كشف تحقيق صحافي ميداني أجرته صحيفة «الغارديان»
أن كميات هائلة من الأسلحة يجري تهريبها
إلى داخل سورية بطرق شتى، ما يُنذر باتساع
رقعة الصدامات المسلحة بين الجيش وقوات
الأمن السورية من جهة وقوى المعارضة من
جهة أخرى، فيما يرى الكثير من المحللين
السياسيين أن هناك أطرافا دولية معينة
تنتظر أن يوفر لها الرئيس بشار الأسد
المبرر للتدخل العسكري الخارجي بارتكابه
مجزرة شبيهة بالمجزرة التي ارتكبها عمّه
رفعت الأسد في حماة العام 1982.
وتابع غياث عبد الأحد، المراسل الميداني
لـ «الغارديان» الذي اشتهر بتغطياته
الميدانية للحرب على العراق والحملة
لإسقاط نظام حكم الزعيم الليبي معمر
القذافي، عن قرب عمليات تهريب الأسلحة إلى
سورية عبر الحدود التركية ورافق المهربين
الأتراك وهم يجتازونها تحت ضوء القمر
وشاهد عمليات البيع والشراء بين المهربين
والمعارضين السوريين الذين كانوا يحملون
الأسلحة التي اشتروها ويختفون في المناطق
الجبلية الواقعة شمال سورية.
وشاهد عبدالأحد صناديق الأسلحة والذخائر
عندما تفحّصها المعارضون الذين اشتروها،
وسمع أحدهم وهو يُجري مكالمة هاتفية بهاتف
نقال، على ما يبدو مع المسؤولين عنه،
للتشاور في شأن الصفقة، قبل أن يختفي هو
والبغال التي حملت صناديق الأسلحة في
الوعر، خوفا من دوريات الجيش السوري.
ورافق عبدالأحد المعارضين في رحلتهم
الوعرية إلى أن وصلوا إلى قرية سورية
قريبة في قضاء إدلب، فانتظروا خارجها
قليلا إلى أن سمعوا صفيرا خفيفا أطلقه شخص
ما من مسافة قريبة تبين أنه كان إشارة
سرية بين المعارضين، وخلال دقائق وصلت إلى
الموقع شاحنة صغيرة، فتم تحميل الأسلحة
المهربة فوقها وانطلقت إلى مكان مجهول.
وقال ان «تهريب السلاح إلى داخل سورية لا
يقتصر على الحدود التركية، بل هناك تهريب
أسلحة بكميات كبيرة إلى سورية من لبنان
والعراق»، لكنه لم يذكر ما إذا كانت هناك
عمليات تهريب أسلحة إلى سورية من الحدود
الأردنية. واكد أنه «قضى اليوم السابق
لدخول سورية في بلدة تركية برفقة مجموعة
من المهربين الأتراك الذين ابلغوه أنهم
عملوا في الماضي على تهريب البضائع
المختلفة بين سورية وتركيا.
وغالبا ما كانوا يهربون السجائر المهرب من
لبنان عبر سورية وينقلونه إلى تركيا. وذكر
أحد المهربين: «منذ بدأت الانتفاضة
السورية انفتحت أمامنا تجارة جديدة.
فعملنا الآن يقتصر فقط على تهريب الأسلحة».
وللتدليل على ازدهار هذه التجارة اعترف
المهرب لمراسل الصحيفة بأن «الواحد منا
يقوم بـ 3 رحلات يوميا».
وقابل عبد الأحد في بلدة بقضاء إدلب اثنين
من قادة القيادة العسكرية للمعارضين هما
محيو، وهو مجرد مقاتل عادي، وقيادي يُدعى
أبو سليم حدّث عبد الأحد عن الصدامات
المسلحة التي وقعت مع الجيش السوري. واوضح
أبو سليم أنه يقضي وقته متجولا في المنطقة
للاتصال مع المهربين للحصول على الأسلحة،
واكد أنه «لم يكن في البلدة عندما وقع أول
صدام مسلح بين المعارضين والجيش السوري
سوى 30 مدفعا رشاشا من نوع كلاشنيكوف،
بينما فيها اليوم أكثر من 600 رشاش من هذا
النوع.
واوضح أبو سليم: «يبلغ ثمن الكلاشنيكوف
2000 دولار، فيما يصل ثمن الطلقة الواحدة
إلى دولارين».
وشرح عبد الأحد كيف يتجنب المعارضون
السوريون المرور عبر الحواجز التي أقامها
الجيش السوري واستخدام الطرق الوعرة
الموحلة، حيث رافق أبو سليم الذي اصطحبه
بسيارته في تنقلاته في المنطقة. وشاهدا في
إحدى القرى هناك رتلا من الجيش السوري
فاختبأوا في حديقة أحد المنازل إلى أن مرّ
الرتل وواصلا الرحلة، حيث قابلا القائد
العسكري للمعارضة في القرية وهو جهادي
سابق كان يقاتل في العراق سابقا، الذي كان
يقود دراجة نارية ورشاشه على ظهره. واصطحب
الجهادي أبو سليم وعبد الأحد إلى منزل في
القرية كان مقررا أن تجتمع فيه القيادة
العسكرية للمعارضة لاحقا.
وقال عبدالأحد ان «عددا من المسلحين الذين
التقاهم هناك كانوا من حركة الإخوان
المسلمين السورية». واضاف أن «المجلس
العسكري عقد جلسة له في غرفة جانبية من
المنزل في تلك الليلة. لاحقا وصل إلى
المنزل اثنان من أبناء قبيلة شمّر
العراقية تبين أنهما يعملان على تهريب
الأسلحة من العراق إلى سورية. وكان في
حوزتهما 10 رشاشات كلاشنيكوف وراجمة «آر
بي جي» مع 6 صواريخ خاصة بها ورشاش متوسط
الحجم، ظهرت أنها قديمة، لكن سرعان ما
تبين أنها في حال جيدة».
وأكد أحد الشمّريين أنه أبلغ الأشخاص
الذين اشترى منهم الأسلحة في العراق أنه «سيحمل
هذه الأسلحة إلى الإخوان في سورية، فأكدوا
له أن الأسلحة سليمة. وتم الاتفاق بين
الطرفين على اتمام الصفقة حيث دفع
المعارضون السوريون لقاء كل كلاشنيكوف
1600 دولار ولقاء كل «آر بي جي» 5000
دولار من دون الصواريخ. أما الرشاش متوسط
الحجم فبيع بـ 5000 دولار». |