أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

20/08/2010

 

باحث: استثمار أقل يعني نمواً أقل.. ودائرة الفقر تتوسع

 

 

يرى أن سوريا تمتلك من الموارد الداخلية ما لا تمتلكه أي دولة أخرى، وينادي بأن تستغل هذه الموارد في زيادة النمو الاقتصادي بدل الاعتماد على الاستثمارات الخارجية بشكل كبير، الباحث الاقتصادي قدري جميل يتحدث إلى (أبيض وأسود) عن الخطة الخمسية العاشرة واستشرافه المستقبلي للخطة الخمسية الحادية عشرة بالاستفادة من تجارب الخطة الماضية.

هل حققت الخطة الخمسية العاشرة أهدافها المتوقعة؟
أي خطة تتحقق أهدافها عندما تتحقق أرقامها التي أعلنتها، ولكن نلاحظ أنه في الخطة الخمسية العاشرة بعض أرقام النمو لم تتحقق، كأرقام محاربة الفقر والبطالة والاستثمارات، البعض يضع اللوم على العوامل المناخية، والبعض يلحق السبب بحدوث الأزمة العالمية، وآخرون يرون أن المشكلة موجودة لدينا وأنا من أنصار هذا الرأي، لأنه إذا أردنا النظر إلى تركيا فنسب النمو لديها عالية وتتقدم رغم أننا منذ خمسين عاماً كنا نسبقها، واليوم سبقتنا بشوطٍ كبير، وهذا ينقض قول البعض الأول، أما إذا أردنا النظر للأزمة العالمية فقد أثرت على كل البلدان وليس علينا فقط، طبعاً تفاوتت نسب التأثير، ولكن الحق يقال إن الخطة بدأت قبل الأزمة، ولم تأت الأزمة الاقتصادية إلا بمنتصفها إذاً أين نتائج النصف الأول؟ ونتائج النصف الثاني إلى الآن غير معلنة، إذاً المشكلة في بنية الخطة، فأي خطة لتتحقق تحتاج إلى موارد، والاستراتيجية التي اعتمدتها الخطة الخمسية على الموارد ليست دقيقة لأنها اعتمدت الموارد الخارجية في الدرجة الأولى.


ما سبب تركيز الاعتماد على الموارد الخارجية؟


تاريخياً سوريا نتيجة الظروف التي تعيشها دائماً كان اعتمادها على المصادر الخارجية من ناحية تمويل مشاريعها، فالقدرة التعبوية الداخلية للاقتصاد السوري لم تستنفد داخلياً لأنه كان هناك تدفقات خارجية، هذا الأمر غطى على الثغرات ببنية الأداء الاقتصادي، ولكن له جانب سلبي فلم نعد نعتمد على استنفاد الموارد الداخلية لأننا نطمئن أنفسنا بوجود موارد خارجية، وبرأي البعض أن الموارد الخارجية موارد إيجابية، وهذا خطأ من مبدأ أن أي استثمار هو استثمار جيد المهم أن يأتي، ولكن برأيي ليس كل استثمار جيد، وإنما الاستثمار يكون جيداً أو سيئاً حسب تموضعه فهناك استثمارات كابحة للنمو واسثمارات حافزة للنمو والاستثمارات التي تذهب للعقارات والأراضي بما يسمى السياحة أحياناً هذا ريعي، أما الاستثمارات التي تذهب للصناعة والزراعة فهذا إنتاجي، الذي حدث أننا بقينا نعوّل على الاستثمارات الخارجية، ولكن توضع الاستثمار يحتاج دراسة فلا يصح أن يكون بأي مكان وإلا سيؤثر على الاقتصاد الوطني بشكل سلبي من تضخم وارتفاع أسعار ونمو مشوه.


ألم يكن هناك دراسة للاستثمارات الخارجية؟


ليس لدينا خريطة استثمارية حقيقية آخذة بعين الاعتبار ضرورات النمو والتطور في سوريا لذلك عندما قررنا أن نرفع من النمو تم التوجه نحو المال الخارجي ووضع في أماكن غير مناسبة إذا المشكلة الأولى أن الموارد عندما أتت ذهبت للمكان الخطأ، المرحلة الأخرى أنها بدأت تتراجع بسبب الأزمة، فالخليج ودبي خسروا في (2009) بين (25 و75) من قيمتهم السوقية إذاً التدفق لم يعد ممكن إذا اعتقدنا أنه بمقدورنا أن نعول على التدفق الخارجي كالسنين الماضية.


استثمارات الداخل مشكلتها أنها إذا كانت خاصة فالقطاع الخاص يتجه نحو القطاعات الأكثر ربحية ومأساة اليوم أن القطاعات الأكثر ربحية هي القطاعات الريعية غير الإنتاجية أي التي ليس لها مصارف أو عقارات أو أراضي، ومن ناحية لا أستطيع أن ألزم القطاع الخاص ولكن أستطيع أن أقترح عليه إذا يجب أن نغير توجه السياسة الاقتصادية.


كيف نفسر أن النمو زائد لكنه لا ينعكس على المجتمع؟


هنا يوجد احتمالان إما لا يوجد نمو وإما يوجد نمو ولكن استحوذ عليه غير الفقراء، الأرقام تتحدث عن نفسها باعتراف الحكومة الرسمي أن آخر أرقام الفقر الشديد كان المفروض تخفيضه من (11 إلى 7 %) ولكن ما حدث أنه زاد إلى (12 %) في (2007)، ونسأل ما معنى نمو اقتصاد وطني وهبوط مستوى معيشة؟ يجب إعادة التوجه الاستراتيجي، وهذا مرتبط بموضوع البطالة لأن استثمار أقل يعني تشغيل يد عاملة أقل، استثمار أقل يعني نمو أقل، وإذا النمو ناقص يعني دائرة الفقر سوف تتسع وإذا النمو ناقص، وهناك تمركز بالثروة أكثر يعني دائرة الفقر ستتوسع أكثر.


ما المطلوب من الخطة الحادية عشرة؟


برأيي الخطة الحادية عشرة حتى تكون استمرارية إيجابية آخذة بعين الاعتبار الدروس من الخطة العاشرة، مطلوب منها أن تضع أرقام نمو مجزمة مدروسة عبر تأمين موارد، ومواردها الداخلية موجودة حيث متمركزة الثروة يعني من دون توزيع أماكن الثروة لم يعد النمو ممكن، وهذا الاستنتاج أقترح أن نأخذ به في عين الاعتبار بأول الخطة الحادية عشرة قبل أن تفرضه الحياة علينا في أواخر الخطة لأنه إن لم يحدث نمو بعد التجربة الثانية سيؤكد المجتمع الدولي أن الثروة لا يجوز أن تتمركز لأن أصحاب الثروة لم يوظفوها بالقطاعات التي يحتاجها الناس (الاستهلاك المحلي) وهذه مشكلة محلية واليوم أصبحت عالمية.


وإذا كانت المعادلة في القرن الماضي أنه لا عدالة اجتماعية بدون نمو فالمعادلة الآن تقول إن العدالة أصبحت شرطاً ضرورياً للنمو فتمركز الثروة وصل إلى نهايته، فمنذ خمسين سنة لم نكن نسمع بكلمة ملياردير، كان المليونير شيئاً عظيماً بالنسبة لنا واليوم هذا الأمر طبيعي.






كيف نستطيع أن نعول على القطاع الخاص للمساعدة في النمو؟


القطاع الخاص له دور كبير في ذلك بأن يتم تحفيزه بالإجراءات الحكومية والسياسات الحكومية حتى يتجه نحو الإنتاج وليس على القطاعات الريعية، وإلا سيتجه رأس المال نحو الربح الأعلى كبيع وشراء العقارات والأراضي، وبذلك ينتهي الأمر فعلياً بالربح، ولكن على المستوى الكلي لم يحدث شيء إذاً يجب أن نهتم بأن توظف أموال القطاع الخاص بالإنتاج الذي يساعد على النمو، واليوم الإنتاج الذي يساعد النمو ليس مغرٍ لأن نسب الربح فيه منخفضة وبالتالي ذلك يحتاج إلى تفكير بالسياسات الحكومية والسياسة الضريبية والمصرفية والتحفيزات المختلفة


في الإطار العام للخطة الجديدة هل كان الجو مهيأ لاستقبال استثمارات خارجية؟


الآن يوجد نقاش حول الموضوع، لكن أنا برأيي أنه يجب الاستفادة من تجربة غيرنا وتجربتنا السابقة، لأن سوريا بلد مواجهة ومتطلباتها عالية ووزنها السياسي يحتاج إلى دعم بوزنها الاقتصادي، ومن ناحية ليس من المعقول أن البلاد المحيطة بنا مواردها أقل من مواردنا وتحقق تقدماً أكثر بنسب النمو، فسوريا غنية بالموارد الداخلية التي تساعد على النمو بشكل كبير وملفت.

المصدر:مجلة أبيض وأسود  - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري