أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

30/07/2010

 

قمة بيروت الثلاثية «أوصت» بتحصين الوفاق اللبناني 

 

انخرط الوسط السياسي اللبناني وعلى «جناح السرعة» في عملية تقصي لما دار في القمة الثلاثية «التاريخية» والخاطفة التي عقدت في بيروت امس بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الاسد ورئيس الجمهورية ميشال سليمان، واستمرت «فعالياتها» أربع ساعات، تخللتها خلوة للقادة الثلاثة اقتصرت على نحو ربع ساعة قبل ان ينضم اليها رئيسا البرلمان نبيه بري والحكومة سعد الحريري، وتتوج بغداء تكريمي دعيت اليه نحو 250 شخصية.
ولم يشف البيان المقتضب (اقل من صفحة فولسكاب)، الذي صدر عن القصر الجمهوري في بيروت حول طبيعة المحادثات ونتائجها، غليل الدوائر المراقبة التي حاولت وباهتمام قراءة ما هو خلف «الصورة» التي حملت الى بيروت الرئيس الاسد للمرة الاولى منذ خروج جيشه من لبنان، برفقة العاهل السعودي وبـ «طائرته»، وهو الذي يزور العاصمة اللبنانية للمرة الاولى منذ تسلمه السلطة.
وازاء الاسئلة الكثيرة التي اثارتها الزيارة المزدوجة للعاهل السعودي والرئيس السوري لبيروت ونتائجها في اللحظة اللبنانية الصاخبة، ساد انطباع في بيروت بأن تلك النتائج «الغامضة» ستكون على محك الاختبار الاكثر دراماتيكي في الخريف المقبل، الموعد المفترض لصدور القرار الظني في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، في ضوء الهجوم الوقائي الذي بدأه «حزب الله» على المحكمة من بوابة «التسريبات» عن اتجاه لاتهام عناصر فيه بالتورط في اغتيال رفيق الحريري.
وفي الوقت الذي لم يتم التداول علنية بهذا «الاستحقاق» خلال القمة والمشاورات التي جرت خلالها، فإن ملف المحكمة حضر في الكواليس و«بين سطور» البيان الختامي، الذي اكد «الالتزام بعدم اللجوء الى العنف وتغليب مصلحة لبنان العليا على اي مصلحة فئوية والاحتكام الى (...) حكومة الوحدة الوطنية لحل الخلافات»، داعياً الى «استمرار نهج التهدئة والحوار وتعزيز الوحدة الوطنية (...)».
وإذ اجمعت الدوائر المراقبة في بيروت على القول ان القمة الثلاثية جددت «بوليصة التأمين» للاستقرار الداخلي، فلم تصل الى خلاصات حاسمة حيال المخارج التي يمكن ان يكون تم التوصل اليها على هذا المستوى، وسط معلومات عن انه تم الاتفاق على كيفية التعامل مع اي قرار يصدر عن المحكمة الدولية.
ولفت خلال قمة الاربع ساعات تطوران «ذوا» دلالة هما:

* قيام العاهل السعودي بزيارة ذات رمزية سياسية وشخصية لمنزل رئيس الحكومة سعد الحريري في وسط بيروت حيث اقيم له حفل استقبال شارك فيه رؤساء الحكومة السابقون فؤاد السنيورة، نجيب ميقاتي وعمر كرامي وممثلون لمختلف الطوائف الاسلامية والمسيحية، اضافة الى شخصيات سياسية، قبل ان تعقبه خلوة بين الملك عبدالله والرئيس الحريري.
* ما اثير عن استبعاد دوائر القصر الجمهوري عبر الترتيبات البروتوكولية للبطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير ورئيس الجمهورية السابق امين الجميل ورئيس الهيئة التنفيذية لـ «القوات اللبنانية» سمير جعجع تحت غطاء عدم شمول الدعوات الرؤساء السابقين ورؤساء الطوائف وقادة الاحزاب، وهو ما اعتبر بمثابة «خطأ سياسي».
وكان البيان الختامي للقمة الثلاثية اشار الى ان القادة الثلاثة اجروا محادثات تناولت «سبل تعزيز الوفاق الوطني والاستقرار الداخلي في لبنان وتحسين فرص النموّ الاقتصادي والاجتماعي».
وجاء فيه: «نوّه القادة بالتطورات الإيجابيّة التي حصلت على الساحة اللبنانيّة منذ اتفاق الدوحة وأكدوا على استمرار نهج التهدئة والحوار وتعزيز الوحدة الوطنيّة ودرء الأخطار الخارجيّة.
وأعلنوا عن تضامنهم مع لبنان في مواجهة تهديدات إسرائيل وخروقاتها اليوميّة لسيادته واستقلاله وسعيها لزعزعة استقراره».
اضاف: «وأكد القادة على أهميّة الاستمرار بدعم اتفاق الدوحة واستكمال تنفيذ اتفاق الطائف ومواصلة عمل هيئة الحوار الوطني والالتزام بعدم اللجوء إلى العنف وتغليب مصلحة لبنان العليا على أيّ مصلحة فئويّة، والاحتكام إلى الشرعيّة والمؤسسات الدستوريّة وإلى حكومة الوحدة الوطنيّة لحلّ الخلافات».
تابع: «وأكد الزعيمان السوري والسعودي استمرار دعمهما للبنان ورئيسه لما هو في مصلحة اللبنانيين».
كما اشار الى ان القادة «استعرضوا تطور الأوضاع على الصعيد الإقليمي وأكدوا على ضرورة التضامن والوقوف صفا واحدا لرفع التحديات التي تواجهها الدول العربيّة، وعلى رأسها التحدّي الإسرائيلي الذي يتمثّل باستمرار الاحتلال للأراضي العربيّة والممارسات التعسفيّة والإجراميّة ضدّ الشعب الفلسطيني وحصار غزة، والسعي المدان لتهويد مدينة القدس، وكذلك مواجهة ما يحاك للمنطقة العربيّة من دسائس ومؤامرات لإرباكها بالفتن الطائفيّة والمذهبيّة، والتي لن تكون أيّ دولة عربيّة بمنأى عن تداعياتها، وهي التي تميّز تاريخها بروح العيش المشترك».
وأكد الزعماء الثلاثة في هذا المجال «ضرورة السعي بصورة حثيثة لإقامة سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط، من دون إبطاء، وضمن مهل محدّدة، على قاعدة قرارات الشرعيّة الدوليّة ومرجعيّة مدريد والمبادرة العربيّة للسلام في جميع مندرجاتها».
وكان الملك عبد الله والاسد وصلا الى مطار رفيق الحريري الدولي على متن طائرة واحدة قرابة الثانية من بعد ظهر امس. وكان في استقبالهما على ارض المطار الرئيس سليمان ورئيسا البرلمان والحكومة وحشد من الوزراء والنواب والسفراء العرب.
وفور وصول سليمان والملك عبدالله والرئيس الأسد الى القصر الجمهوري براً عقدوا على الفور قمة ثلاثية انضم اليها فيما بعد الرئيسان بري والحريري قبل ان تتحول الى اجتماع موسع شارك فيه عن الجانب اللبناني وزير الخارجية علي الشامي، وعن الجانب السعودي وزير الخارجية الامير سعود الفيصل، ورئيس الاستخبارات العامة الأمير مقرن بن عبد العزيز. اما عن الجانب السوري، فشارك وزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية والإعلامية في الرئاسة السورية الدكتورة بثينة شعبان.
وقبل المشاركة في الغداء وقع كل من الملك عبد الله والرئيس الاسد السجل الذهبي لرئاسة الجمهورية، حيث دون الملك السعودي الكلمة الآتية: «لقد سعدنا بزيارة القصر الجمهوري في بعبدا والالتقاء بفخامة الرئيس اللبناني ميشال سليمان وعدد من مسؤولي الجمهورية اللبنانية الشقيقة والتي تأتي تتويجاً للعلاقات التاريخية المتميزة وتجسيداً للتعاون بين البلدين الشقيقين، ونعرب في هذه المناسبة عن تقديرنا لحكومة وشعب لبنان الشقيق، وننقل لهم جميعاً أسمى مشاعر المودة والاعتزاز والتقدير من شعب المملكة العربية السعودية.
مع تمنياتنا للجمهورية اللبنانية وشعبها الشقيق بالمزيد من التقدم والأمن والاستقرار والازدهار».
ودوّن الرئيس السوري كلمة جاء فيها: «أود أن أعبر عن سعادتي الكبيرة بزيارة قصر بعبدا والجمهورية العربية الشقيقة متمنياً لفخامة الرئيس ميشال سليمان ولكل من التقيناهم من المسؤولين اللبنانيين التوفيق والنجاح، وللشعب اللبناني الشقيق دوام التقدم والازدهار.
وآمل أن نواصل العمل معاً من أجل الارتقاء بالعلاقات التي تجمع بين بلدينا الشقيقين إلى المستوى الذي يطمح إليه الشعبان السوري واللبناني، لما فيه خير البلدين والأمة العربية جمعاء».
وبعد الغداء عقد سليمان والأسد لقاء تم خلاله البحث في العلاقات الثنائية القائمة بين البلدين وسبل تطويرها وتعزيزها على المستويات كافة وفي شتى المجالات.
وكان الرئيس السوري التقى في إحدى قاعات القصر الجمهوري بري وتناول البحث آخر التطورات. وعندما سئل الاسد عن اجواء المحادثات في بيروت قال: «ممتازة، ممتازة».
إلى ذلك شهد القصر الجمهوري سلسلة اجتماعات جانبية بين أعضاء الوفود الحاضرة ابرزها بين الوزير المعلم وبثينة شعبان وبين رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد وبعض اعضائها.
ولم يكد الرؤساء اللبنانيون ان يودعوا في ارض المطار الملك السعودي والرئيس السوري، اللذين غادر كل منهما في طائرته، حتى استقبلوا امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي بدأ زيارة للبنان تستمر ثلاثة أيام.

المصدر:صحيفة الراي العام الكويتية  - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري