الاستحضار المفاجئ للتحقيق الدولي
في اغنيال الحريري تحضير للمسرح لـ
«رواية سورية»
بدا الاستحضار المفاجئ في بيروت
لملف المحكمة الدولية بمثابة تحضير المسرح
لملاقاة مفاجأة سورية لطالما جرى التلويح
بها ترتبط بـ «رواية» محتملة حول اغتيال
رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري تقطع
الطريق على القرار الظني المرتقب، وتقوم
على المقايضة بين المحكمة برمتها والحكومة
المعلقة ومصيرها.
ولفت ان تحضير المسرح اللبناني استعدادا
لـ «المفاجأة السورية» بدأ بما يشبه «كبسة
زر» من خلال هجوم مبرمج وتصاعدي من
الموالين لسورية على المحكمة الدولية
وقرارها الاتهامي المرتقب وكل ما يتصل بها،
وتوج بتلقف سوري سريع ونافر عبر عنه وزير
الخارجية وليد المعلم الذي عاود التشكيك
بصدقية المحكمة وعملها.
وتوقفت دوائر مراقبة امام مغزى الاستحضار
«غير البريء» لملف المحكمة الدولية
وأهدافه، ومن خارج جدول الأعمال الداخلي
الذي يطغى عليه ملف تشكيل الحكومة
والمصاعب التي يواجهها، ملاحظة وجود ما
وصفته «أمر عمليات» أطلق العنان لمجموعة
من التقارير والمواقف للنيل من المحكمة
الدولية في اطار خطة مريبة من المتوقع أن
تكشف التطورات المقبلة فصولها التالية.
ورصدت تلك الدوائر مجموعة من الوقائع يرسم
ربطها خطا بيانيا تصاعديا في التصعيد
المباغت ضد المحكمة، ولعل الأبرز فيها:
• تقارير صحافية وأخرى على مواقع
الكترونية تحدثت عن «فريق سوري» ديبلوماسي
وحقوقي طلب تأشيرات دخول إلى الولايات
المتحدة، مقدمة للانتقال إلى الأمم
المتحدة في اطار تحرك الهدف منه ملاقاة
القرار الظني المرتقب للمحكمة الدولية
بحملة يراد منها اظهار عدم صدقية التحقيق
الدولي وتحميل الأمم المتحدة تبعات نتائجه
وما شابه.
• الموقف اللافت لـ «حزب الله» على لسان
نائب رئيس المجلس السياسي محمود قماطي،
والذي أعلن عن ان المحكمة الدولية «لا
تعنيه» وهي مسيسة منذ البداية، متسائلاً
عن رياح التسييس الجديدة.
• عقد النائب السابق ناصر قنديل، الذي سبق
أن أوقف كمشتبه فيه في جريمة اغتيال
الحريري، مؤتمرا صحافيا ليقول انه «لم يعد
من مبرر لوجود المحكمة الدولية بعدما
اسقطت الاتهام الموجه لسورية، مطالبا سعد
الحريري ووليد جنبلاط بإعلان صريح ينعى
المحكمة.
• اطلالة المدير العام السابق لقوى الأمن
اللواء علي الحاج من على محطة «O.T.V»
التي يملكها تيار العماد ميشال عون ليطعن
بالمحكمة وصدقية تحقيقاتها.
• الاتهامات العنيفة التي أطلقها المدير
العام السابق للأمن العام اللواء جميل
السيد للمحكمة والتحقيق ولقضاة وأمنيين
وسياسيين ورجال دين وصحافيين في مؤتمر
صحافي عقده في الذكرى الرابعة لتوقيفه مع
ثلاثة من الجنرالات الآخرين كمشتبه في
تورطهم باغتيال الحريري، وحمل فيه بشدة
ايضا على رئيس الجمهورية ميشال سليمان
والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري.
ورأت أوساط معنية ان كلام اللواء السيد «غير
شخصي» إنما هو جزء من خطة مركبة تحضيرا لـ
«المسرح اللبناني» لملاقاة ما يشاع عن «مفاجأة
سورية»، لافتة إلى توزيع أدوار بين من
أطلوا أخيرا واستحضروا المحكمة والتحقيق،
الهدف منه تولي كل واحد منهم ضرب صدقية
هذا الملف في «مكان ما» وإحداث انطباع
بأنه «مهزوز» ومسيس.
وأشارت الأوساط عينها إلى أن القصد من
الحملة التي توجها اللواء السيد تحضير
المناخ لـ «المفاجأة السورية» بتغيير وجهة
اصابع الاتهام في رواية قد تحمل مسؤولية
اغتيال الحريري لاصوليين أو لأحمد أبوعدس
أو شاكر العبسي زعيم «فتح الإسلام» الذي
تشيع مصادر قريبة من سورية في بيروت ان
المدعي العام للمحكمة دانيال بلمار التقاه
في سجنه في سورية «حيث تزّود بمعلومات
كثيرة قد تقلب التحقيق». ومعروف ان العبسي
هو من تأليف وانتاج واخراج الاستخبارات
السورية. ولذلك ترى أوساط لبنانية معارضة
لسورية ان المفاجأة هنا «لم تعد مفاجأة»
بل «تضليل جديد للتحقيق».
ورأت هذه الأوساط في تلقف الوزير المعلم
السريع لاتهامات اللواء السيد و«قبل أن
يجف حبرها»، إشارة بالغة الدلالة على
الترابط بين ما يقال هذه الأيام في بيروت
وبين ما تعتزم سورية القيام به على جبهة
المحكمة الدولية وحيال الوضع في لبنان
عموماً.
وتوقعت الأوساط عينها ان تدفع سورية في
هذا التصعيد إلى الحد الذي تجعل الحريري
وفريقه أمام احتمالين: إما لا محكمة
والاكتفاء بـ «روايتها» عن اغتيال الرئيس
رفيق الحريري وإما لا حكومة وترك لبنان في
الفراغ المفتوح على سيناريوات مأسوية
المصدر:صحيفة
الرأي العام الكويتية - أية
اعادة نشر من دون ذكر
المصدر تسبب ملاحقه
قانونيه