أخبار الوطن الرئيسية

30/06/2011

 

المعارضة السورية - موحدة في مطلب التغيير ومنقسمة على كيفية تحقيقه

 

 

تواجه المعارضة السورية تحديا حقيقيا في قدرتها على التعامل مع عرض الحوار الذي قدمه نظام الأسد. وإن كانت موحدة من حيث مطالب التغيير الديمقراطي، إلا أنها تبدو منقسمة حول سقفه وأسلوب تحقيقه خاصة بين أطياف الداخل والخارج.

تختلف وجهات نظر أطياف المعارضة السورية بخصوص التعامل مع عرض الحوار الذي تقدم به الرئيس بشار الأسد، فمن جهة، هناك من يعتبر الحوار ضرورة بهدف إيجاد توافق حول الإصلاحات عبر المرور بفترة انتقالية تضع حدا للحكم الشمولي. مؤيدو وجهة النظر هذه يقولون إن من شأن خيار الحوار أن يجنب البلاد مستقبلا مظلما ربما ينطوي على احتمالات أسوأها الحرب الأهلية. ومن جهة أخرى، هناك آراء أكثر تشددا تدعو إلى إسقاط النظام وإحداث قطيعة مع حكم عائلة الأسد وحزب البعث.

هذه الانقسامات ظهرت بوضوح حين أتاح النظام للمعارضة إمكانية عقد مؤتمر في دمشق وأعطاها منبرا نادرا للتعبير العلني عن مطالبها بالتغيير. وكشفت هذه الخطوة انقساما بين المشاركين ونشطاء آخرين، يعيش كثير منهم في الخارج، اعتبروا أن اللقاء لا جدوى منه في الوقت الذي لا تزال فيه قوات الأمن تسحق الاحتجاجات. وفي حوار مع دويتشه فيله أوضح منذر خدام، الناطق الإعلامي باسم هذا المؤتمر، أن "الانتفاضة الشعبية والمعارضة سواء في الداخل أو الخارج لا يرضون حلا وسطا بين نظام استبدادي حكمهم خمسين عاما وبين نظام ديمقراطي، فبين النظامين لا يوجد حل وسط".

بين الانتقال السلمي وإسقاط النظام



واعتبر منذر خدام أن السؤال الرئيسي الذي يواجه المعارضة والذي حاول مؤتمر دمشق الإجابة عنه هو نوعية الانتقال الديمقراطي الذي يريده السوريون. وأضاف بهذا الصدد قائلا: "نريد انتقالا سلميا آمنا من النظام الاستبدادي إلى النظام الديمقراطي، وهناك آخرون يقولون إنهم يريدون إسقاط النظام". ودعا خدام إلى التفكير بعمق في هذا الشعار وتساءل "هل نحن فعلا جاهزون الآن لهذا الخيار (ليس كرغبات) ولكن انطلاقا من ظروف المجتمع السوري والموقع الجيوسياسي؟" وتابع خدام أن "من يريد أن يسقط النظام عليه أن يتساءل عن الثمن الذي يجب دفعه".



أما فاتح جاموس، القيادي في حزب العمل الشيوعي والذي سجن لمدة 19 عاما بوصفه معارضا، فذهب في نفس الاتجاه وقال لوكالة رويترز: "من حيث المبدأ نحن مع الحوار ولا نعتقد أبدا أن أي شيء آخر يمكن أن يحل الأزمة في سوريا غير الحوار". إلا أنه اشترط عددا من الخطوات العملية على الأرض تشجع على الحوار.

فيما ترى شخصيات معارضة أخرى أن الأسد أهدر الكثير من فرص الإصلاح، معتبرة أن النظام قد فقد شرعيته بعد "حمام الدم الذي أحدثته قوات الأمن في مواجهة الانتفاضة الشعبية". ويتساءل الكثيرون عن جدوى الحوار في الوقت الذي تواصل فيه السلطات حملاتها الأمنية ضد المدنيين. كما نقلت رويترز عن لؤي حسين، الكاتب المعارض والذي شارك بدوره في مؤتمر المعارضة بدمشق، قوله: "قبل الحوار مع السلطة لابد من أن تتحقق شروط موضوعية وهذه الشروط هي أن توقف السلطة استخدام العنف ضد المتظاهرين وضد أصحاب الرأي وإتاحة المجال للأصوات المعارضة".
خلاف على الوسائل لا الأهداف

المعارضة السورية تعرضت للتشرذم بعد تاريخ طويل من القمع والملاحقات في عهد عائلة الأسد. وفي عام 2005 أصدر تحالف "إعلان دمشق" بيانا شهيرا دعا فيه إلى إصلاحات سلمية، لكن مطالبه بقيت حبرا على ورق. أما جماعة الإخوان المسلمين المحظورة فتنشط بشك منفصل. ويعيش معظم رموزها في الخارج منذ أن سحق الأسد الأب انتفاضة مسلحة قامت بها الجماعة في مدينة حماه عام 1982. كما قضى معظم المعارضين المخضرمين سنوات في السجون.



وقد جاء ربيع الثورات العربية ليعيد خلط الأوراق وطرح السؤال حول دور معارضة في حراك التغيير، وهي التي تعرضت طوال عقود لقمع شديد من طرف نظام عمل على تشتيت صفوفها، فجاء المؤتمر الذي عقدته المعارضة في تركيا ثم تبعه مؤتمر دمشق لمعارضة الداخل.

وفي حواره مع دويتشه فيله اعتبر منذر خدام أن "المعارضة السورية بكل أطيافها لها نفس الأهداف ولكن السبل التي تريد إتباعها هي التي تختلف". ووصف الانتفاضة الشعبية ب"قبضة التاريخ" التي تدق ظهر النظام. وأضاف "قلنا بشكل واضح نحن منحازون لانتفاضة شعبنا، ثم هل يجب على جميع المعارضين الذهاب إلى الخارج؟". وأوضح خدام أن "مؤتمر دمشق سجل فارقة تاريخية، فلأول مرة تجتمع المعارضة منذ خمسين عاما".



من جانب آخر، أعلن المعارض حسن عبد العظيم لوكالة فرنس برس عن "تشكيل هيئة تنسيق وطنية هدفها التغيير الوطني الديمقراطي في سوريا"، مشيرا إلى أن هذه الهيئة "تقوم بتوحيد جهود المعارضة في الداخل واعتبار المعارضة في الخارج جزءا من المعارضة في الداخل". وتضم الهيئة أحزاب التجمع اليساري السوري وأحزاب التجمع الديمقراطي و11 حزبا كرديا وعدد من الشخصيات المعارضة من الداخل كعارف دليلة وميشيل كيلو وفايز سارة وهيثم المالح ومن الخارج برهان غليون وهيثم المناع ورامي عبد الرحمن وزكريا السقال وسمير العيطة وآخرين. ويرى المراقبون في هذه المبادرة خطوة تهدف إلى لم شمل المعارضة التي تعي أن أي انقسام في صفوفها سوف لن يخدم بالضرورة هدف التغيير.

حسن زنيند

مراجعة: شمس العياري

المصدر:دويتشه فيله  -  أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري