أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

27/08/2010

 

أميركا مستعدة... فهل تريد سوريا التفاوض ؟

سركيس نعوم

 

أجبتُ عن سؤال الموظف الرفيع نفسه في "الادارة" البارزة داخل الادارة الاميركية الذي يتابع قضايا المنطقة عن "وجود العراقيين في لبنان"، قلت: انت تعرف ان هناك علاقات اجتماعية ومصاهرة بين العراقيين واللبنانيين وخصوصاً بين ابناء الطائفة الشيعية. وتعرف العلاقات التاريخية بين جبل عامل والعراق وتحديداً النجف فيه.

وتستضيف بيروت العاصمة اللبنانية منذ اطاحة نظام صدام حسين في العراق ممثليات لمرجعيات دينية وجهات سياسية وتيارات واحزاب عراقية. ولا اعتقد ان الفاعليات الشيعية الاساسية في لبنان وفي مقدمها "حزب الله" تشعر بالريبة حيال هذا الوجود العراقي او تتوجس منه. على العكس من ذلك فإن الاتصال بين الفريقين قائم على كل المستويات. علّق: "لكن ايران فشلت في توحيد الشيعة في العراق". رددتُ: فشلت في ذلك قبل الانتخابات النيابية، اذ تنافست فيها التيارات والاحزاب والشخصيات السياسية، لكنها عندما رأت فوز اياد علاوي، وموقفها السلبي منه معروف، بذلت جهوداً كبيرة لتوحيد غالبية النواب الشيعة المنتخَبين. ونجحت في اقامة تحالف بينهم وإن كانت الموضوعية تقتضي الاشارة الى انه تحالف هش. علّق: "هذا صحيح. على كل صارت الحال في العراق مشابهة لحالكم في لبنان، فمن لا تنتخبه طائفته لا يُمثِّلها في نظر الغالبية الساحقة من ابنائها. ماذا عن تركيا؟" سأل. أجبت: عند "تركيا الاسلامية" استحقاقان مهمان. استفتاء شعبي على اصلاحات قضائية في ايلول المقبل وانتخابات تشريعية في السنة المقبلة. "الشعبوية" تفيد الحزب الاسلامي الحاكم وتمكّنه من الفوز في الاستحقاقين. مشكلة حكومة هذا الحزب ان الحماسة والرغبة في الشعبية الواسعة قد تأخذانها الى مواقف، وربما مواقع متطرفة بحيث لا يعود في امكانها التراجع عنها. كنت اعتقد ان تركيا حزب العدالة والتنمية الاسلامي تمثل حلاً للأصوليات الاسلامية المتطرفة في المنطقة، اقر بانني بدأت اشك في ذلك. علّق: "انت محق في موضوع الشعبوية. لكن على ما يبدو بدأت في الاسابيع الثلاثة الاخيرة محاولة لتخفيف آثار المواجهة التي حصلت بين تركيا واسرائيل وبيننا وبين تركيا. كيف ينظر الرأي العام اللبناني الى تركيا الحالية في رأيك؟ "سأل. أجبت: الناس في العالم العربي مع تركيا لأنها في رأيهم ضمان لهم ومصدر حماية من خطر ايران الذي يعتقدون انه يهددهم. علّق: "لكن الشارع الاسلامي العربي مع فلسطين وضد اسرائيل. وتركيا تسير في هذا الاتجاه وكذلك ايران". رددتُ: الشارع السني اللبناني مع تركيا لأنه في صراع على النفوذ في البلاد مع الشارع الشيعي. والأمر نفسه في الشارع العربي. هناك صراع سني – شيعي في المنطقة. وصارت ايران الشيعية خطراً اول على العرب في رأيهم. علماً ان اسرائيل كانت تحتل هذه المرتبة في السابق.

ماذا في جعبة مسؤول أرفع في "الادارة" البارزة نفسها داخل الادارة الاميركية يشرف على معظم قضايا منطقة الشرق الاوسط؟
في بداية اللقاء سألته عن سوريا وعن سياسة الحوار التي اعلن الرئيس اوباما قرار انتهاجها معها. اجاب: "انت تعرف انني التقيت الرئيس بشار الاسد وتحدثنا وتناقشنا.

لكنني حتى الآن لا استطيع ان اكوِّن فكرة نهائية عنه. دعني اسألك: ماذا تفكر فيه؟". اجبت: لدى انتخابه رئيساً لسوريا خلفاً لوالده الراحل حافظ الاسد كانت خبرته قليلة في الشأن السياسي الداخلي والاقليمي والدولي وحتى اللبناني رغم الدورة المكثفة جداً التي اخضعه لها والده بعد وفاة شقيقه باسل الذي كان يعدّه لخلافته وظلت خبرته غير كافية حتى خروجه عسكرياً من لبنان عام 2005 على النحو المعروف. هذا الخروج والتطورات التي اعقبته لاحقاً زوّدت بشار خبرة كبيرة. فصار قريباً جداً من والده (الراحل) من حيث الكفاية والخبرة والذكاء. لكن شخصيته مختلفة عن شخصية الراحل بإجماع كل من يعرفه. وهذا أمر طبيعي ولا يمكن تغييره. يُقال، وانا لا اجزم لأنني لا اعرفه ولا التقي محيطه المباشر، إنه يتسرّع في اعطاء الوعود، لكنه يمتنع عن تنفيذها بعد درسها بدقة وخصوصاً في حال تأكده انها تؤذيه وتؤذي نظامه وبلاده. انتم على كل حال عرفتم عن هذا الامر اكثر من مرة، وهو يتكلم كثيراً. والده كان رجل كلمة سواء كانت هذه الكلمة مكتوبة او شفهية. ولنتأكد من ذلك انظر الى الحدود السورية – الاسرائيلية الهادئة منذ فضّ الاشتباك عام 1974. وكان شريكاً مساوياً لايران الاسلامية في كل شيء. هذه الشراكة استمرت مع نجله بشار. لكن نسبة الحصص فيها اختلفت اذ صارت غالبيتها ايرانية. علّق: "اوافق على ذلك تماما".

سألت: هل تعتقد ان اميركا قد تمتحن سوريا مرة جديدة من خلال رعايتها مفاوضات مباشرة بينها وبين اسرائيل؟ اجاب: "تعرف ان اميركا لم تكن يوماً ضد مفاوضات كهذه. وقد ساعدت فيها في السابق. وهي تفيد في حال حصولها، واكثر في حال انتهائها الى تسوية، لبنان والفلسطينيين. لا اعتقد ان هناك مانعاً في ذلك. لكن السؤال هو: هل تريد سوريا ذلك؟ اي هل تريد التفاوض مع اسرائيل للتوصل الى تسوية؟ المهم التفاوض، مباشرة كان او غير مباشرة. لكن هل تريد سوريا ذلك؟ أنني اكرر السؤال لأننا لا نعرف بدقة جواباً حاسماً عنه. تشعر سوريا حالياً انها قوية ولذلك فإنها لا ترى نفسها مضطرة الى الإقدام على امور مثل التفاوض مع اسرائيل او تقديم تنازلات للتوصل الى تسوية. لكن قوتها نابعة من عوامل عدة ابرزها ايران. وهي قد لا تستطيع في هذه المرحلة مخاصمة ايران. لا تنسَ. هناك العراق ايضاً وهناك الاختلاف في المصالح داخله بين سوريا وايران. كل ذلك ربما يشجع على توقّع خطوات سورية لا تؤدي الى افتراق دمشق عن طهران، لكنها تؤكد الخط الاستقلالي لسوريا". سألت: ماذا عن سياسة الحوار التي اعلن اوباما انتهاجها مع ايران بعد وصوله الى البيت الابيض؟ وما هو تأثير العقوبات الدولية الجديدة التي ستفرض عليها (فُرِضت) على ذلك؟ بماذا أجاب؟

المصدر:صحيفة النهار اللبنانية   - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري