حدد الرئيس السوري بشار الأسد يوم 26
الجاري موعداً لإجراء استفتاء على مشروع
الدستور الجديد نص على أن «نظام الحكم في
الدولة جمهوري»، وغابت في المشروع المادة
الثامنة من الدستور القديم التي نصت على
أن حزب «البعث» الحاكم هو «القائد في
المجتمع والدولة»، لتحل محلها مادة تؤكد «التعددية
السياسية». ونص المشروع الجديد على تحديد
ولاية رئيس الجمهورية بسبع سنوات قابلة
للتجديد مرة واحدة. كما أعاد سن الترشح
لرئاسة البلاد إلى أربعين عاماً.
وكان الرئيس الأسد تسلم يوم الأحد الماضي
نسخة من مشروع الدستور أعدتها لجنة وطنية
شكلت في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
وتضمنت تعديلات على الدستور القائم الذي
يعود إلى العام 1973. وبعد إصدار الرئيس
الأسد امس مرسوم تحديد موعد الاستفتاء،
اصدر وزير الداخلية اللواء محمد الشعار
التعليمات التنفيذية للاستفتاء وقراراً
بتشكيل لجنة الإشراف المركزية على عمليات
الاستفتاء بهدف»اتخاذ ما يلزم لضمان
ممارسة المواطنين حقهم في الاستفتاء في جو
من الحرية والأمن والنظام»، اضافة إلى
تشكيل لجان لدوائر الاستفتاء في مراكز
المحافظات الـ14. وضمت كل لجنة المحافظ
وقاضياً وعضواً في المكتب التنفيذي.
وتشمل مسودة الدستور التي بثتها وكالة
الأنباء السورية الرسمية (سانا) يوم امس
157 مادة. وجاء في المقدمة أن «الجمهورية
العربية السورية» هي دولة «ديموقراطية ذات
سيادة تامة، غير قابلة للتجزئة، ولا يجوز
التنازل عن أي جزء من أراضيها، وهي جزء من
الوطن العربي»، وأشارت إلى أن «نظام الحكم
في الدولة جمهوري» وأن «السيادة للشعب، لا
يجوز لفرد أو جماعة ادعاؤها، وتقوم على
مبدأ حكم الشعب بالشعب وللشعب».
وبقيت في المشروع المادة الثالثة التي
أثير حولها جدل في الفترة الأخيرة. ونصت
على أن «دين رئيس الجمهورية الإسلام» وأن
«الفقه الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع» مع
احترام الدولة «كل الأديان، وتكفل حرية
القيام بكل شعائرها على أن لا يخل ذلك
بالنظام العام»، اضافة إلى أن اللغة
العربية هي «اللغة الرسمية للدولة» وإلى
تضمين المسودة شرحاً للعلم السوري الحالي.
غياب المادة الثامنة:
أما المادة الثانية التي جرى جدل حولها في
الفترة السابقة، فهي المادة الثامنة في
الدستور الحالي، ونصت على أن «حزب البعث
العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في
المجتمع والدولة ويقود جبهة وطنية تقدمية
تعمل على توحيد طاقات جماهير الشعب ووضعها
في خدمة أهداف الأمة العربية». غير أن
المادة الثامنة في مشروع الدستور الجديد
نصت على أن «النظام السياسي للدولة يقوم
على مبدأ التعددية السياسية، وتتم ممارسة
السلطة ديموقراطياً عبر الاقتراع» وعلى أن
«الأحزاب السياسية المرخصة والتجمعات
الانتخابية تساهم في الحياة السياسية
الوطنية، وعليها احترام مبادئ السيادة
الوطنية والديموقراطية».
وانعكس غياب المادة الثامنة المتعلقة بحزب
«البعث» الحاكم منذ 1963 على الكثير من
مواد مشروع الدستور قياساً للدستور الحالي.
وكان صدر في العام الماضي قانون للأحزاب
السياسية، حيث رخصت إلى الآن خمسة أحزاب
بموجبه. ومن المقرر أن تجري في الفترة
المقبلة انتخابات مجلس الشعب (البرلمان)
وفق الدستور الجديد. ونص مشروع الدستور
على عدم جواز «مباشرة أي نشاط سياسي أو
قيام أحزاب أو تجمعات سياسية على أساس
ديني أو طائفي أو قبلي أو مناطقي أو فئوي
أو مهني، أو بناءً على التفرقة بسبب الجنس
أو الأصل أو العرق أو اللون».
وجاء في المشروع أن «الجيش والقوات
المسلحة مؤسسة وطنية مسؤولة عن الدفاع عن
سلامة أرض الوطن وسيادته الإقليمية، وهي
في خدمة مصالح الشعب وحماية أهدافه وأمنه
الوطني». وكانت المادة 11 من الدستور
الحالي نصت على أن «القوات المسلحة
ومنظمات الدفاع الأخرى مسؤولة عن سلامة
أرض الوطن وحماية أهداف الثورة في الوحدة
والحرية والاشتراكية».
وفيما يتعلق بـ «المبادئ الاجتماعية»، نص
المشروع على أن «الحرية حق مقدس وتكفل
الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ
على كرامتهم وأمنهم» وأن «المواطنة مبدأ
أساسي ينطوي على حقوق وواجبات يتمتع بها
كل مواطن ويمارسها وفق القانون» مع
التأكيد على «حرمة الحياة الخاصة» وكفالة
المراسلات وفق القانون وعدم تسليم
اللاجئين السياسيين بسبب مبادئهم أو
دفاعهم عن الحرية.
وجاء في المادة 44 أن للمواطنين السوريين
«حق الاجتماع والتظاهر سلمياً والإضراب عن
العمل في إطار مبادئ الدستور وينظم
القانون ممارسة هذه الحقوق» مع «حرية
تكوين الجمعيات والنقابات، على أسس وطنية
ولأهداف مشروعة وبوسائل سلمية، مكفولة
وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها
القانون».
كما أبقت المسودة ما كان في الدستور
الحالي من حيث أن ولاية مجلس الشعب «أربع
سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ أول اجتماع
له ولا يجوز تمديدها إلا في حالة الحرب
بقانون» وأن يكون نصف الأعضاء على الأقل
من الفلاحين والعمال. غير أن المسودة
اشترطت وجوب حصول الانتخابات خلال 60 يوماً
من انتهاء ولاية مجلس الشعب. وجاء في
المادة 146 أن الانتخابات لأول مجلس شعب
في ظل هذا الدستور تجري خلال تسعين يوماً
من تاريخ إقراره بالاستفتاء الشعبي.
رئيس الجمهورية:
وخصص الفصل الثاني من المشروع للسلطة
التنفيذية بدءاً من رئيس الجمهورية، بحيث
يمارس الرئيس ومجلـس الـوزراء «السلطة
التنفيذية نيابة عن الشعب ضمن الحدود
المنصوص عليهـا في الدستـور». واشترطت
المادة 84 أن يكون المرشح لرئاسة
الجمهورية «متماً الأربعين عاماً من عمره»
وأن يكون المرشح «مقيماً في سورية لمدة لا
تقل عن عشر سنوات». وكان الدستور الحالي
نص على أن يكون عمر المرشح متماً 34 سنة.
وجاء في مشروع الدستور أن مجلس الشعب «يدعو
إلى انتخاب رئيس الجمهورية قبل انتهاء
ولاية الرئيس القائم في مدة لا تقل عن
ستين يوماً ولا تزيد عن تسعين يوماً،
ويـقـدم طلب الترشيح إلى المحكمة
الدستورية العليا، ويسجل في سجل خاص، وذلك
خلال مدة عشرة أيام من تاريخ إعلان الدعوة
لانتخاب الرئيس». واشترط حصول المرشح على
«تأييد خطي» من 35 عضواً على الأقل في
مجلس الشعب وأنه «لا يجوز لعضو مجلس الشعب
أن يمنح تأييده إلا لمرشح واحد». وتابعت
المسودة :»يُنتخب رئيس الجمهورية من الشعب
مباشرة، ويُعد فائزاً بمنصب رئيس
الجمهورية المرشح الذي يحصل على الأغلبية
المطلقة للذين شاركوا في الانتخابات، وإذا
لم يحصل أي من المرشحين على هذه الأغلبية
أعيد الانتخاب خلال أسبوعين بين المرشحين
الاثنين اللذين حصلا على أكبر عدد من
أصوات الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم».
كما نصت مادة أخرى انه «إذا انتهت ولاية
رئيس الجمهورية ولم يتم انتخاب رئيس جديد
يستمر رئيس الجمهورية القائم بممارسة
مهماته حتى انتخاب الرئيس الجديد».
وجاء في المادة 88 أن رئيس الجمهورية «ينتخب
لمدة سبعة أعوام ميلادية تبدأ من تاريخ
انتهاء ولاية الرئيس القائم، ولا يجوز
إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لولاية
واحدة تالية»، مع اختصاص المحكمة
الدستورية العليا «النظر في الطعون الخاصة
بانتخاب رئيس الجمهورية». كما أجازت
للرئيس أن «يسمي نائباً له أو أكثر، وأن
يفوضهم ببعض صلاحياته» وأنه في حال «قام
مانع موقت يحول دون متابعة رئيس الجمهورية
ممارسة مهماته أناب عنه نائب رئيس
الجمهورية». وجاء في مادة أخرى :»في حالة
شغور منصب رئيس الجمهورية أو عجـزه الدائم
عن أداء مهماته، يتولى مهماته موقتاً
النائب الأول لرئيس الجمهورية لمدة لا
تزيد عن تسعين يوماً من تاريخ شغور منصب
رئيس الجمهورية، على أن يتم خلالها إجراء
انتخابات رئاسية جديدة». وفي حالة شغور
منصب رئيس الجمهورية ولم يكن له نائب «يتولى
مهماته موقتاً رئيس مجلس الوزراء لمدة لا
تزيد عن تسعين يوماً من تاريخ شغور منصب
رئيس الجمهورية، على أن يتم خلالها إجراء
انتخابات رئاسية جديـدة».
وجاء في المادة 155 أن ولاية رئيس
الجمهورية الحالي «تنتهي بانقضاء سبع
سنوات ميلادية من تاريخ أدائه القسم
الدستوري رئيساً للجمهورية، وله حق الترشح
مجدداً لمنصب رئيس الجمهورية وتسري عليه
أحكام المادة 88 من هذا الدستور اعتباراً
من الانتخابات الرئاسية القادمة».
وكان الدستور الحالي ينص على أن الترشيح
إلى منصب رئاسة الجمهورية «يصدر من مجلس
الشعب بناء على اقتراح القيادة القطرية
لحزب البعث العربي الاشتراكي ويعرض
الترشيح على المواطنين لاستفتائهم فيه».
وتضمنت صلاحيات رئيس الجمهورية بموجب
المشروع الجديد «تسمية رئيس مجلس الوزراء
ونوابه وتسمية الوزراء ونوابهم وقبول
استقالتهم وإعفاءهم من مناصبهم» وأن يدعو
مجلس الوزراء إلى «الانعقاد برئاسته، وله
طلب تقارير من رئيس مجلس الوزراء والوزراء»،
اضافة إلى إعلان الحرب والتعبئة العامة
وعقد الصلح بعد موافقة مجلس الشعب وإعلان
حالة الطوارئ بمرسوم يُتخذ في مجلس
الوزراء المنعقد برئاسته وبأكثرية ثلثي
أعضائه، على أن يعرض على مجلس الشعب في
أول اجتماع له، ويبين القانون الأحكام
الخاصة بذلك.
ونصت مادة أخرى على أن رئيس الجمهورية هو
«القائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة
ويصدر كل القرارات والأوامر اللازمة
لممارسة هذه السلطة، وله التفويض ببعضها».
ومن الصلاحيات الأخرى لرئيس الجمهورية أن
«يقرر حل مجلس الشعب بقرار معلل يصدر عنه»
وأن يتولى سلطة التشريع «خارج دورات
انعقاد مجلس الشعب، أو أثناء انعقادها إذا
استدعت الضرورة القصوى ذلك، أو خلال
الفترة التي يكون فيها المجلس منحلاً».
وجاء في المادة 114 من المشروع:»إذا قام
خطر جسيم يهدد الوحدة الوطنية أو سلامة
واستقلال أرض الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة
عن مباشرة مهماتها الدستورية، لرئيس
الجمهورية أن يتخذ الإجراءات السريعة التي
تقتضيها هذه الظروف لمواجهة الخطر». كما
نصت المادة 117 على أن رئيس الجمهورية «غير
مسؤول عن الأعمال التي يقوم بها في مباشرة
مهماته إلا في حالة الخيانة العظمى، ويكون
طلب اتهامه بقرار من مجلس الشعب بتصويت
علني وبأغلبية ثلثي أعضاء المجلس بجلسة
خاصة سرية، وذلك بناء على اقتراح ثلث
أعضاء المجلس على الأقل وتجرى محاكمته
أمام المحكمة الدستورية العليا».
مجلس الوزراء:
كما تناول فصل آخر مجلس الوزراء وصلاحياته،
وجاء في المشروع أن لـ «رئيس الجمهورية حق
إحالة رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء
إلى المحاكمة عما يرتكبه إي منهم من جرائم
أثناء توليه مهماته أو بسببها». كما خصص
فصل للسلطة القضائية باعتبارها «مستقلة،
ويضمن رئيس الجمهورية هذا الاستقلال،
ويعاونه في ذلك مجلس القضاء الأعلى». ونصت
المادة 133 على أن مجلس القضاء الأعلى «يرأسه
رئيس الجمهورية، ويُبين القانون طريقة
تشكيله واختصاصاته وقواعد سير العمل فيه»،
مع تفصيل في مهمات المحكمة الدستورية
العليا بينها «الرقابة على دستورية
القوانين والمراسيم التشريعية واللوائح
والأنظمة وإبداء الرأي بناء على طلب من
رئيس الجمهورية في دستورية مشروعات
القوانين والمراسيم التشريعية وقانونية
مشروعات المراسيم والإشراف على انتخاب
رئيس الجمهورية». وفيما يتعلق بإمكانية
تعديل الدستور، جاء في المشروع انه «لرئيس
الجمهورية كما لثلث أعضاء مجلس الشعب حق
اقتراح تعديل الدستور» على أن يتضمن
اقتراح التعديل النصوص المراد تعديلها
والأسباب الموجبة لذلك، مع ذكر عدم جواز
تعديل هذا الدستور (بعد إقراره) إلا بعد
سنة ونصف السنة. وجاء أيضاً انه «لا يجوز
لمن يحمل جنسية أخرى، إضافة للجنسية
العربية السورية، أن يتولى مناصب رئيس
الجمهورية أو نائبه أو رئيس مجلس الوزراء
أو نوابه أو الوزراء أو عضوية مجلس الشعب
أو عضوية المحكمة الدستورية العليا». |