أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

01/07/2010

 

هل باتت دمشق مرآة لما تفعله دول الغرب وملكية أكثر منها؟!

محمد فاروق الامام

 

‮نتفهم دور سورية في قيادة سفينة الممانعة والتحدي والصمود والتصدي!! فهذا ليس جديداً على سورية قلب العروبة النابض، التي قادت هذا المركب منذ نزعت ثوب الاحتلال الفرنسي عن جسدها عام 1945، وكان لأبنائها دور بطولي في مصارعة الأعداء الصهاينة في فلسطين قبل الاستقلال وبعده، وتفاعلها مع كل حدث عربي من تطوان حتى عدن مروراً ببغداد.

وكانت سورية على الدوام الشوكة في حلق الاستعمار الغربي، عندما وقفت بشموخ أمام الأحلاف الاستعمارية ودفعت الثمن غالياً (استيلاء المغامرين العسكر على السلطة عبر انقلابات جاءت بديكتاتوريات حمقاء مستبدة) ولا تزال تدفع الثمن!!

أقول إننا نتفهم دور سورية الوطني والعروبي، ولكننا نقف حيرى أمام حالة فريدة وهي أن تكون سورية المرآة التي تعكس ما تفعله أوروبا وتكون ملكية أكثر منها؟! فهذا شيء ينم عن تخبط في اتخاذ القرارات المخزية والمعيبة والتي تشوه وجه سورية العروبة والإسلام وهي التي تدعي قيادة جبهة الممانعة والتحدي والصمود والتصدي، فقد أصدر وزير التربية السوري علي سعد (كما جاء في الخبر الذي نشرته صحيفة القدس العربي اللندنية يوم الثلاثاء 29 حزيران) قرارات قضت بنقل نحو 1200 مدرسة مُنقَّبة إلى وزارة الإدارة المحلية، وتحديداً إلى البلديات في إجراء يهدف إلى وقف نمو التيار الديني المتشدد في سورية (بحسب زعم الوزير)، والحفاظ على العمل العلماني الممنهج، ويبشرنا الوزير بأن تتبع قراراته قرارات مماثلة في وزارات أخرى.

وقال وزير التربية إن (إبعاد المنقبات من السلك التربوي كان أمراً لابد منه وستلحقها بقية الوزارات في هذا الأمر). ونقلت صحيفة الوطن السورية الخاصة أن سعد، وخلال اجتماع عقد الأحد مع رؤساء مكاتب الفروع النقابية للمعلمين برئاسة عضو القيادة القطرية لحزب البعث الحاكم رئيس مكتبي التعليم العالي والتربية القطري الدكتور ياسر حورية، قال إن (إبعاد 1000 منقبة من السلك التربوي كان أمراً لابد منه لأن العملية التعليمية تسير نحو العمل العلماني الممنهج والموضوعي، وهذا الأمر لا يتوافق مع متطلبات الواقع التربوي لتتكامل الإيماءات والحركات وتعابير الوجه وإيصال المعلومة للطلبة).

وجاءت قرارات الوزير السوري لتعكس تصريحات لرئيس الوزراء الفرنسي فرانسو فيون نشرت بجريدة القدس العربي اللندنية في نفس العدد، دعا فيها مسلمي فرنسا إلى رفض أغطية الوجه بوصفها تشويهاً طائفياً مبالغاً فيه للإسلام. وجاءت تصريحات فرانسو فيون قبل أسبوع من بحث البرلمان مشروع قانون يحظر البرقع والنقاب في الأماكن العامة. وقال فيون في افتتاح مسجد في ضاحية في شمال غرب باريس (إن المسلمين الفرنسيين عليهم محاربة الأقلية الصغيرة الراديكالية التي تستخدم النقاب كوسيلة لمحاربة الاندماج في الإسلام السمح الذي يحترم فصل الدين عن الدولة).

وكأن السيد الوزير يريد أن يجدد مذبحة المعلمين غير البعثيين وغير المسيسين الذين أقدمت السلطات السورية – وهم بالآلاف – على نقلهم عام 1976 من المؤسسة التعليمية إلى دوائر الدولة الأخرى بعيداً عن اختصاصهم وخبرتهم، ليصل التعليم في سورية إلى أدنى المستويات قياساً بما هي عليه في كل دول العالم التي تحترم التعليم وتقدر المعلم ومكانته في المجتمع بحجة أنهم متدينون!!

وجه شبه ومقاربات بين قرارات السيد وزير التربية السوري ورئيس وزراء فرنسا، بل تخطت قرارات وزير التربية السوري تمنيات رئيس الوزراء الفرنسي التي كانت فيها كثير من الكياسة والدبلوماسية، فقد كانت قرارات السيد الوزير السوري مجحفة ومغالية، فإذا ما التمسنا عذراً لرئيس وزراء فرنسا، الدولة الأوروبية العلمانية المسيحية لما قاله وما تتخذه حكومته بحق المسلمات المنقبات، فما هو العذر الذي يمكن التماسه لقرارات السيد وزير التربية السوري المجحفة والمعادية للإسلام وأهله في دولة عربية مسلمة؟!

* كاتب سوري

المصدر:محمد فاروق الامام - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري