساطة إبن بلدته العميل الفارّ نقولا حبيب، الذي عرض عليه التجنيد بسبب كره أديب العلم لسورية وبغضه لها. ثم أوقف لاحقاً إبن شقيقه المؤهّل في الأمن العام جوزف العلم، الذي كان يخدم في مركز الأمن العام في الناقورة، والذي كان إحدى صلات الوصل بين أديب والإسرائيليين، وخصوصاً من الناحية اللوجستية. لقد خضع أديب العلم، منذ ذلك الحين، لثلاث دورات تدريبية داخل فلسطين المحتلّة. وقد زوّده الإسرائيليون بثلاثة أجهزة اتصال متطوّرة، وكاميرا وأداة تحتوي مخبأ سرّيّاً.

كما عمدت الأجهزة الأمنيّة الى اعتقال مروان فقيه في شباط (فبراير) من بلدة النبطية. الى أن تمّ اعتقال زياد حمصي نائب رئيس بلدية سعدنايل وصاحب مجلّة الارادة، وناصر نادر من بلدة الغندورية الجنوبية والقاطن مع زوجته في جلّ الديب.

> وماذا عن زياد الحمصي الذي قيل إنه مسؤول رفيع المستوى في تيار «المستقبل»؟

< لا شك في أن زياد الحمصي هو مسؤول رفيع في تيار «المستقبل»، وقد أكّد ذلك كل من ذويه ومحاميه الأستاذ الشحيمي. ولا يخفى عن بال أحد أن العميل يمكن أن يكون في أي حزب أو طائفة أو مذهب أو أي مؤسّسة، لذلك يتوجّب الحذر والتنبّه الدائم للأشخاص البارزين من القادة والسياسيين وأصحاب النفوذ الميليشاوي والمالي. أما قوّة «حزب الله» فهي في عدم اختراقه من قبل الاستخبارات الإسرائيلية والحمد لله.

> وماذا عن اللبناني إيلي مارون الحايك الذي فرّ من جنوب لبنان إلى إسرائيل عبر الحدود بين البلدين؟ وهل يمكن أن يكون الموساد الإسرائيلي في طور إعطاء معلومات جديدة عن كيفية التصرّف لأعضاء شبكاته الموجودة في لبنان؟

< ليس فقط إيلي مارون الحايك فحسب، بل أيضاً زميله العميل حنا طانيوس القزّي حيث كانا يمثّلان شبكة واحدة، وقد فرّا بعد أن اتّضح لهما أنهما أصبحا قريبين من الاعتقال. أعتقد أن ذلك له علاقة بشبكة زياد الحمصي، وأنهما قد أصبحا داخل فلسطين المحتلّة، ويجب العمل على استعادتهما عن طريق القوّات الدولية، ليصار إلى محاسبتهما والاقتصاص منهما حسب القوانين اللبنانية. وقد دخلا الأراضي الإسرائيلية مع عيالهما، بتنسيق تام مع العدوّ الإسرائيلي الذي سهّل لهما الدخول، وهذا لا يخفى على أحد لكون العدوّ الإسرائيلي كان بانتظارهما، بعكس ما كان يحصل لو تمّ عبور الخط الأزرق من حيوان شارد من الماشية كبقرة أو عنزة أو حمار أعزل حيث تقوم الدنيا ولا تقعد.

> عندما تضع الأجهزة الأمنيّة اللبنانية يدها على حوالى أكثر من إحدى عشرة شبكة تجسّس «إسرائيلية» في غضون أشهر قليلة، وتعمل في معظم المناطق اللبنانية، فماذا يعني توقيت اكتشاف هذه الشبكات؟

