أخبار الوطن الرئيسية

24/09/2011

 

«حزب الله» القلق على نفوذه من سقوط الأسد يسعى خلف الكواليس لعلاقات أفضل مع معارضيه

 

 

يراقب مؤيدو «حزب الله» الاضطرابات في سورية بقلق شديد. ومن خلال خطاباته، دعم «حزب الله» راعيه في دمشق، رغم أن هذا الدعم شهد فتورا في الآونة الاخيرة. الا أن «حزب الله» كان قلقا بما يكفي لنقل مستودعات أسلحته من سورية إلى لبنان، حسب ما تم تناقله، كما ان مبعوثيه يعملون خلف الكواليس لإصلاح العلاقات مع المعارضة السورية. وفي صميم قلق هؤلاء المسؤولين تكمن مخاوف طائفية: سورية بدون بشار الأسد يمكن أن تكون ميالة إلى رفض «حزب الله» فالأغلبية الطائفية في سورية هي من السُنة، و»حزب الله» شيعي.
وقال أحد مناصري «حزب الله اخيرا «لن يدعم الاسلاميون الذين يقاتلون ضد بشار الأسد حزبنا في حال توليهم السلطة... قد يؤمنون بالمقاومة ضد اسرائيل، لكنهم لن يدعموا مقاومتنا».
اذا سقط حكم الأسد، او بالأحرى عندما يسقط بسبب الانتفاضة التي تهز سورية منذ اكثر من ستة أشهر، فان خلفاءه سيعيدون التفاوض بخصوص علاقات سورية الاقليمية. ولدى أصدقاء الأسد القدامى أسباب معقولة لعدم الشعور بالأمان، اذ ان سورية أكثر ديموقراطية ستمثل الأغلبية السُنية في البلد، والتي تشتمل عددا كبيرا من الاسلاميين. وعلى الأرجح لن يوافق هؤلاء على كافة أولويات نظام الأسد.
فسورية يقودها جزئياً «الاخوان المسلمين»، أوتحالف من القوى المضادة للأسد، ستواصل على الاغلب دعم حركات المقاومة ضد اسرائيل، وستستمر على الارجح بعلاقتها مع ايران (وقد تقيم علاقات اكثر دفئا مع العراق). ولكنها ستكون اقل اهتماما بالايديولوجيا المطلقة لـ «محور المقاومة» القائم الذي يقوده «حزب الله» وايران وستكون أكثر اهتماماً بجبهة قومية عربية جديدة قد تضم مصر، والفلسطينيين والبلاد العربية بعد مرحلة الديكتاتورية في حلف يعارض اسرائيل وبعض المشاريع الأميركية انطلاقاً من زاوية اقل شراسة.
التهديد الذي يواجه «حزب الله» ملموس، وله دلالات اقليمية واسعة.فقد رعى الأسد بعض الحركات ذات القواعد العريضة، مثل «حزب الله» وحركة «حماس». ووجه الدعم أيضاً لبعض المنظمات الصغيرة المنشقة المعروفة بدورها الداعم أكثر من كونها منظمات لاعبة سياسياً مثل «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة» وحركة الجهاد الاسلامي. وتم تحميل سورية مسؤولية ارسال مقاتلين إلى العراق كما إلى لبنان. ومنذ عام 2005، عندما أجبر الاستياء الناجم عن جريمة قتل رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري، سورية على سحب قوات احتلالها من لبنان، رأى العديد من اللبنانيين بصمات سورية في سلسلة من التفجيرات زعزعت الاستقرار في لبنان. رسالة التهديد الواضحة التي اراد النظام السوري ارسالها هي «اننا سنمزق لبنان إلى قطع صغيرة اذا كان هذا هو ثمن الحفاظ على السلطة في دمشق».
من دون دعم سورية، سيكون من الصعوبة بمكان على «حزب الله» أن يشحن اسلحته إلى لبنان، خاصة في حال الحرب. وهناك أيضاً خطر سياسي. فماذا لو أصبح لسورية لها حكام جدد واصلوا التذمر بشدة من اسرائيل لكنهم هاجموا «حزب الله» كحركة «طائفية تسلطية أو منافقة»؟ و»حزب الله» عرضة لكلتا التهمتين. فالأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله وجه انتقاداً شديداً لحكام عرب مثل الرئيس المصري السابق حسني مبارك والزعيم الليبي معمر القذافي، لكنه بقي ملتزماً الصمت حيال سلوك الأسد في سورية والنظام في ايران. وهذه الازدواجية في المعايير من النوعية نفسها التي كان دائماً نصرالله يتهم واشنطن باتباعها: دعم الديموقراطية الا عندما تأتي إلى السلطة بمجموعات لا ترغب بها الولايات المتحدة.
وفي خطابه الأخير الذي ألقاه في نهاية أغسطس الماضي، ثمن نصر الله دعم سورية المستمر للمقاومة وحذر من ان الغرب يعمل على تقسيم سورية، بهدف جعلها دولة مختلة وظيفياً مثل لبنان. ولكن في جمل مقتضبة، قال انه يدعم الاصلاح والحوار في سورية، معتبرا «ان الضغط يبطئ من حركة الاصلاح» وانه «لن يتمكن أحد من المضي بسرعة بعجلة الاصلاح تحت الضغط لأن ذلك يسبب حالة قلق... علم بأن القيادة السورية جادة في كل الاصلاحات التي طرحتها».
لن تجتذب هذه العبارات الفاترة المعارضين السوريين الذين قتلوا بالآلاف، الا أنها تكشف عن محاولة اعادة تموضع، وبطريقة ما تذكر بتصريحات الرئيس أوباما عندما حاول أن يبعد نفسه عن مبارك في آخر أيام حكمه لمصر.
لقد اخذت المعارضة السورية، بالاضافة إلى «الاخوان المسلمين» في كل المنطقة، علما بدعم «حزب الله» لنظام الأسد العنيف والانتقامي. قد يرغب هؤلاء بعقد صفقة مع «حزب الله» لاحقاً، الا أن الكراهية وانعدام الثقة سيستمران لوقت اطول.
وقال أحد مسؤولي «حزب الله»، ابراهيم الموسوي ان المصالح التي توحد محور المقاومة ستستمر في العمق، مضيفا «لا أرغب في التنبؤ استناداً إلى وضع ضبابي... لكنه من الصعب علي أن أتصور أن نظاماً مستقبلياً في سورية لن يرى مصالحه مرتبطة مع المقاومة».
ولدى الموسوي وجهة نظر: سورية متعلقة بحلفائها وباليد العليا التي تتمتع بها الان، الا اذا كان هناك تحول استراتيجي كبير في المنطقة مثل خطة لاعادة مرتفعات الجولان التي تحتلها اسرائيل إلى سورية، أوعرض من أميركا يستميل سورية من مدار طهران. ولا يبدو ان ايا منذ هذين الامرين وشيك.
من دون شك، ستواصل ايران وحزب الله القيام بأدوار قوية في العالم العربي، لكنهما يكافحان من أجل استيعاب حقيقة استراتيجية جديدة. فحتى وقت قريب كانا من بين لاعبين قلائل لديهم ديناميكية لصياغة الأحداث، وليس فقط التفاعل معها. الآن، اصبحت الساحة مكتظة باللاعبين، اذ ظهرت تركيا كزعيمة محنكة سياسياً وقادرة على النجاح، والذي مثل دورها رئيس الوزراء طيب رجب أردوغان بزياراته الاحتفالية إلى تونس، وليبيا ومصر، كما ان مصر تستيقظ من جديد على دورها كمركز الثقل السياسي في العالم العربي. وقامت القيادة الفلسطينية بانعاش قواعدها من خلال طلبها لاقامة دولة مستقلة. واللاعبون السياسيون من كافة الأطياف، من اتحادات العمال إلى الماركسيين إلى الليبراليين إلى الاسلاميين، يمسكون بزمام المبادرة ويحاولون قيادة النقاش الوطني والاقليمي.
تحدث حالياً منافسة سياسية حقيقية بعد عقود من الركود، وهي يمكن أن تقلص تأثير «حزب الله» وسورية وايران وربما الدولة القوية حالياً، تركيا. يمكن للمرء يلاحظ الانتقادات لجولة أردوغان العربية. فقد تذمر «الاخوان المسلمين» في مصر من النزعة الانتصارية التركية كما عبروا عن انزعاجهم من ادعاء «حزب الله» بتزعم المقاومة. ويعتبر «الاخوان المسلمين» أنفسهم عرين الحركة الاسلامية والمقاومة ضد اسرائيل على الرغم من مضي وقت طويل، ربما نصف قرن أو أكثر منذ أن قامت بدور النموذج الاقليمي الذي يتمتع به «حزب الله» الآن. وقال الموسوي: «المقاومة وجدت قبلنا بفترة طويلة، وستستمر بعد ذهابنا... نحن لا ندعي بأننا المقاومة الوحيدة».
التواضع كان سمة بارزة في خطاب «حزب الله»، الا أنه حتى هذا العام، كان الحزب، مع داعميه في طهران ودمشق، يتمتع باليد العليا في لبنان، وكان يتصرف بوصفه الطرف الاقوى ولو كان يحاول الظهور بمظهر المضطهد. والآن التحديات لسلطة «حزب الله» لا تأتي فقط من الخارج، من اسرائيل والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والخصوم العرب، بل أيضاً من بين تلك الصفوف التي تدعم فكرة المقاومة ولكنهم يتساءلون عن أصالة هؤلاء الذين يدعون مسؤولية تلك المقاومة. وبينما يتعثر النظام السوري الحالي وربما سيسقط في نهاية المطاف، فإن الحركات السياسية التي ساعدها على إعلاء صوتها وستبحث عن دعم في مكان آخر.


(عن «ذا اتلانتيك»)

المصدر:الراي العام الكويتية -    أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري