أخبار الوطن الرئيسية

29/09/2011

 

مفتي جبل لبنان : حكم «البعث» سار على الجماجم وأخطر من الاستعمار

 

 

أكد مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو أن حزب البعث كرس النظام الديكاتوري، معتبراً أن ثورة الشعب السوري «ثورة ضد الظلم والاستعمار»، ومشيراً الى أن الشعب السوري «تعرض للظلم والتهميش طوال أربعة عقود».
ورأى الجوزو أن كل المدن السورية تنتفض بوجه النظام وأن كل الطوائف تشارك في الحركة الاحتجاجية «حتى العلويين» منهم، مشدداً على ضرورة تضامن سنّة لبنان مع «سنّة سورية الذين يشكلون 90 بالمئة من الشعب».
ولفت الى أن علاقة ايران بسورية قائمة على المصالح، وقال: «أريد أن أسال النظام الايراني كيف يمكن لك دعم نظام يقتل شعبه؟». واذ رأى «ان تركيا سبقت الدول العربية في إدانة النظام السوري» معتبراً «أن القيادة التركية تدير الملف السوري بذكاء شديد»، دان الانتهاكات التي تتعرض لها المساجد في سورية، مشيراً الى أن «الملحد لا يعرف الاحترام وينتهك المقدسات».
واشار الى أن مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي الاخيرة «كانت متسرعة وسارت عكس مطالب الشعب السوري»، معلناً «لا يمكن وقف الثورات المطالبة بالحرية بدعوى الخوف غير المبرر على المسيحيين».
«الراي» التقت بمفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو وأجرت معه الحوار الآتي:

• الحركة الاحتجاجية في سورية مرّ عليها نحو ثمانية أشهر. كيف تقرأ المشهد السوري الراهن؟
- النظام السوري ليس نظاماً مقدساً، وليس صاحب حق في امتلاك الشعب السوري مدى الحياة. وثورة الشعب السوري ردة فعل طبيعية على حزب أتى الى الحكم بواسطة الانقلاب وسار على جماجم الناس في حماة، ثم أتى ابنه ليكمل المسيرة نفسها. الشعب السوري شعب حر، ولديه تاريح في مقاومة المستعمرين، وهذا النظام بمثابة الاستعمار، بل هو اخطر من الاستعمار. فمنذ ان تسلم «البعث» الحكم كرس الاسلوب الطائفي والمذهبي. حتى هنا في لبنان عانينا الكثير، وحين كان الباب العالي في عنجر، كان الموالي للنظام هو صاحب الحق في ادارة الملف اللبناني. وأريد أن أقول للنظام السوري انت لست صاحب حق في حكم سورية طوال هذه المدة، والشعب السوري تعرض للظلم والتهميش طوال أربعة عقود. النظام السوري حكم باسم الاقلية وكان المطلوب معاملة الأكثرية معاملة طيبة حتى ترضى عنه، وكان المطلوب الحكم بإسلوب ديموقراطي، فما الذي حدث؟ كرس حزب البعث الحكم الديكتاتوري، ونحن عرفناه في لبنان، والنظام السوري قتل عدداً كبيراً من الزعماء اللبنانيين وعلى رأسهم الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ونحن أكثر الناس معرفة بهذا الحكم. وأسلوبه القمعي والاستبدادي هو الذي أدى الى انتفاضة الشعب السوري.
• الحراك الميداني في سورية يمتدّ داخل المدن ذات الغالبية السنية. ما تفسيرك لذلك؟ وهل تعتقد أن من يقود الحركة الاحتجاجية هم من أهل السنّة؟
- هذا الكلام من صنع النظام. كل المدن السورية تنتفض بوجه الظلم، وكل الطوائف السورية تشارك في الثورة. أما القول ان من يحرك الشارع هم من الاكثرية السنية، فهذا دليل على الديكتاتورية التي كانت تخيف الكثير من أهل السنة وخصوصاً التجار. وحتى العلويين انتفضوا على الحكم، والشعب السوري شعب حر بكل فئاته وطوائفه.
• الى أي مدى تعتقد ان النظام السوري قادر على الصمود؟
- بقدر ما تدعمه الدول الغربية. والمفارقة أن المجتمع الدولي لم يتحرك بالشكل المطلوب كما حدث في مصر وليبيا. هناك صمت مريب لا يمكن تفسيره إلاّ بجواب واحد أن بشار الأسد يرضي الاسرائيليين.
• جرت في لبنان منذ فترة تظاهرات مؤيدة لمطالب الشعب السوري وهي توحي بأنها من طبيعية سلفية سنية. ما رأيك في ذلك؟
- من واجب أهل السنّة التضامن مع الشعب السوري، ومن الطبيعي أن يتضامن اهل السنة في لبنان مع سنّة سورية الذين يشكلون 90 بالمئة من الشعب. في السابق كنا نتظاهر ونقول «أنت سورية بلادي». من غير المسموح التخلي عن دعم الشعب السوري ولا يمكن السكوت على نظام يرتكب المجازر الجماعية بحق السوريين من الابرياء والاطفال. كيف يمكن السكوت على هذه الانتهاكات؟ وبغض النظر عن كوني من أهل السنّة، فمن غير المقبول السير مع الظالم وترك المظلوم، الرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول «من مشى مع ظالم ليُعيِّنه وهو يعلم بأنه ظالم فقد خرج عن الإسلام».
• كيف تقارب الموقف الايراني من الأزمة السورية؟
- علاقة ايران مع سورية قائمة على المصالح، وهذه المصالح ذات طابع دنيوي ليس لها علاقة بالدين أبداً. بل على العكس يتم إستغلال الدين بإسم الولي الفقيه. وهنا أريد أن أسال النظام الايراني: كيف يمكن لك دعم نظام يقتل شعبه؟
• هل تحاولون التواصل مع بعض رجال الدين في سورية من الطائفية السنية؟
- ليست هناك إمكانية للتواصل، فالمشايخ من أهل السنّة يتم تهديدهم بشكل دائم.
• كيف تفسر الهجوم على المساجد في سورية؟
- هذا حقد طائفي الى جانب الحقد الالحادي. الملحد لا يعرف الاحترام وينتهك المقدسات.
• ما رأيك في أداء المعارضة السورية وتحديداً معارضي الداخل؟
- لا شك في أن المعارضة السورية في الخارج قامت بأعمال بطولية، ولكن يبدو ان بعض المعارضة الداخلية قريب من النظام. أعتبر أن بعض المعارضة في الداخل ينتمي الى بشار الأسد ولا علاقة له بالمعارضة الثائرة في الشارع. لا اريد إدانة أحد فربما هم مضطرون، ونحن في لبنان ذقنا مرارة الظلم السوري وتعرضت قياداتنا السياسية والدينية خلال مرحلة الوصاية السورية الى القتل. وهنا اريد أن أسأل: مَن قتل المفتي حسن خالد؟ ومَن اغتال الرئيس رينيه معوض والشيح صبحي الصالح؟ وحتى أنا أُجبرت في مرحلة ما على السفر الى مصر لأنني رفضتُ التعامل مع النظام السوري.
• الاتراك في بداية الحركة الاحتجاجية دعوا النظام الى تسريع العملية الاصلاحية، أما اليوم فهم يطالبون الرئيس الاسد بالتنحي. كيف تقارب الموقف التركي من الأزمة السورية؟
- أعتبر ان رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان شخصية رائعة جداً، وتركيا سبقت الدول العربية في إدانة النظام السوري. وفي رأيي أن القيادة التركية تدير الملف السوري بذكاء شديد.
• تتخوف الاقليات في سورية وتحديداً المسيحيين من وصول حركة الاخوان المسلمين الى الحكم. هل تؤيد هذا التوجه؟
- لا أعلم لماذا يتم تخويف المسيحيين في سورية من حركة الاخوان المسلمين. حركة الاخوان جزء من الشعب السوري. والحركة الاحتجاجية في سورية لا يقودها الاخوان المسلمون بل كل الشعب السوري. حركة الاخوان ما عادت كما في السابق، وحتى الاخوان المسلمون في مصر عينوا قبطياً في مركز نائب رئيس حين أسسوا حزب الحرية والعدالة.
• هل تؤيد إسقاط النظام السوري؟
- بالتأكيد. وأنا لست مع اسقاط النظام السوري فحسب، بل مع تغييره نهائياً وبشكل جذري. نريد عالماً عربياً جديداً قائماً على الديموقراطية والحريات وليس نظام الحزب الواحد ونظام المخابرات. ونحن في لبنان عانينا من الحكم السوري ولسنا على استعداد لتأييده، ولن نوافق على قتل الناس في سورية، فهذا أمر غير مقبول.
• ما رأيك في تصريحات البطريرك بشارة الراعي الاخيرة حين قال ان الرئيس الأسد لم يُمنح الوقت الكافي للبدء بالعملية الاصلاحية؟
- لا يمكن ان أقبل رأياً لا يدعم الديموقراطية في العالم العربي ويقف مع الظلم والاستبداد. النظام السوري شمولي فكيف يمكن أن أعطيه فرصه للبدء بالاصلاح؟ فهو في الاساس ضد الاصلاح. وفي رأيي ان مواقف البطريرك كانت متسرعة وسارت عكس مطالب الشعب السوري. وأنا لا أشاركه الخوف على المسيحيين في سورية، ومن غير المقبول وضع الاقليات في وجه الثورات العربية. وفي مصر وقف رجال الدين المسلمون الى جانب رجال الدين المسيحيين في «ميدان التحرير» كي يؤكدوا على العيش المشترك وعلى المطالب الوطنية. والأكثرية مطالَبة بإستيعاب الموقف المسيحي، وهذا ما أكد عليه الرسول (صلى الله عليه وسلم) في حديثه الشريف «من آذى ذمياً فأنا خصمه، ومَن كنتُ خصمه خصمتُه يوم القيامة». العالم العربي يطالب بالحريات ولا يمكن وقف الثورات بدعوى الخوف غير المبرر على المسيحيين.
• لماذا حدث هذا التحول عند سنّة لبنان وتحديداً منذ مرحلة اغتيال الرئيس رفيق الحريري؟
- أنا قلت إذا كانت العروبة التي تمثلها سورية بهذا الشكل، فلا نريد هذه العروبة.
• ما رأيك في موقف حزب الله من الأزمة السورية؟
- لا يمكن فهم موقف «حزب الله» بمعزل على الحلف الذي يربطه بسورية وإيران، ولكن الحزب اليوم بوقوفه الى جانب النظام السوري الذي يقتل شعبه تخلى عن كل مبادئه. ولا أعلم كيف يمكن لحزب يحمل اسم الله ان يمشي مع الظالم.

المصدر:صحيفة الراي العام الكويتية  -    أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري