قال موسى
بن عصام (حفيد عيسى بن هشام) وهو يتفقد
أمور الأنام: ما يجري في بعض الدوائر
الحكومية، ومراكز الخدمات العمومية، حيث
المراجعون والمراجعات، يدخلون دوامة
المعاملات، يصيحون الآه ويطلقون الزفرات.
فالموظف فلان مشغول، يتحدَّث على جهازه
المحمول، والآخر في إجازة مرضية، مفتعلاً
نوبة قلبية، أو تراه ينكب على الجريدة،
يفكر في أمور عديدة.
«يا لهذه الكلمات المتقاطعة العنيدة». وإن
نطقوا بأي كلام، فهو «عد غداً أو بعد
أيام»، ناهيك عن تجاهل السلام. ويبقى
المراجع المسكين مذهولاً، يمارس لعبة
الصعود والنزول. وعندما يطلب الحلول، يظهر
مستخدم كالعفريت العتيد، ويسأل المراجع
عما لديه من رصيد؛ فلكلّ داء روتيني دواء،
والدراهم كالمراهم على حد سواء. يبتسم
المستخدم النحيل، منشداً «رشرش حبك يا
جميل».. أما سمعت ما قيل: «ادفع بالتي هي
أحسن»؛ فمعاملتك من سحر المنجمين ألعن.
وعند ظهور الـ»خمسميات»، تفتحت كل
الطرقات، وارتسمت على وجوه الموظفين
الابتسامات.. «أهلاً أهلاً بالمواطن
الكريم، نحن في خدمتك نهيم». ويظهر فجأة
الختم المنشود، الذي عفن في الأدراج وأكله
الدود، وقد كتب على الورقة للمفارقة، تحت
توقيع الموظف «مع الموافقة».. دهش موسى
لما رآه، فصدّق أو لا تصدق يا رعاك الله. |