أخبار الوطن الرئيسية

13/02/2011

 

إرادة الشعب تنتصر في مصر

المحامي ميشال شماس

 

شعب وينتفض القدر ..لا الساعة اقتربت ولا انشق القمر.. إنه بركان التحدي انطلق من تونس وفي مصر انفجر.. خرج المارد المصري ومن قبله المارد التونسي من القمم، مؤكداً ما ليس بحاجة لتأكيد أن الشعب في تونس ومن بعده الشعب في مصر قد انتصر..
وفي اليوم السابع عشر من الثورة المصرية التاريخية سقط مبارك وسقط نظامه، وانتصر الشعب المصري ليؤكد الحقيقة الثابتة التي سبق أن أكدها شعب تونس" أن الشعب باق باق.. والطغاة إلى مزبلة التاريخ..".
أجل أنه يوم تاريخي أخر.. فجر جديد في تاريخ العرب الحديث، أنجزه شعب مصر البطل الذي استطاع بعد سبعة عشر يوماً من إسقاط نظام حسني مبارك، بعد أن سبقه في ذلك شعب تونس البطل الذي تمكن هو الأخر من إسقاط نظام زين العابدين بن علي بعد عشرين يوماً.. وتأتي أهمية انتصار الثورة المصرية التاريخية التي بدأت في الخامس والعشرين من الشهر الماضي من أن انتصارها جاء ليؤكد من جديد على أن مركز الفعل التاريخي العربي قد انتقل اليوم إلى القاعدة الشعبية لأول مرة في عصرنا الحديث، ومنذ قرون طويلة جداً.
كما يؤكد هذا الانتصار السلمي لثورة الشعب المصري على ميزة أساسية ورئيسة حملتها الحركة الشعبية في مصر ومن قبلها في تونس هي عداؤها للاستبداد والتمييز الاجتماعي والسياسي، وتشكلها في رحم غير حزبي أو سلطوي، مؤكدة أنها حركة شعب وليست حركة أحزاب أو عسكر، وهي التعبير الأكثر صدقاً على مر تاريخنا العربي عن إرادة الإنسان المقهور الذي طفح به الكيل، فأسقط نظام الاستبداد من وطنه، في تأكيد ساطع على أن القدر يستجيب لأي شعب يريد الحياة، وعلى أن كل من يسير على درب الحرية سيصل وينال حريته وكرامته..!
لقد نجحت ثورة الشعب المصري في التوفيق والمزج بين مطلب "لقمة العيش" و"خفض الأسعار" و"الحق في العمل" والدعوة إلى إصلاحات سياسية محددة وإجراءات فعّالة لمكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين. وقد مكّن هذا المزج بين المكونات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في مطالب ثورة الشعب المصري من إعطاء دفعة قوية لاستمرار ثورة الشعب المصري وتصعيد مطالبه حتى تمكن أخيراً من إسقاط مبارك ونظامه، فاتحة الطريق أمام إمكانية تحقيق وطن أفضل لجميع المصريين.. وطن يتمتع فيه الشعب المصري بالحرية والعزة والكرامة. كما فتحت هذه الثورة العظيمة الطريق نفسه أمام بقية الشعوب في البلدان العربية.. ومعلنة أيضاً أن ناقوس الخطر بدأ يدق بوجه معظم أنظمة الحكم في البلدان العربية، منذرة بضرورة تنفيذ الإصلاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي بعيداً عن أية ضغوط خارجية وأمريكية تحديداً. ومؤكدة على المثل الشعبي القائل " ماحك جلدك غير ظفرك" أي أن الإصلاحات والتغييرات يجب أن تستند إلى الداخل الوطني وإلى مطالب الشعب والمنطق والكرامة الإنسانية.
قطار التغيير في البلدان العربية انطلق ولن يتوقف، في تونس كانت المحطة والشرارة والأولى، وفي محطته الثانية والأهم كانت في مصر، التي استطاع شعبها العظيم بثورته السلمية من إسقاط مبارك ونظامه، في لحظات من الانبثاق الوطني الجديد في التاريخ العربي الحديث والقديم. إنه تاريخ جديد وسفر جليل ليس في تاريخ مصر وحسب، بل وفي تاريخ نضال الشعوب العربية جمعاء.أنه تاريخ يبشر بقيام نظام جديد مختلف وقادراً ليس على تحسس آلام الناس وآمالهم فقط،، بل وقادراً أيضاً على حماية حقوق الناس في الحياة الحرة والعيش الكريم.. نظام جديد يحترم الإنسان ويقر بوجود الإنسان الأخر المختلف ويحترمه بصرف النظر عما يؤمن به أو يعتقد، بعيداً عن أي عنف أو تطرف ديني أو سياسي، نظام ينمي روح المساعدة للإنسان المحتاج والشعور بآلام الآخرين،نظام يكون فيه الولاء للإنسان والوطن أولاً وأخيراً.
ولا يسعني في النهاية إلا أن أتقدم بأجمل التهاني والتبريكات إلى أشقائنا في مصر بنجاح ثورتهم الوطنية المباركة، والتي أثبتت للعالم أجمع أن الشعوب العربية قادرة بنفسها وبقدراتها الذاتية على إحداث التغيير السلمي وبقدر كبير من المسؤولية الوطنية، وأنها تستحق أن تعيش بحرية وكرامة وديمقراطية..

المصدر :نشرة كلنا شركاء   - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري