أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

03/07/2010

 

هل من تنافس "خارجي" في الادارة السورية ؟

سركيس نعوم

 

‮بين عامي 2009 و2010 حصلت لقاءات اميركية – سورية غير رسمية تارة في دمشق وطوراً في واشنطن شاركت فيها شخصيات تنتمي الى قطاعات الاعمال المتنوعة، واخرى تقيم علاقات تعاون وأحياناً عمل مع الادارات الرسمية في كل من البلدين اي سوريا والولايات المتحدة.
حُدِّد الهدف الرسمي لتلك الاجتماعات بالبحث عن فرص قيام تعاون في مجالات الاعمال والاقتصاد بين القطاعات المعنية في البلدين. لكن الهدف الفعلي الاكثر اهمية من ذلك كان اعتماد الاجتماعات المذكورة قناة اتصال غير مباشر بين القيادة السورية والادارة الاميركية يحصل من تبادل للافكار والمواقف والتحليلات الامر الذي يساعد كل منهما على فهم الآخر في صورة افضل، وتالياً يمكنهما من الاستعداد الجدي لحوار فعلي بينهما وخصوصاً بعدما وصل باراك اوباما الى البيت الابيض اوائل عام 2009 واظهر اكثر من مرة نيته لانتهاج سياسة مختلفة عن التي انتهجها سلفه جورج بوش الابن تعتمد على اليد الممدودة والحوار مع الشركاء ومع الاخصام والاعداء من دون التخلي عن الوسائل الاخرى في حال اضطرته الظروف وردود الفعل الى التلويح بها او ربما الى اعتمادها. لكن آخر هذه اللقاءات عقد في دمشق في شباط 2010 على الارجح او ربما قبل ذلك بقليل، ذلك ان "المُكَلَّف" تنسيقها والاعداد لها وتأمين متطلباتها من الجانب السوري ابلغ في حينه الى زملائه السوريين والى المشاركين الاميركيين ان الاجتماعات علّقت وكل اعمال اللجنة، مبرراً ذلك برغبة القيادة السياسية السورية العليا في حصر الاتصال مع اميركا بالقنوات الرسمية. كما طلب منهم الانقطاع عن التواصل في ما بينهم وسحب من بعضهم (السوري طبعاً) الوسائل التكنولوجية التي كانت تتيح له تواصل كهذا مع انداده في واشنطن.
لماذا هذا الحديث الآن عن موضوع انتهى في شباط 2010 او قبل ذلك بأشهر؟
لأن اللقاءات السورية – الاميركية غير الرسمية استؤنفت في حزيران الماضي. لكنها اختلفت عن اللقاءات السابقة في امور عدة، استناداً الى متابعين اميركيين عن كثب لهذه الحوارات غير الرسمية السابقة ولمعاودتها بصيغتها الجديدة قبل اسابيع. الامر الاول، ان دور وزير الخارجية السوري وليد المعلم الذي كان اساسياً او بالاحرى الاول في اقتراح الاجتماعات السابقة وفي الاعداد لها ومتابعة ما دار فيها مباشرة من خلال اللقاء مع بعض المشاركين فيها وفي نقل نتائجها الى القيادة السياسية العليا، كان غائباً مئة في المئة في اللقاءات الجديدة. والامر الثاني، ان الدور الاساسي فيها كان للوزيرة بثينة شعبان القريبة جداً من الرئيس بشار الاسد. وكانت قريبة من والده الرئيس الراحل حافط الاسد، وقد نفذ الشق الاميركي منه سفير سوريا في واشنطن الدكتور عماد مصطفى. والامر الثالث، ان ما استنتجه بعض الاميركيين المشاركين في اللقاءات الجديدة قد يشير الى صراع او بالاحرى الى تنافس داخل النظام السوري ولكن دائماً تحت مظلة القيادة والرئيس بشار بين المُعلِّم من جهة وشعبان ومصطفى من جهة اخرى. الا ان ما لم يعرفه هذا البعض وذلك امر طبيعي هو مدى التنافس او الصراع او اتجاهات