أخبار الوطن الرئيسية

28/03/2011

 

ربيع دمشق يمر في بيروت

نايلة تويني

 

لا شماتة حتماً بما يجري حالياً في عدد من المدن السورية، بل قراءة واقعية في مصير الأنظمة العربية الآيلة الى السقوط الواحد تلو الآخر، أو الماضية غصباً عنها الى سيل من الاصلاحات التي تطيل عمرها، وتحجب عنها، ولو لمدة قصيرة أو متوسطة، المصير الأسود عينه.
اليوم يمضي النظام السوري الى عملية "اصلاحية"، وقد تردد أنه اطلق نحو 270 سجيناً ومعتقلاً سياسياً من الذين عارضوا اجراءاته وطالبوا باصلاحات تحقيقاً لربيع موعود أطلق عليه حيناً اسم "ربيع دمشق". ولعل سمير قصير كتب تحت هذا العنوان ودفع الثمن، ووجّه جبران تويني كتاباً مفتوحاً الى الرئيس السوري بشار الأسد فتحول شهيداً من دون أن يطمئن الى مصير المعتقلين اللبنانيين في سوريا، وهو الملف الذي حمله وناضل من أجله عندما انكفأت الدولة، خوفاً وجبناً وتواطؤاً، عن ملاحقته.
لا نريد التدخل في الشأن السوري الداخلي لأننا لم نسعد يوماً بالتدخل السوري في الشأن اللبناني، وهو التدخل المتمادي الذي هدّد استقلالنا وحريتنا وسيادتنا، وما زالت بعض تجسداته ظاهرة بالواسطة. لا نشجع الثوار لأن لا شأن لنا بهم، ولا ندعم أركان النظام بالتأكيد، لكننا نراقب باهتمام حركة الشارع السوري الذي لحق بركب الشعوب العربية الثائرة على الظلم، والمنادية بحرية التعبير والانتماء السياسي والديني والاجتماعي . نراقب باهتمام مضي الشعب السوري في تقرير مصيره، أنجحت حركته الحالية وتوسعت أم قضي عليها في مهدها، لا فرق، لأن النظام في دمشق شعر بخطورة المرحلة، وبدأ سلسلة إصلاحات واجراءات ويتجه الى المزيد منها.
هذا الخير الذي سيطال السوريين سيبقى منقوصاً، لأن الأخطاء التي ارتكبت طالت اللبنانيين أيضاً، وتطاولت عليهم في مراحل مختلفة. وكل اصلاح يجب ان يطالهم أيضاً، ويبدأ من اطلاق جميع المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، أكانوا سياسيين أم مرتكبي جرائم، لأن في لبنان قضاء ويجب أن يمثل هؤلاء أمامه.
وكل إصلاح سوري يجب ان يشمل لبنان بترسيم الحدود بين البلدين وضبطها ومنع التهريب، وخصوصاً تهريب السلاح، لأن احترام الحدود هو احترام السيادة، وهو ما يجب أن يقوم بين الدول.
ثم يجب تفعيل الاتفاقات المفيدة للبلدين، والغاء تلك التي قامت من دون توازن في زمن الوصاية.
والأهم الأهم من كل هذه الاجراءات هو التعاون والتنسيق بين بلدين شقيقين، والتعامل من دولة الى دولة، لا فرض الوصاية على لبنان، والتدخل القسري في كل شؤونه الداخلية، بل حتى في سياسته الخارجية.
إن عملية الاصلاح السورية لا يمكن ان تكتمل من دون لبنان، و"ربيع دمشق" يزهر في بيروت أولاً، بعدما أزهر ربيع "ست الدنيا" في 2005، وحاول المتضررون إطفاءه قبل أن تصيبهم عدوى الربيع... ولو تأخرت خمس سنوات.

المصدر:النهار اللبنانية   -  أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري