أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

20/01/2011

 

السعودية إذ ترفع يدها عن لبنان .. أية سيناريوهات؟!

عريب الرنتاوي

 

حار الدبلوماسيون والإعلاميون و"المدوّنون" في فهم مغزى التصريحات التي أدلى بها رئيس الدبلوماسية السعودية أمس في شرم الشيخ ، على هامش الاجتماعات الوزارية التحضيرية للقمة العربية الاقتصادية.. وزير الخارجية السعودي قال بالحرف: "هذا الموضوع -لبنان - يقوده شخصيا خادم الحرمين الشريفين وهو اتصل مباشرة بالرئيس السوري فكان الموضوع بين الرئيسين للالتزام بإنهاء المشكلة اللبنانية برمتها ولكن عندما لم يحدث ذلك أبدى خادم الحرمين الشريفين رفع يده عن هذه الاتفاقات".

بعض المراقبين وصف الموقف بأنه تعبير عن "تفاقم الأزمة وتشابك تعقيداتها" بحيث توّلد انطباع لدى المملكة بتعذر ، إن لم نقل استحالة ، إغلاق هذا الملف و"حلحلة" عقده ، فآثرت الخروج منه ، وتركه للاعبين جدد كتركيا وقطر.. بعضهم الآخر رأى أن هذا الموقف ، هو تعبير عن الغضب السعودي من سوريا وحلفائها اللبنانيين ، مفترضاً أن هذه الأطراف لم تف بتعهداتها المقطوعة بموجب المبادرة السعودية - السورية المعروفة اختصارا بـ"مبادرة س. س". هؤلاء المراقبين قرأوا تصريحات الفيصل كما لو كانت إيذاناً برفع الغطاء السياسي عن هذه الأطراف ، وليس عن لبنان ، وتحميلها سلفاً وزر ما سيحصل في لبنان.

وزاد في قلق الأوساط اللبنانية ، "سيناريو انتهاء لبنان كدولة" الذي رسمه الوزير توضيحاً لموقفه ، فهو قال رداً على سؤال: ماذا سيحصل في لبنان بعد هذه المحاولات الدائمة: أن "الوضع بالخطير" ، مستدركاً "إذا وصلت الأمور إلى الانفصال وتقسيم لبنان انتهى لبنان كدولة تحتوي على هذا النمط من التعايش السلمي بين الأديان والقوميات والفئات المختلفة وهذا سيكون خسارة للأمة العربية كلها".

إذن ، الوزير لا يستبعد إطلالة شبح الحرب والتقسيم بوجهه القبيح من جديد على لبنان والمنطقة ، في قراءة شديدة التشاؤم ، وتنطوي على مفاجأة من العيار الثقيل ، سيما وأن الدعاة التاريخيين للتقسيم في لبنان (الانعزالية المسيحية: الكتائب والقوات) قد تراجعوا عن هذا الشعار.

فهل تنطوي مثل هذه القراء على مبالغة هدفها التعبير عن الغضب في أعلى درجاته ، أم أنها تعبير عن قراءة للمشهد اللبناني والإقليمي ، تصدر عن تيار أو شخص في المؤسسة الرسمية السعودية ، ولا تمثل المؤسسة بمجملها.. هل هي معلومات عن "القرار الظني" وما بعده ، أم أن للأمر صلة بطبول الحرب التي لا تكف إسرائيل عن قرعها ، تارة ضد لبنان ، وأخرى ضد غزة وثالثة ضد سوريا ورابعة ضد إيران؟.

هل نحن أمام سيناريو مشابه لسيناريو ما قبل حرب تموز عام 2006 ، حين تسابقت عواصم عربية عدة ، على نفض يدها من لبنان وأزماته ، بل ورأت في الحرب الإسرائيلية عليه ، مغامرة غير محسوبة لحزب الله ، في تجربة نادرة وغير مسبوقة ، لرفع الغطاء عن جانب عربي يخوض حرباً مع إسرائيل ، أو يتصدى لحرب إسرائيلية مفروضة عليه.. هذا غيض من فيض الأسئلة والتساؤلات التي تتقافز إلى الأذهان في ضوء هذه التصريحات المفاجئة.

أصدقاء السعودية من اللبنانيين ، استقبلوا تصريحات الفيصل ، بمشاعر مزدوجة ، فهي من جهة رتّبت حالة من القلق عبرت عنها منتدياتهم بالقول: أنها تعكس قدراً من التخلي غير المسبوق عن الحلفاء.. وهي من جهة أثلجت صدور "التيارات الصقرية" في أوساطهم ، التي أعادتها هذه التصريحات لمناخات القطيعة والحرب الباردة بين دمشق والرياض ومرحلة ما بعد الرابع عشر من أيار ، وأجواء التصعيد التي رافقت وأعقبت حرب تموز.. خصوم السعودية رأوا فيها إيذانا بقرب الاشتباك مع بيلمار ومحكمته الدولية والقوى الداعمة لها إقليمياً ودولياً.

ومما لا شك فيه أن الانسحاب السعودي من "معادلة س. س" ، سيلقي بظلال كئيبة وكثيفة على القمة الثلاثية التي التأمت أمس الأول في دمشق ، وعلى مهمة حمد - أوغلو في بيروت ، طالما أن القمة والمهمة ، قد اعتمدتا "س. س" أساساً لها وهدفاً لمساعيها ، والأرجح أن التأزم السياسي اللبناني ، بات مرشحاً للتفاقم أكثر من أي وقت مضى ، بل وربما انتقلت المواجهة من ميدان المواقف والتصريحات ، إلى الميادين والشوارع ، وأول غيث هذا التأزم ، استعراض القوة الذي أظهره حزب الله أمس الأول في العاصمة بيروت ، عندما نفذ مناورة - غير مسلحة - للسيطرة على مداخل بيروت ومفترقاتها الرئيسية.

لقد بات شبح السابع من أيار ، حاضراً بقوة أكثر من أي وقت ، هذه المرة لمواجهة "القرار الظني" المدعوم من ذات الفريق الذي كان مستهدفاً بحركة 7 أيار ، وربما بهدف وضع قواعد جديدة للعبة الداخلية ، وليس مستبعداً أن يمهد "7 أيار جديد" الطريق لإعادة تشكيل الحكومة بتوازنات جديدة وبيان وزاري جديد ، مثلما لن يكون مستبعداً أن يبعث "7 أيار" ثانيا الروح مجدداً في "س. س" وإن تحت بإضافة "ق. ت" ، أي قطر وتركيا ، فقد ثبت أن المواجهات الكبرى في لبنان كانت على الدوام ، متطلباً مسبقاً للتفاهمات الكبرى ، من اتفاق الطائف وقبله اتفاق القاهرة وبعده "اتفاق "الدوحة" وصولاً إلى "اتفاق الدوحة - 2" أو "اتفاق أنقرة - 1" الذي ينتظر مخاض الولادة العسير على ما يبدو.

المصدر:الدستور الاردنية - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري