|
حكم بالسجن لمدة ثلاث سنوات، لكن وقبل
انقضاء نصفها أضرب عن الطعام في سجنه
“للضغط على النظام ليفكّ عنه وعن الشعب”
كما يقول . وبعد أيام قليلة من بدئه ذلك
الإضراب يصدر عفو رئاسي في سوريا يشمله
شخصياً، ليعتبره هو، مرسوماً مفصلاً على
مقاسه .
إنه المعارض السوري هيثم المالح، رجل
القانون الثمانيني، الذي يتحدث عن اعتقاله
الأخير، والظروف التي مر بها، ورأيه
بالعفو، وبصورة سوريا في القريب، في ظل
التطورات التي يشهدها العالم العربي،
والكثير عن رأيه بالأوضاع الداخلية وأسباب
مناهضته للنظام في الحوار التالي:
بداية كيف تم اعتقالك؟
أنا لا أعتبر نفسي اعتقلت، بل اختطفت،
وذلك من قبل عناصر النظام، حيث تم اختطافي
في شارع من شوارع دمشق من قبل ثلاثة أشخاص
وضعوني في سيارة بالعنف والقوة، ولم
يعرّفوني على أنفسهم، وكان بإمكانهم قتلي
من دون أن يعلم أحد . أخذوني إلى
المخابرات العامة .
وهذا دليل على أنه لا يوجد لدى النظام أي
مسوغ قانوني لاعتقالي .
ما التهمة التي اعتقلت بسببها إذاً؟
التهمة الظاهرة، التي أعلنوها، هي نشري
لأخبار كاذبة توهن نفسية الأمة . لكن في
الحقيقة الأمر غير ذلك، وهو يتعلق بدور
قمت به، إذ أجريت اتصالات بالمحكمة
الدولية الخاصة بالحريري أستعلم منها إن
كان مواطن سوري اسمه “زياد رمضان” مطلوبا
لها للتحقيق، وهذا الاتصال استفز النظام،
فقام بخطفي بحجة المقالات التي نشرتها في
صحف عربية ودولية .
كيف سارت مجريات التحقيق معك وأنت رجل
حقوقي في الأساس؟
أخذوني إلى المخابرات العامة وهناك سيقت
لي تهم تتعلق بنشر أخبار كاذبة من شأنها
أن توهن نفسية الأمة في حالات الحرب أو
توقع حدوثها، وذلك على خلفية مقالات صحفية
نشرتها في أكثر من مكان، كما وجهت إلي
تهمة الإساءة للأمة بعد تصريح لي لقناة
سورية معارضة من دون أن أعرف ما هي تلك
القناة، وقد فعلت ذلك لأن الشخص الذي
كلمني كان يتكلم باللهجة المحلية، ليتبين
لي أن هذه القناة يملكها أشخاص معارضون
موجودون في أوروبا .
شكلت لي محكمة ونقلوني إلى القضاء العسكري
الذي، بعد جلسات عديدة، حكم علي بالسجن
لمدة ثلاث سنوات .
كيف كانت ظروف اعتقالك . . التعامل معك
كيف كان؟
عاملوني كأي سجين آخر، ولم يحترموا مكانتي
وسني المتقدمة، ووضعوني في غرفة واحدة مع
أصحاب الجرائم الدنيئة في المجتمع، وكنت
أسمع هناك شتائم وعبارات كفر من قبل
السجناء لم أسمعها في حياتي . . كلمت رئيس
السجن أكثر من مرة لكن لم تنفع محاولاتي
تلك .
كانت التعليمات للسجناء معي في الغرفة
المسماة “مهجع” بأن يتجنبوا أي حديث معي،
فكنت معزولاً .
إعلامياً . . كيف كنت تتواصل مع العالم
الخارجي وأنت ناشط؟
كنت مقطوعاً عن العالم الخارجي لا أعلم ما
يحصل فيه، كانوا يوفرون لنا حضور القناة
الفضائية السورية إضافة إلى مسلسلات تركية
تبثها محطة عربية . . لم أكن أعرف شيئاً
عما يحصل في الخارج . . لا تلفزيون خاص،
ولا إذاعة، وحتى الصحف التي كانت تتوافر
هي الصحف الرسمية في البلد .
أضربت عن الطعام في الأسبوع الأخير لسجنك
قبل صدور العفو عنك . . لماذا تأخر ذلك
كثيرًا؟
السبب ببساطة هو أننا كمعارضين قررنا أنه
مع قرب حلول 8 آذار ستحل الذكرى ال48 لفرض
قانون الطوارئ في سوريا، تلك المناسبة
التي تتزامن مع “ثورة الثامن من آذار”
التي أوصلت حزب البعث الحاكم إلى السلطة
والتي نسميها نحن “انقلاباً عسكرياً” .
وباقتراب تلك الذكرى، فإنه توجب علينا أن
نذكر الدولة بقانون الطوارئ، فكان القرار
بأن نضرب عن الطعام والشراب للضغط على
السلطة لإلغاء هذا القانون حتى كان السابع
من آذار حيث صدر قرار العفو الذي أراه أنه
فصّل على مقاسي شخصيا .
كيف فصل على مقاسك؟
ذلك لأن المرسوم تضمن العفو عمن تجاوز
السبعين من العمر، وبين السجناء السياسيين
كلهم لا يوجد من تجاوز هذه السن إلا أنا،
وهذا يعني أن النظام أحس بأنه أخطأ، فرغب
في التكفير عن خطئه وأصدر قرار خروجي،
لكنه غلّفه بمرسوم عفو شامل . وأنا في هذه
المناسبة أؤكد أن هيثم المالح حاكم النظام،
وليس النظام من حاكم هيثم المالح .
كيف تقرأ صورة سوريا المستقبلية في ظل
التطورات الحالية التي يشهدها العالم
العربي؟
أقرؤها بأننا في سوريا لسنا في معزل عما
يجري في الدول العربية الأخرى، فالشعوب
العربية استفاقت، وها هو كل شعب ينقل
العدوى للآخر، وفي سوريا ستكون للشعب كلمة
وهي قريبة وقريبة جداً .
لكن هناك من يقول إنه لا توجد معارضة في
سوريا بإمكانها تجييش الشارع . . كيف
سيتحرك هذا الشارع؟
وحتى في تونس لم يكن هناك دور للمعارضة
وكذلك مصر وليبيا . . الشعب هناك انتفض
وجاءت المعارضة لتركب الموجة . . من قال
إننا نحن من سيقود الشارع؟ أعترف بأن
المعارضة، كتنظيم في سوريا، وخارج سوريا،
لا وجود لها، ولو تحركت المعارضة لتجيش
الناس فلن تستطيع استقطاب ألف شخص . .
الشعب هو من سيقوم بذلك، وأما المعارضة
فهي عبارة عن أشخاص معارضين ليس إلا .
كمعارض . . ما مطالبك من السلطة؟
أولا رفع قانون الطوارئ والأحكام العرفية،
فالطوارئ تعني اعتقال أي شخص بلا تهمة،
والأحكام العرفية تخول وزير الداخلية
اعتقال الناس لفترة طويلة، ومن ثم إخلاء
سبيلهم بلا إيضاحات ومن مطالبي إحلال
الديمقراطية وإنهاء الفساد ومحاسبة كل
الفاسدين أسوة بما حصل في مصر مؤخراً،
وقيام سلطة الشعب .
ومن مطالبي، التي كثيرا ما خاطبت بها
المسؤولين، وعلى رأسهم الرئيس بشار الأسد،
إلغاء قوانين تروج للجريمة، كالقانون رقم
14 للعام ،1969 ففي المادة 16 منه يقول إن
أي عنصر أمن يقترف جريمة أثناء قيامه
بعمله لا يسأل عنها إلا بموافقة قائده،
فكيف تسمي فعلا ما، جريمة، ثم تتسامح به،
وكذلك إلغاء المرسوم 49 للعام 1981 الذي
ينص على إنزال عقوبة الإعدام بأي شخص
ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين . . هذه
قوانين تجعل القتل مباحاً، ويجب أن تلغى .
ذكرت نقاط الخلاف مع النظام . . ألا من
نقاط التقاء، كالملف الخارجي مثلا؟
لا ألتقي مع النظام السوري بأي نقطة، فأنا
كمواطن سوري تهمني الشؤون الداخلية أولا،
وحتى الملف الخارجي هناك عشرات الأسئلة
يجب طرحها، وأهمها: إذا كان النظام مقاوما،
فلماذا لم يحرر الجولان حتى الآن . . تدعم
المقاومة في لبنان ولا تقيم مقاومة هنا في
سوريا؟ لا يوجد نظام في العالم ضعيف
داخلياً وقوي خارجياً، فالقوة لا تتجزأ .
. يجب أن تكون داخلية وخارجية معاً .
ما رأيك بالدعوة التي أطلقها الدكتور هيثم
مناع للتظاهر في سوريا في 17 إبريل/نيسان
المقبل؟
أراها غير مجدية، ولا أعتقد أن هيثم مناع
“يمون على أحد”، فكما قلت: المعارضة لا
دور لها، والحراك سيكون عفوياً من قبل
الشعب، وأتمنى عندها ألا يركب الموجة أي
معارض . |