تطوره مستقبلا. والامر الرابع، ان السفير مصطفى هو الذي ابلغ الدعوة الى الاجتماعات او الى احيائها الى الشخصيات الاميركية المشاركة فيها. وكان الاقتراح السوري ان يتألف وفد من ثلاث مؤسسات اميركية هي مؤسسة الرئيس السابق جيمي كارتر، ومؤسسة وزير الخارجية السابق جيمس بايكر، Baker Institute)) ومؤسسة البحث عن ارضية مشتركة Search )(Forcommon Ground. لكن مؤسسة بايكر لم تتجاوب مع الاقتراح لان لديها قناة اتصال اساسية مع دمشق قائمة من زمان وتتولى البحث في الاعمال والاقتصاد وكذلك في السياسة وإن في صورة غير رسمية كما هي العادة. ومعروف ان السفير الاميركي السابق في دمشق ثم في اسرائيل وصاحب الخبرة الطويلة والممهد لـ"الصفقات" المهمة او بالاحرى الاتفاقات مع الراحل حافظ الاسد ادوارد دجيرجيان هو عضو اساسي في المؤسسة المذكورة ومسؤول مباشرة عن الشق الشرق الاوسطي وتحديداً السوري فيها.
على ماذا تم الاتفاق في الاجتماعات غير الرسمية الاخيرة بين دمشق وواشنطن التي استمرت زهاء خمسة او ستة ايام؟
بداية يلفت المتابعون الاميركيون انفسهم للاجتماعات المذكورة الى ان الحوارات والمناقشات جرت في مكتب الوزيرة شعبان، وان جديتها ظهرت من خلال انتهاء كل ذلك الى مسودة افكار مكتوبة لا بد ان تخضع للبحث مستقبلا، وخصوصاً بعدما تدرسها القيادة السورية في ضوء التطورات الاقليمية والدولية الجارية. طبعاً تكتّم المتابعون عن الخوض معي في تفاصيل الحوارات. وهذا امر طبيعي لأنهم حريصون على انجاح اللقاءات تمهيداً لبدء الى حوار رسمي بين سوريا واميركا يثمر اتفاقاً يؤمن مصالح الجانبين. لكنهم اشاروا الى ان البحث شمل موضوع العلاقات السورية – الاميركية والمسار السوري – الاسرائيلي واشاروا الى ان "اللجنة" الجديدة للمتحاورين ستجتمع في اتلانتا بولاية جورجيا حيث مقر مؤسسة كارتر في تشرين الأول المقبل وفي السنة المقبلة 2011 في دمشق. واشاروا ايضاً الى ان الرئيس كارتر سيقوم في ايلول المقبل بزيارة سوريا والاراضي الفلسطينية والاردن وربما لبنان. الا انهم استبعدوا ان تشمل زيارته اسرائيل. واشاروا ثالثاً الى ان القيادة السياسية السورية العليا تعتقد ان كارتر سيكون مدخلها الاكثر اهمية الى البيت الابيض وسيده الرئيس باراك اوباما باعتبار ان الاثنين ينتميان الى الحزب الديموقراطي. لكن هذا الاعتقاد في غير محله على حد قول المتابعين الاميركيين انفسهم. ذلك ان سوريا لا تعرف ان كارتر منذ خروجه من رئاسة الولاية الواحدة لم يحضر اي مؤتمر عام (Convention) للحزب الديموقراطي ولم يخطب في اي مؤتمر كهذا. ولا يعني ذلك انه غير محترم ولكنه ربما غير محبوب. وكذلك فانه ليس الباب الصحيح لسوريا على اوباما واشاروا رابعا واخيرا الى تهجم غير ديبلوماسي ولائق في احد الاجتماعات من السفير مصطفى على اميركا، والى رد عليه في حين احتفظت شعبان بديبلوماسيتها.
ماذا عن سوريا واميركا من خلال عودتهما الى ديبلوماسية اجتماعات لجان مشتركة تبحث في القضايا السياسية الجوهرية في حين يركز عنوانها الرسمي على التعارف والتعاون وتبادل الافكار والخبرات الاعمالية والاقتصادية؟

المصدر:صحيفة النهار اللبنانية - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري