أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

06/07/2010

 

جيوب مثقوبة : إذا كانت البحصة تسند الجرّة.. فعلى أيِّ حائطٍ سيستند ذوو الدخل المحدود؟

 

 

‮عندما تبقى أمور السكن معلَّقة برسم حلولٍ لا تغني ولا تسمن من جوع، فهذا سيحتِّم بقاء ذوي الدخل المحدود في بيوت الإيجار التي تلتهم من دخلهم أكثر من النصف؛ حيث لم يعد للمواطن سكن ثابت.. وبحسب الإحصاءات، فهناك 1.5 مليون أسرة بحاجة إلى السكن من أصل 4.5 مليون أسرة.

وطبعاً حاجة السكن لا توجد إلا في شرائح ذوي الدخل المحدود الذين تتراوح نسبتهم بين 70 إلى 80 % من المجتمع.. والحديث عن امتلاك شقةٍ من قبل هذه الشريحة، أحد الأحلام المؤجَّلة إلى عشرات السنوات، مع ضعف القدرة على الادِّخار.
ولعلَّ أحد الحلول الذي لا ترضى عنه الحكومة، هو السكن العشوائي الذي يشغله 40 % من السكان، حيث أصبحت العشوائيات أمراً واقعاً، ويتمُّ التعامل معها بمساعدة أطراف خارجية، لاسيما وأنَّ وزارة الإدارة المحلية- بحسب ما أكَّد الدكتور تامر الحجة- تُعِدُّ استراتيجية شاملة لمعالجة ظاهرة السكن العشوائي، وتأسيس صندوق لتمويل برامج تطوير العشوائيات ومناطق المخالفات والارتقاء بها يُقدَّر بـ10 مليارات ليرة، ثم تطوير استراتيجية خاصة بسورية. كما أنَّ الوزارة تعمل على تضمين خطط معالجة السكن العشوائي في الخطة الخمسية الحادية عشرة.
¶ تخفيف الوطأة
يرى الخبراء، أنَّ العشوائيات هي نتيجة طبيعية لتأخُّر الحلول، فيرى رياض كحالة (خبير عقاري) أنَّ ما يجري حالياً هو العمل على تخفيف آثار المشكلة، لأنَّ إنهاءها بات مستحيلاً، خاصةً وأنَّ 30 % من مساحة البناء في دمشق هي مخالفات، والسبب الأساسي فيها هو تأخُّر تنظيم هذه العقارات، والناس من حقهم أن يبحثوا عن السكن.
ويبدو أنَّ الطرف الأوروبي أيضاً سيكون شريكاً في حلول السكن العشوائي، حيث سيقدِّم الاتحاد الأوروبي قرضاً بقيمة 50 مليون يورو لتنفيذ مشاريع تطوير العشوائيات، كما ستقدِّم فرنسا 20 مليوناً إضافية.
الإدارة المحلية حسمت أمرها برسم الحلول المؤجَّلة للسكن العشوائي، وكذلك الأمر في الخطط التنموية؛ فرغم أنَّ الطلب يتجاوز مئات الألوف، تضع الجهات المعنية حلولاً لتأمين عشرات الألوف فقط، فتأمين السكن لم يتجاوز الـ10 % من الحاجة القائمة على الأرض، فتضمَّنت الخطة الخمسية العاشرة تأمين 687 ألف وحدة سكنية؛ منها 483 ألف وحدة سكنية جديدة باستثمارات تزيد على 500 مليار ليرة سورية، وكذلك استكمال 166 ألف وحدة سكنية كانت قيد الإنجاز خلال الخطة السابقة، إضافة إلى 38 ألف وحدة سكنية شاغرة سابقاً، من المتوقَّع وضعها في الاستثمار نتيجة قانون الإيجار الجديد، من أصل 502 ألف وحدة سكنية شاغرة.
كما تسعى المؤسسة العامة للإسكان، إلى أن يصل عدد المساكن المنفَّذة لديها مع نهاية العام الحالي، إلى 21843 مسكناً، ليكون هذا العدد بذلك هو عدد المساكن المخطَّط تنفيذها خلال الأعوام الأربعة الماضية وحتى نهاية العام الحالي، ويتوزَّع هذا الرقم على عدة فئات (الشعبية وأساتذة الجامعات والسكن الشبابي ومساكن للعاملين في الدولة إضافةً إلى مساكن الادخار السكني)..
«على مستوى عالمي»

ازداد عدد المساكن المسكونة والخالية، خلال الفترة الممتدة من العام 1970 إلى 2008 بشكل مطّرد، ليصل إلى مسكنٍ لكلِّ أربعة أشخاص، وبافتراض ثبات هذا المعدّل الأخير حتى العام 2030، وبافتراض أنّ عدد سكان سورية المتوقّع ـ بحسب دراسة خاصة ـ سيكون 31.47 مليون نسمة يكون عدد المساكن المتوقّع في العام 2030 يساوي 7.9 مليون مسكن، وبفرض أنّ عدد المساكن في سورية بداية العام 2010 /4/ ملايين مسكن، فهذا يعني أنّ عدد المساكن الجديدة، والتي يجب أن تُبنَى بين العامين 2010 و2030 سيبلغ 3.9 مليون مسكن.
وفي دراسة صادرة عن مؤسسة “كوشمان وويكفيلد” المهتمّة بمتابعة أسعار العقارات في مختلف أنحاء العالم، جاءت مدينة دمشق في المركز الثامن بين أغلى عشر مدن في العالم في مؤشرات أسعار المكاتب والعقارات، لذا فإنّ دمشق لم يسبقها في غلاء أسعار عقاراتها سوى هونغ كونغ، وطوكيو، ولندن، وموسكو، ودبي، ومومباي، وباريس.
خلف السلحفاة

الحلول التي تُطرح مِن قِبل الحكومة، تعاني حتى الآن من الترهُّل وعدم الجدية، فالحكومة تسير في حلولها على مبدأ «البحصة التي تسند الجرة»، والطلب في ازدياد، في حين الحلول تسير خلف السلحفاة، ولكن بعضهم يعتبر أنَّ الحكومة لا تقصِّر وفق إمكاناتها المتاحة، فيقول المهندس نبيل الأشرف (نقيب المهندسين الأسبق): «عدد السكان يتضاعف، وسورية في حاجةٍ مستمرَّة إلى السكن، والدولة تبذل جهدها، فلدينا الآن قانون التخطيط الإقليمي، إضافةً إلى قانون التطوير العقاري».. وعند سؤالنا عن دخول المطورين العقاريين إلى السوق وإمكانية فتح الأبواب أمام استنزافٍ جديدٍ للجيوب، يجيبنا الأشرف بأنَّ الربح لا يأتي فقط من بيع المساكن الفاخرة، فهناك مَن يوظِّف أمواله في سكن الدخل المحدود.. ولكن لا يخفي الأشرف خوفه من أن لا تكون هذه المساكن مؤمَّنة بالشكل المطلوب ومتابعة عدم التلاعب فيها.
ورغم أنَّ الأشرف لا ينكر الجهود المبذولة ووجود تصدٍّ لهذه المشكلة المتفاقمة يوماً بعد يوم، إلا أنه يراها بطيئة بشكلٍ كبير وبحاجة إلى مزيدٍ من الجدية. ورغم أنَّ الحكومة تفكِّر في ما يسمَّى السكن الاقتصادي والاجتماعي، إلا أنه حتى الآن لا يوجد تشريع خاص بهذا الأمر، فكلّ يوم الطلب يتزايد والإيجار يأكل نصف دخل المواطن والشراء غير ممكن، خاصةً في ظلِّ غياب دور الجمعيات نتيجة بعض المشاكل.

بلسان الواقع

يبدو أنَّ المواطن محكوم عليه الانتظار المؤبَّد، فإطلالات قاسيون تبقى أجمل والعشوائيات تحيط بدمشق كالسوار وحالة التغيير سيبقى المواطن يعيشها كونه دائم التنقُّل من بيتٍ إلى آخر، ولا يمنع من إفراغ الجيوب شهرياً حتى لا تثقل المواطن، وربما يصاب بأمراض الظهر المتعبة..

المصدر:صحيفة بلدنا السورية - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري