تقبع
مدينة يبرود على بعد 80 كم شمال مدينة
دمشق في أحضان جبال القلمون التي تحيط بها
من كل جانب، والمتوجة قممها بالجروف
الصخرية المنفردة الشكل والجمال. هذه
المدينة التي اشتق اسمها من البرد حيث
كانت تعتبر مكاناً لاصطياف الملوك
والأباطرة، انقلبت برودتها إلى نار حارقة
طالت الكثير من سكانها الآمنين، فبدأوا
يشكون من مخالفات وتجاوزات إدارية وبلدية
وصلت حد الظلم، ونتيجة للإلحاح المتواصل
والمتكرر، وطلب أهلها المستعجل من صحيفتنا
«قاسيون» للوقوف عن كثب على مشكلاتهم
ونقلها بصدق إلى من يهمه الأمر، وكون «قاسيون»
تهمها المطالبة بحقوق المواطنين وحل
مشكلاتهم ونقل شكاواهم إلى مكانها الصحيح،
فقد قامت بزيارة لمدينة يبرود واستمعت إلى
مئات الشكاوى التي ننقل منها مختصراً
بسيطاً، لعلها تلقى آذاناً صاغية.
شكاوى خطية
في بداية الأمر تقدم سكان العقار 4/64 في
المنطقة العقارية 11/14 يبرود بشكوى خطية
إلى جريدة «قاسيون» جاء فيها: «نحن سكان
البناء 4/64 من المنطقة العقارية 11/14
يبرود نصرح بأن أحد تجار البناء (ه.خ.ق)
والمهندس (ف.ح.ض) اعتدوا على البناء الذي
نملكه ونسكن فيه بإضافة طابق قرميدي على
السطح بعد أن حصلوا على ترخيص ملفق مبني
على بيانات مزورة، والبناء الأصلي مخصص
لطابقين فقط ولا يحتمل ثقلاً إضافياً، وقد
أقيم الطابق القرميدي على كامل مساحة
السطح مخالفاً للترخيص المزور أصلاً وليس
كما تم الترخيص له على جزء من المساحة
الطابقية، وهناك تقارير للجنة الأمن
والسلامة العامة تؤكد على إزالة المخالفة
(الطابق القرميدي) لأنه خطر، وبدأ البناء
بالتصدع وأصبح بحاجة إلى تدعيم منعاً
للسقوط على ساكنيه.
وبدلاً من إزالة المخالفة وهدم الطابق
القرميدي الذي تم بناؤه تحت حماية عضو في
مجلس المحافظة ورئيس البلدية الذي أوعز
للشرطة بملاحقة سكان البناء وتهديدهم
بالطرد والتهجير لصالح المحافظة تحت ذريعة
أن البناء بحاجة إلى تدعيم وترميم. وهناك
قضية منظورة في محكمة يبرود برقم /13/
لعام 2010 ويتهرب تاجر البناء المدعى عليه
من التبليغ في محاولة للإفلات من المحكمة
ويعمل مع رئيس البلدية لاستصدار قرارات
إدارية من المحافظة ضد سكان البناء، وعلى
هذا فإننا نطالب بإزالة الطابق القرميدي
وفقاً للمرسوم التشريعي رقم /59/ لعام
2008، وتوجيهات وزارة الإدارة المحلية،
والمرخص تزويراً وعلى بيانات مزورة، وشكل
خطراً على البناء الذي سينهار فوق رؤوسنا»
ووقع على الشكوى ستة من مالكي الشقق في
البناء المذكور، علماً أن هناك تقارير
خبرة فنية ومحاضر للجنة السلامة العامة
وأحكام قضائية صادرة عن مجلس تأديب
المهندسين في فرع ريف دمشق لنقابة
المهندسين تفيد بتزوير التقرير الفني الذي
تم الحصول على ترخيص الطابق القرميدي على
أساسه، والخطر الناتج عن بنائه، وضرورة
إزالة المخالفة (الطابق القرميدي) وتكليف
صاحبه بتنفيذ أعمال التدعيم للبناء وإعادة
الوضع آمناً كما كان عليه سابقاً (على
نفقة صاحب الطابق القرميدي بشكل كامل).
كما وردت إلى قاسيون شكوى من المواطنين
مالكي العقار /179/ من المنطقة العقارية
يبرود 11/11 الذين يشكون من استيلاء وتسلط
بعض المتنفذين المدعومين من بلدية يبرود
على عقارهم والبناء عليه بشكل مخالف وقد
اشتكى مالكوا العقار إلى البلدية بارتكاب
المعتدين مخالفتين الأولى الاعتداء على
عقارهم والثانية البناء عليه دون ترخيص
ودون وجه حق. ثم كانت المفاجأة بإشادة
بنائين آخرين على العقار ورئيس المجلس
والعاملين فيه لم يحركوا ساكناً لإزالة
المخالفة، وتقدم المتضررون بشكوى أخرى
برقم /4490/ تاريخ 18/10/2009 وشكوى ثالثة
إلى ديوان المجلس البلدي برقم /4903/
تاريخ 11/11/2009، كان مصيرها جميعاً
الإهمال والنوم في الأدراج، وجاء في
الشكوى المقدمة إلى «قاسيون» حرفياً:
«وعندما بحثنا عن سبب الإهمال والتقصير
علمنا أن صلة القرابة تجمع أصحاب
المخالفات بالمدعو (أ.ط) في الرقابة
الداخلية في محافظة ريف دمشق وهي العائق
أمام تطبيق القانون».
زيارة ميدانية والمزيد من الشكاوى
ـ وعند قيامنا بزيارة أهالي يبرود شكى لنا
أحد المواطنين ابتزاز البلدية له قائلاً:
«تقدمت بطلب للحصول على رخصة في منطقة
عقارية كانت خارج المخطط ودخلت المخطط
حديثاً، وفتحوا فيها شوارع جديدة وأقيمت
فيها فيلات ومركز ثقافي وكل الخدمات
البلدية، وعندما تقدمت لطلب الترخيص قالوا
لي إن عندي تصوينه مخالفة كانت خارج
المخطط وأصبحت بعد التنظيم داخله ويجب أن
أتنازل عنها كي تزيلها البلدية، تنازلت
عنها في المحكمة ودفعت تأمين هدم وصالحت
عليها، وحصلت على رخصة وبنيت طابقاً وبعد
فترة أشهر قليلة تقدمت بطلب لتتمة الرخصة
والحصول على ما يسمح به الارتفاع الطابقي
لتلك المنطقة لكي يسكن إخوتي معي في نفس
المبنى، فأمسك رئيس البلدية الرخصة علي
وقال إن عندي جداراً ضمن الطريق يجب أن
أزيله على حسابي الخاص، علماً أنه جدار
استنادي لأن الأرض منخفضة عن الشارع،
وهناك مجرى مياه وشجر جوز يزيد عمره عن
/50/ سنة. فقلت له إنني تنازلت عنه في
المحكمة كما طلبت، ودفعت تأمين الهدم،
فقال: يجب أن أزيله على حسابي الخاص، فقلت
له ليس بمقدوري المادي تنفيذ ذلك، فقال:
إذن أجِّل الموضوع قليلاً. وبعد فترة أرسل
شرطي البلدية وطلب منا رشوة للسماح
بالترخيص، فرفضنا وقلنا إن أمورنا نظامية
وطلب الترخيص نظامي وسننتظر حتى يصدر بشكل
نظامي.
بعد شهرين تفاجأنا بأبنية جديدة وعديدة
تقوم في قلب الشارع ومتجاوزة عليه وبدون
رخص وبعلم البلدية وقد أقيمت في هذا
الشارع المخطط أكثر من /60/ مخالفة وكلها
متعددة الطوابق، وأصبح من المستحيل أن
يكون شارعاً منظماً، والذي بنى بناءً
جديداً بناه على حد الشارع ثم اقتص
الوجيبة من الشارع وبعلم البلدية فكيف يحق
لهم السكوت عن تخريب التنظيم الجديد».
وشكوى من مواطن آخر قال: «تنازلت من عقاري
عن دخلة غير واردة في المخطط التنظيمي،
ولكنها أُقِرت في البلدية فقط، وتنازلت عن
الأجزاء المقتطعة ودفعت للشؤون الاجتماعية
ولنقابة المهندسين وحصلت على الرخصة، وبعد
صب السقف قال: «سأختم لك البناء بالشمع
الأحمر» وتساءلت لماذا فادَّعى أنني قمت
بالصب قبل الحصول على الرخصة، علماً أن
الرخصة كانت بحوزتي، وصاروا يضايقونني
يريدون رشاوى، ولم يتم تنظيم ضبط حول
ختمها بالشمع الأحمر وبقي مجرد تهديد،
فقمنا بتنفيذ الكسوة للمنزل وسكنت أنا
وأولادي المتزوجين منذ عام 2007 وحتى عام
2010 فقام بعمل انتقامي وأحضر معه الشرطة،
وأخرج أولادي وعائلاتهم من المنزل وختمه
بالشمع الأحمر، بحجة أنه حصل على ضبط بأن
البناء جديد، وقد ذكر الضبط (شرطي البلدية
نفسه) أنه جاء منذ شهرين ولم يكن هناك
بناءٌ، علماً أن البناء كما قلت مسكون منذ
عام 2007 وبشهادة كل الجوار.
دخلت الشرطة إلى البيوت بهجوم عنيف وخلعوا
الأبواب وأرعبوا العائلات وحملوا النسوان
ورموهم في الشارع، كل ذلك بأمر فقط من
رئيس البلدية. أحد عشر عنصراً مسلحاً
بالبنادق دخلوا على البيوت بناء على طلب
رفعه رئيس البلدية للنيابة العامة كتب فيه
كما يحلو له، وجاء الجواب من النيابة
العامة «دخول المنزل أصولاً وضمن القوانين
المتبعة»، ولكنه تجاوز كل القوانين،
وعيشونا بحالة رعب وضربوا ابني لمجرد
سألهم لماذا هذا التصرف؟!
بعد /13/ يوماً أقمت دعوى في النيابة
العامة بتصرفاتهم وأحضرت كتاباً من
النيابة العامة لمخفر يبرود كي أدَّعي على
البلدية كيف قاموا بهذه التصرفات، فأوقفني
مدير المنطقة بناء على تعليمات رئيس
البلدية في عطلة نهاية الأسبوع الأربعاء
مساءً، وحين وصلت إلى قاضي الفرد العسكري
يوم الأحد تعجب وقال: كيف أوقفوك؟ وبناء
على ماذا؟ وأعادني إلى القضاء المدني في
يبرود حتى يوم الاثنين، وأخلوا سبيلي لعدم
وجود ما يوجب توقيفي، سبعة أيام بالسجون
والعذاب والمرار بناء فقط على كتاب رئيس
البلدية!.
مواطن آخر قال: سيخرجني من بيتي الذي
أسكنه من عشرين سنة، إذ قال إنه ساحة ويجب
إخلاؤه، فقلت له: أعطني قرار الاستملاك
وبدل سكن حتى أفرغ لك بيتي، فقال «غداً
سوف أستصدر لك قرار استملاك». وجاري في
العقار صار له /12/ سنة موقَّف بناؤه
يحاول الحصول على رخصة ولم يعطه رئيس
البلدية بحجة أنه متجاوز على الطريق، فقال
له عندي القطعة الأخرى من الأرض، وهي
نظامية، أعطني رخصة. فرفض بحجة أن الشارع
فيه خطأ فني، والخطأ الفني هذا من البلدية
نفسها التي سمحت بإقامة بناء في عقار لأحد
المتنفذين على حدود الطريق تماماً، ثم عاد
واقتص من الطريق وجيبة عرضها أربعة أمتار
على طول العقار، الأمر الذي أدى إلى
انحراف الطريق باتجاه بيتي الذي قال
سيعمله ساحة. فقلت له: كيف بيتي ساحة
وتحرف الطريق عن مخططه علماً أنه مخدَّم
بالماء والكهرباء والصرف الصحي؟ فقال: كل
ذلك أزيله في ساعة واحدة بقرار مني».
مواطن آخر قال: «كل الأخطاء العقارية في
يبرود هي نتيجة تصرفات شخص منحرف وفاسد في
مديرية المساحة في يبرود كان قد خطَّط
ورسم حسب الرشاوى التي قدمت له بالتعاون
مع رئيس البلدية ورئيس المكتب الفني، وقد
كُتِبت شكاوى بكل تصرفاتهم للسيد رئيس
الجمهورية، ورُفِعت شكاوى للرقابة
والتفتيش في محافظة ريف دمشق حُفِظت في
الأدراج وأُخفيت».
وعند سؤالنا عن سبب حفظها قال لنا
الأهالي: «لأن هناك في الرقابة الداخلية
في المحافظة موظف من يبرود متعاون مع رئيس
البلدية ويغطي عليه».
مخالفات بالجملة على علم البلدية
ـ في المنطقة العقارية 11/8 تخفيض عرض
الشارع المقرر في المخطط التنظيمي من عشرة
أمتار إلى ثمانية أمتار، وضم المترين
الباقيين إلى العقار 217 لتمكينه من
الحصول على ترخيص بناء.
ـ إغلاق حق الارتفاق بدخلة ستة أمتار على
العقار 210 فجعلها ثلاثة أمتار فقط، وسد
منافذ المدخل والتهوية، وضم الأمتار
الثلاثة الباقية للعقار /222/ ليكون ضمن
المحال المسموح للترخيص.
ـ أيضاً وبعلم البلدية وتشجيعها العقار
/208/ متجاوز بالوجيبة الخلفية بمقدار
/40/ متراً والجانبية بمقدار /21/ متراً
من الأملاك الخاصة للعقار /210/ والتي
يوجد فيها خط الصرف الصحي للعقار، وقد تم
قطعه بمؤازرة البلدية، ورأينا مياه الصرف
للعقار /210/ تطوف فوق الطريق وفوق
التراب.
ـ تم منح رخص كثيرة للواسطات والمحسوبيات
والمتنفذين بشكل مخالف وتم استعمال
الترخيص لغير الغرض المرخص له مثل حصول
أحد المواطنين على ترخيص لبناء زريبة
للحيوانات خارج المخطط التنظيمي تم بموجب
هذا الترخيص بناء فيلا وتصوينة جدار مرتفع
على مجرى السيل في وادي حربا بعد أن ردم
مجرى السيل وحين هطلت الأمطار الغزيرة
بتاريخ 19/6/2010 تشكلت سيول كبيرة انحرفت
عن مسار السيل الطبيعي الذي تم ردمه لتدمر
مزرعة دواجن كانت قد أقيمت منذ /22/ عاماً
واندفعت الوحول بقوة هائلة وبارتفاع مترين
ونصف هدمت جدار المزرعة وأدت إلى نفوق
كامل طيور الدجاج الموجودة في المدجنة
/10000 طير/ وإتلاف مائتي مأكل ومائة مشرب
ومائتي مبيضة إتلاف مائتي صحن من البيض
المعد للبيع وإتلاف /5/ طن من الأعلاف
وقدرت خسائر مستثمر المدخنة بملايين
الليرات السورية، ثم انحدر السيل من
المدجنة المذكورة ليواصل فتح مجرى جديد
باتجاه الجمعيات السكنية والتي من المقرر
حسب الدراسات الهندسية أنها تبعد /150/
متراً عن مجرى السيل ولم يكن ليصل إليها
لولا وجود تلك المخالفة والتستر عليها.
قليل ما ذكرناه.. والباقي أعظم
كل ذلك كان جزءاً صغيراً من مئات الشكاوى
التي سمعناها، وحصلنا على صور مصدقة
لشكاوى مكتوبة بالأرقام والتواريخ، ولكن
كل ذلك لم يردع الفاسدين ولم يجدوا من
يحاسبهم ويحيلهم إلى القضاء لإصلاح
الأخطاء وإزالة المخالفات وتطبيق القوانين
والنظم المتبعة. لماً أن هناك صور عن
شكاوى كثيرة إلى الرقابة والتفتيش ومحافظ
ريف دمشق ووزير الإدارة المحلية ورئيس
مجلس الوزؤاء،
إلى متى ستبقى هذه التصرفات فوق القانون
ومحمية من قبل بعض المتنفذين والمسؤولين
عن التفتيش والمحاسبة؟! إن للمواطنين
حقوقاً يجب أن يحصلوا عليها! ويجب إعادة
الأمور إلى نصابها القانوني الذي تحدده
المخططات والأنظمة الصحيحة ففي ذلك فقط
ضمان لكرامة الوطن وحق المواطن. |