القطاع العام مازال رابحاً رغم كل
الصعوبات والعثرات التي يتم وضعها في
طريقه، وقد بلغت هذه الأرباح في العام
الماضي بحدود /10/ مليار ل.س، ويبلغ معدل
العائد على الاستثمار تقريباً 6%، وهو
أعلى من معدل الفائدة المصرفية. ولكن
الشركات والمؤسسات في القطاع العام تتهاوى
شركة بعد أخرى، الرابحة منها في العام ما
قبل الماضي أصبحت خاسرة في العام الماضي.
والرابحة لهذا العام هناك إجراءات حكومية
تُتخذ لإيصالها إلى الخسارة. وهذا يذكرنا
بالسيناريو القديم الجديد: 17 شركة مخسرة
طرحت عقاراتها للبيع أو المشاركة ولم
يتقدم أحد، ورجعت وزارة الصناعة إلى
الوراء إلى دراسة وضع كل قطاع وكل شركة
وتحديد مشكلاتها الذاتية والموضوعية ووضع
الحلول الخاصة بها. وهذه عملية هروب قد
تستمر سنوات وبعد ذلك يحدث الانهيار
الكامل، وهنا حتى الخصخصة لا يقدم عليها
أحد.
الآن في الاسمنت
وزير النفط وجَّه لرفع سعر طن الفيول من
20 ألف ل.س إلى 40 ألف ل.س، وسوف يتم رفع
السعر في الأيام القادمة، علماً أن سعر
الفيول ارتفع من 6000 ل.س إلى 9000 ل.س في
1/12/2008 وارتفع إلى 20 ألف، وقد وجه
مدير عام مؤسسة الاسمنت مذكرة عرض فيها
الآثار الناجمة عن الارتفاع المرتقب
للفيول على شركات الاسمنت في القطاع العام
ومن المؤكد أن المذكرة سيتم وضعها في
الأدراج والقرار مُتخَذ. وهذا يعني إغلاق
شركات الاسمنت جميعها في القطاع العام
لمصلحة التجار والسماسرة والاستيراد، وإذا
كانت هناك شركات اسمنت للقطاع الخاص فإنهم
لا يتضررون ولا يتأثرون لأنهم يعملون على
فحم الكوك أو حرق الإطارات.
المذكرة التي رفعها مدير عام الاسمنت سوف
تكون في الأدراج لأن هناك اتفاقاً حكومياً
على تصفية وإنهاء القطاع العام، فهناك
دراسة أُعِدت من قبل المؤسسة العامة
للاسمنت، والمصدقة من إدارة المؤسسة
بتاريخ 19/2/2008 والموافَق عليها من وزير
الصناعة، ركزت على الرؤية المستقبلية
لتطوير شركات الاسمنت كالتالي:
المرحلة الأولى خلال عامي 2009 ـ 2010:
ـ تطوير وتحديث وإعادة تأهيل شركة عدرا
والرستن خلال العامين أي 2009 ـ 2010.
ـ تحسين أسلوب العمل والتشغيل الأمثل
للخطوط الإنتاجية الجافة في شركات الاسمنت
في حلب من خلال تقديم مساعدة فنية من
شركات خارجية متخصصة.
ـ دراسة واقع المعامل الرطبة وإقرار إما
تحويلها إلى خطوط جافة أو توجيهها لإنتاج
أنواع جديدة من الاسمنت «اسمنت مقاوم»
آبار نفط، بوزلاتي، عالي النعومة، أو
إيقاف تشغيل بعضها التي تعتبر تكاليف
تشغيلها مرتفعة.
وتهدف المؤسسة في مذكرتها إلى:
ـ خفض تكاليف الإنتاج لزيادة القدرة
التنافسية أمام شركات الاسمنت الخاصة وذلك
من خلال تخفيض التكاليف الثابتة على وحدة
الطن المنتج من خلال زيادة الطاقة
الإنتاجية.
ـ خفض الاستهلاكات النوعية من الفيول
والكهرباء إلى الحدود العالمية.
ـ تحسين الظروف والشروط البيئية بالالتزام
بتركيب فلاتر تؤدي إلى تصفية الغبار وفق
المعايير المعتمدة 50 ملغ م3.
ـ تقليل نسب الهدر وإعادة المواد الأولية
المنطلقة مع الغازات إلى الدارة الإنتاجية
وتحويلها إلى كلنيكر.
المرحلة الثانية:
بعد إنجاز عملية التطوير وإعادة التأهيل
لكل من شركتي عدرا والرستن سوف تبدأ مرحلة
تطوير وإعادة تأهيل لكل من الشركة العربية
والشهباء في حلب في الخطة الخمسية الحادية
عشرة، للوصول لأعلى طاقة إنتاجية وذلك
بإدخال تجهيزات وتكنولوجيا جديدة على
الخطوط التي تعمل منذ أوائل السبعينيات من
القرن الماضي، وباتت تستهلك وقوداً وطاقة
كهربائية كبيرة، إضافة إلى التلوث، ويمكن
في هذه المرحلة زيادة الطاقات الإنتاجية
لهذه الخطوط بحدود 50 ـ 75% من طاقتها
الحالية، وتقول الرؤية أن عمليات التطوير
يمكن تحويلها ذاتياً من الفوائض
الاقتصادية للشركات.
ما الذي تحقق
لم يجر تطوير أو تحديث الشركات، شركة
الاترنيت في حلب ودمشق تم إغلاقهما، ومعمل
اسمنت الشيخ سعد توقف بقرار من رئيس
الحكومة، والبورسلان شبه متوقف ومعمل
اسمنت عدرا ينفث سمومه في المدينة
العمالية وتهدر المداخن الثلاث كل مدخنة 7
طن زهرة الاسمنت بالساعة، وهناك وعود
بتركيب فلاتر من 15 عاماً، والاعتمادات
التي خصصت لعام 2009 بلغت 1306050 ألف ل.س،
وكذلك 65% من هذا المبلغ خُصص لمعمل اسمنت
حماه الجديد المتعاقَد عليه مع شركة (أحداث
صنعات) الإيرانية، وما تبقى لا يكفي ثمن
قرطاسية للشركات.
الضربة القاضية
رغم كل هذا الواقع المهمَل بلغت أرباح
الشركات لعام 2009 بحدود 1674.3 مليون ل.س،
وذلك قبل تسديد الضريبة، وهذه الأرباح
تعود لشركات الاسمنت فيما بلغت خسائر
معامل الاترنيت ومعمل الأدوات الصحية
خسائر للعام نفسه بلغ مجموعها 115 مليون
ل.س، ومع القرار المرتقب لرفع سعر الفيول
سوف يتم إيصال شركات الاسمنت إلى الخسارة
ليتم إغلاقها أو توقيفها كرمى للقطاع
الخاص، دون التفكير بأن هذه الصناعة
استراتيجية بامتياز. |