أول مرة سمعت فيها عن وجود مؤسسة التأمينات الاجتماعية كان في العام (2007)، في جلسة خاصة عن تطوير دور مؤسسة التأمينات الاجتماعية، دعيت إليها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل واتحاد العمال والقائمون على المؤسسة.
مشكلات قديمة لم تحلّ:
حينها قالوا على القطاع الخاص أن يسارع إلى تسجيل كافة موظفيه في التأمينات، حيث ارتفعت وتيرة الأحاديث عن تهربّ هذا القطاع من مؤسسة التأمينات وعدم التعامل معها، كما قالوا إنّ المؤسسة تعاني ولا تزال من تراكم ديون على الشركات والفعاليات الاقتصادية والتي تصل إلى مبالغ باهظة تعجز عنها الشركات، وطرحت مشكلات عديدة وعد بحلها.
وبعد عامين دعيت إلى نفس الجلسة، وكانوا ذات الأشخاص وناقشوا قضايا مماثلة، وقرروا الاستعانة بخبراء لرفع نسب معاش التقاعد وقيمة التأمينات لكي لا تكون المؤسسة خاسرة، لاسيما أنّ البنك الدولي توقع حصول عجز في سيولة المؤسسة عام (2017).
بأي حال نعيش الآن مرحلة يعول فيها كثيراً على دور المؤسسة التي وعدنا بتغيير جذري في عملها، وعدنا ألا نرى مؤسسة تتهربّ من تسجيل الموظفين.
أما الذي يجري في مؤسسة تأمينات الريف، ونأمل أن يكون عرضياً، حتى لا يظهر أي من مسؤولينا بمظهر غير لائق، جراء تصريحات أو وعود خلبية ربما تضعهم في موقف حرج.

دوامة من الروتين لا تنتهي:
دخل إلى المؤسسة وأخبرهم أنه يعمل في كبريات الشركات الاقتصادية في البلد، وقدمّ اسم الشركة الكائنة وسط دمشق، وأنه قدم استقالة منذ ما يقرب السنة، ويريد الآن تحصيل تعويضاته من الشركة التي كانت قد أمنت عليه طيلة فترة عمله، فأخبروه بالتوجه إلى الطابق الثاني للحصول على رقم تأميني، وبعد سؤال كلّ الموظفين تقريباً عن الشخص المسؤول عن الأمر، عرف أنه في الطابق الثالث، فتوجه إليه فلم يجده لأنه في إجازة، ورغم أنّ المحتاجين إليه يقفون في طابور، تولت زميلة أخرى الأمر، وأجابت على طلبه بسؤاله هل الشركة في دمشق؟
فقال لها إنها من أهم الشركات ومقرها في منطقة المزة فيلات شرقية، فطلبت منه التوجه إلى الأستاذ جمال في الطابق الرابع، هذا الأخير يجلس أمام مسجلة ارتفع صوتها، وبدأ حديثاً مع زميليه في المكتب، وانتظر دقائق لينهي الموظف حديثه وسأله: أريد الرقم التأميني منكم، وأخرى وقفت بجانبه تسأل عن آلية استخراج وثيقة تعطل عمل، فردّ موظفنا في المؤسسة على السؤال الأول بأنّ الأمر ليس بيده لأنّ هذه مؤسسة تأمينات الريف وليس المدينة! وعلى التساؤل الثاني بأنّ الوثيقة من اتحاد العمال وليس من التأمينات، وأنّ مؤسسة تأمينات المدينة في (البرامكة) وليس هنا: (يا جماعة يكفي هذا، أخبروا الناس في الطوابق الأولى عن فحوى طلبكم حتى لا تعودوا من الطابق الخامس بخفي حنين).
لا ندري بالضبط ما الذي يعنيه الموظف بمصطلح الطوابق الأولى، إذا كان موظفو الاستقبال لا يعرفون أين المزة الفيلات في الريف أم في المدينة؟ وكيف لا تعرف مديرية الإيرادات في المؤسسة أنّ مديرية المدينة في منطقة أخرى، وكيف لا يدري موظف آخر أنّ وثيقة تعطل عن العمل يحصل عليها من اتحاد العمال، وأنّ تاريخ تعطل وانفكاك عن العمل هي مجرد وثيقة تحصل عليها من إدارة الشركة العامل فيها.
كل تلك الاستفسارات والتساؤلات لا يجيب عليها موظفو المؤسسة إلا في حال قابلت موظفاً لا يريد أن يستخدم جهازه ويتقاعس عن أداء مهامه فيجيب ببساطة: (طلبك ليس عندنا يا أخي، الواحد لا يستطيع احتساء كأس شاي هنا).
نخشى الآن أن يحصل في مديرية تأمينات المدينة هذا فيصعد المرء أربعة أو خمسة طوابق دون جدوى، ولدى سؤال موظف عن سبب التأخير في الحصول على الأوراق قد يستغرق أربعة وعشرين يوماً (هناك مشكلات في الحاسوب).
لكن أي حاسوب في وقت نجد ربع الموظفين في إجازة وربعهم الآخر في مهمة ساعية والنصف غير قادر على العمل لأسباب غير معلنة.
إلى متى نبقى نتعامل مع مواطننا كعالة على المؤسسة وعلى الموظف وعلى نفسه حتى!؟