أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

14/06/2010

 

هل يذهب لبـــنان وســوريا معاً الى الحــرب أو الى الســلام؟

اميل خوري

 

‮إذا كانت الاولوية هي لحماية لبنان من اعتداء اسرائيلي محتمل ومن تداعيات حروب وقلاقل في المنطقة، فان التطمينات التي حصل عليها الرئيس سليمان والرئيس الحريري في جولاتهما واتصالاتهما قد لا تكون كافية اذا لم تستكمل بتطمينات إن لم يكن بضمانات يتم الحصول عليها خصوصا من سوريا وايران كونهما دولتين ممانعتين ولهما موقف واضح من اسرائيل.
لذلك ترى اوساط سياسية ان يبدأ بناء الثقة بين لبنان وسوريا بالتفاهم على السياسة الخارجية والسياسة الدفاعية كي يكون لقمة الرئيس سليمان والرئيس الاسد غدا في دمشق نتيجة مثمرة كما كانت نتيجة القمة الاولى والاخيرة التي عقدت بين الرئيس شهاب والرئيس عبد الناصر وكانت نتائجها كافية وليست في حاجة الى عقد سلسلة قمم كما حصل مع عهود سابقة في لبنان.
لقد اتفق الرئيس شهاب والرئيس عبد الناصر على ان يتم التنسيق بينهما في السياستين الخارجية والدفاعية لان السياسة الخارجية تعكس الشيء الكثير من السياسة الداخلية، كما ان السياسة الداخلية تنعكس على السياسة الخارجية، وان تحقيق الامن والاستقرار يتأثران بالسياسة الدفاعية، وقد ادى التوصل الى اتفاق حول ذلك الى جعل لبنان ينعم بالهدوء والاستقرار بفضل تعاون الجماعة "الناصرية" في لبنان مع الحكم بحيث اطلقت يده في اتخاذ القرارات المتعلقة بالشؤون الداخلية، فكان للحكم هيبته وسلطته وسطوته.
ولا شيء يمنع ان يحصل بين الرئيس سليمان والرئيس الاسد ما حصل بين الرئيس شهاب والرئيس عبد الناصر، فيكون تفاهم قبل اي شيء آخر على السياسة الخارجية والسياسة الدفاعية فيكون تنسيق دائم بينهما قبل اتخاذ اي موقف.
والمطلوب في الوقت الحاضر هو التفاهم على السياسة الدفاعية بحيث لا يظل هذا الموضوع نقطة خلاف واختلاف بين القيادات اللبنانية، سواء في مجلس الوزراء او على طاولة الحوار، بين من يريد استعادة ما تبقى من الاراضي المحتلة بقوة السلاح (جيش وشعب ومقاومة) ومن يريد استعادتها بالتفاوض وهو الاقل كلفة مهما طال وقته.
والسؤال الذي يحتاج الى جواب لبناني – سوري واحد هو: هل يذهب لبنان وسوريا معا الى الحرب ام يذهبان معا الى مفاوضات السلام؟ اذ لا يعقل ان يذهب لبنان وحده الى الحرب فيما سوريا تذهب وحدها الى مفاوضات السلام كما يحصل حتى الآن. فاذا كان الجواب على هذا السؤال هو الذهاب معا الى الحرب عندها ينبغي الاتفاق على التحضير لذلك جيشا وشعبا ومقاومة في كلا البلدين وهذا يتطلب وضع استراتيجية دفاعية مشتركة يحول وضعها دون استمرار الخلاف في لبنان حولها والدخول في مزايدات سياسية وشعبوية. وهذه الاستراتيجية هي التي تحدد دورا لسلاح المقاومة ومتى يكون هذا الدور، كما تحدد مصير السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وهو موضوع خلاف ايضا، وقد يصير اتفاق مثلا على تمركز قوات لبنانية – سورية داخل اراض لبنانية وداخل اراض سورية وفي نقاط استراتيجية.
ويذكر ان مشروع الاتفاق الثلاثي بين لبنان وسوريا، الذي وضع عام 1985 وحصل انقلاب داخلي عليه حال دون تطبيقه، كان قد نص في باب "العلاقات المميزة بين لبنان وسوريا" على ان الارتباط المصيري بها هو التعبير الابرز لعروبة لبنان"، واستندت هذه العلاقات، كما جاء في المشروع، على نظرة تكامل استراتيجي بينهما ومفهوم هذا التكامل "ان تكون امكانات كل من البلدين متممة لامكانات الآخر بما يحقق مصالحهما المشتركة ويجدد ذلك في اطار الاتفاقات الثنائية في اطر قانونية".
وفي المجالات العسكرية اقترح المشروع "الاتفاق على تمركز وحدات عسكرية سورية في نقاط محددة في لبنان وفق مقتضيات الامن الاستراتيجي السوري واللبناني في مواجهة اسرائيل"، وفي السياسة الخارجية "تنسيق كامل وثابت في كل القضايا"، وفي العلاقات الامنية "تحديد مشترك للاخطار الرئيسية التي تهدد امن البلدين وتوحيد النظرة الى هذه الاخطار واقرار اتفاقات تؤمن التنسيق بين الاجهزة الامنية"، وفي المجال الاقتصادي "التنسيق والتكامل على رغم تباين الانظمة"، وفي العلاقات التربوية "التنسيق من خلال لجان مشتركة كشرط من شروط ترسيخ القربى بين الاجيال الطالعة في كل من البلدين مع الحفاظ على حرية التعليم"، وفي المجال الاعلامي "منع التشويش الاعلامي الموجه الى علاقات البلدين المتميزة".
هذا ما نص عليه مشروع "الاتفاق الثلاثي" الذي لم ير النور بسبب انقسام اللبنانيين حوله، فكان اتفاق الطائف البديل منه، ولم يحظ هو ايضا بموافقة كل اللبنانيين ومن الاسباب تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، وكان تطبيق هذا الاتفاق بشكل منقوص وانتقائي في رأي البعض تطبيقا ضمنياً لـ"الاتفاق الثلاثي".
اما اذا كان الجواب هو الدخول في مفاوضات سلام مع اسرائيل لأن هذا ما يسعى اليه جاهدا المجتمع الدولي وغالبية المجتمع العربي، فينبغي الاتفاق بين لبنان وسوريا على كيفية الدخول في هذه المفاوضات، هل يكون الدخول فيها معا تأكيدا لعودة التلازم بين المسارين اللبناني والسوري، ام يكون الدخول فيها مستقلا لكل دولة مع التنسيق الدائم قبل وبعد بدء المفاوضات ونهايتها باعتبار ان لكل دولة وضعا خاصا مع اسرائيل. فنظرة الدولة العبرية الى الوضع في الجولان شيء ونظرتها الى الوضع في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر شيء آخر.
إن القمة اللبنانية – السورية ينبغي ان تكون قمة منتجة فلا يظل عقدها مجرد تبادل سلامات وتحيات ومجاملات فيما المنطقة تواجه مرحلة دقيقة وخطرة تتطلب موقفا موحدا عربيا وفلسطينيا، وبالتحديد لبنانياً – سورياً، وذلك بوضع خطة لاستراتيجية حرب او استراتيجية سلام بعيدا عن المزايدات والمهاترات.
والواقع انه اذا ظل لبنان معرضا لخطر عدوان اسرائيلي او لتداعيات حروب في المنطقة، لا تعود تنفع الاتفاقات المعقودة في شتى المجالات لأن تطبيقها يتعطل والمنفعة منها تكون في جعل لبنان آمنا وهادئا ومستقرا.
وانطلاقا من هذا التفكير، كانت الاولوية عند الرئيس سليمان والرئيس الحريري هي توفير شبكة امان للبنان، لأن من دونها لا اقتصاد ولا ازدهار، وتوفير هذه الشبكة يحتاج الى تطمينات إن لم يكن ضمانات من دول صديقة وشقيقة معا، وهو ما ينبغي الحصول عليه في لقاء القمة غدا بين الرئيس سليمان والرئيس الاسد بالاجابة عن سؤال حول كيفية استعادة الاراضي المحتلة من اسرائيل.

المصدر:صحيفة النهار اللبنانية  - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري