أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

11/06/2010

 

باعتراف هيئة تخطيط الدولة:تلزمنا مئات المليارات لمكافحة الملوثات الصناعية

 

 

‮من خلال تحليل الوضع الراهن الذي أعدته هيئة تخطيط الدولة للعديد من القطاعات الاقتصادية والخدمية وتأثيرها المباشر على البيئة العامة فقد وجدت الهيئة أن التطور الصناعي الذي شهدته سورية خلال العقود القليلة الماضية حقق قفزة نوعية باتجاه تحسين مستوى الدخل وزيادة الناتج الإجمالي المحلي وتحقيق نوع من الاستقرار للسوق المحلية عن طريق تأمين المستلزمات الأساسية لهذه الأسواق وذلك وفق الإمكانات المتاحة والمتوافرة مع تحقيق تقدم واضح في التنمية الصناعية.

وذلك رافقه الكثير من المشكلات والنواتج السلبية المضرة بالحياة البيئية والبشرية على السواء معالجتها لم ترقَ إلى المستوى المطلوب وذلك حفاظاً على التقدم والتطور المذكورين من جهة وسلامة البيئة بكل أبعادها من جهة أخرى. ‏

الأمر الذي جعل من إمكانية المعالجة أمر يستوجب إمكانات مادية كبيرة للتخلص من النواتج المضرة والانبعاثات الغازية التي تشكل مصدر خطر دائم ومستمر للحياة البيئية وعلى الرغم من ذلك فإن التطور الصناعي أمر في غاية الأهمية إلى جانب تطور القطاع الزراعي والذي يعتبر في سورية أهم القطاعات الإنتاجية في القطر، إلا أن التطور الصناعي الذي شهدته سورية خلال العقود الأربعة الماضية يعتبر نسبياً تقدماً كبيراً في مجال التنمية الصناعية حيث تطورت خلالها الكثير من الصناعات ولابد من الإشارة إلى أن الاستخدامات المتعددة للمياه في الصناعة ينتج عنها مياه ملوثة ما زال معظمها لا يعالج بالطرق النظامية وفي الكثير من الأحيان يجري صرفها مباشرة إلى المصادر المائية السطحية أو إلى شبكات الصرف الصحي ما يساهم في تدهور البيئة خاصة نوعية المياه السطحية والجوفية المحيطة بمناطق الصرف الصناعي إضافة لما تسببه من تلوث للتربة وأحياناً تعمل هذه المياه على تلويث البيئة البحرية عند صرفها دون معالجة وعملياً لا توجد وحدات معالجة للمياه الصناعية على نطاق واسع وفي حال وجودها فغالباً لا تتم المعالجة وفق المواصفات المتعارف عليها محلياً أو عالمياً، أما فيما يتعلق بتلوث الهواء الناتج عن المنشآت الصناعية فيعتبر حرق الوقود (فيول) في المصانع (والذي يحتوي على نسبة عالية من الكبريت 3% والشوائب) المصدر الرئيس لانبعاثات أكاسيد الكبريت والكربون والعوالق الهوائية الدقيقة والسخام. ‏

ونتيجة لذلك ارتفع تركيز الغازات الملوثة والعوالق في البيئة الهوائية للمناطق المجاورة لتوضع هذه الصناعات مثل الصناعات الثقيلة المتمركزة على الساحل السوري كمصفاة تكرير النفط والمحطة الحرارية في بانياس ومصفاة تكرير النفط ومجمع الأسمدة الكيميائية والمحطة الحرارية في حمص ومعامل الاسمنت ما انعكس سلباً على الصحة العامة سواء على العاملين أو القاطنين في المناطق المجاورة أو على البيئة المحيطة. ‏

صناعة دون مراعاة البيئة ‏

من أحد أشكال التلوث الناجم عن الصناعات والمنشآت الصغيرة المنتشرة في دمشق وحلب هي أفران صهر البطاريات بهدف استرجاع الرصاص منها وإعادة تصنيع بطاريات السيارات والتي ينجم عنها انبعاث كميات كبيرة من الملوثات إلى الهواء ومن أهمها: الرصاص وأكاسيد الكبريت ونواتج حرق المواد البلاستيكية التي تصنع منها البطاريات ومناشر الرخام والمحاجر (المقالع) والكسارات ومجابل الاسفلت والعديد من الورش الحرفية المختلفة المنتشرة في العديد من محافظات القطر داخل وخارج المدن. ‏

لكن للأسف لم يتم في السابق الأخذ بعين الاعتبار البعد البيئي المستدام خلال مراحل التخطيط والتنفيذ لمشروعات التنمية الصناعية كما أن الحالة الفنية للمصانع وقدم التقنيات المستعملة في الخطوط الإنتاجية تؤدي إلى تلوث البيئة المائية والهوائية بالعديد من الملوثات الناجمة عن النشاطات الصناعية وحالياً تم تحديد المعايير الوطنية البيئية للانبعاثات المسموح بها من مختلف النشاطات، ودراسة تقييم الأثر البيئي للمشروع والحصول على الموافقة البيئية اللازمة قبل البدء بتنفيذ المشروع. ‏

كما قام القانون 50 بمنح فترة زمنية للمشروعات الصناعية القائمة لكي تعمل على تصحيح أوضاعها بما يتوافق مع القانون وتنفيذ مراجعة بيئية واتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من انبعاثات الملوثات والمحافظة عليها ضمن المعايير الوطنية المسموح بها. ‏

ليس بالمستوى المطلوب..! ‏

ومن الممكن القول بأن المعالجات التي تمت في السابق لم ترق إلى المستوى المطلوب ولا حتى إلى مستوى التقدم الذي وصلت إليه القطاعات الاقتصادية والخدمية خلال السنوات السابقة وبالتالي عدم إدراك الجهات المسؤولة والمعنية بالحفاظ على بيئة سليمة تتماشى مع نسب التطور الحاصلة ولو كان عكس ذلك لوجدنا أن نسب التلوث البيئي في حدوده الدنيا والآثار السلبية التي يتركها أيضاً ضمن الإطار القانوني المعقول ولكن الحقيقة تتجسد حالياً في الحاجة إلى مئات المليارات من الليرات لمعالجة آثار التلوث في الوقت الذي لم يكن فيه مطلوب منا سوى القليل منها لمعالجة الظواهر المسيئة للبيئة في وقتها وبالتالي عملية تحليل الوضع الراهن أثبت حجم الخطورة والإمكانات المادية المطلوبة من أجل مكافحتها بما يتناسب مع حجم المشكلات وخطورتها على البيئة من جهة والآثار السلبية التي يتركها على الواقع الاقتصادي ومعدلات التنمية من جهة أخرى والتي من المفروض أن تكون متسارعة الخطى وبالتالي إنفاق الأموال التي يتم رصدها لمكافحة التلوث على المشروعات التنموية التي من شأنها بالنهاية تحقيق معدلات نمو مرتفعة تنعكس بشكل إيجابي على الحياة الاقتصادية وملموسة على أرض الواقع من خلال النشاط اليومي للمواطن. ‏

المصدر:صحيفة تشرين السورية - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري