مشكلة الاستملاك اليوم من أعقد وأكثر
المشكلات همّاً على قلوب الوحدات الإدارية
والمواطنين، ومن المعلوم أنَّ الأمور وصلت
إلى مرحلة مغلقة، ولم تعد تجدي معها
الشكاوى ولا غيرها، ووقف الجميع موقف
اليأس التام؛ فلا أسعار مقبولة ولا مساحات
منصفة ولا رأفة بالعباد ولا حسن تخطيط..
وقصة (ع.ص) واحدة من قصص مشكلات الاستملاك
في طرطوس، حيث استملكت أرضه الواقعة في
منطقة الشيخ سعد القريبة جداً من مدينة
طرطوس بسعر المتر 16 ليرة فقط،
علماً بأنها واقعة على الطريق الرئيس،
وعندما بقيت «فضلة» صغيرة من الأرض، ذهب
جرياً إلى البلدية لتعيدها إليه بنفس
المبلغ الذي استملكت به والبالغ 16 ليرة،
ولكن البلدية وفق القانون رفضت الأمر، حيث
اشتراها المواطن وفق المزاد العلني بـ4500
ليرة سعراً للمتر. ربما هذه القصة تبيِّن
الحالة التي وصلت إليها مشكلة الاستملاك،
والتي باتت الحديث الشاغل لأهالي القرى،
الذين يؤكِّدون أنَّ العائلة كانت تعيش
على محصول هذه الأراضي التي استُملكت
بأبخس الأثمان، والتي لم تعطَ الحقوق
لأصحابها منذ عشر سنوات وأكثر..
ومن الأمثلة على ذلك أيضاً، شكوى وردت إلى
جريدة «بلدنا»، تفيد بأنَّ العقار رقم
/225/ من منطقة الشيخ سعد والذي أصبح
حالياً ضمن المخطط التنظيمي لمدينة طرطوس،
كان مشمولاً بالقانون /60/ للعام 1979، ثم
عدِّل هذا القانون بالقانون رقم /26/
تاريخ 6/12/2000، وبموجب التعديل أصبح من
حق أصحاب هذه العقارات فرزها إلى مقاسم
بعد مضي 6 أشهر على نفاذ القانون /26/.
ولافت صاحب الشكوى إلى أنَّ بلدية الشيخ
سعد لم تسمح لأحد بفرز عقاره، واليوم تريد
هذه البلدية استملاك كامل العقار 225 الذي
أصبح ضمن التنظيم، وقد حدَّدت سعر المتر
المربع بـ60 ليرة..
صاحب العقار 225 أكَّد خلال شكواه أنَّ
مساحة الأرض كانت 50 دونماً، اخترقها
أوتستراد حمص- طرطوس- اللاذقية، وأُخذ
منها أكثر من عشر دونمات، ولم يدفعوا
لصاحبها مقابل هذه المساحة أيَّ شيء، بحجة
أنَّ تلك المساحة هي مقابل الربع المجاني
الذي يحقُّ للدولة أخذه مجاناً..
الآن تأتي البلدية لتستملك باقي الأرض بعد
حسم المساحة المخصَّصة لحرم الطريق
والشريط الأخضر، وتحدِّد بدل سعر المتر
المربع بـ60 ليرة سورية، بينما المساحة
المتبقّية من العقار هي 295022 م2..
وهنا يبرز سؤال صاحب الشكوى: تمَّ
الاقتطاع من العقار ما يلزم للمنفعة
العامة والبالغ 10 دونمات مجاناً، أليس
ذلك كافياً؟.
وإن كانت البلدية ستبيع الأرض لجمعيات
سكنية، فهل الآخرون أولى من أصحابها
بالسكن؟ وهل ستبيع البلدية هذه المقاسم
بنفس السعر الذي دفعته لأصحاب الأرض؟ وهل
من العدل أن تربح البلدية أضعافاً مضاعفة
على حساب أصحاب الحقوق؟..
أما السؤال الأهم: إن كان سعر كيلو
البندورة 60 ليرة، فهل يعقل أن يكون سعر
المتر من الأرض كذلك؟؟ وإن كان في التعويض
شيء من العدل، فهل سيشكِّل ذلك عبئاً
مادياً على الجمعيات السكنية؟ علماً بأنَّ
سعر المتر من الأرض في السوق هو أكثر
بمئات المرات مما تعرضه البلدية..
وهل يستطيع أيُّ إنسان أن يحصل على أرض
بهذا السعر في رؤوس الجبال أو الوديان أو
في الصحراء؟.. |