أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

12/11/2010

 

كلينتون : الدعم الأميركي للبنان غير قابل للتفاوض أو المساومة

 

 

أكدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون للبنانيين من خلال مقابلة خصت بها "النهار" ان التزام الولايات المتحدة لبنان سيدا ومستقلا ومستقرا "صلب مثل الصخور"، وان الدعم الاميركي للبنان "غير قابل للتفاوض" او للمساومة او المقايضة"، وانها ستواصل في الاتصالات مع سوريا إثارة مسألة التدخل السوري في شؤون لبنان الداخلية. وشددت على ان أهمية المحكمة الخاصة تتخطى التحقيق في جريمة اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري لانها توفر للبنان الفرصة لتخطي "تاريخه الطويل من العنف السياسي"، وحذرت في هذا السياق "حزب الله" من التهديد باستخدام القوة لتقويض المحكمة وعملها قائلة: "يجب ان يدرك حزب الله ان أي لجوء الى العنف في لبنان يتعار ض كليا مع مصالح لبنان ومصالح الشعب اللبناني ومصالح المنطقة ومصالح الولايات المتحدة". وأضافت: "ويجب عليهم ان يعلموا ايضا انه اذا كان هدف العنف هو وقف المحكمة فان هذا لن يتحقق". وتطلعت الى الرئيس ميشال سليمان، والقوات المسلحة اللبنانية لحماية أمن لبنان "من التهديدات الداخلية والخارجية".
وتعليقا على التقارير الصحافية التي تواصل الحديث عن استمرار سوريا في تزويد "حزب الله" الصواريخ والاسلحة المتطورة قالت كلينتون: "نحن نقوم بتحذير الجميع، بما فيهم سوريا، من اخطار سوء تقدير الحسابات، والاخطار المرتبطة بنقل التقنيات والاسلحة المتطورة" الى تنظيم مثل "حزب الله".
وعندما التقيناها وخلال التقاط الصور قبل المقابلة، قلت لها: اللبنانيون يريدون معرفة ما وراء هذه النشاطات والمواقف الاميركية في شأن الوضع في لبنان، أجابت: "نريد ان نبعث برسالة قوية الى جميع من يحاولون تقويض أمن لبنان، بأننا لن نتسامح مع ذلك". وكان واضحا من اجوبة الوزيرة كلينتون وكذلك من المواقف والتحركات الاميركية الاخيرة، من مكالماتها مع الرئيسين سليمان وسعد الحريري، الى زيارة مساعدها لشؤون الشرق الاوسط جيفري فيلتمان للبنان وتصريحاته لوسائل الاعلام العربية والاميركية، والاعلان عن مساعدات مالية اميركية لتمويل المحكمة الخاصة، ان الولايات المتحدة تريد ان توازن بين تحذيراتها من مغبة الاخلال بالامن في لبنان وتأكيد التزام سيادته واستقراره، وعدم قول أو فعل أي شيء يمكن ان يساهم في أي شكل من الاشكال في تأجيج او توتير الوضع أكثر.
وتوقعت مصادر مطلعة في وزارة الخارجية الاميركية ان تواصل الوزيرة كلينتون في الايام والاسابيع المقبلة اتصالاتها الهاتفية والديبلوماسية مع القيادات الاقليمية والدولية التي تربطها علاقات جيدة مع واشنطن، مثل المملكة العربية السعودية ومصر وقطر وتركيا وفرنسا والمانيا كي تتحرك هي ايضا لمنع انهيار الوضع في لبنان عقب قرارات المحكمة الخاصة. وذكّرت المصادر بالمكالمة الهاتفية التي أجراها أخيرا الرئيس باراك اوباما مع العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز والتي شملت الوضع اللبناني.
وهنا نص الأسئلة والأجوبة:

• رأينا في الاونة الاخيرة تركيزا اميركيا على الوضع في لبنان، بما في ذلك اتصالك الهاتفي برئيس الوزراء سعد الحريري، وزيادة تمويل المحكمة الخاصة بلبنان، وزيادة انتقاد سوريا وايران و"حزب الله". هل هذا يعود في معظمه الى زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد، كما يقول بعض اللبنانيين، أم لانكم قلقون من احتمال انهيار الوضع في لبنان؟
- شكرا على السؤال. أولا دعني اقل إن التأييد الاميركي للبنان سيد ومستقل ومستقر هو صلب مثل الصخور وغير قابل للاهتزاز. نحن ملتزمون شراكة قوية مع لبنان ومستقبله، ونحن على اتصال وثيق مع قادة لبنان ونتشاور معهم دوريا. ولهذا السبب سنواصل التحدث ضد الذين يقوضون استقرار لبنان وسيادته. وسنواصل تشجيع الاطراف داخل لبنان وفي المنطقة ليتحركوا بشكل مسؤول لخدمة مصالح الشعب اللبناني. وعندما تصدر عن طرف مواقف مثيرة للفوضى وتنتهك الاعراف الدولية، نشعر انه من المهم ان نقول علنا ما نعتقد انه صحيح: أي ان اللاعبين المسؤولين على المسرح الدولي يجب ان يعملوا للمساعدة على حل النزاعات، لا اعادة تأجيجها. وعليهم تنفيذ التزاماتهم وتحمل مسؤولياتهم وليس السعي الى التهرب منها. اللاعبون المسؤولون في لبنان يجب ان يسعوا الى تحقيق اهدافهم السياسية (agendas) اجنداتهم بالوسائل السلمية وليس من خلال الترهيب او التهديد. بالطبع انا والرئيس (اوباما) نحترم القيادة التي يظهرها الرئيس سليمان ورئيس الوزراء الحريري، وخصوصا خلال هذه المرحلة الحافلة بالتحديات. وانا أعدت تأكيد ذلك خلال الاتصالات التي أجريتها أخيرا مع الرئيس، ورئيس الوزراء.
• ما الذي يمكن ان تفعله الولايات المتحدة عمليا لمساعدة الحكومة اللبنانية على وقف الحملة التي يشنها "حزب الله" وسوريا لتقويض او تشويه سمعة المحكمة الخاصة بلبنان مثل القول بأنها مؤامرة اسرائيلية - اميركية، وخصوصا بعدما بدأ "حزب الله" باستخدام "الجماهير" ضد محققي المحكمة الخاصة كما شاهدنا أخيرا؟
- الهجوم الاخير الذي تعرض له محققو المحكمة الذي اشرت اليه، يجب ان يكون مقلقا جدا لجميع أصدقاء لبنان ومؤيديه. وقد صدرت بيانات قوية من الامم المتحدة ومن غيرها نددت بمحاولات احباط المحكمة الخاصة وعملها، ويجب الا يتم التسامح مع مثل هذا الترهيب والتدخل.
المشكلة في لبنان ليست في المحكمة الخاصة بلبنان. المشكلة هي ان البعض في لبنان يهدد باستخدام العنف لوقف العدالة. المحكمة الخاصة بلبنان هي هيئة قضائية مستقلة، أنشئت ردا على فترة رهيبة في تاريخ لبنان وبموجب اتفاق بين الحكومة اللبنانية والامم المتحدة، واصبحت سارية المفعول من خلال قرار من مجلس الامن وبدعم دولي واسع. عمل المحكمة شرعي وضروري.
يجب علينا ألا نبعد أنظارنا عن حقيقة كون المحكمة الخاصة ترمز الى شيء أوسع من التحقيق فقط في اغتيال رفيق الحريري. المحكمة الخاصة تمثل فرصة للبنان كي يبدأ بتخطي تاريخه الطويل من العنف السياسي. الامر المأسوي هو ان لبنانيين من مختلف الفئات والطوائف قد عانوا سنوات من بلاء العنف والتهديدات. ومع ذلك فقد تمت محاسبة عدد ضئيل جدا على جرائمهم. هذا التاريخ هو مصدر رئيسي للاضطرابات والتوترات التي يشعر بها الناس في لبنان اليوم. اللبنانيون يستحقون عودة سلطة القانون وتحقيق العدالة للجميع... هذه أسس جوهرية لبناء الاستقرار والسلام في لبنان.
• هناك قلق في لبنان والمنطقة من انه اذا صدرت عن المحكمة الخاصة بلبنان اتهامات في حق ناشطين او قادة في "حزب الله"، ان يلجأ "حزب الله" الى القوة كما فعل في 2008 لايجاد حقائق على الارض. ما الذي ستفعله الولايات المتحدة في هذه الحال؟
- أولا، يجب أن نكرر ان أحدا لا يعرف ما الذي ستفعله المحكمة الخاصة بلبنان، او الى من ستوجه الاتهامات، او في أي وقت ستختار فيه التحرك. هذه عملية مستقلة. ويجب ان يدرك "حزب الله" ان اللجوء الى العنف في لبنان يتعارض كليا مع مصالح لبنان، ومصالح الشعب اللبناني، ومصالح المنطقة ومصالح الولايات المتحدة. ويجب عليهم ان يعلموا ايضا انه اذا كان هدف العنف هو وقف المحكمة، فان هذا لن يتحقق. والأمر الأهم من ذلك هو انه بكل بساطة ليس هناك أي عذر لعنف سياسي أكثر. هذا هو موقف الولايات المتحدة، ولن يتغير.
• هناك قلق في لبنان من ان تدفع البلاد ثمنا باهظا اذا تحولت حلبة لتجدد النزاعات الاقليمية والدولية، وان الولايات المتحدة قد لا تدرك كليا الخطر الذي يحمله مثل هذا الوضع.
- نحن نعلم انها ليست المرة الاولى التي يواجه فيها لبنان التحديات وارتفاع التوترات. لقد ذرف الشعب اللبناني الكثير من الدموع، ودفن الكثير من الاحباء. اللبنانيون يستحقون السلام الدائم ووضع حد نهائي للعنف السياسي. الولايات المتحدة ملتزمة هذا الهدف، وسنواصل دعمنا للقوات المسلحة اللبنانية لضمان ان تتوافر لديها القدرة على حماية أمن لبنان من التهديدات الداخلية والخارجية. ونحن نعمل بجهد لتفادي النشاطات او التصريحات التي يمكن ان تزيد الحرارة أكثر او تؤجج التوترات اكثر. للبنان أصدقاء كثيرون اضافة الى الولايات المتحدة، وهم مؤيدون أقوياء لسيادته وأمنه. ونحن على اتصال مستمر مع أصدقائنا وحلفائنا من اجل ايجاد أفضل الطرق للتعاون معا لدعم الشعب اللبناني وحكومته المنتخبة.
بالطبع، تسلم الرئيس سليمان السلطة وفقا لاتفاق الدوحة في 2008، وكما اظهر انتخابه، فهو يتمتع بدعم واسع في لبنان. وهو في وضع يسمح له بالمساهمة في توحيد لبنان وصون سلام البلاد واستقرارها.
• الى أين وصلت سياسة التحاور مع سوريا؟ بعد نحو 20 شهرا لم يتم تعديل السلوك والسياسات السورية في لبنان وفلسطين والعراق، وتحالفها مع ايران لا يزال قويا. يبدو ان السوريين يعتقدون انه لا عقبات او عواقب لهم كي يمتنعوا عن ممارساتهم.
- السلوك السوري لم يرق الى مستوى آمالنا وتوقعاتنا خلال الأشهر العشرين الأخيرة. وأعمال سوريا لم ترق الى مستوى واجباتها الدولية. وسوريا لا تزال قادرة على اختيار طريق آخر، ونحن نأمل في ان تفعل ذلك.
دعني أكن واضحة... نحن لا نتحاور من اجل التحاور فقط، نحن نتحاور من اجل خدمة مصالحنا ولايجاد مجالات يؤدي فيها التعاون الى تعزيز مصالح مشتركة. تحاورنا مع سوريا لن يكون أبدا على حساب لبنان، ولن يكون على حساب مساءلة سوريا على سلوكها. لقد اجرينا بعض المناقشات المفيدة، على سبيل المثال، المبعوث الخاص جورج ميتشل تحاور مع سوريا في شأن تقدم عملية السلام، ومساعدي (لشؤون الشرق الاوسط) جيفري فيلتمان اجرى مشاورات جيدة مع المسؤولين السوريين في شأن العراق. وتحاورنا معهم سمح لنا بأن نقدم لقادة سوريا وللشعب السوري رؤية أكثر توازنا وتفاؤلا حول مستقبل المنطقة من رسائل الحرب والدمار التي تحملها ايران و"حزب الله".
ولكن جرت بيننا وبين دمشق ايضا مناقشات صعبة، في شأن اعمالهم في لبنان وفي أمكنة اخرى. وسوريا تعيش مع نتائج سعيها الى سياسات تقع خارج الاعراف الدولية المقبولة، وهذا يفسر الى حد كبير لماذا تخلفت سوريا عن اللحاق بالتطور الاقتصادي الذي شهدته المنطقة في العقد الماضي. مرة اخرى، وكما قلت، على سوريا ان تختار - ونحن نأمل في ان تختار تحمل مسؤولياتها.
• الى أين وصلت اتصالاتكم مع الكونغرس بالنسبة الى الغاء تعليق المساعدات العسكرية للقوات المسلحة اللبنانية. هل تتوقعون من الكونغرس خلال فترة تصريف الاعمال ان يلغى التعليق، وهل انتم قلقون من ان يبقي مجلس النواب الجمهوري تعليق المساعدات؟
- سياستنا الثابتة هي دعم القوات اللبنانية المسلحة. هذه القوات تساهم في ضمان الاستقرار وحماية الشعب اللبناني. القوات المسلحة اللبنانية هي بحق مؤسسة وطنية ورمز قوي للوحدة الوطنية، وهي تضم افراداً من جميع الطوائف والفئات اللبنانية المختلفة. وهي مؤسسة تمثيلية وتخضع للمساءلة. ونحن نتطلع الى مواصلة العمل مع الكونغرس لصون هذا الدعم، الذي نعتقد انه يخدم أفضل مصالح الشعب اللبناني ويساهم في استقرار لبنان والمنطقة.
• تتبادل الولايات المتحدة وسوريا الاتهامات بالتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، لكن أصدقاء سوريا في لبنان يدّعون دوماً ان الولايات المتحدة تقول الكلام المطلوب، لكنها لا تقوم بالعمل المطلوب، وان حلفاءها في لبنان غير واثقين من انها لن تدخل في مقايضات تشمل سوريا وتكون على حسابهم؟
- الدعم الاميركي للبنان سيد ومستقل هو عنصر رئيسي في سياستنا في المنطقة. هذا غير قابل للتفاوض. هذا ليس شيئا يمكن ان نساوم او ان ندخل في مقايضات في شأنه. هذا هو الامر بكل بساطة. لقد كنا واضحين بشأن هذا الالتزام وشفافين في علاقاتنا مع الحكومة اللبنانية. وهذا يقف في شكل متعارض مع الآخرين، بمن فيهم لاعبون داخليون، تبين أعمالهم انهم ليسوا شفافين او خاضعين للمحاسبة من السلطات الوطنية المعنية.
وسنواصل سياستنا بدعم استقلال الدولة اللبنانية وتقوية المؤسسات اللبنانية، وسنثير قلقنا في شأن التدخل السوري في لبنان خلال مناقشاتنا المستمرة مع دمشق.
• الى أي مدى يمكن سلوك سوريا في لبنان ان يؤثر على الجهود الاميركية الرامية الى احياء المسار السوري - الاسرائيلي. هل يمكن سوريا ان تتوقع العودة الى مفاوضات السلام من غير ان تعدل سياستها حيال ايران او "حزب الله" في لبنان؟
- ادارة الرئيس اوباما ملتزمة في العمق تحقيق سلام اقليمي شامل في الشرق الاوسط، بما في ذلك السلام بين اسرائيل وسوريا وبين اسرائيل ولبنان، والتطبيع الكامل للعلاقات بين اسرائيل وجيرانها. هذه هي ايضا الرؤية التي طرحتها مبادرة السلام العربية التي اعلنت في بيروت. الولايات المتحدة تؤمن بحزم ان مختلف المسارات يعزز بعضها بعضاً. وسوريا بذاتها قالت انها تريد لتوقعاتها في شأن استعادة اراضيها ان تتحقق من خلال اتفاق سلام مع اسرائيل. ولهذا سنواصل العمل من اجل ذلك.
ولكن ما هو ابعد من ذلك، نحن نرحب بوجود علاقة ثنائية ايجابية وطبيعية بين لبنان وسوريا. وعندما تكون بين سوريا ولبنان علاقات سيئة تترتب على ذلك نتائج سلبية ليس فقط بالنسبة الى لبنان بل الى المنطقة كلها. لكن العلاقات الثنائية الايجابية والبناءة يجب ان تبنى على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل وعلى الاعراف الدولية ويجب ان تكون مبنية على مفهوم عدم التدخل في سيادة الدولة الاخرى.
• ما الذي يمكن ان تقوليه لنا عن التقارير المستمرة في وسائل الاعلام عن استمرار سوريا في تزويد "حزب الله" الصواريخ بما فيها صواريخ من طراز "سكود"، والقيام بتدريبات مشتركة على هذه الصواريخ داخل سوريا؟
- التقارير عن ازدياد نقل الاسلحة المتطورة من سوريا الى "حزب الله" هي مصدر قلق جدي للولايات المتحدة وللمجتمع الدولي. وهذا يهدد الامن الاقليمي، ويهدد أمن لبنان، ويوجد اضطرابات في المنطقة بطريقة لا تخدم مصالح أي طرف. دعونا لا ننسى ان "حزب الله" في 2008 فعل ما أقسم على ان لا يفعله ابدا: أي توجيه أسلحته ضد الشعب اللبناني – هذا الشعب الذي أقسم على الدفاع عنه - وهذا أمر يجب عدم تشجيعه، او السماح به، او تكراره.
نحن نقوم بتحذير الجميع، بما فيهم سوريا من أخطار سوء تقدير الحسابات، والاخطار المرتبطة بنقل التقنيات والاسلحة المتطورة

المصدر:صحيفة النهار اللبنانية  - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري