‮انقباض في القلب توتر وقلق وغشاوة تعمي العيون في لحظتها ..
لا شيء مهم، حتى الدموع قد لا تجد طريقها، هي حالة أشبه بموت بطيء وسط صمت كل الكائنات في الأرض، ووسط ألم سببه «خيانة» لا تميز قلباً قوياً من قلب ضعيف، كل القلوب عندها سواء أيّما كانت طبيعة البشر ..
وفي محاولة البحث في قلوب تذوقت طعم الخيانة ليكون وصف لحظات الألم أكثر دقة، سألنا نساء عرفن طعم الخيانة ليسردن حكاياتهن باختصار لا يخلو من الذكريات المريرة المختصرة بكلمات..


¶ «هالخد تعوّد على اللطم»
«شعرت بأنني مجرد حذاء» و رغم قبح الكلمة حين تكون وصفاً لمشاعر، إلا أنها الكلمة الوحيدة التي استطاعت (ن.أ) أن تصف فيها مشاعرها .. لكن محاولة وصفها بدت لا تساوي شيئاً أمام سكين ذبحت صوتها وخنقت حروف كلماتها .. إلا أنها تابعت كمن يرغب في أن يخفف عن نفسه ألماً قديماً..
تضحك (ن) ساخرة وتتابع : «الطعم يبدو مختلفاً عن المرة التي تسبقها ولكل مرة مرارتها الخاصة، ولكن لا أخفيك:«هالخد تعود على اللطم». وعما إذا كان هناك مبرر للخيانة تقول (ن): «ما من سبب، لكن النفس أمّارة بالسوء وهناك من خلت قلوبهم من الإنسانية يركضون وراء شهواتهم الدنيئة ».


¶ خيانة بغاية التغيير!!
غريبة هي الخيانة، بما تحمل من احتمالات متشعبة وأسباب ومبررات كثيرة ونوايا أيضاً مختلفة، لكن أساها واحد، كما تصنفها (مريم حداد): «هناك خيانة لغاية التغيير وهؤلاء يعتبرون زوجاتهم كأي شيء يمكن تبديله.. وهناك خيانة نعرِّفها نحن بـ «نزوة»، وهناك خيانة رجل يحب زوجته لكنه خائن، وخيانة يرمي الرجل سببها على زوجته.. وهناك قلوب تشفى وقلوب تحمل الألم حتى الموت . فعندما نحبُّ شخصاً و يخوننا لا يندمل جرحنا بسهولة وهذه حالتي.. أما إن لم نكن نحب كفاية، فالجرح يوقف نزفه الزمن، لكن أثره يبقى».


¶ عذر أقبح من ذنب..
لا توفر الخيانة قلباً إلا وتلتهمه ..خيانة، لا يرغب أحد في تذوق طعمها، كما لم تتمنّ (رانيا 30 عاماً) تقول رانيا : «أبحث عن نافذة حرية ولا يمكنني أن أتخلص من ذاكرتي بعد مرور عام كامل على خيانة زوجي والزواج بأخرى وبعذر أقبح من ذنب.. فالعذر أحياناً يكون أكثر قذارة من الخيانة نفسها، حين يختلق الرجل حجته وهو يعلم علم اليقين أنه لن يجد مبرراً مقنعاً» .


¶ السكوت حلاً؟؟
ولكن ما الذي يدفع كثيراً من النساء إلى السكوت ورش الملح على الجرح؟! سؤال توجهنا به إلى كثيرات و معظم الإجابات كانت ( لدي أولاد ..تمسكه بي واعتذاراته ..لا مكان ألجأ إليه )..وبعضهن حزمن حقائبهن واتجهن إلى طريق دون أن يفكرن ما إذا كان أشد قسوة من قبول الخيانة ذاتها.
(نادية .ب) بدت أكثر قوة، فالشابة ابنة الخامسة والعشرين، عرفت معنى الخيانة، لكنها اختارت طريقها كما تقول وأضافت: «لا أنكر أن الألم وصل إلى العظم، لكنني لم أندم على قراري يوماً ورفضت العودة إلى الموت، لأن التسامح في حالة الخيانة لا يجدي نفعاً ..وهل نضمن أن لا تعضنا الذئاب مرتين؟»
بعض النساء يرفضن ترك أزاوجهن لأخرى وبعضهن الآخر يفكرن في الانتقام.. حول هذا، أجابت (نادية) : «أترك كل شيء للزمن.. فكل إنسان سيشرب من الكأس التي سقى منها سواه.. فأي امرأة تبني سعادتها على حساب امرأة أخرى وأي امرأة ترضى أن يخون شريك شريكته معها، تأكدي أنها ستكون انتقاماً بحد ذاته .. فهي لا شك، لا تحمل مشاعر الإنسانية، مهما ادعت أنها تحب أو قد تكون مريضة نفسياً وأياً كانت فهي «بلوة» يستحقها رجل خائن»
«المواجهة بشعة، وجميعنا نتمنى نكران أزواجنا لخيانتهم لنا ضمنياً، لأننا نعتبر النكران دليل تمسك» هذا ما قالته (جنان. ح) تتابع جنان : «الخيانة جرح لا يشعر به الرجل إلا إذا خانته امرأة».
أيضاً (منى .ض) تقول: «في كل مرة كان زوجي يعود وكأن شيئاً لم يكن، ويكتفي بطلب السماح، لأنه لا يرغب في أن يخسر عائلته، ولا أن يخسر ما أتاحته له الدنيا من نساء، لكن القدر كان أقوى من جبروته وقد خسر كل شيء، خسرني أنا وخسر أولاده ثم نساءه بعد أن أصبح خاوي الجيوب»..


¶ مبررات زوج خائن..
ولكن ماذا عن رأي زوج قد خان .. يقول (طارق.ج) : «كلنا لدينا مبرراتنا التي نختلقها في لحظة المواجهة، وأعترف بخطئي لزوجتي حتى اللحظة، لكنني لم أكن سيئاً.. فهناك من يخون ويواجه الأمر بالقول: هادا الحاضر.. والأشد ألماً حين يطرد شريكته من حياته لمصلحة أخرى».


¶ لكل فعل ردة فعل.. فماذا لو كان هناك ألف فعل؟؟
رغم قناعة (رنا) بأن الخيانة ترد بالخيانة، إلا أنها ترفض في الوقت ذاته خيانة شريك حياتها وتقول: «أي حياة يستطيع هؤلاء أن يعيشوها وهم خونة.. أي حياة وهم بالقذارة يعيثون، يبررون لأنفسهم يحللون ويحرمون؟ ثم هل يقبل المجتمع خيانة المرأة كما يقبل خيانة الرجل؟!!».
وعن إحساسها تقول: «فقدت ثقتي بنفسي وبتّ أرى أني قبيحة أمام مرآة أنظر إليها، فأجد وجه امرأة أخرى يخونني زوجي معها»..
بعضهم يعفو وبعضهم يهجر .. بعضهم قد يبحث عن حب جديد وبعض آخر يفقد الثقة حتى بنفسه..بعضهم يخفي جرحه وبعض آخر ينتقم وتبقى الخيانة شوكة لا يمكن أن يبتلعها أحد دون ألم.

رأي علم النفس..
في بداية الحديث، يذكِّرنا الطبيب النفسي، تيسير حسون، بأنَّ مفهوم الخيانة موجود منذ وجود الإنسان على الأرض، وهو موجود في الكتاب المقدّس من بين التحريمات الأساسية.. كما يعرِّف الخيانة الزوجية على أنها: مشاركة شخص آخر من خارج العلاقة الزوجية الحميمية- الجنسية أو العاطفية ..
¶ الفرق بين خيانة الرجل وخيانة المرأة
يجد «حسون» أنَّ الرجال يشعرون بالخيانة أكثر إذا مارست الزوجة الجنس مع رجل آخر، لأنها بذلك تهدِّد ذرية الرجل، بينما النساء تشعر بالخيانة بشكل أكبر إذا أقام الزوج علاقة عاطفية مع أخرى، وخاصة إذا كانت طويلة الأمد.. كلُّ شخص يقوم بعلاقة لديه افتراضات ثابتة حول العلاقة؛ أي أنَّ الشريكين في العلاقة يختار بعضهما الآخر وفق قيم ومبادئ مشتركة تشعر الطرفين بالأمان وباستمرار العلاقة، وفي حال أخلَّ أحد الطرفين بهذه المبادئ واتَّخذ من اللاإخلاص طريقاً، يشعر الطرف الأخر بأنَّ كلَّ ما بناه تبعثر كلياً، وأنَّ عليه بناء العالم من جديد.. لأنه لم يتوقَّع هذا الشيء، ولأنه لم يكن من افتراضه، ما يؤدِّي إلى ردِّ فعل رضّي نفسي.. يقول: عادة اكتشاف الخيانة يؤدِّي إلى الغضب والإذلال، وبسرعة يأتي الإحباط، ويدخل كلا الطرفين في مرحلة اكتئاب.
¶ أسباب تُعدُّ ولاتُحصى!!
يجد الدكتور «حسون» أنَّ هناك أسباباً كثيرة لا تُعدُّ ولا تُحصى للخيانة، وأنَّ لكلِّ خيانة طبيعتها وأسبابها .. لكن بشكل عام يقول: «كلُّ شخص في أيِّ علاقة، يرغب في أن يكون الآخر محتاجاً إليه دوماً، وأنَّ هناك شريكاً يهتمُّ به ويجعله يشعر بأنه خاص ومميَّز.. وعندما تتوقَّف هذه المشاعر يبدأ البحث عنها خارج المنزل. إذاً، غياب الحب والتواصل بين الشريكين هو من أهم أسباب الخيانة». ومنه يختتم «حسون» رأيه بالقول: «هناك عوامل كثيرة وهناك خيانات عابرة نتيجة ظروف معينة مشروطة بالزمن ربما (كسفر أحد الطرفين).. ولكلِّ حالة سببها الخاص»..