في خطوة
جريئة هي الأولى من نوعها في دولة تعيش
حالة من الديكتاتورية والاستبداد منذ وصول
قادتها إلى الحكم منذ أكثر من أربعين سنة،
تعترف ضمناً أنها مارست الظلم والقمع بحق
عدد كبير من المواطنين تعسفياً، وتعلن على
الملأ أنها ستدفع تعويضات لبعض الذين
سجنوا بدون وجه حق في أحدث خطوة ضمن جهود
لإنهاء تاريخ حافل بالمآسي والويلات من
الانتهاكات لحقوق الإنسان فيها.
فقد ذكرت وزارة العدل الليبية في بيان
بموقعها على الإنترنت أن فئات السجناء
السابقين الذين يحق لهم الحصول على تعويض
مالي تشمل أفراداً احتجزوا بدون محاكمة
وسجناء أدينوا ثم برئت ساحتهم فيما بعد.
وجاء في بيان وزارة العدل الليبية (أن
المسؤولين سيبدأون دفع التعويضاتاعتباراً
من يوم الأحد 8 تموز الحالي).. وورد في نص
البيان أن القرار (يشمل الأفراد الذين
أفرج عنهم بعد انتهاء مدة عقوبتهم والذين
برئت ساحتهم بعد احتجازهم والذين قضوافترة
قيد الاحتجاز بدون تقديمهم للمحاكمة).
ونشرت صحيفة (أويا) ذات النفوذ التي
تربطها صلات بسيف الإسلام (أن السجناء
الذين سيحصلون على تعويضات هم أعضاء
سابقون في (الجماعة المقاتلة الإسلامية
الليبية) التي سعت للإطاحة بالقزافي.
وقالت الصحيفة - نقلا عن مصادر وصفتها
بالمطلعة – (أن التعويض سيتراوح بين 1000
و2000 دينار ليبي (790 و1580 دولاراً) عن
كل شهر في السجن).
في سورية حالة شبيهة ومتقدمة عن تلك
الحالة التي يسعى أهل الحكم في طرابلس
لإيجاد حل لها وتسويتها، فدمشق أقدمت على
سجن الآلاف بغير وجه حق منذ العام 1979
وأقدمت المحاكم الميدانية التي شكلتها
بغير مسوغ قانوني بإصدار أحكام الإعدام
بحق المئات، والسجن بحق الآلاف لمدد
طويلة، ولا يزال بعض من أودع السجون
والمعتقلات ونجوا من الإعدام يقبعون في
هذه السجون والمعتقلات وقد مضى عليهم أكثر
من ثلاثين سنة، إضافة إلى فقدان ما يزيد
على 17 ألف سجين لم تعلن دمشق عنهم إن
كانوا في عالم الأحياء أو الأموات، وهذا
رتب مشاكل اجتماعية لا حصر لها، انعكست
على عوائل الذين اعتقلوا والذين أعدموا
والذين فقدوا دون تسوية أوضاعهم، وحتى
أولئك الذين أفرج عنهم بعد سنين طويلة من
الاعتقال دون محاكمة، هم محرومون من
الحقوق المدنية وممنوعون من السفر
ومحرومون من الوظيفة
ومضيق عليهم في الرزق، ويعيشون في ظروف
إنسانية لا تحتمل، إضافة إلى ملاحقتهم
وترصد حركاتهم وإعادة اعتقالهم في كثير من
الحالات.
فهل سيكون عند أهل الحكم في دمشق الشجاعة
في اتخاذ خطوة إنسانية متقدمة كما فعلت
طرابلس وتضع حداً للاعتقال التعسفي
والملاحقة غير القانونية وان تنصف من كان
ضحية لقمعها وملاحقتها ونفيها للمواطن
السوري الذي يحمل أفكاراً معارضة لسياستها
الداخلية والاقتصادية، وتفرج عن الآلاف من
المعتقلين في سجونها وأقبيتها ومعتقلاتها
وزنازينها وغرفها المظلمة، وتلغي القوانين
الجائرة ومراسيمها القاهرة الظالمة، وفي
مقدمتها القانون رقم (49/1980) الذي يجرم
كل من ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين
وتحكم عليه بالإعدام بأثر رجعي، وتفتح
أبواب الوطن لعودة المنفيين منتصبي القامة
وتكفل لهم كرامتهم وعدم ملاحقتهم وتتيح
لهم الفرصة للمشاركة في بناء الوطن والذود
عنه، بما لديهم من خبرات وإمكانيات مادية
وعلمية اكتسبوها خلال وجودهم في المنافي
لأكثر من ثلاثين سنة؟! |