ألمحت مصادر مقربة من حزب البعث الحاكم في سوريا، أنّ تغييرات جذرية ستطال مفاصل تاريخية في حياة الحزب يتصدّرها إسقاط مصطلح "الاشتراكية" من أدبيات الحزب الشهيرة (الوحدة والحرية والاشتراكية)، والتي لم يتحقق منها شيء رغم مضي قرابة سبعة عقود على إنشائه. ويأتي توجّه البعثيين لإسقاط مصطلح "الاشتراكية" متأخراً خمسة أعوام، بعد أن سقط هذا المصطلح فعليّاً على أرض الواقع إثر تبنّي الحزب الحاكم في مؤتمره الأخير عام 2005 نهج اقتصاد السوق الاجتماعي في إدارة اقتصاد البلاد، وهو توجّه ليبرالي بحت، غير أنّ قدامى البعثيين وجدوا في إسقاط المصطلح آنذاك غصة كبيرة، مما أفضى إلى تأجيل هذه الخطوة ريثما تهدأ النفوس.
والاشتراكية المزمعة التي نادى بها البعث كانت مجرّد شعار كما هو حال جميع المبادئ التي أطلقها البعث غداة هيمنته على حكم البلاد، إذ جاءت هذه المبادئ تماهياً مع اتجاه ساد تلك الفترة التي طبعتها نداءت الوحدة وتحرير الفرد والمساواة، غير أنّ الواقع كان مغايراً حيث فشل البعث في تأسيس مشروع وحدوي مع أي دولة عربية كما أنه زجّ الآلاف في السجون بشكل مناقض لأدبياته في الوقت الذي كانت فيه الاشتراكية وما تزال ديكتاتورية ممسوخة عن الديكتاتورية الشيوعية.
وفيما تجري التحضيرات لإسقاط الاشتراكية من أدبيات البعث، ما يزال المئات من السوريين يقضون في السجون بعد إدانتهم بأحكام معاداة الاشتراكية والإساءة إلى مبادئ الثورة و"الرسالة الخالدة" التي لم يأتِ من يكتبها بعد...
إلى ذلك أضافت المصادر أنّ المؤتمر القطري الحادي عشر سيعيد مناقشة المشاريع التي أقرّها في المؤتمر العاشر والتي لم تنفّذ من مثل قوانين الأحزاب والإعلام وصيغة العلاقة بين الحزب والدولة والتي ما تزال تحكمها المادة الثامنة من الدستور المعمول به حالياً والتي تنص على أن "حزب البعث قائد للدولة والمجتمع"، حيث من المتوقع مناقشة هذه المادة وتعديلها لتغيير صيغة القيادة إلى الإشراف.
وكان من المفترض أن ينعقد مؤتمر البعث الحادي عشر في الشهر الخامس من العام الجاري، إلا أنّ الموعد تمّ ترحيله إلى الشهر السابع في خطوة تهدف –وفقاً للمصادر- إلى إفساح المجال أمام لجان المؤتمر لتعديل البنود الرئيسية.
هذا وعقد حزب البعث العربي الاشتراكي في سوريا منذ تسلمه مقاليد السلطة عام 1963 عشرة مؤتمرات قطرية وسبعة مؤتمرات استثنائية، وعقد المؤتمر القطري السوري الأول بتاريخ 5/9/1963، والمؤتمر القطري العاشر بتاريخ 6/6/2005