أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

13/12/2010

 

هل يستعين "حزب الله" كسوريا بمحامين دوليين ؟

هيام القصيفي  

 

يعيش لبنان منذ حزيران الفائت على ايقاع الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله واطلالاته التلفزيونية للحديث عن المحكمة الدولية. وعلى خط مواز انطلقت الاتصالات السعودية – السورية التي تبلورت بوجهها الجدي للمرة الاولى اثناء قمة دمشق التي جمعت العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الاسد، قبل ان ينتقلا معاً الى بيروت.
ومنذ حزيران الفائت، يسير البلد على موجتين مختلفتين، واحدة تحاول الايحاء امام الرأي العام المحلي والدول الغربية ان ثمة تسوية تُبحث بجدية لمعالحة تداعيات الاغتيالات التي بدأت تحصل في لبنان منذ عام 2004 وصولا الى آخر الاغتيالات عام 2008 . والثانية ترسم معالم المرحلة المقبلة رفضا للقرار الاتهامي، بوسائل مجهولة، بعيدا عن ملامح التسوية المفترضة بين الرياض ودمشق. لم يتقاطع نصرالله مع الكلام الثنائي بين العاهل السعودي والرئيس السوري، الا في آخر اطلالتين تلفزيونيتن له، حين اعاد بعض الاعتبار اليها عاملا على اعطائها مدى اوسع.
لكن اندفاعة نصرالله نحو المبادرة المفترضة، جاءت في وقت كانت تلك الاخيرة تنفرط تدريجا، وبدا كأن الامين العام للحزب يدخل على خطها في اللحظة التي تأكد له انها لم تعد موجودة.
ففي تلك اللحظات كان الحريري يستعيد حدة مواقفه التصاعدية، ومعه كتلته النيابية ونوابها الذين عادوا الى تصعيد مواقفهم ولهجتهم بخلاف ما كانت عليه الامور قبل اشهر قليلة. وتؤكد مصادر ديبلوماسية في العاصمة الفرنسية، رافقت التحضير لزيارة الاسد لباريس، ان السعودية ابلغت دمشق قبل عشرة ايام تقريبا، ان المبادرة المشتركة انتهت، وهذا ما ظهر جليا في الكلام الذي قاله الاسد امام قصر الاليزيه اول من امس عن عدم وجود مباردة سعودية – سورية.
خرج السعوديون من اللعبة بعدما تيقن لهم انها لم تؤد الى مخرج حقيقي، ما دامت دمشق لم تستطع انجاح حوارها مع ايران و"حزب الله"، وما دام الحزب، ومعه المعارضة ككل، افاد من المناخ الذي اشاعته المبادرة، وحوّلها منصة يقفز منها الى الهجوم المركز على الحريري في ملفات داخلية سياسية وامنية ومالية، ناهيك بالمحكمة الدولية والقرار الاتهامي.
وفي وقت كانت السعودية تنشغل بترتيب بيتها الداخلي واعادة تنظيم شؤونها من خلال النقاشات التي تدور في اروقة المملكة، والانشغال بصحة الملك السعودي، سمع الحريري بحسب اوساط سياسية رفيعة كلاما دقيقا من الرياض عن ضرورة العودة الى لبنان من جولته الخارجية التي كانت المعارضة تتحدث عن انها طويلة الامد، والوقوف بحزم امام محاولات اسقاطه وحكومته والاكثرية والاستعداد لمواجهة المرحلة المقبلة.
ماذا انتجت هذه المستجدات؟ وما هي خيارت الحزب تاليا؟
منذ اللحظة التي بدأ الحديث فيها عن دور ما لـ"حزب الله" في عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، كان لا بدّ من استرجاع مرحلة 7 ايار، وان يعمد الحزب الى مواجهة شبيهة بتلك التي جرت قبل عامين للدفاع الاحترازي عن نفسه. ولا شك ان الحزب اليوم امام خيار عسكري وأمني، لكن تداعيات هذا العمل لن تكون محصورة هذه المرة بأضرار محدودة امنيا وجغرافيا.
ويقول مسؤول لبناني رافق مجريات الحوادث اللبنانية انه حين اطلقت النار على بوسطة عين الرمانة في 13 نيسان عام 1975، لم يكن احد يتوقع ان تتوالى الحوادث الدرامتيكية من حروب التهجير المتتالية والحواجز والحرب الطائفية وحروب الاخوة من كل الافرقاء. فما اشعل الحرب الاولى لم يكن نفسه ما تسبب بانهاء حرب 13 تشرين 1990.
والخشية من انفلات الامور على غاربها، تضع "حزب الله" امام مرحلة خطرة اقليمية ودولية، وتجعله في مواجهة المجتمع الدولي اذا سار في سيناريو تفتيت البلد وليس السلطة الحالية فحسب، لان التفتيت قد يبدأ بخطوة صغيرة، لكن الوضع الاقليمي الراهن وما تعيشه المنطقة في ظل الاحتكاكات المذهبية قد يجعل من الصعب على اي طرف لبنان مهما تكن قوته ان يتحكم في مجرى الاحداث وتداعياتها.
ولا يبدو حتى الساعة ان ثمة مؤشرات توحي ان المجتمع الدولي سيغض النظر عن اي شرارة تحدث في لبنان، كما حصل في ايار 2008، بل ان ثمة تضافرا دوليا ثابتا حيال اي خضة تطاله على خلفية القرار الاتهامي. ثم، ان الوضع الاقليمي لا يسير في اتجاه احتضان مثل هذا السياق التفجيري، في وقت دخلت تركيا على خط الازمة، وعادت الاشارات المتبادلة بينها وبين اسرائيل، واستؤنفت المفاوضات الغربية النووية مع ايران.
ولا ينكر ان الحزب الذي اعد خططه ونشر سيناريو الامساك بالبلد، لا تنقصه القوة لتنفيذها. لكن فائض القوة احيانا قد يكون سببا في فرملة الاندفاعة وشلّ حركته لتنفيذ الحالة الانقلابية التي يريدها. فسوريا التي تقف اليوم في محطة الانتظار لمعرفة هل سيرد اسمها في القرار الاتهامي ام لا، تلقت رسالة قوية كما الحزب، في الساعة التي كان فيها الاسد يتناول طعام الغداء مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، بعد حملة مبرمجة لتأكيد دوره في الحل اللبناني. والرسالة جاءت من لاهاي، اذ للمرة الاولى يصدر كلام واضح وصريح عن المحكمة الدولية عن قرب صدور القرار الاتهامي. ويأتي هذا الكلام المباشر بعد الرسالة التحذيرية التي اطلقها المدعي العام دانيال بلمار في رده على اللواء جميل السيد من ان اي تسليم للوثائق يهدد الامن المحلي والدولي.
من هنا لا يمكن سوريا ان تماشي اي خيار انتحاري قد يسلكه الحزب في لبنان، وقد عُرف عن نظامها انه لم يكن يوما انتحاريا، على غرار نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين. ودمشق التي توجهت اليها اصابع الاتهام عند اغتيال الحريري، عرفت كيف تستفيد من الوقت، لكنها في الوقت نفسه وقعت اتفاقا مع لجنة التحقيق الدولية آنذاك، وأوكلت مكتب بريطاني للمحاماة العمل على الملف.
قد لا يكون امام الحزب هو ايضا خيار آخر، مع تعذر العمل العسكري وعدم توافر موجباته، الا الاقتداء بسوريا ودرس امكان موازاة الخطة الامنية والسيناريو العسكري بالخطة "ب" والتعامل مع مكتبا دوليا للمحاماة لمتابعة القضية دوليا على غرار مع فعلته سوريا ولا تزال، في انتظار التسوية السياسية لاحقا.

المصدر:النهار اللبنانية  - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري