أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

15/08/2010

 

معمل إسمنت عدرا يمطر دمشق وريفها 7 أطنان من السموم في كل ساعة

 

 

 لايزال معمل إسمنت عدرا ينفث سمومه المؤذية في جو المدينة العمالية بعدرا وعدرا البلد والضمير، ولم تنفع الحلول الجزئية التي اتخذت للتقليل من مضار المعمل، فالفلاتر والمصافي التي ركبت في المداخن لم تكن فعالة وهي غير عملية، وإذا كانت عملية فك ونقل المعمل بعيداً إلى الصحراء تبدو حلاً صعباً ومكلفاً ويهدر الوقت والمال ويتوقف الإنتاج لفترة غير قصيرة أو أن إغلاق المعمل وإيقافه عن الإنتاج يبدو حلاً غير معقول، لأنه يشغل مئات العمال والمهندسين، مايؤدي لخلل في توفر مادة الإسمنت في الأسواق، مع أن معامل القطاع الخاص بدأت شيئاً فشيئاً بالإقلاع والإنتاج، فإنه لابد من إيجاد حلول لمشكلة المعمل البيئية والتقليل قدر الإمكان من آثاره الضارة والمؤذية للصحة والاقتداء بما تفعله الدول المتطورة في هذا المجال.

حال الجوار:

المواطن عدنان العرب - قاطن في عدرا قال: يتسبب لنا الغبار المتصاعد من مداخن معمل اسمنت عدرا بأذيات وأضرار كبيرة على الصحة، فأولادي لا يشفون لا صيفاً ولا شتاءً من السعال التحسسي، وقد عرضتهم عدة مرات على الطبيب، وفي كل مرة يقول لي بأن هذا السعال ناتج عن وجود فضلات صلبة في الرئتين، بسبب ما ينشره معمل اسمنت عدرا من غبار وملوثات في الهواء وهذه الملوثات أخطر على صحة الإنسان من التدخين أو الأركيلة، ونعاني من هذه المشكلة من حوالي 16 سنة والآثار السلبية للمعمل تزداد سنة عن أخرى، وفي صباح كل يوم نرى سحابة من الغبار تنطلق منه، وإذا جلسنا خارج المنزل في الحديقة المحيطة به لمدة ربع ساعة فقط فإننا نلاحظ بعد ذلك طبقة من الغبار غطت ملابسنا، مع إصابة بعض الأشجار المتلوثة بغبار المعمل باليباس والاصفرار.

‏%90 من الانبعاثات تتجه إلى عدرا والمدينة العمالية ‏

(طبيب نفسي يقطن في عدرا) قال: نعاني من مشكلة أن أثاث المنزل مكسو دوماً بطبقة من الغبار، ويحتاج يومياً إلى تنظيف ولا نستطيع فتح النوافذ لأن الوضع سيزداد سوءاً، وما نشاهده هو سحابة من الغبار تخرج من المداخن الثلاث لمعمل الإسمنت وتتجمع في أكثر الأحيان بنسبة 90% باتجاه المدينة العمالية بعدرا، ونرى في الليل هطول قطع صغيرة تشبه الثلج من نواتج معمل الاسمنت تبدو جلية صباحاً على السيارات المتوقفة، وهذه الطبقة من الغبار ليست ناجمة عن غبار الأتربة المتشكلة بفعل الرياح لأن طبيعتها الكيميائية والصناعية ولونها الأبيض المصفر واضح، ويضطر أغلب الناس لتغطية سياراتهم بالشوادر وحتى هذه الطريقة لا تنفع لأن سماكة الغبار المتشكل على الأغطية كبيرة، وتسبب الحساسية ويظهر التلوث بشكل واضح على الأشجار التي تبدو عديمة النضارة وتكسوها طبقة من الغبار الناجم عن معمل الاسمنت. ‏



ازدياد الأمراض

الطبيب جورج مخول اختصاصي عناية مشددة وطوارئ يقطن في عدرا قال: يراجعني العديد من المرضى لكن نسبة المراجعين المصابين بأمراض التحسس والسعال وتشنج القصبات هي الأعلى، وألاحظ عدم شفاء مرضى التهاب القصبات بشكل جيد إلا بعد إعطائهم أدوية الكورتيزون ومضادات الحساسية مع وجود هجمات عالية من حالات الربو والتشنج القصبي غير المسيطر عليه إلا بأدوية الكورتيزونات وموسعات القصبات، وأضاف: أعمل في مستشفى الأطفال بدمشق ولاحظت أن أكبر نسبة أطفال مصابين بالربو والتهاب القصبات والتحسس وسرطانات الصدر هم من سكان المدينة العمالية بعدرا وعدرا البلد، وأضاف: نلاحظ صباحاً موجات غبارية تهطل كالندى تتجه بنسبة 90% باتجاه المدينة العمالية، وألاحظ أن الملابس والثياب المغسلة والمنشورة خارجاً تحمل طبقة من الغبار الناتج عن معمل الاسمنت، واقترح تركيب فلاتر ومصاف ومرشحات على مداخن المعمل بشكل فعّال وعملي بحيث تقلل من كمية الغبار المتصاعد. ‏



استبدال الفلاتر ‏الكهربائية بقماشية ‏

المدير العام لشركة اسمنت عدرا جهاد عبد الغني أوضح أنه يعاني شخصياً مع أسرته من تلوث الهواء الناجم عن معمل الإسمنت منذ حوالى 20 سنة كونه يسكن في المدينة العمالية بعدرا، ولذلك فهو أكثر الناس حرصاً ومتابعة لحل مشكلة المعمل البيئية، وقال: يوجد في المعمل ثلاثة خطوط إنتاج لكل منها مدخنة تقذف مخلفات عملية طحن وخرج المواد الأولية (حجر كلسي+ بازلت+ غضار) في الجو، وقد ركبت لهذه المداخن فلاتر كهربائية للحد من الآثار الضارة لهذه المواد وهناك اثنان من الفلاتر الكهربائية تعمل بشكل مقبول وبنسبة تصفية 80-90% مركبان على خط عدرا الأول، لكن المشكلة في الفلتر المركب على خط المعمل الثاني والذي يعمل بنسبة تصفية 50% فقط أو أقل وبالتالي تتصاعد في الجو كمية 5- 7 أطنان من الغبار والملوثات الجوية كل ساعة، وهذا يعد خسارة في الإنتاج إضافة إلى آثاره البيئية الضارة، ولم تتمكن ورشاتنا وكوادرنا الوطنية من إصلاح هذا الفلتر بالرغم من المحاولات العديدة وهو يحتاج إلى شركة متخصصة لإصلاحه، وأضاف: هناك مشروع آخر وأفضل للحد من انبعاثات المعمل يتمثل باستبدال الفلاتر الكهربائية بفلاتر قماشية أكثر فعالية وأفضل أداء، كما اتضح ذلك من خلال تجربة معمل اسمنت طرطوس، وهذه الفلاتر القماشية موجودة في أرض المعمل منذ العام 2006 وهي ذات منشأ نمساوي وتنتظر التركيب وتحتاج إلى شركة متخصصة لتركيبها وقد رست مناقصة التركيب على شركة باكم سان التركية وعقد التركيب مع الشركة التركية موجود حالياً في رئاسة مجلس الوزراء (اللجنة الاقتصادية) بانتظار تصديقه، والذي نتمنى أن يحصل في أسرع وقت كي نباشر في تركيب الفلاتر القماشية التي تعطي مردوداً بنسبة 95-100% ما سيساعد بشكل كبير في الحد من الانبعاثات والملوثات ويساهم في زيادة الإنتاج. ‏



بطاقة تعريفية بالمعمل ‏

بدأ معمل اسمنت عدرا بالإنتاج سنة 1978 بخطي إنتاج ثم أضيف خط ثالث سنة 1982 وهو ذو منشأ ألماني شرقي وطاقته الإنتاجية 850 ألف طن سنوياً ويعمل فيه 1218 بين مهندس ومساعد مهندس وفني وعامل عادي بثلاث ورديات عمل ليلاً ونهاراً ويقذف في الجو يومياً بين 120 إلى 170 طناً من غبار المواد الأولية المطحونة المؤلفة من خليط من الحجر الكلسي والبازلتي والغضار. ‏

وهناك دراسة حالياً لإعادة تأهيل وتطوير خطوط الإنتاج في المعمل وتحسين الشروط البيئية، ورست الدراسة على مجموعة خاصة من أجل تطوير المعمل وفق مبدأ التشاركية بين القطاع العام والقطاع الخاص، بحيث ترفع الطاقة الإنتاجية للمعمل إلى 1.485 مليون طن سنوياً بزيادة 640 ألف طن سنوياً عن الطاقة الإنتاجية الحالية، مقابل حصول المجموعة على 72% من الإنتاج و28% للشركة ولمدة سبع سنوات، على أن تستغرق عملية التطوير سنتين تضخ خلالها المجموعة بحدود 1.5 مليار ليرة قيمة معدات التطوير تدفعها للشركة على دفعتين، على أن يترافق ذلك مع معالجة مشكلة الانبعاثات وتركيب فلاتر قماشية من قبل المجموعة، والشركة حالياً ماضية بالمسارين، مسار تركيب فلاتر قماشية على نفقة الشركة ومسار التشارك مع مجموعة خاصة لتطوير خطوط الإنتاج وفي حال فشل المسار الثاني ستمضي الشركة في المسار الأول. ‏

مناشدة عمالية

ناشد اتحاد عمال دمشق في كتاب لوزيرة البيئة دراسة واقع المناخ والملوثات في مدينة الشهيد باسل الأسد العمالية في عدرا وقياس نسب التلوث تمهيداً لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بمعالجة وضع المدينة العمالية، خصوصاً أن أغلبية القاطنين من العمال المنتجين في القطاعات الإنتاجية المختلفة لدى الدولة. ‏

ويحذر الاتحاد في كتابه أن استمرار تعرضهم لهذه الملوثات سينعكس عليهم بشتى الأمراض ما يؤدي لإضعاف إنتاجيتهم وارتفاع فاتورة الدواء مشكلة تكاليف جديدة على موازنة الدولة وعلى الاقتصاد الوطني. ‏

ويشير الاتحاد لتزايد نسبة الأمراض الصدرية والتحسسية وأمراض الكبد الإنتاني نظراً لتنوع مصادر التلوث ومنها معمل إسمنت عدرا الذي ينشر غبار الإسمنت، بسبب فتح الفلاتر وهذه الانبعاثات تصل إلى /7/ أطنان في الساعة الواحدة تسقط على المدينة، وتكاد تكون أحياناً كزخ المطر عدا عن تدنّي كفاءة الأفران الثلاثة بنسبة 80% للأول والثاني و50% للثالث. ‏

ويضيف كتاب الاتحاد أن المناخ الصحراوي الجاف الذي تتعرض له المدينة يصبح أكثر جفافاً وفوق ذلك مشبعاً بالروائح الكبريتية والغازات السامة وغبار الاسمنت، وأحجار الكسارات تعرض سكان المدينة البالغ عددهم حوالي 15 ألف نسمة لشتى المؤثرات والملوثات البيئية عالية النسب. ‏.‏

المصدر:صحيفة تشرين السورية  - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري