فيما يصر اعضاء لجنة الشؤون الخارجية
في الكونغرس، على ضرورة مقاطعة «الاخوان
المسلمين» في مصر، واتخاذ موقف صارم من «حكومة
حزب الله ورئيسها نجيب ميقاتي»، تسعى
وزارة الخارجية، في محاولة اخيرة، الى
اعطاء الاثنين فرصة، ليصار بعد ذلك الى «تقييم
تصرفاتهما في الحكم، والتعاطي معهما على
اساسه».
المواجهة بين الكونغرس والوزارة، جاءت
اثناء جلسة الاستماع الثانية التي عقدتها
اللجنة بحضور وكيل وزيرة الخارجية جايمس
ستاينبرغ، وما كادت الجلسة تبدأ حتى وردت
انباء عن قيام وزارة الخزانة بفرض عقوبات
على «البنك اللبناني الكندي» بحجة ارتباطه
بعمليات تبييض اموال يديرها المدعو ايمن
جمعة، المرتبط بدوره بـ «حزب الله».
وراء كواليس قاعة اللجنة، وقبل بدء الجلسة،
حصلت دردشة. رئيسة اللجنة اليانا روس
ليتنن، وهي من الحزب الجمهوري، قرأت افادة
ستاينبرغ واعتبرتها «ضعيفة»، خصوصا في ما
يتعلق بـ «حزب الله وميقاتي».
روس ليتنن ترغب في رؤية المزيد من الصرامة
الاميركية، وترغب في التجميد الكامل
للمساعدات الاميركية الى لبنان وحتى
العلاقات بين الدولتين، اذ «ما زال حزب
الله وايران وسورية يسيطرون على السلطة في
بيروت».
تقرأ روس ليتنن بيان وزارة الخزانة، وتسأل
عن امكانية «ارتباط البنك بمسؤولين
لبنانيين آخرين قد يدخلون حكومة» ميقاتي.
ثم تنفرد بالحديث مع مساعديها.
يقول احد مساعدي روس ليتنن ان «رئيسة
اللجنة حانقة على وزارة الخارجية»، وانها
تردد «ليت الخارجية يتصرفون مثل الخزانة».
تعترض روس ليتنن على ما تسميه «غياب
الاستراتيجية الاميركية في التعاطي مع
الاحداث في مصر ولبنان».
تشير روس ليتنن في اثناء الجلسة الى ان
المشكلة في مصر ان علاقة واشنطن مع
القاهرة «مرتبطة بشخص واحد فقط»، في حين
ان البديل هو «الاخوان المسلمين». نبذة
عما ستؤول عليه الاحوال في مصر في حال
تسلم الاخوان الحكم، حسب روس ليتنن، ممكن
الاطلاع عليها في لبنان «حيث تحكم مجموعة
تتدعي الاسلام، وتضرب اصول الديموقراطية،
وترهب خصومها السياسيين».
جلس خلف ستاينبرغ عدد من الايرانيين
الناشطين مع «مجاهدين خلق»، وقد ارتدوا
قمصاناً صفراء كتب عليها «احموا مخيم
اشراف»، الذي يؤي عدد كبير من اعضاء
المنظمة وعائلاتهم في العراق. اشارت روس
ليتنن الى الناشطين المنتشرين في القاعة
وحيتهم، قالت انها تأمل بانهيار «الديكتاتورية»
في ايران.
اعضاء اللجنة الحاضرين في الجلسة من اصحاب
الوزن، مثل الديموقراطيين هاورد بيرمان
وغاري اكرمان، يشاركان روس ليتنن مخاوفها
من «الاخوان المسلمين». بيرمان يريد رؤية
ديموقراطية في مصر، ولكنه ليس متحمسا
لسيطرة الاخوان على الحكم.
يتوجه اكرمان الى ستاينبرغ، ويسأله، «ماذا
يحصل في حال رفضت حكومة ميقاتي التعاون مع
المحكمة الدولية الخاصة بلبنان»؟ يريد
اكرمان ان يسمع اخبارا على نسق العقوبات
التي تم فرضها على «البنك اللبناني الكندي»،
اي عقوبات ومقاطعات ديبلوماسية بحق لبنان
تحت حكم ميقاتي.
يجيب ستاينبرغ ان موقف الحكومة الاميركية
من حكومة ميقاتي سيكون مبنيا على «افعال»
هذه الاخيرة حصرا، فان قامت بالالتزام
بتعهدات لبنان الدولية مثل القرارات 1559
و1701 ودعم المحكمة الدولية، فان العلاقة
بين واشنطن ولبنان ستبقى على حالها كما هي
الآن. لكن ستاينبرغ لا يجيب عن الامكانية
الثانية، اي في حال قامت حكومة ميقاتي
بالغاء البروتوكول الخاص بالتعاون مع
المحكمة.
يحاول اكرمان تقديم افكار لمعاقبة الحكومة
اللبنانية في حال تخليها عن التزامات
لبنان الدولية. يقترح انه في حال اوقفت
بيروت تمويلها لـ 49 في المئة من اجمالي
موازنة عمل المحكمة، توقف واشنطن كل
الاموال المخصصة للمساعدات المدنية
والعسكرية الى لبنان، وتستخدم هذه الاموال
لتسديد حصة لبنان الى المحكمة.
تتكاثر اسئلة اعضاء الكونغرس، ولا يجيب
ستاينبرغ بأكثر من العموميات. تصل الانباء
الى الحاضرين في الجلسة من القاعة
المجاورة، حيث يدلي مدير «وكالة
الاستخبارات المركزية» ليون بانيتا بافادة
امام احدى اللجان، ويقول فيها ان الرئيس
المصري حسني مبارك «سيتنحى هذا المساء».
يقوم احد اعضاء الكونغرس من مقعده، ويهمس
في آذان احد مساعديه ممن يجلسون خلفه: «مبارك
بقي 30 عاما في السلطة، وهو سيأخذ 30 عاما
اخرى ليغادرها، والاستاذ هنا (ستاينبرغ)
لم يلاحظ ان امر حكومة لبنان يأتي من
ديكتاتور آخر يجلس في دمشق، وكأننا في صف
جامعي للعلوم السياسية، لا كأننا قوة عظمى». |