01-06-2009

الرئيسيةأخبار الوطناتصل بنا 

 

رسائل المراقب العام لجماعة الاخوان الملسمين في سورية : الرسالة الثانية الثلاثون

وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين..

من المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية، إلى إخوته وأخواته أبناء الجماعة وأنصارها وأصدقائها في كلّ مكان.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأحمدُ الله إليكم، وأصلّي وأسلّمُ على حبيبنا وقُدوتنا سيدنا محمدٍ سيد المرسلين، وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومن سار على دربهم واهتدى بهَدْيهم إلى يوم الدين..
أما بعد أيها الإخوة الأحبة والأخوات..
تقتضينا الذكرى التي تنفعُ المؤمنين أن نتذكّرَ ونذكّر، وأن نستحضرَ بين الفَيْنةِ والفَيْنةِ بعضَ الحقائق التي وعَيْناها، والمعاني التي حفظناها، نستضيءُ بها ونستبصرُ ونستعصم، لنقوّمَ الموقفَ الفرديّ، ونضبطَ الموقفَ الجماعيّ، ولنظلّ في كلّ أمرنا على نورٍ من الله وبرهان..
ولعلّ من المفيد أن أذكّرَ نفسي وإياكم ببعضِ ما تواصَيْنا عليه في هذه الرسائل قبلَ أكثرَ من اثني عشر عاماً، ألا وهي:
1- أن نسعى دائماً إلى تجديدِ إيماننا بالله عز وجل، والارتقاءِ بأنفسنا وأهلينا وإخواننا، إلى مرتبةِ أحبابِ الله الذين يحبّهم ويحبّونه.. بتوثيقِ صلتنا به سبحانه وتعالى، والإخلاصِ له، والإنابةِ إليه، وتجديدِ التوبة، والإقلاعِ عن الذنوب، وحسنِ أداء العبادات..
2 – وأن نُعمّقَ في أنفسنا معانيَ الأخوّةِ والحبّ في الله، ونجسّدَها فيما بيننا ألفةً ومحبةً وتكافلاً وتعاوناً.. ونبتعدَ عن كلّ ما يعكّرُ صَفْوَ هذه العلاقة الربانية.
3 – وأن نتذكّرَ دائماً أننا دعاةٌ إلى الله عز وجل، بسلوكنا وأحوالنا، قبلَ ألسنتنا وأقوالنا، ليكونَ كلّ واحدٍ منا مِشعلاً يُضيءُ ما حولَه.
4 – وأن نجتهدَ في التحقّقِ بأركانِ البيعةِ العشرة، والنهوضِ بواجباتِ الأخ العامل، ونقيسَ - في ضوء ذلك - مدى التزامنا بهذه الجماعة المباركة، فنستكملَ النقص، ونشحذَ العزيمة، ونتابعَ الطريق.
5 – وأن يبادرَ كلّ أخٍ ليأخذَ دورَه في العمل بجِدٍّ وعزيمة، ويتحمّلَ نصيبَه من المسئوليةِ عن تنفيذِ خطة الجماعة وبرامجها.
6 – وأن نتعاونَ على مواجهة التحدّيات المالية، بالمزيد من السعي والبذلِ والتكافل، لتتمكّنَ الجماعةُ من الوفاء بالتزاماتها، وتأمينِ مستلزمات تنفيذِ خطتها وبرامجها.
أيها الإخوة الأحبة والأخوات..
سأتوقّفَ قليلاً في هذه الرسالة، عند الوصية الرابعة المتعلقة بمقتضيات العمل الجماعي، وحقيقة الالتزام بالجماعة:
إنه من الطبيعيّ أن تكونَ جماعتُنا، بما تمثّلُه من ثِقَلٍ في البنية الوطنية الدعوية والسياسية، مثلَ الشجرةِ المثمرة، يلتفّ حولَها القريبُ والبعيد، والعدوّ والصديق، وأن تكثرَ على ثمارها رماياتُ الراغبين والطامعين، وأن تبسطَ إليها بعضُ الألسنةِ بالسوء.
ولقد سهّلتْ شبكةُ المعلوماتِ العالمية (الإنترنت) وتقنياتُ الاتصالاتِ الحديثة، أمرَ إشاعةِ الأخبار والتقارير ونشرها، بغضّ النظرِ عن مصداقيتها وجدّيتها، فأصبحَ بإمكانِ كلّ متربّصٍ بالجماعة، أن يختلقَ ويفتريَ عليها كما تشاءُ له أهواؤه وأمانيه، ثم ينشرَ ويُشيعَ هذه الافتراءات. فلا يكادُ يمضي يومٌ حتى نرصدَ خبراً أو تقريراً أو مقالاً لمجهولِ العين أو العدالة أو المكانة، ينسِبُ إلى جماعتنا موقفاً أو علاقة، ويُبدِئُ ويُعيدُ في تحليل مواقفِ الجماعةِ وسياساتها، وكأنّ قرارَ الجماعة مناطٌ به، أو أننا ملزمون بالنزولِ على رأيه في كلّ ما نأتي وما ندع..!!
ولا عجبَ أن يجترئ من لا خلاقَ له من أعداء الجماعة المتربّصين، على الافتراءِ والاختلاق، وإطلاقِ الإشاعاتِ من الأمنِ أو الخوف، أو الجرحِ والتعديل، أو الصدقِ والكذب، أو الحبِّ والكره.. من أحاديثَ مفتراة، أو إفكٍ لا أصلَ له.. إنما العجبُ أن ننسى - نحنُ - أو نغفلَ عن قولِ ربنا عزّ وجل: (وإذا جاءهم أمرٌ من الأمنِ أو الخوفِ أذاعوا به، ولو ردّوه إلى الرسولِ وإلى أولي الأمرِ منهم لعلمَه الذين يستنبطونه منهم..)
العجيب أن ننسى أو نغفلَ عن منهج المسلم في تلقّي الأخبارِ والتعاملِ معها، والتحقّقِ منها، وردّها إلى أهلها إن كانت تستحقّ، متجاوزين قولَ الله عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبيّنوا..) وقولَ الرسول صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء كذباً - أو إثماً - أن يحدّثَ بكلّ ما سمع..) فنسهمَ دونَ قصدٍ، أو بحسن نية، في إشاعةِ هذه الأخبار الملفّقةِ والتقاريرِ المريبة، التي أطلقها أولئك الأعداءُ المتربّصون، الذين يسعَوْن أصلاً إلى التشكيكِ في مواقفِ الجماعة، وإشاعةِ البلبلةِ حولَ سياساتها، لإدخالِ الوهنِ على صفّها، وإحداثِ الفُرقةِ بين أبنائها..
وعهدُنا بالأخ المسلم الملتزم، أن يكونَ أحرصَ الناس على نشر البرّ والمعروف والخير، وردّ ما يَشتبهُ عليه إلى أهله، لبيانِ وجهِ الحقّ فيه.. وأن يكونَ الواثقَ المكينَ الذي لا تميلُه كلّ ريح، ولا تنالُ من ثقته بجماعته وقيادته كلّ قالة، فليسَ كلّ ما يُثارُ أو يُكتَبُ أويُنشَرُ أو يُقال.. يستحقّ أن يُتوقّفَ عندَه، أو يُعلّقَ عليه. ففي عقولِ إخواننا وفي فهمهم وحسنِ التزامهم، ما يُغني عن الانشغالِ ببيان زيف الكثير مما قيلَ ويُقال. وعندما يكون لدى القيادة ما يقتضي إبلاغه للصفّ أو بيانه وتوضيحه.. فلن تتردّدَ أو تتأخرَ في الإبلاغ أو البيان والتوضيح.
أيها الإخوة الأحبة والأخوات..
ليس من الكياسةِ ولا من الفطنة، الإصغاءُ إلى كلّ ناعق، فضلاً عن تصديقِه أو التوقّفِ عند كلامه. (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون، والذين هم عن اللغو معرضون..)، (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً..)
وليس من الالتزامِ في شيء، أن نُسهمَ - ولو بحسن نية - تحت عنوانِ التعبير عن (الرأي الآخر)، في توهينِ قرارِ الجماعةِ وموقفِها، فالرأيُ الآخرُ في الجماعةِ محترمٌ ومقدّرٌ ومعتبرٌ في موطنه قبلَ اتخاذِ القرار، وفي موطنه في المؤسّسات المختصة بمناقشة القرار وتسديده وتصويبه.. أما بعدَ اتخاذِ القرارِ في المؤسّسات، فالموقفُ هو تبنّي قرارِ الجماعةِ والالتزامُ به، والالتفافُ حوله.
وحقيقةٌ أخرى ينبغي فهمُها في إطار العمل الجماعي، تقومُ على ضرورة أن ينزلَ الفردُ - في إطار المسيرة الجماعية - عن رأيه الشخصيّ المخالف، لرأي الجماعة ومؤسساتها، وأن ينخرطَ في خدمة القرار الجماعيّ ومستلزماته، بما يستحقّ من إخلاصٍ وجهد، وأن يحتفظَ برأيه الشخصيّ، ولا يُشيعُه ليؤكّدَ في كلّ مناسبةٍ صوابَ رأيه وخطأ الموقف الجماعي. فمهما يكنْ في رأي الفرد من صواب، فإنّ يدَ الله مع الجماعة، وإنّ البركةَ والخيرَ والرشاد، إنما هو في الالتزامِ برؤية الجماعةِ والالتفافِ حول موقفها.
أيها الإخوة الأحبة والأخوات..
إنّ إعجابَ كلّ ذي رأيٍ برأيه، من أهمّ معوّقات العمل الجماعيّ، وهو بابٌ خطيرٌ من أبوابِ الفتنةِ والشرّ، ومدخلٌ من مداخلِ الشيطان.. حذّرنا منه الرسول صلى الله عليه وسلم، فالحذرَ الحذَر.
وسيظلّ قرارُ جماعتنا محكوماً بالشورى في دوائرها الأوسع، ما وجدنا إلى ذلك سبيلاً؛ الشورى في آفاقها الإسلامية المفتوحة على رجال الدعوة والفكر في عالمنا العربي والإسلامي، والشورى في إطارها الأخويّ الاستشاريّ من أهل الرأي والمشورة، والشورى الملزمة في إطارها التنظيميّ في مؤسساتِ الجماعةِ التي أناطَ بها النظامُ الأساسيّ صلاحيةَ اتخاذِ القرارات.
وأخيراً.. فإن من المفيد - أيها الأحبة - أن أنهيَ إليكم من واقع الأمر الذي نحن فيه، أن لا جديدَ على صعيدِ العلاقة بين الجماعة والنظام، وأنه لا حقيقةَ لكلّ ما يُشاعُ عن علاقاتٍ ومفاوضاتٍ وصفقات.. وإذا كان بعض الوسطاء الذين يتحفّظون على ذكر أسمائهم، قد تحركوا بمساعيهم الحميدة، لوضع حدّ للمحنة والمعاناة، فإننا مع حرصنا على إعطاء الفرصة لكل سُعاة الخير، نؤكّدُ أنه لا جديدَ على هذا الصعيدِ - حتى الآن - وسيُعرَضُ كلّ أمرٍ يستجدّ على مؤسّساتِ الجماعةِ للنظر فيه.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا إلى الخير، وأن يأخذَ بأيدينا إلى الرشد، وأن ييسّرَنا لليسرى.. إنه سميع مجيب.
وإلى أن نلتقيَ ثانيةً في رسالةٍ قادمة، أستودعكم الله أيها الأحبة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لندن في السابع من جمادى الآخرة 1430 الموافق للأول من حزيران 2009
أخوكم: أبو أنس

المصدر:المركز الاعلامي  لاخوان سورية  -   أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوريوإنما تعبر عن وجهة نظر أصحابها