|
بدأت
دائرة مؤيدي الحوار الاميركي مع «حزب
الله»، الذي اشارت «الراي» الى اولى
بوادره الاحد الماضي، تتسع وتخرج الى
الضوء. وابرز المنضمين اليها ديبلوماسي
صاحب وزن في العاصمة الاميركية رغم
تقاعده.
ريان كروكر، مهندس الشق السياسي لخطة
«زيادة القوات» التي اسهمت في تثبيت الوضع
الامني في العراق، دعا الحكومة الى مباشرة
الحوار مع الحزب اللبناني، الذي تصنفه
واشنطن في خانة التنظيمات الارهابية.
دعوة كروكر الى مباشرة الحوار مع «حزب
الله» ليست فريدة من نوعها. قبله اطلق
مستشار الرئيس باراك اوباما لشؤون الارهاب
جون برينان دعوة مماثلة. حتى بين
الجمهوريين تعلو اصوات مشابهة مثل دعوة
السناتور عن ولاية تينيسي بوب كوركر،
المؤيد لاسرائيل والذي انهى زيارة الى
لبنان وسورية قبل ايام، الى «الانخراط» مع
«حزب الله». الى جانب الديبلوماسي السابق
كروكر جلس الاكاديمي ريتشارد نورتن، وهو
قبل زمن قليل كان وحيدا في دعوته الى
«الحوار مع حزب الله».
«تقييم قوة حزب الله»، كان عنوان جلسة
عقدتها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس
الشيوخ، اول من امس، وشهدت انقساما حول
طريقة التعامل مع هذا الحزب. استخدم
المنقسمون كل الادوات التي بحوزتهم لتعزيز
وجهات نظرهم، فاستحضروا حرب يوليو 2006،
وخطة «زيادة القوات» في العراق، وزيارة
رئيس حكومة لبنان سعد الحريري الاخيرة
لواشنطن، وتقارير «الراي» من واشنطن
وبيروت عن ترسانة «حزب الله» الصاروخية
وفقا لتصريحات مصادر اميركية ومصادر في
«حزب الله».
الجلسة، التي استمرت ساعتين، كانت حاشدة،
وحضرها خمسة اعضاء في مجلس الشيوخ، هم
رئيسها بوب كايسي، والديموقراطيان جين
شاهين وتيد كوفمان، اضافة الى الجمهوريين
بوب كوركر وجايمس ريش. عن الحكومة ادلى كل
من مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق
الادنى جيفري فيلتمان ومنسق دائرة «مكافحة
العنف المتطرف» دانيال بنجامين
بشهادتيهما. اما كروكر ونورتن والباحثة
دانيال بليتكا فادلوا بشهاداتهم بصفة
خبراء.
فيلتمان، كرر الموقف الاميركي المعروف بان
الولايات المتحدة لا ترى اي فارق بين جناح
عسكري وآخر سياسي في «حزب الله» حتى تباشر
بحوار. واعتبر ان على عكس الوضع السائد
قبل يوليو 2006 عندما كان الحزب يقوم
بعمليات متكررة عبر الحدود ضد اسرائيل، لا
يستطيع «حزب الله» اليوم شن عمليات ضد
اسرائيل من دون تكلفة سياسية باهظة. وذكر
ان «حزب الله» حاول خطف جنود اسرائيليين
في نوفمبر 2005، وان واشنطن حذرت
المسؤولين اللبنانيين من رد فعل اسرائيلي
عنيف في حال تكرار المحاولة، لكنه قام
بخطف جنود في 2006 مما ادى الى حرب يوليو.
اليوم، الهم الاول لدى فيلتمان وحكومته
على المدى القصير تبريد الاجواء في
المنطقة بتحذير الاطراف كافة من مغبة
الحرب. اما على المدى الطويل، فيراهن
الديبلوماسي المخضرم على سلام شامل،
«يتضمن سورية»، وكأن فيلتمان يقول ضمنيا
بان هكذا سلام كفيل بإلغاء وظيفة سلاح
«حزب الله» في حال التوصل اليه.
فيلتمان اعتبر ان قوة «حزب الله» السياسية
تتراجع، حسب نتائج الانتخابات النيابية
والبلدية وحتى النقابية والطالبية، وقال:
«(الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن)
نصرالله يريد ان يقاتل باسم ايران وسورية
حتى آخر لبناني، ولكن ليس كل لبناني مؤيدا
لنصرالله وحروبه».
الديبلوماسي الآخر بنجامين، الذي زار
سورية في مارس الماضي، وينوي زيارة
اسرائيل الاسبوع المقبل، كرر ما قاله
فيلتمان عن عدم وجود اكثر من جناح داخل
«حزب الله»، وعدم جدوى الحوار مع هذا
الحزب، اذ قد يسهم الحوار في تقويض سياسة
اميركا في مكافحة الارهاب عموما ويفسد
سياستها في عدم الحوار مع حركة «حماس»
الفلسطينية، او تنظيم «القاعدة»، او
تنظيمات اخرى تصنفها واشنطن ارهابية. الحل
لدى بنجامين، كما فيلتمان، هو تبريد
الاجواء في المنطقة، وهو ما سيحاول فعله
في تل ابيب.
لكن الخط الحكومي الرسمي، لم يلق آذانا
صاغية لدى جميع الحاضرين. السناتور كوركر
قال لفيلتمان انه سمع تأييدا عند العامة
اللبنانيين لـ «حزب الله» اثناء زيارته
الاخيرة، ثم سأله عن طرح السفير كروكر
بالحوار مع هذا الحزب.
كرر فيلتمان موقف الحكومة الرافض للحوار،
وقال: «نحن لا نحاور حزب الله، ولا ارى ان
هذه السياسة ستتغير طالما يحافظ حزب الله
على ميليشياته المسلحة».
بعد كروكر، سأل السناتور كايسي
الديبلوماسي بنجامين عن تصريحات برينان
الداعية للحوار. فرد بنجامين، والحرج باد
على وجهه، ان «التعليقات تم استخدامها
خارج سياق مضمونها».
ثم جاء دور كروكر، وهو خدم سفيرا لبلاده
في لبنان وسورية والعراق. حاول
الديبلوماسي المتقاعد الاشارة الى امكانية
نجاح تكرار تجربة الحوار الاميركي مع
عراقيين كانوا يقاتلون الى جانب «القاعدة»
ضد الجيش الاميركي، ثم انقلبوا الى حلفاء
للاميركيين. وقال: «من الخطأ ان ننظر الى
حزب الله كدمية بيد الايرانيين
والسوريين... كما ان حرب 2006 اظهرت انه
لا يمكن نزع سلاح حزب الله بالقوة وحدها».
واضاف انه يعتقد ان على واشنطن تسليح
وتقوية الجيش اللبناني، «لا ليواجه الجيش
حزب الله، ولكن لتغيير نظرة اللبنانيين
حول جيشهم الذي من المفروض ان يكون قادرا
على تأمين الحماية لهم».
وتابع، كروكر ان على اميركا والعالم تقديم
المساعدة المالية للحكومة اللبنانية، وقال
ان هذه المساعدة، فضلا عن تقوية الجيش، قد
تساهمان في «اعادة حسابات» بين اللبنانيين
الشيعة الداعمين للحزب.
كذلك اعتبر ان الدعم اللبناني للحزب يتخطى
الطائفة الشيعية، واقترح مباشرة «الحوار
مع حزب الله» بهدف «اعادة تكرار تجربة
العراق».
اما بليتكا، فخالفت الداعين الى الحوار،
واشارت الى امكانية تورط «حزب الله» في
عملية اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية
السابق رفيق الحريري. كما اشارت الى
تصريحات مسؤولين في الحزب الى «الراي» عن
امتلاكهم صواريخ «م - 600» بعيدة المدى،
كذلك اشارت الى المعلومات التي اوردتها «الراي»
من داخل واشنطن عن تدريب سورية لمقاتلين
الحزب على استخدام صواريخ «اس ايه 2»
المضادة للطائرات.
وختمت بليتكا انه «في وقت كان الحريري
مجتمعا مع اوباما، ظهر رئيس لبنان ميشال
سليمان على تلفزيون المنار التابع لحزب
الله لدعوة اللبنانيين الى تأييد العمل
العسكري للحزب وتبنيه، في محاولة واضحة
لنسف اي جهود للحوار والحلول السلمية». |