أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

10/06/2010

 

غياب السفير السوري عن واشنطن منذ بضعة أسابيع

 

‮تفيد معلومات ديبلوماسية غربية انه مضى على غياب السفير السوري في واشنطن عماد مصطفى بضعة اسابيع تلت عدم موافقة الكونغرس الاميركي على السفير الذي عيّنته ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما في دمشق روبرت فورد، وهو ما اثار تساؤلات عن سحب سوريا سفيرها في هذا التوقيت. وقد فاتح مسؤولون اميركيون وزير الخارجية السوري وليد المعلم في الأمر، خصوصا انه كان يتوقع ان تسحب سوريا سفيرها من واشنطن حين سحبت واشنطن سفيرتها من دمشق مارغريت سكوبي على اثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005، فكان جوابه مازحا بأن ابقاء مصطفى في منصبه في واشنطن كان لاغاظة الاميركيين.

وموضوع غياب السفير السوري او سحبه من واشنطن، ولو من دون ضجة، يعكس استناداً الى معلومات ديبلوماسية، توتراً أو بالاحرى جفاء في العلاقات بين الجانبين الاميركي والسوري، لم يتطوّر اعلاميا او سياسيا حتى الآن، بل على العكس شهدت دمشق زيارات عدد من وفود الكونغرس الاميركي تؤكد المعلومات ان الاداراة لا تمانع في حصولها، بل انها تشجعها، باعتبار ان هذه الوفود يمكن ان تحمل الرسائل نفسها الى سوريا، بحيث لا يتوهّم المسؤولون السوريون ان ثمة مواقع سياسية مختلفة في الرأي في واشنطن كما كان يحصل في عهد الرئيس السابق جورج بوش، وان في امكان سوريا ان تسمع كلاما مختلفا من المواقع السياسية المتعددة. ولا يستبعد اصحاب هذه المعلومات ان ترتبط عودة السفير السوري الى واشنطن بوصول السفير الاميركي الى دمشق الذي تنتظره بقوة، كخطوة اساسية على طريق عودة العلاقات الى طبيعتها بين الجانبين وتكريس الانفتاح الاميركي على سوريا مجددا.

اما الاسباب التي تكمن وراء هذا الجفاء الذي يترجم في عدم تطور العلاقات او الحوار الذي بدأ بين الطرفين، فمتعدّدة. وهناك طرفان على الاقل يعملان على خط ازالة عوامل التوتر، أحدهما المملكة العربية السعودية والآخر تركيا. من هذه الاسباب ما يتصل بالعراق لجهة عدم التزام سوريا، كما تفيد هذه المعلومات، الدفع في اتجاه تسهيل الامور بعد الانتخابات التي اسفرت عن فوز اياد علاوي، لكن من دون اللعب بقوة لمصلحة المساعدة على ان يؤلف علاوي الحكومة العراقية بل بالعكس اتاحة المجال امام ايران لتأخذ مداها في موضوع الانتخابات وعدم القبول بنتائجها. ومن هذه الاسباب ايضاً الاتهامات التي ترددت عن نقل سوريا صواريخ "سكود" الى "حزب الله".

واستناداً الى هذه الأجواء، فإن دمشق ابلغت بالمعلومات التي افادت عن وجود اثباتات تفيد بنقل هذه الصواريخ الى الحزب، ولو من دون الجزم بعبور هذه الصواريخ الحدود اللبنانية، لكن الادارة الاميركية امتنعت عن نشر الاثباتات التي طالب بها لبنان على لسان رئيس الحكومة سعد الحريري اكثر من مرة، لاقتناع المسؤولين الاميركيين بأن نشر الصور او الاثباتات قد يكون حافزا لاسرائيل على توجيه ضربة لهذه الصواريخ في مواقعها، إذا رأت ان في امكانها العمل بسياسة اضرب واهرب. وقد ابلغت سوريا ان سماحها بذلك إنما هو اساءة تقدير للوضع على حقيقته كما تسيء الحسابات في هذا الاطار (underestimating and miscalculating). والواقع ان دمشق تساهم عبر هذه الخطوة في تغيير موازين القوى في المنطقة، أي افساحها في المجال امام تنظيم او حزب لامتلاك صواريخ "سكود" التي يمكن ان تخضع متى كانت في حوزة دولة، لمعايير اكثر دقة في الحرب واهدافها، اكثر مما تخضع لهذه المعايير متى كانت الصواريخ في حوزة تنظيم او حزب يمكن ان يوجهها كيفما كان للأذية، وتحصل ردود فعل عشوائية عليها قد لا تصيبه ضرورة بل تصيب الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها، علماً ان توازن الرعب القائم هو بين الدول وليس بين دول وتنظيمات او احزاب. ومن جهة اخرى، فان دمشق ابلغت ايضا ان اي تغيير في موازين القوى يمكن ان يؤدي الى حرب لا تريدها الولايات المتحدة راهناً، وهي تضغط بقوة على اسرائيل من اجل عدم القيام بها او الانجرار اليها لكن تغيير المعطيات ميدانياً قد يؤدي اليها اولاً، ثم ان أي حرب لن تقتصر في هذه الحال على مواقع الخطر كما في السابق بحيث تبقى سوريا في منأى عنها كما كانت سوريا تبلغ من اسرائيل عبر قنوات ثالثة، بل ستتعدى هذه الحرب لبنان الى سوريا والمنطقة. وتفيد المعلومات نفسها ان هذا الامر ابلغ ايضا الى ايران في حال كانت لديها النية لدفع "حزب الله" الى اي عمل عسكري يمكن ان يستدرج حربا من اجل تحسين اوراقها في المنطقة وأوراقها التفاوضية في موضوع الملف النووي الايراني، لأن أي حرب في الظروف الراهنة قد تخرج عن نطاقها ولا يمكن ضبطها، وليس اكيدا ان هناك مكاسب من افتعالها او التسبب بها. وجزء من الانزعاج من امداد "حزب الله" بالسلاح هو ما تعتبره واشنطن خرقا او انتهاكا سوريا للقرار 1701، تماماً مثلما هي الانتهاكات الاسرائيلية الجوية شبه اليومية لهذا القرار، وهو ما ينسحب على موقف سياسي سوري يستمرّ داعماً للتنظيمات الفلسطينية خارج المخيمات في لبنان على نحو يندرج في اطار عدم احترام هذا القرار ايضاً، فيما تصرّ الولايات المتحدة كما المجتمع الدولي عليه في موازاة غض النظر مبدئيا عن تطبيق القرار 1559.

والى هذين الموضوعين الرئيسيين، ثمة معلومات تتحدث عن انزعاج اميركي من استمرار سوريا في اعطاء دفع لـ"حماس" وللحركات الفلسطينية المناوئة للسلطة الفلسطينية، وعدم تقديمها أي مساعدة في مجال تخفيف ذلك، فيما تسعى الولايات المتحدة الى الضغط على اسرائيل من أجل وقف الاستيطان والتوصل الى توافق معقول بين اسرائيل والفلسطينيين الذين يمثلهم محمود عباس في هذه المفاوضات لكن ثمة رغبة في ان تكون "حماس" من ضمن القرار المساعد على ذلك وليس العكس.
بقلم روزانا بومنصف

المصدر:صحيفة النهار اللبنانية  - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري