أخبار الوطن الرئيسية

27/02/2011

 

هل ما قاله مقرن لجنبلاط غير ما قاله لميقاتي ؟

أحمد عياش

 

فوجئ اللبنانيون الذين تابعوا مقابلة الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط التلفزيونية الاخيرة مع الزميل مرسال غانم باعلان جنبلاط ان الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز ابلغه عبر الامير مقرن بن عبد العزيز في اتصال بينهما "ان العلاقة معه انقطعت". وكانت مناسبة الاتصال بين جنبلاط والامير مقرن الذي كان مرافقاً للملك عبد الله في نيويورك حيث يتلقى العلاج، ابلاغ جنبلاط القيادة السعودية انه اختار تأييد الرئيس نجيب ميقاتي في 25 كانون الثاني الماضي من اجل تشكيل الحكومة الجديدة في مواجهة الرئيس سعد الحريري الذي كان ايضاً يخوض السباق الى التكليف.

ما أعلنه جنبلاط كان له دوي لاعتبارات عدة، اهمها الصراحة التي انطوى عليها متجاوزاً أسلوب تدوير الزوايا الذي يتقنه معظم الطبقة السياسية تقريبا. وفي الاعتبارات المهمة ايضاً الشظايا التي اصابت الرئيس ميقاتي نفسه الذي كان له ايضاً اتصال بالامير مقرن، وفي التوقيت نفسه، لكن مع نتيجة مختلفة، كما رواها الزميل سركيس نعوم في "النهار" يوم الثلثاء الماضي وقبل يومين من مقابلة جنبلاط: (…) كان الاتصال يوم السبت (23 كانون الثاني الماضي) الذي سبق اثنين استشارات التكليف الرسمية، واخبره انه يفكر في ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة. ثم قال له انه يريد مباركة خادم الحرمين الشريفين له في هذه المهمة(...) اجابه الامير مقرن بأنهم الآن في الطائرة وبأنه سيعطيه جوابا عن طلبه في اليوم التالي، اي الأحد. لكن الأحد مر! من دون اي اتصال. ومر قبل ظهر اثنين الاستشارات من دون اي اتصال ايضا. ولم يتلق ميقاتي الاتصال الا ظهرا، وسمع اثناءه من مقرن: مبروك دولة الرئيس. شكره ميقاتي ثم قال له: (…) لكنني اريد او أتمنى ان اسمع هذه الكلمات الداعمة من خادم الحرمين الشريفين". وتنتهي رواية الزميل نعوم بان مقرن أخبره لاحقاً بأن الملك "يبارك لك ويتمنى لك النجاح".

المقارنة بين ما قاله جنبلاط شخصيا، وهو قول يمتلك قوة لا تدحض، وما نسب الى ميقاتي تشير الى مفارقة التعامل السعودي عبر الامير مقرن مع الشخصيتين وهو ما وصف بأنه "ضربة" وجّهها جنبلاط على طريقة "عليّ وعلى اعدائي يا رب" الشمشونية الى كل المنطق الذي لا يزال يعتمده مؤيدو الرئيس المكلف من ان وصوله الى سدة التكليف حظي ولا يزال بمباركة سعودية، مضافا اليها تأييد سوري راسخ.

لا أحد يعلم متى ينبري ميقاتي الى إماطة اللثام عن الوقائع التي أدت الى هذا الانقلاب الكبير في الحياة السياسية اليوم. فليس بسيطا ان تصبح أكثرية نيابية جرى بناؤها بدماء ودموع اللبنانيين التوّاقين الى استقلال لبنان عن الوصايتين السورية والاسرائيلية منذ عام 2005، وأكدوا خيارهم في دورتين انتخابيتين عامي 2005 و2009، أقلية نيابية ولأسباب مبهمة لا تزال كذلك في كل ما قاله الرئيس المكلف حتى اليوم.

في المشهد الطرابلسي الذي أطل من خلاله ميقاتي قبل يومين وأراده شعبياً بعد تحضير مضني استمر اسبوعاً لكنه جاء متواضعاً بنتائجه، يتبين ان الرجل ما زال غامضا، لكن هذا الغموض سيصبح مكلفا كلما انكشفت الحقائق كتلك التي فجّرها جنبلاط.

في المعلومات ان الرئيس الحريري الذي اطلق الحقيقة الكبرى حول حقيقة المسعى السعودي – السوري المعروف بـ"س- س" وذلك في خطاب البيال في 14 شباط الجاري كانت له زيارة للملك عبد الله في المغرب حيث كان يمضي العاهل السعودي فترة نقاهة قبل عودته الاربعاء الماضي الى الرياض. اما الجانب السوري الذي أطلق عبر مصادره ما وصف بـ"بالون اختبار" عن زيارة للرئيس السوري بشار الاسد الى الرياض للقاء الملك السعودي فقد سحب الموضوع من التداول رسمياً عبر السفير السوري في بيروت.

في زمن التحولات الصاخبة في المنطقة، كم يبدو ساذجاً منطق تبسيط الامور. ولعل ميقاتي قرأ ما كتبه كريم بقرادوني عنه في كتابه المهم "صدمة وصمود" الذي واكب عهد الرئيس اميل لحود. ومما جاء في الكتاب: "(…) في 13 نيسان 2005، وبعدما استحال على عمر كرامي تشكيل حكومة اتحاد وطني، كما كان يأمل، بسبب رفض المعارضة التعاون معه، وتعذر تشكيل حكومة من الموالاة بسبب المطالب والشروط التي وضعها عليه حلفاؤه، اعتذر عن عدم تشكيل الحكومة، وهو يشعر كمن تعرض لخديعة سياسية، وأن "قطبة مخفية" حالت دون تشكيل حكومته وحملت جميع الاطراف على القبول بنجيب ميقاتي بديلاً منه، وهو خصمه السياسي في طرابلس".

ما اشبه اليوم بالبارحة، لكن مع فارق ان "القطبة المخفية" عام 2005 تتحول شيئاً فشيئاً الى قطبة معلنة حتى ولو بدا ان ميقاتي يمارس هوايته المفضلة في تجهيل المعلوم الذي لا يختلف عليه اثنان: الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله قرر إطاحة رئاسة الحريري والسوري تكفل بتعبئة الفراغ. والوقائع تنكشف تباعاً

المصدر :صحيفة النهار اللبنانية  - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري