أخبار الوطن الرئيسية

31/03/2011

 

فيسك: الأسد يريد أن ينتهي الربيع العربي قبل أن يصل إلى سوريا

 

نشرت صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانية اليوم الخميس مقالا للكاتب روبرت فيسك علق فيه على خطاب الرئيس السوري بشار الاسد امس والذي لم يعلن فيه عن تنفيذ الاصلاحات التي طالب بها متظاهرون في الايام الاخيرة في عدد من المدن السورية. وكتب فيسك انه "بينما يطالب المحتجون في سوريا بالحرية، يقول لهم الرئيس الاسد ان الربيع العربي يتوقف هنا. وهذا نص المقال:

: "لم يكن رئيسا متواضعا. لم يفتح المجال. كانت هناك تلميحات، بالطبع- إلغاء قانون الطوارئ، "إصلاحات"- لكن حين تحدث بالأمس، محاولا تهدئة أزمة شهدت وقوع أكثر من 60 قتيلا خلال أسبوعين، وهددت منصبه نفسه، فإن الرئيس السوري بشار الأسد لم يعط الانطباع بأنه رجل في طريقه للهرب.

أكانت ليبيا السبب الذي أعطاه الدافع للاستمرار وشجعه على الوقوف والقول إن "الإصلاح ليس قضية موسمية"- أهي ترجمة دقيقة لاعتقاده بأن سوريا لا ينبغي أن تتوافق مع ثورة الشرق الأوسط؟ في أي من الحالتين، سيواصل حزب البعث القتال. ويبقى الأسد رئيسا لسوريا. لا تغيير.

حسنا، بالطبع سوف نرى. معمر القذافي ليس مثالا حكيما يتبع في وقت الحاجة. يوم الجمعة هو يوم آخر، اليوم التقليدي للتذكر والمحاكمة والاستجواب. إذا تمكن من تجاوز الغد من دون مزيد من القتل في درعا واللاذقية، فإن الأسد قد ينجح. إنه شاب، وزوجته التي يسخر منها خطأ أولئك الذين يكرهون سوريا، تساعده كثيرا، وقد أبعد حكمه أسوأ تجاوزات والده حافظ. ولكن- وهذه لكن كبيرة - التعذيب ما يزال مستمرا، وظلم قوات المخابرات الأمنية ما يزال مستمرا، والعثور على الحرية في سوريا صعب صعوبة العثور على واحة في الصحراء، والبرلمان السوري يبقى كما وصفه محلل قناة "الجزيرة" مروان بشارة: "سيرك للتأييد".

هناك الكثير من "لكن" في سوريا. إنها دولة صعبة وقاسية، ليس فيها دروب مفتوحة لحرية التعبير كما كان متوفرا في مصر، لكنها قلب القومية العربية. لا يهتف السوريون "امة عربية واحدة" بلا سبب. وليس بلا سبب أيضا يتذكر السورويون أنهم وحدهم عارضوا اتفاقية سايكس-بيكو التي قسمت المنطقة بين فرنسا وبريطانيا عام 1916 بقوة السلاح، وان جيشهم الذي كان يركب الخيل بدده الجيش الفرنسي وسحقه بدباباته في معركة ميسلون، ومنح ملكهم عرش العراق كجائزة ترضية من قبل ونستون تشرتشل.

ولا يبرر ذلك حكم بشار الاستبدادي. لكنه يشرح شيئا عنه. السوريون لا يتبعون القواعد، ولا يتبعون العرب الآخرين كالقطيع. لقد حاربوا أكثر من غيرهم من أجل سلام فلسطيني-إسرائيلي، وصفه الأسد أمس بأنه "راكد"، ووصف الاضطراب بأنه "اختبار للأمة" بدلا من اختبار للرئيس. في الحقيقة، فإن منطقة حوران –التي تنتمي إليها مدينة درعا مسرح مسلسل القتل المرعب الذي نفذته الحكومة الأسبوع الماضي- كان دائما ثوريا، حتى في ظل الاستعمار الفرنسي. لكن هل يمكن أن يحافظ بشار الأسد على تماسك بلاده؟

لقد تمكن بقوة الأقلية العلوية (الشيعية) من جلب الغالبية السنية في سوريا إلى المؤسسة الاقتصادية. بالطبع فإن السنة هم الاقتصاد في سوريا، وهي النخبة القوية التي ليست لها مصالح في الاضطرابات أو الانقسام أو المؤامرات الأجنبية. كان من الغريب أن يتحدث الأسد عن "المؤامرات" أمس. إنه شعار قديم لا يحقق له أي تقدير، تم اكتشاف "مؤامرات أجنبية" دوما حين شعر الحكام الديكتاتوريون بعدم الأمان. لكن دمشق هوجمت من قبل عملاء إسرائيليين، وعملاء صداميين، وعملاء من اليمين التركي في الأعوام الأربعين الأخيرة. هذا الحديث عن المؤامرات له صدى، فهو يحول السوريين إلى وطنيين بدلا من مقاتلين من أجل الحرية.

بالطبع، هناك الكثير من الأمور الخاطئة في سوريا- وبشار الأسد قد يكون استنفد حظه أمس، وفشل في إعلان "الإصلاحات" والحريات التي توقعها السوريون منه. بدلا من "الله، سوريا وبشار"، كانت "الله، سوريا، وشعبي"- لكن هل كان ذلك كافيا؟ لن يقوم بإصلاحات تحت الضغط- "إصلاحات"، بالمناسبة تعني ديموقراطية- لكنه بالتأكيد سيكون تحت الضغط حين يطلق قناصو الحكومة النار على الأبرياء في شوارع المدن السورية. قد لا يكون في مزاج ملائم للتنازلات. لكن أليست سوريا في حاجة إليها؟

اقتصادها يقترب من الإفلاس- حكم عليه من قبل الهيئات الديلوماسية السويدية بأنه لم يتأثر بالكارثة الاقتصادية الغربية على أساس أنه لا وجود له أصلا- والأقلية الكردية في الشمال في حالة من نصف ثورة. لكن الأسد يملك صديقين يعطيانه القوة: "حزب الله" في لبنان والجمهورية الإسلامية الإيرانية. إذا كان الإسرائيليون يحتاجون إلى السلام في لبنان، فهم يحتاجون إلى الأسد، وإذا أراد الأسد الحفاظ على قوته الإقليمية، فهو يحتاج إيران. سوريا هي البوابة العربية التي يمكن أن تدخل منها إيران. وإيران هي البوابة السلامية التي يمكن أن يعبر منها الأسد – تذكروا أنه علوي، وبالتالي شيعي.

من السهل أن توبخ السيدة كلينتون سوريا على قتل شعبها- وهي جملة لا تستخدمها في البحرين بالطبع- لكن الأميركيين يحتاجون الى سوريا من أجل إخراج قواتهم من العراق. كما أن من السهل ان ترجع المشاكل السورية الى الطائفية. كتب نيكولاس فان دام، وهو دبلوماسي هولندي، كتابا جيدا يؤكد أن الصراع على السلطة في سوريا ينحصر في العلويين، وان هذه الأقلية تحكم البلاد عملياً.

لكن لطالما بقيت سوريا دولة وحدوية، وقد توافقت مع المطالب الغربية بالتعاون الأمني- حتى عبر الأميركيون الحدود إلى سوريا واطلقوا النار على منزل عميل أمني سوري. كانت سوريا متعاونة إلى حد أن الولايات المتحدة أرسلت كنديا مسكينا الى دمشق حيث عذب بوحشية وبقي في الزنزانة الى ان أدرك الاميركيون أنه بريء وسمحوا له بالعودة إلى تورونتو.

وغني عن القول ان هذه ليست قضايا ستتم مناقشتها في البرامج الإخبارية أو من قبل وزيرة الخارجية الأميركية- القلقة بشأن الابرياء في ليبيا ولذا فان قواتها الجوية تقصف القذافي، لكنها ليست قلقة بشان الأبرياء في سوريا إلى حد أن قواتها لن تضرب سوريا بالتأكيد.

تحتاج سوريا إلى التجديد. تحتاج إلى إلغاء قانون الطوارئ وإعلام حر وقضاء عادل، والإفراج عن السجناء السياسيين، ودعنا نقل وضع حد للتدخل في لبنان. ذلك الرقم 60 الذي يشير إلى عدد القتلى هو من تقديرات "هيومان رايتس ووتش" وقد يكون أعلى بكثير. غدا، من المفترض أن يخبرنا بشار الأسد عن مستقبل سوريا. ومن الأفضل أن يكون جيدا.

المصدر:صحيفة القدس الفلسطينية -  أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري