أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

06/08/2010

 

التقسيط .. دواء المواطن السوري من مرض جيوبه

 

 

التقسيط الحل الأول والأخير الذي يتخذه المواطن السوري في تأمين حاجاته الأساسية، أو الحاجات المعمرة بالنسبة له، فاتجاه الكثير من المواطنين السوريين للشراء بواسطة التقسيط، يعيد للأذهان مقولة النائب الاقتصادي الأستاذ عبد الله الدردري عندما قال إن (75 %) من الشعب السوري يحتاج إلى دعم، وهذه الـ(75 %) تتجه بكليتها أو بأغلبيتها أي (50+1) من الـ(75 %) للتعامل بأسلوب التقسيط الذي يلزم هذه الشريحة من العمل مدة لا تقل عن الـ(12) ساعة يومياً للتوفيق بين متطلبات المعيشة اليومية، ومطالب أصحاب البضائع التي تم التقسيط عليها.
فتعبر الأسعار في نظام السوق عن الرغبة أو الحد الذي يقوم الأفراد عنده بالمبادلة برضاهم، فالمشترون يدفعون السعر معتبرين أن السلعة تلبي احتياجاتهم ويمكنهم دفع سعرها الذي بنظرهم أدنى من قيمتها والبائع يعتبر أن الثمن الذي قبضه أكبر من قيمة هذه السلعة، لكن في نظام سوق (التقسيط) المشتري يدفع السعر معتبراً أن السلعة التي اشتراها تلبي حاجته وهي من الضروريات له، دافعاً سعرها الذي بنظره أعلى من قيمتها الحقيقية، والبائع يعتبر أن الثمن الذي قبضه أدنى من قيمة هذه السلعة.
فيمكننا أن نشبه الأسعار في اقتصاد السوق بالإشارات الضوئية في تقاطع طرق تنسق تدفقات المنتجات في السوق التي يتحدد فيها توازن بين العرض والطلب، لكن نسبه الأسعار في اقتصاد التقسيط بقطار الفحم الذي تتوازى المتاعب فيه مع طول المسافة.
فاستشراء ظاهرة التقسيط في أيامنا هذه حتى باتت مقولة (التقسيط من الأسوارة وحتى السيارة) من المقولات الشائعة، أرجعها العديد من الخبراء لعدة أسباب منها ركود الأسواق وبحث الكثير من المنتجين والتجار عن حلول لتصريف بضائعهم المكدسة في المستودعات، فلم يكن أمامهم إلا اللجوء لأسلوب التقسيط الذي أفرغ العديد من المستودعات مع عوائد وأرباح لم يكونوا يحسبون لها حساباً، عكس شركة (سيرونكس) التي أفرغت مستودعاتها بهذه الطريقة مع خسارة واضحة.
فيما أرجعها البعض إلى ضعف القوة الشرائية لدى المواطن السوري الذي ما بات الأجر الذي يتقاضاه آخر كل شهرلا يكفي لسد الرمق، مما ألجأه هو الآخر ليدخل دوامة التقسيط التي تستهلك منه الجهد والتعب والأموال دون أن يتذمر كما هي عادته، ويقاس على ذلك الشباب الداخل إلى عالم الزوجية على طريق التقسيط الممهد.
فريق ثالث أعادها للعادات النسائية التي تنصب بشكل خاص على مظاهر الغيرة والحسد ونظرة من حول النساء إليها، مما أثرى عادة التقسيط بل ونشطها في الأوساط التجارية، فنجد أن النسبة الكبرى من المواد التي يتم شراؤها بآلية التقسيط هي الأدوات المنزلية الكهربائية التي تستعملها المرأة في عملها اليومي لتزيد بها راحتها، وبعض أدوات الزينة التي تكسبها جمالاً تختال به أمام جاراتها، حتى أن إحدى السيدات اشترت طقماً من الألماس بقيمة تتجاوز الـ(100) ألف ليرة سوريّة، ليقال إنها ترتدي الألماس.
لكن وفي ظل استشراء هذه الظاهرة، يطرح على الساحة الاقتصادية السورية سؤال، ففي ظل فورة القوانين والاتجاه الحكومي إلى اقتصاد السوق الاجتماعي، أين آلية ضبط الأسواق في ظاهرة باتت مترسخة في أذهان وعقول من يتعاملون بها؟ وهل تنتظر الحكومة ووزارة الاقتصاد والتجارة شكوى مواطن مغبون أو تاجر أفلس حتى تتحرك؟
إن كان القانون رقم (2) الخاص بحماية المستهلك لم يحم المستهلك من هذه الظاهرة ومن عواقبها؟ فمتى ستتم حماية المستهلك؟
ومتى سنرى المواطن السوري يبتعد عن هذه الظاهرة؟ أم أصبحت ثقافة التقسيط بدخول البنوك والمصارف الخاصة ضرورة ليتم التعامل معها، لكن بطريقة الفائدة لا الزيادة المقطوعة؟
التقسيط دخل من الباب الواسع لحياة المواطن السوري، ليتدخل في كافة نواحي حياته، فما السبيل لضبط هذا الدخول؟ هل هو رفع مستوى المعيشة أم ضبط حقيقي للأسواق؟.

المصدر:مجلة أبيض وأسود - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري