أشار
استبيان على الموقع الإلكتروني لجمعية
المحاسبين القانونيين إلى أن 73% من
المحاسبين يرفضون القانون 33 الناظم لمهنة
المحاسبة، بينما كانت الموافقة على ما ورد
في مواد القانون بنسبة 19% فقط، والبقية
كانت آراؤهم "ربما"، بمجموع مستطلعين
يقارب 819.
لماذا يرفض المحاسبون المرسوم الناظم
لمهنتهم بعد خمسين عاماً من صدور المرسوم
1109 سنة 1958؟ وبعد صدور القانون 33
الناظم لمهنة المحاسبة، لماذا يرى 73% من
المحاسبين القانونيين أن القانون لا يلبي
متطلبات العمل المحاسبي؟
إحصائية ضبابية
الإحصائية السابقة لا تُعد وثيقة يُعتد
بها، وفق عضو مجلس المفوضين في هيئة
الأوراق والأسواق المالية الدكتور مأمون
حمدان، فالمشكلة أتت من تقنية الموقع،
"فشخص ساخط على القانون يستطيع أن يرفع
الإحصائية إلى الرقم الذي يريد، وبالعكس،
ومن هذا الباب لا يُعتد بهذه الإحصائية".
وقال رئيس مجلس إدارة جمعية المحاسبين
القانونيين عبد المجيد حمو: "من غير
المعقول بعد هذه التغييرات الاقتصادية
والتشريعات الجديدة أن يبقى عمل المحاسبين
في شكل تقليدي غير محدد المعالم أو
المسؤولية، فلابد من أن يكون هناك وضوح
وتصنيف داخل مهنة المحاسبة بحيث يكون هناك
أناس مزاولون لمهنة المحاسب القانوني
وأناس غير مزاولين للمهنة، وبالتالي لا
يجوز الخلط بينهم، خاصة أن أنواع الشركات
مختلفة، فهناك شركات مساهمة، ومحدودة
المسؤولية، وغيرها".
وحسب الدكتور مأمون حمدان "أتى القانون 33
لعام 2009 لتنظيم مهنة المحاسبة والتدقيق،
ما أعطى مهنة المحاسبة في سورية دفعاً
كبيراً، والكثير من الدول العربية تمنت أن
يكون لديها قانون خاص بمهنة المحاسبين"،
مشيراً إلى أن القانون خطوة جريئة، خاصة
في ظل انتقال الاقتصاد السوري إلى اقتصاد
السوق الاجتماعي أي إعطاء القطاع الخاص
دوراً في الحياة الاقتصادية، وبناء على
ذلك، ولأول مرة في سورية، تبقى للمحاسب
مرجعية وفق القانون، ويصبح هناك تنظيم
مهني لدى المحاسب العادي.
وأوضح عضو مجلس المفوضين: "على بعض
المحاسبين ممن لا تنسجم أوضاعهم مع
القانون أن يوفقوا أوضاعهم، فمن غير
المعقول وجود محاسب قانوني جوال لا يملك
مكتباً، كطبيب بلا عيادة، فالزملاء
القدامى من حقهم مزاولة المهنة، لكن
ليتركوا العمل الوظيفي، فالمكتب ضروري ولا
يتم اعتماد محاسب قانوني لديه عمل آخر،
لأن له دوراً اجتماعياً أولاً، فهو يحمي
المساهمين والمجتمع بتقديمه القوائم
المالية الصحيحة، مما يتطلب استقلاله
الكامل في مكتبه".
تقييم
عاشت المهنة فترة طويلة من الإهمال خلال
أكثر من أربعين سنة، ومن ثم عزف عن التفرغ
لها الكثيرون والتحقوا بوظائف في القطاع
العام أو الإداري أو القطاع الخاص، وبات
التفرغ لها أمراً غير عملي، وتفيد بعض
الإحصائيات بأن أكثر من 75% من المحاسبين
المقيدين هم موظفون في القطاع العام أو
الخاص أو الجهات الإدارية، والشرط الأول
لهذه المهنة اليوم حسب القانون الجديد هو
التفرغ، باعتبار أن المحاسب القانوني يجب
أن يكون مستقلاً، وهو ما ينسجم مع
المعايير العالمية المطبقة في دول أخرى،
لكن التفرغ يتنافى مع واقع كثيرين من
أعضاء الجمعية ويتطلب ممن يمتهن المهنة أن
يتفرغ لها، وهو ما يعني التخلي عن الوظيفة
أو العمل الحر في التجارة أو الصناعة.
يقول عبد القادر حصرية (محاسب قانوني):
"هذا تحد ليس من السهل على من لديه عمل أن
يقبله، لأن فيه مخاطرة، خاصة أن ما سيقدمه
التفرغ ليس واضحاً، وأقل ما يجب توقعه أن
يتيح التفرغ للمحاسب القانوني حياة كريمة
وتقاعداً معقولاً أسوة بالمهن الحرة
الأخرى كالمحاماة والطب، لذلك علينا أن
نقرأ ونفسر الآراء وفق ما ذُكر من
إحصائيات ومتطلبات".
تعديلات
تعديل القانون 33 الذي لم يمض على صدوره
أكثر من بضعة أشهر لن يكون سهلاً، ويضيف "حصرية"
أنه لا يرى داعياً في الوقت الحالي إلى أي
تعديل، بل يستطيع مجلس المحاسبة والتدقيق
(المعني بتفسير القانون) أن يوفر الآليات
المناسبة لإحكام تطبيقه وإقناع أكبر عدد
من المقيدين في الجمعية أو ممن يود دخول
المهنة من الشباب بأنها مهنة تستحق التفرغ
لها وتفتح مستقبلاً باهراً لمزاوليها، ففي
القانون "مزايا كثيرة جداً" وفق "حصرية"،
سواء من ناحية دخول المهنة، أو من ناحية
الفرص التي تتيحها وفرص التطور، و"يمكن مع
صدور قانون صندوق التقاعد أن تُستكمل حلقة
هامة في تنظيم المهنة وتوفير أسباب التفرغ
لها".
الخريطة المالية السورية
تغيرت الخريطة المالية في السنوات الخمس
الأخيرة، فدخلت إليها الشركات الخاصة من
بنوك وشركات تأمين وشركات خدمات، مما غير
من المفاهيم المتبعة لدى الكثير من
الأشخاص، وأوجد وفقاً لما أشار إليه رئيس
جمعية المحاسبين القانونيين، صعوبة لدى
بعض الناس في تقبل التغيير، فمهنة
المحاسبة يجب أن تتوافق مع التغييرات
الحاصلة على الساحة الاقتصادية، وهو ما
عالجه القانون الجديد، فحسب تصنيفات
القانون، كما شرح "حصرية" هناك مدققو
الحسابات وهم المحاسبون القانونيون الذين
حصلوا على شهادة المحاسب القانوني وتفرغوا
للمهنة، وهناك المحاسبون المهنيون وهم
الموظفون في الشركات، ويقومون بتنظيم
حسابات هذه الشركات، وهناك المدققون
الداخليون، ورأى "حصرية" أن ما يجري الآن
هو البداية فقط، فثمة حاجة إلى تطوير كل
الفئات لأن هناك تكاملاً بين الأدوار في
عملية تحضير البيانات المالية وتدقيقها،
فالمرحلة الحالية انتقالية، وهناك فرصٌ
كبيرة وطلبٌ هائل على المحاسبين
القانونيين، لا التقليديين منهم بل
المهنيين.
فالأمور، وبإشراف مجلس المحاسبة والتدقيق
وتعاون جمعية المحاسبين القانونيين،
ستنعكس إيجاباً على المهنة والعاملين فيها
والمستفيدين من خدماتها من بيئة أعمال
ومؤسسات مالية ومصرفية ومستثمرين، حسب "حصرية".
معتمدون
لم يغفل القانون 33 مواصفات المحاسبين
القانونيين الممارسين للمهنة كما ينبغي،
لكنهيئة الأوراق والأسواق المالية تعتمد
كل عام عدداً من المحاسبين القانونيين
لتقديم القوائم المالية لدى الشركات
المساهمة ومحدودة المسؤولية، ولم يتجاوز
عددهم 32 محاسباً لعام 2009 فقط، بينما تم
اعتماد 30 محاسباً فقط لعام 2010، ورأى
البعض أن عدد المحاسبين قليل بالنسبة
للسوق السورية، لكن الدكتور "حمدان" بين
أن الهيئة تعتمد 30 محاسباً قانونياً
وشركة تدقيق، وتفتح الباب لاعتماد كل من
تقدم بالأوراق الثبوتية، مضيفاً أن في
سورية 50 شركة مساهمة و30 مدققاً، وقد
يكون في شركة محاسبة واحدة أكثر من محاسب
قانوني، فهناك شركات محاسبة في العالم تضم
عدداً كبيراً من المحاسبين يصل إلى
المئات.
فيما رأى "حمو" أنه من الطبيعي أن يكون
المعتمدون من هيئة الأوراق المالية محدودي
العدد، لأنهم من ذوي الخبرة والباع الطويل
في هذه المهنة، ولذا لم يتم اختيارهم
عبثاً، فمعظم الشركات تحمل مسؤولية
اجتماعية كبيرة، وفيها آلاف المساهمين،
وعدم وجود محاسب قانوني كفؤ يخلق مشكلة
اقتصادية واجتماعية لدى الشركة، فإن لم
يتم تأهيلهم تأهيلاً علمياً وعملياً فلن
يكون عمل المحاسب ضمن معايير المحاسبة
الدولية المعقدة، وفق عضو مجلس المفوضين.
ويذكر أن القانون رقم 33 للعام 2009 شكل
مجلس المحاسبة والتدقيق برئاسة وزير
المالية، والذي يهدف إلى الإشراف على مهنة
المحاسبة والتدقيق للارتقاء بمستوى
أدائها، والتأكيد على مستوى جودة ودقة عمل
شركات المهنة ومدققي الحسابات في سورية،
والرقابة على الأعمال المحاسبية والمالية
تدعيماً للثقة بأنشطة المحاسبة والتدقيق.
كما حدد القانون الشروط الواجب توافرها
لمنح شهادة المحاسب القانوني، والعقوبات
بحق أي مخالف لأحكام القانون. |