كثرٌ
هم المعنيّون، القيّمون على عمال النظافة،
الذين يتحدّثون عن أهمية وقدسيّة هذه
العمالة، ودورها في إظهار الجانب الحضاري
للمدينة، من خلال المحافظة على جماليّتها
ونظافتها
وفي المقابل، قلّة منهم يقفون على واقع
هذه العمالة وحالها.. بمعنى أنهم يتحدّثون
عن واجبات هذه العمالة، والميزات التي
تتمتع بها، من حوافز وطعام وبدل لباس وما
شابه، متناسين ومسقطين الجانب الآخر من
الحديث، ألا وهو حقوق هذه العمالة
وميزاتها الضائعة التي لا يرون منها إلا
الراتب المثقل بالعقوبات والحسومات
المالية؟!.
¶ من يسمعنا
يومياً، وأنا في طريقي إلى عملي، يستوقفني
عاملا نظافة، يبحثان عمّن يسمع مشاكلهما،
عمّن يمنحهما أذناً صاغية، يشكوان ألمهما،
يريدان حلاً لإدارةٍ تستعبدهما، وتطالبهما
بوزرٍ لا يقويان على حمله، وفي المقابل
تتجاهل مطالبهما وتصفها بالطمع.
أول الأمور التي اشتكى منها عاملا
النظافة، موضوع اللباس، وعدم وجود اللباس
البديل، حيث قالا: «هل صادفت يا أستاذ
عامل نظافة يرتدي قفازات، وإن صادفت
فحكماً ستجدها ممزقة؟، وهل صادفت عامل
نظافة ثيابه نظيفة وغير ممزقة، ورائحة
النتانة تفوح منه، والسبب ليس قلّة نظافة
العامل، إنما لأنهم يعطوننا لباساً دون
بديل، ونحن لا نستطيع غسل الثياب
وارتدائها في اليوم التالي، وخاصة في
الشتاء، فمن غير الممكن أن تجف بسرعة؟.
وأضافا: «أين الوجبة الغذائية التي
يتحدّثون عنها، والأحذية التي نسمع ونراها
مرة واحدة في السنة؟.
¶ عمال مؤقتون
في مديرية نظافة دمشق قرابة 4800 عامل
نظافة، الغالبية منهم يتقاطعون بوصفهم
عمالة مؤقتة غير دائمة، ويختلفون في سنوات
خدمتهم، حيث تتراوح سنوات الخدمة بين
سنتين و15 سنة، ومع ذلك مازالوا عمالاً
مؤقتين، حيث لا استقرار ولا ضمان ولا
تقاعد، وعليه إلى متى؟!.
¶ مكافآت وإضافي..
معلوم للجميع أنّ دخل عمال النظافة، كراتب
مقطوع، ضعيف جداً، لجهة أنّ معظمهم من
الفئة الوظيفية الخامسة، حيث لايتجاوز
الراتب 6500 ليرة، وللتعويض يتمّ منحهم
100 % طبيعة عمل، إضافة إلى إضافي يصل إلى
80 % للعمل الليلي.
وهذه الإضافات لا تعدّ حسنة جارية أو
صدقة، إنما حقيقة يستحقّونها لطبيعة
المهنة، والحاصل أنّ هذه الإضافات يأخذها
عمال النظافة باليد اليمنى، ويدفعونها
حسومات وعقوبات باليد اليسرى؟!.
¶ نوليهم اهتمامنا
المهندس وليد جحا، مدير نظافة دمشق، أكّد
أنّ مديرية نظافة دمشق تولي عمالتها كلّ
الاهتمام والرعاية، ضمن نطاق صلاحياتها
وإمكاناتها، مؤكداً أنّ ميزات عمال
النظافة جيدة، فهناك اللباس والأحذية
والوجبات الغذائية والمشمع المطري
والطبابة والإضافي وما شابه.
معترفاً بتواضع دخل هذه الفئة، التي ينظم
حجم راتبها قانون العاملين الموحّد، على
أنّها تعوّض من خلال نظام المكافآت
والإضافي وطبيعة العمل ليتضاعف الأجر
ثلاثة أضعاف وأكثر.
أمّا في موضوع العقوبات، والحسومات
المالية، فيقول جحا: «نحن نتخذ هذه
العقوبات بحقّ العمال المهملين الذين لا
يتمتعون بحسّ المسؤولية، والذين نجد
قطاعهم غير نظيف، وهم جالسون يتسامرون،
أمّا عندما نجدهم جالسين في ظلّ شجرة،
وقطاعهم نظيف، فلا نقف عند هذه النقطة
أبداً، إذاً عقوباتنا ليست بسبب جلوسهم،
إنما بسبب عدم نظافة قطاعهم، واتخاذ أيّ
إجراء يعتبر من حقنا».
وفي موضوع العمالة المؤقتة، أكّد جحا أنّ
هذا الأمر خارج صلاحيات المديرية، ويعود
القرار في ذلك إلى رئاسة مجلس الوزراء،
وموضوع موازنة الدولة، وخلافها.
ما تقدّم لا يلغي حقائق الأمور، ولا يفسد
للودّ قضية، من هذا المنطلق تبقى شكوى
عمال النظافة بخصوص «حقوقهم غير الكاملة»
برسم مديرية نظافة دمشق، ومن بعدها
المحافظة، كجهة إدارية أعلى؟!. |