< لا شك في أن لبنان مستهدف بشكل مباشر، وهو في المرمى «الإسرائيلي» على مستويات مختلفة، وأن «إسرائيل» تمكّنت من استغلال الصراع القائم على الساحة اللبنانية لتحقيق اختراقات ملموسة، مستغلّة ما أحدثه هذا الصراع من خلل في مناعة الجسد اللبناني تجاه مسألة الصراع مع العدوّ. ولا شك في أن كثرة عمل هذه الشبكات يعود إلى المناورة التي ستجريها إسرائيل ما بين الـ٣١ من أيار (مايو) والرابع من حزيران من هذا العام، لكون إسرائيل بحاجة إلى تحديث معلومات بنك الأهداف، ولا يخفى عن بال أحد أن إسرائيل خسرت الكثير من المعلومات بفضل ما استطاع «حزب الله» من اصطياد عدد كبير من عملائها بعد حرب تموز (يوليو) ٢٠٠٦ وبعد فشل حربها في العام ٢٠٠٠. كما أن لبنان بمجمله لا يزال بألف خير، وأنه قادر بمؤسّساته وأجهزته الأمنيّة ومقاومته على أن يتصدّى لمحاولات اختراق جبهته الداخلية وإحباطها.

> ما هي مهمّات هذه الشبكات وأهدافها؟

< يمكن أن نوجز مهمّات هذه الشبكات وأهدافها بالتالي:

ـ خرق أمن المقاومة وكوادرها ومواقع الجيش اللبناني في نقاط هامّة وشديدة الحساسية.

ـ تعتبر إسرائيل أن «حزب الله» هدف دائم لاستخباراتها، كما أن «حزب الله» يتصرّف على هذا الأساس.

ـ تحديد الأماكن والمخابئ السرّيّة والأنفاق والشقق البديلة التي يستخدمها قادة «حزب الله».

ـ وضع علامات إلكترومغناطيسية وفوسفورية على الأماكن التي يجب استهدافها خلال القصف الجوّي الإسرائيلي.

ـ استخدام إسرائيل أجهزة إلكترونية متطوّرة لتحديد مواقع مئات الأهداف العسكرية والمدنية على الأراضي اللبنانية قبل العام ٢٠٠٦ وبعده، وقد تعرّض بعض هذه المواقع للقصف في حرب تموز (يوليو) ٢٠٠٦.

ـ زرع أجهزة تنصّت في أماكن متعدّدة في الضاحية الجنوبية وجنوب لبنان.

ـ إمداد إسرائيل بالمعلومات كافة حول الأنفاق والمواقع التابعة لـ«حزب الله».

ـ اتساع نطاق العمليات الاستخباراتيّة الإسرائيلية منذ العام ٢٠٠٤ ليشمل الأراضي السورية أيضاً، تحت ساتر الجولات السياحية.

ـ إمداد إسرائيل بمعلومات لمساعدة قوّاتها المسلّحة.

> لماذا استهداف لبنان في هذا الوقت بالذات؟

< استطاع لبنان بفضل جيشه وشعبه ومقاومته من تحقيق انتصارين على العدوّ الإسرائيلي في العامين ٢٠٠٠ و٢٠٠٦، وهما انتصاران جاءا ليخلخلا العقيدة العسكرية الإسرائيلية التي وضعت في خدمة الأهداف الإسرائيلية الأوسع والأشمل، باعتبار أن الجيش الإسرائيلي لا يقهر، وأنه قادر على حسم أية حرب في أقصر مدّة ممكنة. هذا الأمر استدعى من إسرائيل تكثيف جهدها في لبنان من خلال نشر شبكات تجسّس تعمل على تحقيق أهداف عدّة:

ـ إضعاف القدرات اللبنانية، وخصوصاً قدرات المقاومة، واكتشاف مكامن قوّتها، واختراق أسرارها بالحصول على معلومات تعينها على شنّ أي عدوان، لعلّها تتحاشى فيه نتائج ما حلّ بجيشها في العام ٢٠٠٦. من هنا أهميّة الحذر والاستعداد لما ستقوم به إسرائيل من مناورات عسكرية، وأخذ ذلك على محمل الجد.

ـ تخريب الساحة اللبنانية من خلال إثارة اضطرابات، والقيام بعمليات إرهابية محدّدة، وتوتير الأجواء، لإرباك المقاومة وزجّها في صراعات داخلية تلهيها عن القيام بواجبها.

ـ إن لبنان بات البلد العربي الوحيد الذي فيه مقاومة وطنية حقيقية، بالاضافة إلى المقاومة الفلسطينية، هذه المقاومة برنامجها قائم على مقاومة الاحتلال ومحاربة المشروع الأميركي في المنطقة، ناهيك عن دور «حزب الله» في توفير الدعم والمساندة اللوجستية للمقاومة الفلسطينية.

ـ المستغرب والمثير للدهشة هو صمت حلفاء لبنان من العرب، وجهابذة الاعلام العربي ورؤساء التحرير وجزء كبير من قوى وساسة لبنان في تحالف الرابع عشر من آذار (مارس) عن مثل هذه العمليات التجسّسية على دولة عربية يفترض أنها ذات سيادة، ولم نعد نسمع حرصهم على سيادة دولتهم اللبنانية وأمنها.

ـ خرق للقرار ١٧٠١ ولسيادة لبنان وعدم تحرّك الأمين العام للأمم المتحدة أسوة بما أقدم عليه مع خليّة «حزب الله» في مصر. حيث اعتبر أن عمل هذه الخليّة هو خرق لسيادة مصر وسلامة أراضيها ونظامها السياسي.

> ما هي الأجهزة والمعدّات التي تستخدمها هذه الشبكات؟

< إن إسرائيل قد زوّدت عملاءها في لبنان بأجهزة بدائية وأخرى متطوّرة جدّاً، وذلك حسب أهميّة الشبكة والمهمّة المطلوبة منها. فعلى سبيل المثال لا الحصر:

ـ أجهزة متطوّرة بشكل برّاد للمياه للتمويه، محفظة جلدية وعلاّقة مفاتيح تحتوي على أجزاء سرّيّة للتخبئة، وعدد من الأوراق الثبوتية المزوّرة.

ـ جهاز راديو عادي يعطي إشارة كلّما تلقّى رسالة من الإسرائيليين. عندها، يصار الى وصل الجهاز المذكور بجهاز آخر مخفي داخل طاولة (ميني بار)، يجري تحريره بعد إزالة أحد الأزرار التي تزيّنه. ويؤدّي وصل أحد الجهازين بالآخر إلى فك الرسالة المشفّرة ليتمكّن المتلقّي من قراءتها. وتجري عملية الارسال بالطريقة ذاتها. وقد وجد محقّقو فرع المعلومات أربع رسائل مخزّنة في الجهاز، إحداها مرسلة من أديب بداية العام الجاري يتحدّث فيها عن شعوره بخطر انكشافه، وبأنه أتلف بعض المعدّات والمستندات. وفي الرسالة الجوابية، طمأن الإسرائيليون أديب العلم إلى أنه بعيد عن خطر أن يكتشفه أحد.

ـ كاميرا متطوّرة تمكّنها من التقاط الصور ووصلها بالجهاز المخفي وإرسال الصور.

ـ جهاز مخفي داخل برّاد محمول، يستخدم لتحديد المواقع الجغرافية بوساطة نظام «جي پي إس»، ويبثّ ذلك مباشرة إلى قمر صناعي.

ـ أجهزة اتصال متطوّرة وبأشكال وأنواع مختلفة.

ـ حافظة للمعلومات «يو إس بي» لا يمكن ولوجها إلا باستخدام كلمة مرور محدّدة من قبل مستخدمه.

ـ قارورة زيت محرّكات تحوي مخبأً سرّيّاً يُفتح بطريقة خاصة.

ـ السفر دورياً إلى أوروبا، وبخاصة إلى إيطاليا وبلجيكا وقبرص واليونان، حيث يلتقون مشغّليهم الإسرائيليين، ويتلقّون منهم مبالغ مالية بآلاف الدولارات.

ـ سيارات مزوّدة بعيون، أو كاميرات إلكترونية متّصلة بأقمار تجسّس إسرائيلية، لرصد تحرّكات هذه السيارات وبالتالي عناصر الحزب.

> اللواء ريفي تحدّث عن سرّ تقني قاد إلى تفكيك هذه الشبكات، ما هو هذا السرّ؟ أو بطريقة أخرى، كيف تمّ الكشف عن هذا العدد الهائل من شبكات التجسّس؟

< إن تقنيّات الاتصالات الرقميّة الحديثة وبالأخص الاتصالات الخليويّة، هي التي ساهمت بشكل فعّال وأدّت إلى اكتشاف هذه الشبكات العميلة. فعملية رصد الهاتف الدولي لأديب العلم مع إحدى الدول الأفريقية، قد ساهم في كشف شبكته، حيث كان يتمّ تحويل خطّه من شبكة اتصالات إحدى الدول الأفريقية إلى الشبكة الخليوية في إسرائيل، أي أن أديب العلم كان يستخدم خطّه المراقب، للاتصال بعدد من العملاء في لبنان الذين أجروا بدورهم اتصالات بآخرين، مما أدّى إلى انكشاف أمر الجميع. كما أن ما ساهم في كشف هذه الشبكات أيضاً، هو وجود اثني عشر خطّاً خليوياً أجنبياً بينها خط بريطاني مع المعتقلين العملاء.

إن عدد شبكات التجسّس الإسرائيلية المفكّكة حتى الآن في لبنان زاد على الـ٣٥ شبكة، وقد تمّ اعتقال معظم أفرادها من دون الاعلان عن بعضها لأسباب أمنيّة والحاجة الى المعلومات. وإن العدد الأكبر من الشبكات التي كشف أمرها أخيراً، يعود إلى أن الرأس الكبير للموساد في لبنان أديب العلم هو الذي كشف عن هذه الشبكات للقوى الأمنيّة.

كما أن ما سمّي بخديعة تعرّض لها «حزب الله» من أحد المقرّبين منه، المدعو مروان فقيه، هو غير صحيح، والأدقّ هو أن «حزب الله»، بعد أن اكتشف أمر مروان الفقيه، عمد إلى مراقبته وتشغيله مدة أطول لكشف أمور كان «حزب الله» يريد التوصّل إليها. لذلك عمد الحزب إلى اعتقاله لاحقاً، وتمّ تسليمه إلى مخابرات الجيش اللبناني، لتبدأ معه مرحلة انكشاف كبيرة تعرّضت لها الخلايا اللبنانية المرتبطة بالموساد وتكرّ سبحة الاعتقالات.

كما أن إسرائيل استنهضت مطلع العام الحالي خلاياها النائمة، وأعادت تجنيد عملاء مستبعدين، سعياً للحصول على معلومات حول أهداف جديدة، بعد استنفاد الأهداف في حربها على لبنان في صيف العام ٢٠٠٦. كما تمّ وقف نحو ١٥٠ متّهماً في لبنان في قضايا تجسّس لمصلحة إسرائيل ضبطت في حوزتهم أجهزة اتصال متطوّرة من أشكال وأنواع مختلفة. إن ضبط عمل هذه الشبكات سيؤدّي حتماً إلى تفكيك «بنك الأهداف» الإسرائيلي وإبطال مفعوله لخلوّه من المعلومات.

> في أي مرحلة أصبحت القوى الأمنيّة الآن، وهل من الممكن أن تحمل الأيام المقبلة المزيد من كشف الشبكات؟

< يمكن للمراقب اليوم أن يتلمّس بسهولة التناغم والغزل القائم ما بين أجهزة أمن المقاومة وفرع معلومات قوى الأمن الداخلي، والذي لم نعهده ولم نشهده منذ زمن طويل. حيث أن «أمن المقاومة» أصبحت الجملة السحرية والمستخدمة في هذه الأيام. كما أن هناك تنسيقاً عالي المستوى يجري بين الأمن الداخلي و«حزب الله»، على مدى الخطوات التحقيقية المتعلّقة بالاعتقالات الأخيرة.

والمستغرب والمثير للدهشة، هو صمت حلفاء لبنان من العرب والدول الغربية والجزء الكبير من قوى وساسة لبنان عن مثل هذه العمليات التجسّسية على سيادة وكرامة واستقلال وحرّيّة وأمن لبنان >

المصدر:مجلة المشاهد السياسي البريطانية     -   أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوريوإنما تعبر عن وجهة نظر أصحابها