أخبار الوطن الرئيسية

08/04/2011

 

"النهار": الأسد مستعد لإجراء إصلاحات شكلية وتجميلية لا حقيقية

 

 

ذكرت صحيفة "النهار"، أن مسؤولين أميركيين وفرنسيين وعرب وأتراك أجروا حديثاً ومشاورات لم يعلن عنها، تناولت تقويم أهمية الإضطرابات في سوريا وحجمها وأبعادها وطريقة التعامل مع نظام الرئيس بشار الأسد في المرحلة المقبلة، وتوصلوا خلالها الى اقتناع أساسي بأن هذا البلد يواجه مشاكل وتحديات جدية وصعبة ونزاعا داخليا قابلا للتطور نتيجة خمسة عوامل رئيسية.
وأوضحت لنا مصادر دبلوماسية أوروبية في باريس مطلعة على مضمون تلك المشاورات، أن هذه العوامل أولها أن "نظام الأسد مستعد لإجراء إصلاحات سياسية وإقتصادية شكلية وتجميلية لكنه ليس راغباً في إجراء إصلاحات حقيقية وعميقة، تؤدي خصوصاً الى تقليص امساك القبضة الأمنية بسوريا وإلغاء قانون الطوارىء وكل ما يرتبط به وتبني قانون آخر مشابه له في مضمونه، وتؤدي أيضاً الى إنفتاح سياسي وإجتماعي واسع في الداخل والى إطلاق الحريات وتبني النهج الديمقراطي في ممارسة السلطة، وإدارة الحياة السياسية وشؤون البلد، كما تؤدي الى محاربة الفساد جدياً وتطبيق سلطة القانون وتعزيز إستقلال القضاء وتحقيق العدالة وضمان المساواة بين المواطنين"، مشيرة إلى أن هذه الإصلاحات تغير جذرياً طبيعة النظام وتركيبته وتفتح الباب أمام التداول السلمي للسلطة وتشكل تالياً مصدر تهديد لهذا النظام، وفقاً للتقويم السوري.
ولفتت المصادر إلى أنه ليس صحيحاً القول ان ثمة خلافات جدية بين الأسد وبعض المقربين منه على طريقة حكم سوريا وعلى أسلوب التعامل مع مطالب السوريين، وليس صحيحاً القول ان ثمة تيارا معتدلا وآخر متشددا داخل القيادة السورية، بل إن الجميع في هذه القيادة متفقون على ضرورة الحفاظ على النظام الحالي كما هو ورفض المس بتركيبته ومكوناته الرئيسية وقواعده، مضيفين أن المسؤولين السوريين على اقتناع بأن حماية نظام الأسد وضمان الأمن والإستقرار في البلد يتطلبان إبقاء سوريا في حال طوارئ وتأهب وتعبئة في المجالات العسكرية والأمنية والسياسية والإعلامية على أساس انها تواجه "تهديدات ومؤامرات مستمرة" من جهات دولية وغربية وإقليمية. وانطلاقاً من هذا الإقتناع يرى "النظام السوري، ضمناً أو علناً، ان المتظاهرين والمحتجين عموماً متآمرون على الوطن وشركاء في عملية تهدف الى إضعاف سوريا وتفجير فتنة داخلية فيها، وتالياً يجب التعامل معهم بقسوة".
وأضافت المصادر أن إحدى المشاكل المهمة غير المعترف بها التي يواجهها السوريون هي أن نظام الأسد يريد إعطاء سوريا دوراً إقليمياً أكبر من حجمها وقدراتها، ليس من خلال التعاون مع الدول العربية والأجنبية البارزة والمؤثرة من اجل تعزيز الأمن والإستقرار في المنطقة وحل النزاعات بالوسائل السلمية ومعالجة مشاكل البلد الداخلية واحترام إستقلال الدول الأخرى وسيادتها ومصالحها المشروعة، بل من خلال محاولة تعزيز نفوذه وتقوية دوره الإقليمي على حساب المصالح والحقوق المشروعة للبنانيين والفلسطينيين والعراقيين، وغيرهم ومن خلال المشاركة مع إيران وحلفائه المتشددين في تنفيذ إستراتيجية مواجهة في المنطقة مع المعتدلين العرب والتدخل سلباً في شؤون عدد من الدول العربية، ومحاولة استخدام الساحتين اللبنانية والفلسطينية لتنفيذ مخططاته ولتعزيز موقعه التفاوضي مع الدول الكبرى لكن من دون جدوى، وأيا يكن الثمن الذي يدفعه اللبنانيون والفلسطينيون وغيرهم، معلنة أن هذا التوجه يضع نظام الأسد في حال صدام مع دول وجهات دولية وعربية بارزة ومؤثرة وينعكس سلباً على الأوضاع في سوريا وعلى مصالح السوريين.
كذلك أشارت المصادر إلى أن الأسد يتصرف في تعامله مع المشاكل والتحديات التي يواجهها في الداخل وفي الخارج بثقة مفرطة بالذات وبقدرته على معالجتها، ويحرص على تجاهل الحقائق إذ يصف، مثلاً، الثورات والإنتفاضات الشعبية العربية الراهنة بأنها "صرعة جديدة" محاولاً تقليل أهميتها وحماية سوريا من "عدواها".
وضمن هذا السياق شددت المصادر الأوروبية المطلعة، على أن "المسؤولين العرب والأتراك والأميركيين والأوروبيين الذين إتصلوا بالأسد قبل إلقائه خطابه في مجلس الشعب وبعده، رفضوا تبني وجهة نظره القائلة بأن بلاده تواجه مؤامرة كبيرة من دول قريبة وبعيدة، خصوصاً ان الأسد لم يطلعهم على مضمون هذه المؤامرة وتفاصيلها، ولم يحدد الجهات المشاركة فيها ولم يكشف أي أدلة أو معلومات عنها ولم يقدم شكوى الى مجلس الأمن ضد الجهات المتآمرة على بلده"، مؤكدين ان هؤلاء المسؤولين على اقتناع تام، بناء على معلوماتهم، بأن الصراع بين النظام والمحتجين السوريين داخلي ولم ينته بل انه مستمر بأشكال متنوعة، لأن أسبابه عميقة ومعالجته تتطلب قرارات كبيرة وإجراءات محددة ملموسة في مجالات حيوية عدة.
وركز المسؤولون في إتصالاتهم مع الأسد على الأمور الأساسية الآتية، إن المحتجين السوريين ليسوا متآمرين على البلد بل ان لديهم مطالب مشروعة، ونظام الأسد يجب أن يتحمل مسؤولياته ويعالج المشاكل التي يعانيها السوريون، وحل المشاكل العالقة في سوريا يجب أن يكون سياسياً - إصلاحياً وليس عسكرياً - أمنياً وأن يقوم على الحوار الوطني الواسع وليس على تجاهل المطالب المشروعة للشعب السوري.
كذلك أنه "من مصلحة الأسد أن يرفض تبني "الخيار الإيراني" أو "الخيار الليبي" في التعامل مع المحتجين المسالمين، وأن يتبنى عوض ذلك الخيار التونسي أو الخيار المصري من غير أن يعني ذلك تخليه عن الحكم، إذ ان المطلوب منه أن يستمع الى شعبه وأن يتحاور فعلاً معه وأن يلبي مطالبه المشروعة لأن هذه هي مهمة الحاكم"، ويجب أن ينهي الأسد أي نقاش داخل القيادة السورية يتناول جدوى التغيير أو عدم جدواه وأن يأخذ المبادرة ويقود بنفسه عملية الإصلاح والتغيير ويمتنع عن المماطلة والرهان على أن عنصر الوقت هو لمصلحة النظام، والمطلوب منه أن يتجاوز مرحلة الوعود ويتخذ بسرعة مجموعة قرارات سياسية وأمنية وإقتصادية وتنظيمية ترضي السوريين وتحسن ظروفهم المعيشية وتؤمن مطالبهم الحيوية المشروعة.
من جهته، لخص ديبلوماسي أوروبي مطلع الموقف بقوله، إن "سوريا ستكون في موقع أفضل وأقوى داخليا وعربيا ودوليا إذا أجرت قيادتها إصلاحات وتغييرات حقيقية سياسية وإقتصادية وأمنية، وإذا تبنت سياسة الإنفتاح في الداخل والخارج وتخلت عن نهج التوسع والهيمنة في التعامل مع لبنان، وإذا سعت جديا الى تعزيز علاقاتها مع المجتمع الدولي والدول البارزة فيه ومع الدول العربية عموماً، عوض أن يظل هذا البلد أسير إستراتيجية المواجهة والتحالف مع إيران والقوى المتشددة".

المصدر:النشرة اللبنانية  -  أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري