عثر
على جثة شاب معوق في محلة الضمير تم نقلها
إلى براد مشفى دوما حيث أفاد الطبيب
الشرعي أن سبب الوفاة يعود إلى النزف
الدمائي الشديد الناجم عن إصابته بعدة
طعنات بأداة حادة ناحية القلب والصدر
أدتّ إلى تأذيّ الأحشاء والرئتين والقلب،
وقدر الطبيب الشرعي زمن الوفاة بأكثر من
12 ساعة من إجراء الكشف ولم يجد
داعياًلتشريح الجثة..
وبالتوسع في التحقيقات تبيّن أن الجثة
تعود لمعوق مصاب بعجز ناجم عن خلع ولادي
بنسبة 55٪، وأن هذا الشاب ويدعى حمدان كان
يعمل مستخدماً في دائرة حكومية حيث شوهد
لآخر مرّة برفقة قريبه نهاد الذي خرج معه
حسب إفادة شهود عيان من مكان عمله إلى جهة
مجهولة بعد أن أخذ إجازة ساعية..
وبالتحقيق مع نهاد اعترف باستدراج المغدور
حمدان الذي يكون ابن خالة زوجته إلى مزرعة
والده الكائنة في منين.. حيث كان قد خطط
سابقاً لقتل خالة زوجته(أي والدة المغدور)
التي سبق أن زارتهم في منزله وسألته عن
عمله فأعلمها بأنه يقوم بشراء وبيع
السيارات، وعلم منها أنه يوجد معها مبلغ
من المال تريد تشغيله..فعرض عليها شراء
سيارة فوافقت، وذهبت إلى منزلها واستجر
منها مبالغ مالية حرّر بها سندات أمانة
لها لهذه الغاية، غير أنه ضمن بجزء من
المبلغ ميكرو باصاً «سرفيس» بدل السيارة
وراح يشتغل عليه وتصرّف بالباقي وقبيل شهر
من وقوع هذه الحادثة، راحت خالة زوجته
تطلب منه بياناً بالسيارة التي ادّعى أنه
قام بشرائها لها فراح يتهرب ،ولمّا ألحت
عليه وطالبته باسترجاع المبالغ التي أخذها
منها، قرر التخلّص منها بالقتل فقام بشراء
سكين كبيرة من أحد المحلات بالشيخ محي
الدين ثم ذهب إلى منزل خالة زوجته وطلب
منها أن تذهب معه لمحلة صيدنايا بقصد
مقابلة شخص زعم أنه يريد شراء السيارة
منه، واستأجر لأجل ذلك سيارة(كولف) لمدة
يوم واحد وأوهمها أنها هذه هي السيارة
التي اشتراها بالمبالغ التي استجرها منها.
وفي الحادية عشرة صباحاً خرجا معاً على
متن تلك السيارة واتجها نحو صيدناياحسب
الاتفاق بينهما، غير أن خالة زوجته شكّت
بنواياه عندما راح يسألها إن كان معها
سكين وتوقف لإصلاح عطل في الدولاب حيث أخذ
مفك براغي من جماعة بدو شاهدهم على
الطريق، كما أخذ يسألها عن وزنها فقالت له
(135)كغ ومن ثم راحت تحدثه طوال الطريق
وتعظه بآيات قرآنية وتطلب منه وهي تدله
على طريق الصلاح أن يلتزم بالصلاة
والعبادة فعدل عن فكرة قتلها وأعاد مفك
البراغي لجماعة البدو ولدى وصوله إلى إحدى
مزارع صيدنايا انعطف عن طريقه وتحول في
طريق العودة، زاعماً أن «الشاري» المزعوم
غير موجود بداخلها..فطلبت منه أن يوصلها
في طريق عودتهما إلى محلّة العدوي لزيارة
قريبة لها.. فأوصلها إلى هناك ومن ثم عاد
إلى منزله وفي حوالي الساعة السابعة من
مساء ذلك اليوم، اتصل به ولدها حمدان
ليسأله عن أمه فأخبره أنه أوصلها لتزور
إحدى قريباتها في العدوي وطلب منه أن يأخذ
جهاز جواله على سبيل الإعارة فأخبره أنه
قد أعاره لزميل له في مكان عمله وأنه
سيقدمه له حالما يسترده منه في الصباح .
ذهب إليه نهاد في اليوم التالي (عند
العاشرة صباحاً) على متن السرفيس الذي كان
يعمل عليه بقصد استعادة الجوال منه، وقبل
أن يغادرا مكان عمله فوجىء نهاد بأن ابن
خالة زوجته قد حصل على إجازة ساعية
بقصدالذهاب معه لمقابلة الشخص الذي ادّعى
بالأمس أمام أمه بأنه يريد شراء سيارة
الكولف التي زعم أنه قد اشتراها لها، وهو
بصدد بيعها الآن لهذا الشخص بقصد تحقيق
الربح.. وإعادة مالها إليها فأصيب نهاد
إزاء هذا الطلب باحراج كبير ولم يستطع
المراوغة أو التملص كون ابن خالة زوجته
حمدان أصر على الركوب معه في السرفيس الذي
يعمل عليه والتوجه معاً إلى صيدنايا
لمقابلة الشخص المزعوم، فلم يجد نهاد
بدّاً من استدراج المغدور إلى إحدى مزارع
صيدنايا، ولما نزلا من السيارة بقصد طرق
بابها استل نهاد السكين التي كانت معه في
السرفيس والتي سبق أن اشتراها لقتل أم
المغدور حمدان بالأمس وقام في ذلك الموعد
بطعن حمدان بها طعنة غدر من الخلف وأخذ
المغدور يصيح وهو يركض أمامه، فلحق به
وأمسكه ومن ثم سحبه إلى داخل الميكروباص /السرفيس/
خشية أن يشاهدهما أحد، وأجهز عليه تماماً
بعدة طعنات قاتلة وجهها إلى صدره، ثم
انطلق بالجثة ليلقي بها في غرفة مهجورة
بجانب مزرعة عائدة لوالده الكائنة في
منين.. وعاد بعد ذلك إلى دمشق حيث قام
بالتخلص من أداة الجريمة -السكين- برميها
في نهر تورا بالقرب من كراج البولمان كما
عاد ثانية إلى مكان وجود جثة المغدور بعد
أن تذكر أن معه محفظة جلدية وهوية،
وبتفتيشه وجد معه مبلغ 700ل.س ومفاتيح
المنزل ولكن لم يعثر على هويته الشخصية
حينئذ كونه خائفاً ويرتعش فعاد إلى منزله
بعد أن رمى المحفظة والمفاتيح في ذات
النهر..وفي حوالي الساعة الرابعة بعد
الظهر ورده اتصال من خالة زوجته تسأله عن
المغدور وأخبرته بأنها علمت بأنه قد أخذه
من مكان عمله في الصباح فأخبرها أنه أنزله
في دوار كفرسوسة ولايعرف أين ذهب . وفي
اليوم التالي ذهب لمنزل خالة زوجته ورافق
والد المغدور لتنظيم ضبط بفقدان ولده.. ثم
حصل في اليوم التالي جدال بين نهاد وزوجته
حول اختفاء المغدور ابن خالتها والمال
الذي أخذه من خالتها فانفعل كثيراً وراح
يضرب وجهه بيديه وسقط أرضاً وراح الزبد
يخرج من فمه ماجعلها تستدعي له الطبيب
الذي قال لها ولأخوالها الذين جاؤوا إلى
بيتها تلك اللحظة، بأن المريض واقع تحت
تأثير انهيار عصبي ويعاني من وطأة تفكير
عميق ، الأمر الذي دفع أخوال زوجته (أي
أشقاء أم المغدور) للشك به،فراحوا يهددونه
بالقول إنهم يعتقدون بأنه قد قتله وأنهم
سيذهبون إلى مزارع صيدنايا للبحث عن جثته
فانفعل نهاد كثيراً، وعاد لضرب وجهه بيديه
بشكل غير طبيعي قائلاً لزوجته إن أخوالها
يريدون «تبليه» فتعاطفت زوجته معه وطردت
أخوالها قائلة لهم: إذا ثبت أن زوجي
لاعلاقة له باختفاء أو مقتل ابن خالتي
حمدان، فإنه لاعودة لكم أبداً إلى هذا
البيت ، وما إن خرجوا حتى اطمأن زوجها لها
واعترف لها بأنه قد قتله فعلاً، وبأنه
سيذهب لإحضار المال كي يهربا ويسافرا معاً
إلى لبنان وبعد أن خرج اتصلت الزوجة
بأخوالها لتخبرهم الحقيقة فخرجوا ليبلغوا
عنه وذهبوا برفقة دورية الشرطة التي راحت
تبحث عنه، وفي تلك الأثناء كان نهاد قد
ذهب بعد أن شعر بأن الشبهات تدور حوله من
قبل أهل المغدور إلى مكان الجثة في الغرفة
المهجورة بصيدنايا ونقلها من هناك في
صبيحة تنظيم الضبط الذي ادعى أخوال زوجته
فيه عليه ليرميها في إحدى الحفر كما أخذ
من جيب المغدور بطاقته الشخصية التي عثر
عليها هذه المرة أثناء نقل الجثة بالسرفيس
الذي كان يعمل عليه ومن ثم عاد بهذا
السرفيس إلى المغسل وقام بغسل السرفيس
بنفسه من الداخل جيداً، وأثناء ذلك تلقى
نهاد هاتفاً من أحد أقاربه الذي عرف أنه
مشغول في المغسل، فأعلم أخوال زوجته
والشرطة الذين توجهوا إلى هناك وقبل أن
تلقي الدورية القبض على المدعي عليه، طلب
أخوال زوجته من الشرطة أن يتركوه لهم
ليقتلوه فباغتهم بأن سلم نفسه للدورية
معترفاً بأنه قتل حمدان لأن الله أراد له
هذا ، وتم ضبط هوية المغدور في جيبه وفي
الطريق حاول إخراج شيء من جيبه
الخلفي-ربما لينتحر- ولكن أحد أخوال زوجته
منعه فتمت إحالة الدعوى والمتهم موجوداً
إلى القضاء، فأصدر السيد قاضي الإحالة
قرار اتهام المدعى عليه نهاد بجناية القتل
العمد ولزوم محاكمته أمام محكمة جنايات
ريف دمشق، ويذكر أنه لدى مثول المتهم أمام
قاضي التحقيق حاول تغيير أقواله زاعماً أن
اعترافاته الأولية انتزعت منه بالشدة
والإكراه، وأفاد أنه لم يقتل ابن خالة
زوجته عمداً وإما دفاعاً عن النفس عندما
حصلت ملاسنة بينهما وتدافعا بالأيدي بعد
أن نعته المغدور- بالنصاب- لأنه أخذ مال
أمه، كما حاول أخذ السكين التي وجدها
بجانب فرام اليد وأشهرها في وجهه وعندما
حاول تخليصه السكين بفتل يده نحو الخلف
انغرس نصلها في ظهره ،ماجعله يضمد له جرحه
ويسند ظهره بعد أن وضعه على أرض السيارة
بوضعية الجلوس إلى المقعد الخلفي طالباً
منه التزام السكينة والهدوء ليأخذه إلى
طبيب من أجل إسعافه ولكنه فوجىء به يرفسه
عندما أدار ظهره رفسة قوية على ظهره فوقع
وتمكن المغدور من الهجوم عليه عندئذٍ بذات
السكين التي كان قد وضعها على المقعد
الخلفي أثناء مساعدته له على الجلوس في
خلفية السرفيس، الأمر جعله يدافع عن نفسه
بفتل يده المتوجهة لطعنه باتجاه صدره
فوقعت منه السكين التي التقطها المتهم
وراح يطعن بها المغدور على بطنه وصدره في
ثورة انفعال وغضب شديدين.
هيئة محكمة الجنايات الثانية بريف دمشق لم
تقتنع بهذه الرواية التي ردتها وأسقطتها
من دفوع المتهم جملة وتفصيلاً لعدم
منطقيتها، فالمغدور لايمكن له أن يهاجم
كونه معوقاً مصاباً بشلل نصفي شقي سبب له
عجزاً وظيفياً قدره ٥٥٪من مجموع وظائف
الجسم كما ردت هيئة المحكمة كافة دفوع
المحامي وكيل المتهم الذي زعم أن موكله
مصاب بمرض نفسي تؤكده حالة الانهيار التي
انتابته مؤكدة أن هذا الانهيار جاء عقب
قيامه بقتل المغدور، كما أنه لم تلحظ -أي
المحكمة- طيلة فترة المحاكمة أي دلالة
تفيد بنقص في ملكات المتهم العقلية أو
النفسية ووجدت في ذلك الادعاء محاولة
للتملص من المساءلة الجزائية والقانونية،
فقررت بالاتفاق تجريم المتهم نهاد بجناية
القتل العمد وفق المادة 535 من قانون
العقوبات العام والحكم عليه بالاعدام
شنقاً حتى الموت، وعدم منح المتهم أي سبب
مخفض نظراً للعمدية الواضحة بفعلته حيث
إنه من الثابت أن المتهم قد خطط لقتل
المغدور حمدان فأحضر ميكروباصاً غير الذي
يعمل عليه عادةً مع شريكه ووضع به السكين
التي اشتراها وشحذ عزيمته واستجمع شجاعته
لقتل المغدوربعد أن خانته هذه الشجاعة
والعزيمة قبل يوم واحد في قتل أم المغدور
أي (خالة زوجته) عندما اصطحبها إلى
صيدنايا بالسيارة الكولف التي استأجرها
لهذا الغرض، كما حجبت هيئة المحكمة أسباب
التخفيف التقديرية عن المتهم لكون المغدور
ضعيفاً للغاية (من ذوي الاحتياجات الخاصة)
أي معوق ولطريقة القتل الوحشية التي نفذها
المتهم بهذا المغدور الذي وصفته أمه بأنه
كان رقيقاً وجميلاً للغاية كما حكمت هيئة
المحكمة بإلزام المتهم بدفع مبلغ مليون
ليرة لورثة المغدور على سبيل التعويض مع
حجره وتجريده مدنياً لحين تنفيذ حكم
الإعدام به... |