يتساءل الجد «منير» الذي تجاوز عقده
الثامن، في كلِّ صباح ومساء، وهو يجلس
وإلى جانبه الراديو القديم، عن زيادة في
المعاش الشهري، كونه خدم في وظيفة حكومية
قرابة الثلاثين عاماً.. وفي إحدى المرات
عند متابعته التلفاز القديم الذي أكل
الزمان عليه وشرب (في ظل الثورة
التكنولوجية)، منتظراً نشرة الأخبار،
ليسمع ذلك الخبر الذي
ينصُّ على زيادة راتبه اليتيم، وإذا بشخص
يزوره، ليخبره أنَّ قراراً صدر مؤخراً (قبل
يومين) فحواه يقضي برفع المعاشات
التقاعدية للمتقاعدين، فما كان من الجد
المنتظر إلا أن قال: «الله يبشرك بالخير»،
ولكن الزائر أكمل: «وأنتم سكارى»؛ حيث
بيَّن الزائر: «ولكن ممن تقلُّ معاشاتهم
عن الحد الأدنى للأجور المعمول بها حالياً،
والمحدد بمبلغ 6010 ليرات سورية»؛ ما أثار
غضب الجد، حيث بدأ يتحدَّث بحديث الشارع
الذي لا يخرج من المنازل، كون معاشه
التقاعدي الذي يتقاضاه منذ العام 1973 هو
7500 ليرة سورية مع الزيادات منذ تلك
الفترة، ولأنَّ الجد قد تحوَّل راتبه
الشهري من مديرية المالية في حلب إلى كوة
المصرف العقاري، فإنه لم ولن يعرف كيفية
تسلُّم راتبه من تلك الكوة التي تنتمي إلى
عصور أحفاده؛ ما دفع أحد أحفاده إلى تسلّم
راتب «الجد» من كوة المصرف العقاري بعد
خمسة أيام من بداية الشهر (بسبب الازدحام)
ليتسلم راتب مقداره 7000 ليرة، وتبقى 500
ليرة داخل الكوة، لأن أغلب الفئات
الموجودة على الصراف غير معمول بها، وكون
الجد مريضاً بعدة أمراض وهي بطبيعة
الأحوال موجودة عند الغالبية، فهو يصرف
ذلك (المعاش) على الدواء وفاتورة الكهرباء
والماء والهاتف، لينتهي «المعاش».. وطالما
أن المستفيدين من أحكام هذا المشروع
الصادر حديثاً قرابة 52533 متقاعداً لدى
الجهات المختلفة، فإن ذلك «الجد» ينتمي
إلى الأرقام غير المستفيدة والتي تقدر
برقم تعلمه الجهات المعنية دون غيرها..
وتلك الأرقام تنتظر وتتمنى وتأمل أن
تتقاضى معاشات كتلك التي يتقاضاها الموظف
الذي خرج حديثاً من وظيفته الحكومية،
والتي تقدر بثلاثة أضعاف معاش «الجد»..
كون تلك الأرقام غير المستفيدة تنتمي
وتعيش في زمن واحد!.. |