أخبار الوطن الرئيسية

21/09/2011

 

تخوفات في لبنان من تهميش المسيحيين بعد سقوط النظام السوري

 

 

مرة أخرى ينقسم اللبنانيون بين مؤيد أو معارض لمواقف فريق سياسي معين. و يسلط الضوء هذه المرة بشكل خاص على مواقف المواطنين المسيحيين بشأن تصريحات البطريرك بشارة الراعي عن الوضع في سوريا خلال زيارته إلى فرنسا، حيث قال "إن المسيحيين سيدفعون الثمن إذا وصل الإخوان المسلمون إلى السلطة في سوريا، وإن السنّة فيها سيتحالفون مع سنّة لبنان ما سيؤزم الوضع مع الشيعة" . وفي الوقت الذي يعتبر فيه مسيحيو قوى الرابع عشر من آذار المعارضة للحكومة تلك التصريحات دعما للأنظمة الديكتاتورية العربية يجد آخرون من مسيحيي قوى الثامن من آذار الموالية للحكومة أن البطريرك الراعي إنما يعبر في موقفه هذا عن هواجس ومخاوف لدى مسيحيي المشرق العربي.

"الرئيس الأسد ليس قديسا"

بعد قداس يوم الأحد، خرج ايلي مشعلاني من الكنيسة بمنطقة الأشرفية مرتاحا، إلا أن ارتياحه هذا لم ينطلق منعظة الخوري الصباحية ، بل نبع من طول مدة انتظاره لمواقف "مسيحية تاريخية" بهذا الشأن كما أعلنها البطريرك الراعي مؤخرا عندما قال، "طال انتظارنا لبطريرك مثل الراعي وأتى الآن اليوم المنشود". ويعتبر إيلي وهو شاب في الثلاثين من عمره ومن أنصار التيار الوطني الحر، أن كلام البطريرك الراعي يشكل انتفاضة في وجه المؤامرة التي تستهدف المنطقة برمتها، إذ رأى فيه "تعبيرا عن رؤية فكرية ووطنية وسياسية متوازنة ومسؤولة ومنسجمة مع دور الكنيسة التي يمثلها".
أما السيدة ليندا خوري وهي في الأربعين من عمرها و من سكان الرابية التي كان رئيس التيار الوطني الحر ميشال عون يقيم بها، فاعتبرت أن ما قاله الراعي "لا يجب ان يثير هذا الجدل كله، فهو يمثل رأس الكنيسة المارونية ويعرف أمورا لا نعرفها نحن".

وتنفي ليندا ان يكون موقفها هذا يعني تأييدا لما يجري في سوريا، إذ تقول "يجب أن نفكر في المسيحيين الذين لا يمكنهم التعبير عن رأيهم في بلدان مثل العراق ومصر. ففي العالم العربي لم يبد أي أحد الإهتمام بهم". وتتساءل ليندا بدورها قائلة "أعرف أن بشار الأسد ليس قديسا، ولكن إذا سقط فمن سيحل مكانه"؟ ثم تجيب على سؤالها قائلة "الإخوان المسلمون هم من سيمسكون بزمام السلطة، والسلفيون أيضاً. وهم أفظع من نظام بشار الأسد". وتأخذ ألفاظها نبرة حادة عندما تستخلص قائلة "ما أن يتم ذلك، حتى سيكون مستقبل المسيحيين في سوريا واضحا وسيكون مستقبل المسيحيين في لبنان أسوأ بكثير".

ويؤيدها إيلي دويهي ذو السبعون عاما من منطقة كسروان وهو من حلفاء "تيار المردة" الذي يرأسه النائب سليمان فرنجية، إذ يرى أن كلام البطريرك إنما يعبر عن "قلق وهواجس قائمة أكثر من أي اصطفافات سياسية". ويضيف إيلي بالقول "هناك بعض المجموعات في سوريا تحمل بين طياتها عقائد لا تعترف بحرية الاختلاف والرأي". ويجد إيلي في موقف البطريرك "حماية لمصالح المسيحيين ولوجودهم في لبنان وسوريا وفي باقي المشرق"، ويضيف "نحن لا نريد الإنسياق وراء الموج العالي الذي قد يجرف المسيحيين المشرقيين إلى المجهول، في ضوء ما يشهده المسيحيون في فلسطين والعراق ولبنان وما يواجهه مسيحيو مصر وسوريا اليوم".

المسيحيون مع الحرية في لبنان وفي سوريا أيضا

ويقابل ذلك موقف ميشال خوري ،شاب في العشرين من العمر بمنطقة جبيل، وهو من أنصار القوات اللبنانية ، حيث يرى أن "الرئيس السوري اختار نهج التطرف وقتل شعبه". ويتساءل ميشال "لا أحد يخبرني إن النظام السوري يحمي المسيحيين في لبنان، فمن قمع المسيحيين في لبنان ومن أخذ حقوقهم؟ أليس هذا النظام؟

ويرى مارك اسكندر أيضا، وهو صاحب أحد محلات البقالة في منطقة الأشرفية ويبلغ من العمر 45 عاماً وينتمي إلى حزب الكتائب اللبنانية، أن "الشعب السوري أثبت أن لديه حركة تحررية سلمية، وليس هناك خوف ممّن سيخلف النظام السوري". ويشير مارك إلى أن "ما يضمن استقرار سوريا وحماية السوريين المسلمين والمسيحيين لا يتم بالدفاع عن النظام وتقييدهم بديكتاتورية الأسد والتصدي لتطلعاتهم الديمقراطية". ووجد مارك أن كلام الراعي سيكون له نتائج سلبية جداً على الحضور المسيحي في سوريا والشرق، حيث إن "الدور المسيحي أينما كان هو حماية لحقوق الإنسان والحريات من خلال التفاعل مع مجتمعاتهم وليس طلب حماية هذا النظام أو ذاك".

وفيما تضع مي دويهي وهي امرأة في الخامسة والثلاثين من عمرها، شمعة أمام تمثال العذراء المنتصب على مدخل المبنى الذي تسكنه في بعبدا، لتنير "طريق كل الشعوب المظلومة" كما تقول، فهي ترى أن كلام الراعي أحبطها لأنه "لا مصلحة للمسيحيين بأن يكونوا مع الحرية والديموقراطية في لبنان وضدها في سوريا". وتقول مي "لم يعد من المقبول أن يقول أحد للشعوب العربية: اسكتوا على الموجود لأن البديل غير معروف". وتستذكر مي التاريخ اللبناني فتتساءل "من قتل الزعماء المسيحيين؟ أليس النظام السوري؟" وهي إذ تطالب البطريرك بعدم إعطاء مهلة لقاتل وديكتاتور" فإنها تتساءل "كيف نعطيه مهلة إضافية بعدما حكم على مدى خمسين سنة وأكثر، هو وأبوه؟". وفي نفس الوقت فإنها تتخوف من أن يؤدي كلام الراعي إلى فتنة بين المسلمين والمسيحيين لأن الراعي "يريد حمايتنا عبر دعم النظام ولكن على حساب المطالبين بالحرية".



دارين العمري

مراجعة: عبدالحي العلمي

المصدر:دويتشه فيله  -    أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري