ليس
من باب معارضة صناع القرار الاقتصادي،
الذين حرموا مناقشة سعر صرف الليرة
السورية بتعميم شفهي على مختلف الصحف،
تطرح «الوطن» هذه الصفحة. وإنما من باب
التعريف بصورة واضحة بعوامل تؤثر في سعر
الصرف، وكيف يتم تحديده بالقياس لعملات
أخرى، د. حبيب ضاهر «باحث اقتصادي» يبين
لـ«الوطن» أن العوامل الاقتصادية
والسياسية تتداخل معاً لتحديد صرف «عملة
ما» قياساً لباقي العملات، ويقصد بالعوامل
أو القوى الاقتصادية الناتج المحلي
الإجمالي، وهو من أهم العوامل في تحديد
قيمة عملة أي دولة، أيضاً قوة الدولة
اقتصادياً المحددة بحجم صادراتها، وكذلك
حجم التضخم والبطالة، والاستقرار
والاقتصادي.
وتداولت التقديرات تراجع الناتج المحلي
الاسمي من أكثر من 54 مليار دولار إلى
52.5 ملياراً في عام 2009 عن عام 2008
خلال ما عرف بالأزمة المالية العالمية،
بينما يبلغ معدل البطالة 11%.
ويوضح ضاهر أن مصادر القطع الأجنبي تأتي
عبر الواردات نتيجة التصدير، إضافة
لتحويلات المقيمين في الخارج، أو الدعم
الممثل مادياً بالنقد من دولة كاليابان أو
معنوياً عبر المساعدة بمشاريع إنتاجية أو
تنموية، وكذلك السياحة، والتعاون العلمي
والطبي مع دول أخرى عبر البرامج
الإنمائية.
أما سعر صرف العملة فيعرفه بأنه «كمية
النقد بالعملة الأجنبية التي يمكن
استبدالها بعملة محلية أو العكس، وهناك
طريقتان لاحتساب سعر صرف العملة، طريقة
أوروبية تقوم على احتساب مثلاً قيمة
الدولار الواحد قياساً لباقي العملات،
وطريقة أميركية تقوم على احتساب قيمة
مجموعة دولارات من قيمة عملة أخرى، ويلفت
ضاهر إلى أنه محلياً يقوم البنك المركزي
بتحديد سعر الصرف بناء على معادلة العرض
والطلب».
ويرد ضاهر تدخل الدول لتحديد سعر الصرف
لحماية ميزان المدفوعات، وتوازنه لجهة
الإيرادات والنفقات، وفي حال أرادت الدولة
تشجيع صادراتها، تخفض سعر العملة أو تحدد
سعر الصرف بسعر متدن بما يساعد على تصدير
السلع المحلية وجعلها قادرة على المنافسة
لانخفاض سعرها مقارنة مع سلع مستوردة،
لكنه يشير إلى أن ذلك «التوجه خطر ويحتاج
للتعامل بحساسية عالية ودقة متناهية،
مردها أن تخفيض سعر عملة ما يعتبر سلاحاً
ذي حدين، ومن محاذيره حاجته أولاً لجهاز
إنتاجي مرن قادر على مواكبة الطلب
المتنامي للسلع، وإعادة الطلب على السلع
المستوردة ممثلة بالواردات».
موضحاً أنه «إذا ازدادت الصادرات وازدادت
الواردات المؤلفة من المواد الأولية،
وكانت قيمة الأخيرة بقيمة أعلى من العملة
المحلية، فقد تؤدي للتضخم المستورد، أي
نستورد في هذه الحالة السلع ذات القيمة
المرتفعة ونستورد التضخم معها».
وبلغ الناتج المحلي الإجمالي 2531 مليار
ل.س وفقاً للنشرة الربعية للمصرف المركزي
لعام 2009، وبلغ التضخم في عام 2008 نسبة
15%، وفي 2009 بلغ 2.8%، وسجلت الإيرادات
نسبة 18.3% من الناتج المحلي الإجمالي،
والنفقات 27.3% من الناتج، ولا يتوافر رقم
في النشرة عن الميزان الكلي نسبة للناتج
المحلي لعام 2009، بينما سجلت الصادرات
لعام 2008 مبلغ 714 مليار ل.س، والمستورد
لنفس العام 749 مليار ل.س، وبلغ العجز في
الحساب الجاري 3.1% في عام 2008 وارتفع
إلى 4% في العام الماضي.
ويقول: «في هذا المجال ميزان المدفوعات
يلعب الدور الأبرز في توضيح ذلك، وعقود
المستقبليات تعتبر المثال الأفضل لذلك،
ففي حال أرادت الدولة أن تصدر سلعة بأرقام
كبيرة كالقطن مثلاً بعقد تبلغ قيمته مليار
دولار لكمية ألف طن، في حال حددت سعر
الصرف بـ45 ل.س لكل دولار، يتطلب منها أن
توجد في ميزانها نفقات بمقدار 45 مليار
ل.س».
ويشير إلى أنه وفي حال لم يكن لديها
القدرة على إيجاد النفقات بشكل صحيح، دون
الوقوع بما يسمى الفجوة الاقتصادية أي
الفرق بين السعرين، عليها دراسة ذلك دراسة
اقتصادية دقيقة، لترى ماهية متطلباتها
وتحدد أسعارها لناحية الموازنة والتدخل
بالسوق».
سعر الصرف العائم والثابت
هناك أكثر من طريقة لتحديد سعر الصرف،
الباحث الاقتصادي الدكتور حبيب ضاهر يبين
وجود طريقتين لتحديد سعر الصرف «وهي سعر
الصرف العائم وسعر الصرف الثابت، العائم
يقوم على قوى العرض والطلب على عملة معينة
ويحكمه الناتج القومي والإجمالي من السلع
والخدمات في دولة ما، فإن كان هناك طلب
على عملة محلية بسبب قوة صادراتها فستصبح
قوتها الشرائية مرتفعة».
يضيف: «أما سعر الصرف الثابت فيحدد بحسب
حاجة الدولة لضبط ميزان المدفوعات، فإن
وجدت نقصاً أو عجزاً بميزان المدفوعات
فسيكون لديها استعداد للتخطيط لسعر الصرف،
وبالتالي بشكل تلقائي سيزيد الطلب على
السلع المحلية وستزداد الصادرات لديها».
وهو ما يعرف بتحديد سعر الصرف عبر تعادل
القوى الشرائية (PPP) القائمة على أن سعر
الصرف بين عملتين يكون متساوياً عندما
تكون قوتهما الشرائية هي نفسها في كلتا
الدولتين، لكن ما محددات القوة الشرائية
لعملة دولة ما وبناء على ماذا تحدد
فعلياً؟ الطريقة السابقة تقوم على أن سعر
الصرف بين الدولتين يجب أن يساوي نسبة
مستوى سعر سلة ثابتة من البضائع والخدمات
في كلتا الدولتين، وهناك خياران لتعادل
القوى الشرائية وهما: التعادل المطلق
والتعادل النسبي، النسبي فيعود إلى نسبة
التغيرات في مستويات السعر، أي نسب
التضخم، وتنص على أن نسبة ارتفاع سعر
العملة تساوي الفرق في نسب التضخم بين
الدولة الأجنبية ودولة هذه العملة، وعلى
سبيل المثال إذا كان هناك تضخم بنسبة 3%
في منطقة اليورو وكان هناك تضخم بنسبة 5%
في الولايات المتحدة فإن الدولار الأميركي
سينخفض مقابل اليورو بنسبة 2%. |