أخبار الوطناتصل بنا الرئيسية

14/12/2010

 

غاي : إذا لم تحصل محاولة لتقديم المجرمين إلى العدالة ففي لبنان مشكلة

 

 

مع احتدام بعض المواقف ضد المحكمة الخاصة بلبنان والضغوط الداخلية من اجل وقف عملها، تعيد سفيرة بريطانيا فرنسيس غاي تأكيد دعم بلادها للمحكمة "انطلاقا من دعم السعي الى العدالة الدولية" وضرورة استثمار مسارها، ليس للعقاب بل "لانطلاق الطريق الى مصالحة حقيقية والشفاء في الداخل". واذ تستبعد امكان وقف المحكمة بأي طريقة من تلك التي تثار داخليا، اذ "انها موجودة وستواصل عملها"، ترى ان تهيئات "حزب الله" مبنية على افتراضات مسبقة، اذ لن يكون هناك "اتهام لحزب او حركة سياسية" ولا مؤامرة دولية، وموضوع السلاح يمكن تناوله من باب القرار 1701 وليس من باب المحكمة. مؤكدة ان المحكمة "ليس اداة في ايدي احد بل هي هيئة للعدالة بين ايدي قضاة".
اجرت "النهار" حوارا مع السفيرة غاي تمحور على ملف المحكمة الدولية واستهلته السفيرة بالقول: "اود البدء بالقول ان المملكة المتحدة هي داعم كبير للعدالة الدولية، وقد كانت كذلك لمدة طويلة. وكان لدينا قضاة في المحاكم الدولية منذ عام 1922 وقد قدمنا دعما ماليا إلى محكمة سييراليون ومحكمة يوغسلافيا السابقة ومحاكم اخرى كجزء من سياستنا الخارجية وانسجامنا مع مبدأ السعي الى العدالة الدولية. وقد سعدت للمشاركة الاسبوع الماضي في ندوة اقيمت في الجامعة الانطونية حول "العدالة الدولية والسلام والامن" وإحدى خلاصات هذه الندوة كانت ان العدالة الدولية هي سياسية، وان كل هذه المحاكم اقيمت لاسباب سياسية وهي غالباً سياسية. وانا اقبل هذا المنطق اذ يكون هناك اسباب سياسية وراء انشاء المحاكم. لكن اود القول ان هذا لا ينبغي ان يقوض العدالة التي هي في جوهر قيام هذه المحاكم. واذا نظرنا الى المحاكم الدولية، فان احد ابرز القرارات كانت بين المملكة المتحدة وألبانيا في ما يتعلق بحق الشحن البحري. وكما قلت فان المملكة المتحدة هي داعم للعدالة وذهبنا الى المحكمة التي انشئت لهذا الغرض. وربما يعتقد المرء انه اذا كانت المحكمة سياسية يمكن ان يحصل على ما يريد. هذا ليس صحيحا، لان القرارات الأولى التي اتخذتها المحكمة كان ضد المملكة المتحدة. حين تنشأ هذه المحاكم ويكون لها كيانها الخاص، انها يمكن ان تقدم عدالة مستقلة. اقول ذلك لان ما استخلصته من الندوة الاسبوع الماضي اننا خسرنا او اضعنا مع كل الكلام الذي قيل خلال الاشهر الماضية جزءا من الهدف من اقامة المحكمة. وهذا الهدف هو اولا انها انشئت بناء على طلب الحكومة اللبنانية. ثانيا انها تتعلق باقامة العدالة حيث لم تقم. وثالثا ان ما تقوم به هذه المحاكم عادة هو انها يمكن ان تقدم نوعا من العدالة ليس متاحاً على نحو محلي. واقامة المحكمة الخاصة بلبنان تتضمن امورا كثيرة تتعلق بالحق القوي للدفاع للقيام بما عليه القيام به الى جانب كون المحاكمة علنية مما يعني ان الجميع يمكنه، في حال وصلت الامور الى المحاكمة وآمل ان تصل، ان يتابع هذه المحاكمة وان يخرج باستخلاصاته الشخصية ما اذا كانت العدالة حقيقية ام لا. يجب الا نتعجل لوقف المحكمة عن عملها. اعتقد ان الصراع الجاري الآن هو من اجل وقفها. في حين ان ابرز ايجابية هي ما يتعلق بمسار المحكمة في ذاته. واعرف ان هذه المقاربة بريطانية، لكن يبقى امر حقيقي، ان كل شخص بريء حتى تثبت ادانته. لذلك يجب الا نخشى الذهاب الى المحكمة واثبات براءة من يمكن ان يطاوله الاتهام.
• تتخذ الامور منحى مختلفا في لبنان مع رفض فريق هو "حزب الله" المحكمة بذرائع؟
- نحن نتحدث عن العدالة الدولية، وأعتقد ان لبنان يحتاج الى محاكمة حقيقية. لقد تأثرت في الايام القليلة الماضية في ما يتعلق بالضحايا الأخرى غير رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري ورفاقه، اذ ان المحكمة الخاصة تركز على هذا الاغتيال الاخير وآخرين اغتيلوا في الوقت نفسه الى اغتيالات ذات صلة. لكن واقع الامور ان لدينا مشكلة في ما يتعلق بالعدالة في لبنان وهي مشكلة اغتيالات تحصل من دون اي عقاب. كلنا تأثرنا بأنباء الضحايا، مثل جبران تويني وفرنسوا الحاج في الايام الماضية، والتي ذكرتنا بأن هناك ضحايا أخرى، مما يعني ان هناك مجرمين آخرين وهناك أدلة من حيث المبدأ في مكان الجريمتين او بعض الجرائم الاخرى على غير ما حصل في مكان اغتيال الحريري ومحاولة ازالة الادلة. وواقع الامور انه لم تحصل اي محاولة لجلب هؤلاء المجرمين الى العدالة مما يعني ان هناك مشكلة في لبنان. واذا كان يمكن المحكمة الخاصة بلبنان ان تساعد بطريقة ولو بسيطة من اجل تقديم بعض الاشخاص للمحاكمة، فهو من اجل اظهار ان هناك امكانا لتوقيف اشخاص من اجل جرائم ارتكبت وجعلهم يمثلون امام المحكمة وليس فقط تجاهل الجرائم ومتابعة الحياة كأن شيئا لم يكن. إذذاك تكون المحكمة حققت بعض الايجابيات.
• الا ان لـ"حزب الله" مقاربته الخاصة. هناك اولاً محاولات لوقف المحكمة ومنعها من الاستمرار عبر سبل مختلفة. فما هو رأيك؟
- لست محامية. لكن لا ارى ان من السهل وقف المحكمة ولا اعتقد ان في مصلحة احد ان يوقفها. وكما قلت، فان الهدف من الذهاب الى محاكمة هو من اجل احقاق العدالة في أماكن نفتقدها. ما رأيته مهماً في نقاش الاسبوع الماضي هو ان هناك فارقا بين عدالة تسعى الى العقاب وعدالة يمكن ان تؤدي الى نوع من المصالحة. وهذا يصح ايضا بالنسبة الى دول اوروربية غربية، اذ يجب ألا تكون المحكمة مسارا للعقاب، فليست هذه هي المسألة بل المسألة تتعلق بايجاد الحقيقة والانطلاق منها الى المصالحة. لذلك لا ارى من مصلحة احد وقف المحكمة.
• لكن "حزب الله" يرى مصلحته في ذلك ويعتقد ان اتهامات ستوجه اليه لاسباب متعددة وهو يعتبر المحكمة اسرائيلية من جهة وغير شرعية؟
- انه يفترض انه سيُتهم. لكن لا احد يعرف ما سيتضمنه القرار الظني. لنبدأ من هنا. ثم ان المحكمة أنشئت بقرار من مجلس الامن. لذلك لا يمكن الدخول في نقاش حول سبل وقف عمل المحكمة. اذ انها قائمة وستواصل عملها. ويجب ان نعمل على ان تواصل عملها.
• لكن هناك طلبات ترفع الى الحكومة اللبنانية وتمارس ضغوطاً عليها من أجل اتخاذ اجراءات لوقف المحكمة، بدءاً من موضوع "شهود الزور" وصولا الى وقف التمويل وما الى ذلك من اجراءات؟
ـ لا اعتقد انه من المفيد الاعتقاد ان أياً من هذه الاجراءات سيؤدي الى انهاء المحكمة.
• حتى لو شمل ذلك موقفا يطلبه الحزب من رئيس الحكومة او من الحكومة كلاً؟
- يمكن ان يثير ذلك اسئلة لكن ليس واضحا بالنسبة الي انه سيوقف المحكمة. ولا اعتقد ان النقاش مفيد في طريقة وقف المحكمة. المفيد هو النقاش في طريقة الذهاب الى المحكمة في حال كانت هناك اتهامات وكيفية الدفاع عمن يمكن ان يطاولهم الاتهام وكيف يمكن هذا المسار ان يعمل من اجل المصالحة في الداخل. اوافق تماما ان لبنان منقسم وكان منقسما خلال الاعوام الخمسة الماضية وربما قبل ذلك، لكن بعضا من هذا الانقسام الآن هو حول المحكمة. لذلك نحن في حاجة الى استخدام مسار المحكمة كنقطة انطلاق من اجل الشفاء وليس من اجل العقاب او الاتهام.
• لكن الحزب يعتقد ان المحكمة هي للنيل منه ولإنهائه ويواجه الآخرين على هذا الاساس؟
- اعتقد كما قلت انه ينطلق من افتراض. لا احد يعرف ما سيتضمنه القرار الظني. لكن ما هو معروف ان القرار لن يكون ضد اي حركة سياسية او اي حزب سياسي او اي دولة بل سيكون في حق افراد متهمين بالضلوع في جرائم. لذا من التبسيط القول ان المحكمة هي للضغط على اي حركة سياسية او اخرى. انا لا اوافق على ذلك.
• هل هي للنيل من سلاح الحزب مثلا كما يقول مسؤولوه؟
- أوَلا تقومون بافتراضات حول ما يمكن أن يتضمنه القرار وأن هذا القرار هو ضد حزب وليس ضد افراد. وتاليا انتم تقعون في الفخ نفسه. ويجب ان نتفادى جميعنا الوقوع في هذا الفخ.
• ماذا عن احتمال اتخاذ اجراءات ضد الحزب بعد القرار الظني او الضغط، للحصول على تنازلات حول السلاح؟
- مجددا انها الافتراضات نفسها. ثم ان هناك وسائل اخرى لممارسة الضغط اذ ان القرار الدولي 1701 يمنع تسلح الجماعات داخل لبنان. ونحن قلقون مما يعلنه الحزب من انه يملك اسلحة اكثر بكثير مما كان لديه مما يوحي ان هذه الاسلحة وصلت إليه بطريقة غير شرعية على نحو مخالف للقرار 1701. وتاليا ليس علينا الاعتماد على المحكمة من اجل بلوغ ذلك.
• تقولين اذاً ان المحكمة ليست اداة في يد الأسرة الدولية للاقتصاص من الحزب او ممن يدعمه؟
- انها ليست اداة في يد احد. هذه هيئة مستقلة للعدالة في ايدي قضاة. وقد رأينا بعض ما قامت به حين طلبت اطلاق المحتجزين الاربعة، كما رأينا مما يجري بين المدعي العام دانيال بلمار وقاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرنسين ان هناك استقلالية في عمل المحكمة. هذا ما يجب النظر اليه، وكيف تعمل هذه الاجراءات وما هي الضمانات للدفاع ومدى استقلاله، هذا هو المهم.
• لماذا هذا المنطق لا يقنع الحزب؟
- "حزب الله" يقوم بافتراض حول الاتهام في حين اننا لسنا مستعدين للقيام بذلك. لذلك لا استطيع التكهن بأسبابه.
• ماذا عن التسوية التي يحكى عنها؟ وهل يمكن ان تؤثر في مسار عمل المحكمة؟
- ليس واضحا بالنسبة الي ماذا يمكن ان تكون التسوية. هناك كلام كثير حول اتفاق او اقتراح سعودي – سوري. اذا كان ذلك يساعد التوافق واستقرار لبنان فهذا امر ايجابي، وفي حال كان لذلك صلة بالمحكمة سنرى. لكن لا اعرف ماذا يمكن ان تتضمنه، علما ان الجميع وافق في الدوحة على عدم استخدام السلاح في الداخل، وكذلك حين زار الملك عبدالله والرئيس الاسد لبنان وتحدثا عن الاستقرار. اعتقد ان هناك استمرارية للروح نفسها حتى يمكن حل الخلافات السياسية بالحوار وليس بالعنف.
• صدرت اخيرا تصريحات اعتبرها البعض تهديدا صريحا في ضوء مهل حددت. هل تخشين على الاستقرار تبعا لذلك؟
- كل واحد يفسر ما يقوله الآخر وفق ما يناسبه، اذ قال مسؤولون في الحزب ان لبنان سيكون مختلفا بعد صدور القرار الظني فربما يجب تفسير ذلك على انه امر واقع اذ امضينا السنوات الخمس الماضية ننتظر القرار الظني. وبدلا من القلق حول صدوره سيكون لدينا امر واقع وتاليا سيكون لبنان مختلفا قليلا بعد صدور القرار. هل علينا ان نفسر ذلك انه تهديد؟ اعتقد انه يجب ان نتعامل مع القرار الظني على انه لا يعني العقاب بل منطلقا لاجراء مصالحة داخلية. وهذا ما يجب ان نسعى اليه.
• اذاً لا تعتبرين ما قيل تهديدا للاستقرار؟
- لبنان يعيش على حافة عدم الاستقرار في شكل مستمر والحكومة لم تتمكن ان تجتمع لاكثر من اربعة اسابيع. من الواضح ان هناك مشكلة ويجب التعامل معها سياسيا وبصبر.
• قال الرئيس السوري في باريس ان القرار الاتهامي يجب أن يتضمن أدلة قوية. هل تعتبرين ذلك موقفا متقدما يمكن او يجب ان ينسحب على "حزب الله"؟
- السوريون قالوا دوما إنه اذا كان هناك ادلة قوية على تورط احد مواطنيهم فسيتولى القضاء السوري محاكمته ولن يسلموه الى المحكمة الدولية. في معيار انشاء المحكمة كأنها هي من يقوم بذلك، لكنه موقف سوري منسجم مع ما قيل سابقا ونأمل جميعا في ان تكون الأدلة قوية من اجل اثبات التهم من دون اي شك. "حزب الله" قال ان لا ادلة قوية، ولا احد يعرف ذلك حتى يقرر فرنسين اذا كانت الادلة جيدة للذهاب الى المحكمة.
• هل بريطانيا وحدها هي جزء من الجهد الذي يبذل للمحافظة على استقرار الامور أم ان الاتحاد الأوروبي معها؟
- اعتقد ان اياً يكن من يمكنه ان يساعد من اجل تشجيع الاستقرار، فإنه يجب ان يقوم بذلك. لكن في نهاية الامر يعود ذلك الى الافرقاء اللبنانيين من اجل صنع المستقبل معا. البلد منقسم ولا اوهام لدينا لكن لبنان بلد فريد في نوعية تسويته التوافقية ويجب عليه متابعة ذلك. في ما يتعلق بتشجيع الاستقرار والهدوء، أشجع الحكومة على اكمال ما بدأته العام الماضي فهي حكومة وفاق ولديها برنامج طموح نود ان نراه ينفذ.
• هل بريطانيا جزء من اي مسعى يجري في الخارج يتعلق بالمحكمة لتأخير للقرار او منع صدوره او اي شيء من هذا القبيل؟
- لا اعتقد ان احدا يقوم بأي شيء في الوقت الراهن، اذ ان بلمار سيقدم قراره الى فرنسين قبل نهاية السنة وفق ما هو متوقع. انما المرحلة المقبلة تتطلب مسارا يتعلق برأي فرنسين في الادلة ويجب ترك ذلك يحصل.
• اذا كان لا سبيل لوقف المحكمة فلماذا اذاً الاصرار على الضغوط في هذا الاطار؟
- هذه مسألة اخرى. اذ ان هناك ما يتعلق بموقف الحكومة بعد صدور القرار وادائها في حال اتهم لبنانيون ورد فعلها ازاء ذلك. هذا لا يطاول المحكمة بل الحكومة وما يطلب منها القيام به. والامران مختلفان، المحكمة انشئت بناء على طلب الحكومة ولا يمكننا تجاهل موقفها. لكن لا يجوز التكهن ابعد من ذلك لان هناك بنودا في المحكمة من اجل المحاكمة الغيابية ليس من اجل اسباب سياسية بل لان ذلك ممكن في القانون اللبناني وليس نتيجة لمؤامرة دولية. فاذا كان هناك ما يطلب من الحكومة القيام به فهناك في المحكمة ما يسمح لها بأن تتحرك.
• هل سيكون هناك اجراءات تتخذ ضد "حزب الله" بعد صدور القرار وخصوصا انه يعتقد ان الافراد لا يمكن فصلهم عن تراتبية معينة ضمن الحزب؟
- نحن نتمسك بمبادئنا، ان اي متهم بريء حتى تثبت ادانته. وننحو الى عدم القفز الى استنتاجات مسبقة حتى ينتهي مسار المحكمة، وعند هذه النقطة يمكن ان تتخذ اجراءات لكن ليس قبل ذلك اي ليس بعد صدور القرار الظني بل بعد المحاكمة التي ربما تستغرق سنة او سنتين اخريين. ساعطي مثالا عمليا على ما اقوله. اول عمل لي في الخارج كان في السودان وقامت مجموعة "ابو نضال" برمي قنابل في مطعم فقتل عدد من البريطانيين. وجرت محاكمة في السودان، لم تكن مرضية بالنسبة الينا. ثم تلقينا ضربة في منتصف المحاكمة واطلقت المجموعة ولم تتخذ الحكومة البريطانية اي فعل او اي اجراء سياسي ضد هؤلاء باستثناء المسار القضائي لاهالي الضحايا حتى انتهاء مسار المحاكمة.

المصدر:النهار اللبنانية - أية اعادة نشر من دون ذكر المصدر تسبب ملاحقه قانونيه

الرئيسية

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن موقف المرصد السوري