سعر
الصرف نظرياً، هو سعر أية عملة مقابل
العملات الأخرى، وفي العام 2007 تم ربط
الليرة السورية بسلة من العملات بدلاً من
الدولار، وتم اعتماد 44% للدولار، 11%
للجنيه الإسترليني، 11% للين، و33% لليورو،
وذلك اعتماداً على نسبة كل عملة من هذه
العملات في التجارة الخارجية السورية، وتم
فك ارتباط الليرة السورية بالدولار الذي
كان له نتائج ايجابية أولها، حفاظ الليرة
السورية على عدم تقلبها وفقدانها لبعض
قيمتها من جراء الأزمة التي ألمت
بالدولار، فالدولار تخلى عن عرش مملكته
النقدية، هذا ما أكده د. حيان سلمان حول
حقيقة سعر صرف الليرة السورية المعتمد،
والمتذبذب أحيانا بين الصعود والنزول،
وبين التلميحات الحكومية بين الحين والأخر
التي تشيع ضرورة تخفيض سعر صرف الليرة
السورية.
استقرار العملة يرتبط بعوامل داخلية
أما بالنسبة للعوامل التي تؤثر في سعر صرف
الليرة السورية، فأكد د. سلمان أن العوامل
متعددة ومتنوعة، وهي محلية وعالمية ومن
أهمها:
• وضع الهيكل الإنتاجي، فكلما كان الهيكل
الإنتاجي قويا استطاعت العملة أن تحافظ
على سعرها لأنها مرتبطة بعوامل داخلية
أكثر مما هي خارجية.
• واقع التجارة الخارجية والميزان
التجاري، فكلما زاد العجز كان ذلك مقدمة
لتأثر العملة سلباً.
• مدى توجيهات مجلس النقد والتسليف، وخاصة
بعد توسع المنظومة المصرفية في سورية.
• تدخل البنك المركزي في سوق النقد كبائع
أو شار، وهذا ما يسمى بالمصطلحات
الاقتصادية السوق المفتوحة، أي أن البنك
المركزي يتدخل حسب الحالة، فعند زيادة
كمية الدولار في السوق يقوم المركزي
بشرائها كي يحدث التوازن ما بين العرض
والطلب.
• عامل الوقت، أي مع عودة المغتربين إلى
سورية في الصيف تزداد كمية القطع الأجنبي
في السوق، وعندها يحدث تذبذب بأسعار صرف
العملات.
فالليرة السورية استطاعت المحافظة على
قيمتها ضمن حدود تغير تراوح بنسبة 5%،
ومقدار التغير في السنوات الثلاث الأولى
من عمر الخطة الخمسية العاشرة لم يتجاوز
3%.
انخفاض قيمة الليرة يفاقم العجز
وحول تخفيض سعر الصرف الذي سيكون له
منعكساته المتعددة على الاقتصاد الوطني،
أو المسماة اقتصادياً بالتضخم العلاجي،
رفض د. سلمان الدعوات إلى تخفيض سعر الصرف
من اجل زيادة الصادرات، لأن هذا خطأ قاتل
سيؤثر على الصادرات والمستوردات، خصوصاً
وأن الميزان التجاري في حالة عجز، وانخفاض
قيمة الليرة السورية سيؤدي إلى تفاقم هذا
العجز.
سعر الصرف المعتمد في سورية هل هو حقيقي
أو اسمي؟ سؤال يطرح نفسه عند محاولات
البحث في خفايا السياسات النقدية المتبعة
لدينا، وهنا أوضح د. سلمان أنه لا توجد
دولة إلا وتتحكم بسعر صرف عملتها بما يخدم
إستراتيجيتها الاقتصادية الكلية، ولكن لا
يمكن لها أن تتحكم بسعر الصرف بالتأكيد
على المدى الطويل، لأن هناك جهات خارجية
أيضا تتحكم بقضية الصرف أيضاً، وسعر الصرف
المتوازن برأيي يتراوح بين 46 – 47 ليرة
سورية، وهو قريب من سعر الصرف الحقيقي
للعملات الأجنبية، وسعر الصرف ضمن هذه
الحدود متناسب مع وضع الاقتصاد السوري
بجوانبه الإنتاجية والتبادلية والخدمية.
فك الارتباط كان نقطة تحول
سورية فكت ارتباط عملتها بالدولار في
العام 2007 لتربطها بسلة عملات أجنبية،
وقد كان ذلك نقطة تحول وانعطافاً في
السياسة النقدية السورية، ولكن يبقى
السؤال: ما هي نقاط الضعف والقوة في سعر
الصرف المعتمد حالياً؟
عند هذه النقطة أوضح د. سلمان أنه شخصياً
ضد ربط أية عملة بالدولار الأمريكي، وأفضل
اعتماد سلة العملات أو حقوق المسح الخاصة
التي أطلقت في عام 1968 من صندوق النقد
الدولي، لأن ربط العملة الوطنية بعملة
واحدة يفرض عليها التغير وفقاً لمتطلبات
العملة الأقوى.
وأشار د. سلمان إلى أن سورية من أقل دول
العالم تأثراً بالأزمة الاقتصادية
العالمية، وسببها تدخل الدولة في الحياة
الاقتصادية، وإننا نلمح معالم ركود في
العديد من المنتجات كالغزل والنسيج
والمواد الغذائية والصناعات الهندسية،
وهذا الركود الذي بدأ بالكساد يجب أن
يعالج، لأن الكساد إذا زاد عن نسبة ما
واستمر لمدة 6 – 7 أشهر فإنه يتحول إلى
ركود اقتصادي، والكساد والركود بدا ينطلق
لمنتجات أخرى، لذلك نحتاج لسياسة اقتصادية
ونقدية عاجلة لوضع الحلول العاجلة، وخاصة
بعد قبول انضمام سورية إلى منظمة التجارة
العالمية كعضو مراقب.
إلغاء الدعم كذبة اقتصادية
إغراق البضائع المستوردة للسوق السورية،
جملة باتت تثير مخاوف المنتج الوطني الذي
بات خروجه من سوقه الأساسية المفترضة وهي
السوق السورية، لكن إجراءات الانفتاح
الاقتصادي في سورية، وإلغاء التعرفة
الجمركية على الكثير من السلع المستوردة،
مما ادخل المنتج الوطني في منافسة مع
منتجات مستوردة أكثر تطوراً ودعماً من
منتجنا الوطني تحت مسميات المنافسة
العادلة القادرة بحسب قائلها على تطوير
المنتج الوطني، وهنا أشار د. سلمان أن
الشكل الأساسي للإغراق هو بيع أية سلعة من
قبل بلد المنشأ إلى دولة أخرى بأقل من
تكلفتها، ولكن هناك أشكال أخرى من
الإغراق، كاعتماد دولة على بيع سلعة إلى
دولة ما بأقل من سعر بيعها إلى دولة أخرى،
أن يتم تقديم دعم لسلعة ما تخفيضاً
للتكلفة خصوصاً وأن أكبر دولتين في العالم
تقدم الدعم لمنتجاتها هي دول الاتحاد
الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية،
وإلغاء الدعم يعد أكبر كذبة اقتصادية
حالياً، لذلك حددت منظمة التجارة العالمية
الدعم بثلاثة أشكال أحمر يتطلب التقاضي
بين الدول وهو دعم محظور، اخضر برتقالي
مسموح ويتم من خلاله التقاضي بين الدول
على أساس سياسة الإغراق، والاقتصاد السوري
برأيي يحتاج إلى وقفة مع الذات لمعرفة
المزايا النسبية المتاحة لنا، وكيف تحول
هذه المزايا النسبية إلى مزايا تنافسية،
وكيف نقلل التكلفة، لأن هذا التقليل يتم
من خلال زيادة إنتاجية العمل التي تعتبر
مؤشر فعالية الإنتاج، وبالتالي يجب إعادة
النظر في الفلسفة الإدارية الإنتاجية
الموجودة.
أما بالنسبة للإغراق في سورية، فأكد د.
سلمان أن ليس كل تخفيض للأسعار هو إغراق،
فتخفيض الأسعار يكون بفضل ظهور تكنولوجيا
جديدة أو ارتفاع إنتاجية العمل أو بفضل
الاستفادة من وفورات الحجم الكبير.. كل
منظومة اقتصادية يجب أن تسأل نفسها: ماذا
أنتج؟ وكيف أنتج؟ ولماذا أنتج؟ وكيف أربط
الخطة الإنتاجية بالخطة التسويقية؟ لذلك
يجب أن أدرس كل صناعة على حدة، ولماذا زاد
التخديم؟ هل زاد لارتفاع التكاليف؟ هل
المنتجات لا تراعي ذوق المستهلك؟ هل السبب
ضعف التصدير؟ وكلها جزء من المشكلة.. |