أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

05/06/2010

 

جنبلاط حتى اشعار اخر يستطيب التموضع في برج المراقبة:اتكاء على التفاهم السعودي السوري في مرحلة النفاد من الخطر

 

منذ الثاني من آب والنائب وليد جنبلاط يخطو بسرعة نحو تغير جذري في تموضعه السياسي والتحالفي وبالامس بدا وكأن الرجل قطع مسارا طويلا ارتاح الى نتائجه نفسيا وسياسيا فعاد الى لعب دور متوازن مرسوم بدقة وبعيد عن الارتجال الذي وسم حركته في المرحلة الماضية.

جنبلاط وفي مقابلته على LBC بدا وكأنه عاد الى ذاته قليلا بقدر ما تسمح له ظروفه الصعبة فرسم طريقه بتوازن دقيق قلّ ان تميزت به النقلات الجنبلاطية العنيفة والقاسية التي غالبا ما كانت تكلف صاحبها الكثير.

جنبلاط «المختلف» امسك العصا من وسطها فاصطف مطمئنا خلف القيادة السورية في خياراتها الاقليمية واعاد التأكيد على استمراره بالجلوس في الحضن السعودي واعطى لحزب الله ما يريده لكنه لم يجار طموحات ايران المغالية في سياسة تغيير الوقائع من المحيط الى الخليج.

وقد يكون من المبالغة وصف التوازن الجنبلاطي بأنه براعة استثنائىة لكن بالتأكيد يمكن تسجيل بعض من المفاجأة لما قاله جنبلاط بهدوء وهو كلام يصلح لو قيل في جناح متوتر ان يعيد رسم متاريس داخلية خصوصا وان من قال كل هذا الكلام تميز بأداء كان اشبه منذ الثاني من آب بالتوقيع على بياض على كل ما يريده حزب الله.
في القراءة الاولية لابرز ما جاء في مضمون المواقف الجنبلاطية ان الرجل اتكأ وبقوة على تفاهم سعودي سوري اثبت الى الآن انه قابل للحياة وللاستمرار فأعطى لهذا التفاهم صورة المظلة الواقية للزلازل التي يمكن الاختباء تحتها في اوقات المطر الغزير وفي التلميح والتصريح الواضح حض جنبلاط سعد الحريري على الاستمرار بالوقوف تحت هذه المظلة لان لا بديل عنها في المرحلة الحالية.

ولكن الابعد من هذا التموضع الذي يستظل بالتفاهم السعودي السوري قيام جنبلاط بتشكيل سد لحماية سعد الحريري في المحطات المقبلة والصعبة وابرزها استحقاق التصويت اللبناني على العقوبات ضد ايران في مجلس الامن حيث اعطى جنبلاط بانتقاده للخطاب الايراني جرعة لحليفه الحريري تكفي لصياغة موقف لبناني متوازن في الكثير من القضايا المتصلة بالخلاف الداخلي وبالمعادلة الاقليمية المتحركة.

اما في موضوع سلاح حزب الله فإن تكرار جنبلاط اكثر من مرة التحذير من عدم اعطاء اسرائىل ذرائع لشن اي اعتداء على لبنان وبالطبع فإن خلفية هذا الكلام ترتبط بما سمعه جنبلاط في السعودية وغيرها من العواصم الاقليمية فضلا عما يصله من معلومات من الاميركيين وهو لم يجهد في اخفاء هذه الاتصالات التي يستمر بإجرائها على قاعدة ان المعرفة هي خير وسيلة لبناء الموقف السياسي.

لقد عبّر وليد جنبلاط بصراحة عما يريده في هذه المرحلة وهو يكاد ينحصر في تمرير الوقت بهدوء تفاديا للعواصف القادمة وربما يكون في طليعتها القرار الظني للمحكمة الدولية او احتمال اشتعال حرب جديدة مع اسرائىل.

كانت معالم الارتياح بادية على جنبلاط فهو استطاع بعد زيارته لسوريا ومصالحته مع حزب الله ان يثبت موقعه الجديد وان يتطلع الى المرحلة المقبلة بهدوء المراقب وليس بجموح من استطاب دوما ان يلعب دور رأس الحربة سواء في هذا الاتجاه او ذاك وربما من احدى نتائج هذا الارتياح امتناعه لمرات عدة ان يهاجم سمير جعجع وربما ايضا لنفس السبب تعمد ان يدعو القوات اللبنانية الى اجتماع دعا اليه كل الاحزاب للتضامن مع ناشطي اسطول الحرية.

عاد جنبلاط الى تمتين تحالفه مع الحريري وهو سيجلس حتى اشعار اخر في برج المراقبة لانه يعتقد ان التفرج عن بعد على ما سيحصل من تطورات هو الموقع الاقل خطورة حتى اشعار اخر.
بقلم أسعد بشارة

المصدر:صحيفة الديار اللبنانية  - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري