في تصريح
أدلى به للقدس برس الدكتور كمال الهلباوي
يدعو القيادة الجديدة لإخوان سورية
(بالعمل على طي صفحة الخلاف التاريخي مع
النظام وفتح قنوات حوار مباشر مع النظام
القائم في سورية لإنهاء الخلاف التاريخي
بينهما، والعودة للعمل من داخل مؤسسات
المجتمع السوري. وعدم تحميل الأجيال
الجديدة مسؤولية خلاف لم يكونوا شركاء في
صنعه). وأضاف الهلباوي قائلاً: (أرجو
للقيادة الجديدة للإخوان خيراً وتوفيقاً
في تحمل المسؤولية، وأدعو القيادة الجديدة
إلى أن تهتم بالمهاجرين السوريين حتى
تستقر أوضاعهم وتنتهي مشكلاتهم هم
وأولادهم والأجيال المقبلة. فالجيل
الجديد، سواء في الدولة أو في النظام أو
في الإخوان، ليس مسؤولاً عن المشكلات
والتحديات والأخطاء التي وقعت من أي من
الطرفين في السابق، وعلى الجيل الجديد إذا
أتيحت له الفرصة للعودة والعمل في المجتمع
فإنني أرى أن هذا من أولويات نقل الدعوة
ودعم المجتمع المدني داخل سورية).
ومن جهة أخرى أشاد الهلباوي بمواقف النظام
السوري العربية والإسلامية، وقال: (أنا
أقدر مواقف النظام السوري في دعم المقاومة
الإسلامية، ومواجهة الهيمنة الأمريكية،
ولكنني في ذات الوقت أدعو النظام السوري
أن يتيح مساحة كافية لحقوق الإنسان، وأن
يتيح أيضاً مساحة كافية للدعاة المخلصين،
وأن يسعى إلى تحرير الجولان والاستفادة من
الروح الجهادية سواء عند الجيش أو عند
الشعب في تحرير الأراضي المحتلة، وإطلاق
سراح مساجين الرأي وفي مقدمتهم الدعاة
المحتجزين من مدد طويلة، وأن لا يحاكم
المدنيون أمام محاكم عسكرية).
ومع الاحترام والتقدير لدعوة الأخ الدكتور
كمال الهلباوي لجماعة الإخوان المسلمين في
سورية لطي صفحة الماضي مع النظام وفتح
قنوات حوار مباشر معه لإنهاء الخلاف
التاريخي بينهما، فهذه دعوة سبق وتقدمت
بها جماعة الإخوان المسلمين من أول يوم
تبوأ فيه بشار الأسد سدة الحكم بعد رحيل
أبيه عام 2000، فقد مدت الجماعة يدها
داعية الرئيس الجديد إلى طي صفحة الماضي
بكل سوداويتها وعذاباتها وجراحها، كون
بشار لم يكن مسؤولاً عنها أو مشاركاً
فيها، ورفعت الصوت مع باقي أطياف المعارضة
إلى التغيير والإصلاح المتدرج السلمي،
بعيداً عن أي تدخل أو تعاون مع الأجنبي
مهما كانت صفته أو مستواه، ورجت الجماعة
كباقي أطياف المعارضة أن تكون استجابة
بشار سريعة لندائها والعمل على محو آثار
الماضي وتبعاته وما صدر في تلك الفترة من
قوانين جائرة وتعسفية ومراسيم وقرارات
قمعية تطال كل شؤون المواطن اجتماعياً
واقتصادياً وثقافياً وحتى حياتياً،
كالقانون رقم (49/1980) الذي يجرم كل من
ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين بعقوبة
الإعدام بأثر رجعي، وإطلاق سراح سجناء
الرأي ووقف ملاحقة أي مواطن لما يعتقد أو
يفكر، وإتاحة هامش من الحرية التي كفلها
الدستور السوري للتعبير، وفتح أبواب الوطن
لعودة المنفيين القسريين والمهجرين موفوري
الكرامة، وأن تعاد لهم حقوقهم المدنية
التي حرموا منها لأكثر من ثلاثين سنة دون
مساءلة أو ملاحقة، والكشف عن مصير 17 ألف
مفقود في السجون والمعتقلات، والإعلان عن
مصيرهم سواء كانوا بين الأحياء أو الأموات
لتسوية أوضاعهم الاجتماعية والأسرية
وإنهاء معانات أبنائهم وذويهم.
ولم يستجب النظام إلى أي من هذه الطلبات
الشرعية والقانونية والإنسانية، وبالعكس
فقد تغوّلت أجهزة الأمن في ملاحقة واعتقال
المئات ممن أقاموا المنتديات الفكرية
والثقافية الوطنية بما عرف (بربيع دمشق)
ولاحقت كل من شارك فيها دون استثناء
لاعتبار الجنس أو السن أو المكانة
الاجتماعية أو الاقتصادية ولا حتى من
يمتلك الحصانة النيابية.
أما بالنسبة إلى أبناء أعضاء الجماعة فقد
عاملهم النظام كأنهم مسؤولين عما يعتقده
آباؤهم، فاعتقلت الكثيرين منهم فور رجوعهم
إلى الوطن، وحكمت عليهم بموجب القانون
(49/1980) وأمضوا سنوات طويلة في السجون،
وحتى بعد الإفراج عنهم فإنهم ممنوعين من
السفر، وقد أعيد اعتقال بعضهم مجدداً بتهم
باطلة لا تستند إلى أي قانون، وحتى عوائل
الإخوان عندما يقمن بزيارة الوطن يتعرضن
للتحقيق والمساءلة عند دخول البلاد
والخروج منها، ناهيك عن التعقيدات التي
تحول دون رجوع الأبناء إلى وطنهم للتعرف
عليه وعلى ذويهم وقد ولدوا في الهاجر،
فاخترعت ما سمي (بالبدل العسكري) الذي
يفوق قدرة وإمكانية الكثيرين على دفعه،
والموافقة الأمنية المسبقة (لزيارة القطر)
التي لا تتعدى الثلاثة أشهر إذا ما تم
الموافقة عليها من وزارة الداخلية بعد
انتظار طويل، وحتى بعد الموافقة فإن كل من
يزور الوطن من هؤلاء الشباب معرض للمساءلة
والتحقيق والمضايقات، وحتى أولئك الذين
عادوا إلى القطر لتسوية أوضاعهم بحسب شروط
النظام، تعرضوا للابتزاز فدفعوا كل ما
جمعوه في منافيهم وغربتهم إتاواة ورشاً
دون أن ينعموا بالحد الأدنى من الأمن
والأمان، أو عودة حقوقهم المدنية إليهم أو
مساواتهم مع أي مواطن عادي. وحتى بعد أن
تفضلت السفارات السورية بمنح المواطن
السوري المنفي سواء كان من الإخوان أو
غيرهم جوازات سفر، جرت عملية ابتزاز رهيبة
بحقهم حيث فرض عليهم ما سموه (ضريبة
الاغتراب) التي ينوء بحملها الكثيرون
وخاصة ممن يقطنون البلدان العربية غير
النفطية المجاورة لسورية، والتي لم تكن
تصنف يوماً من الأيام على أنها (بلد
مهجر)، وبعد كل هذا الابتزاز والمعاناة
منحت السفارات جوازات سفر لهؤلاء لسنتين
وعاملته كثلث مواطن (يمنح المواطن السوري
بحسب القانون جواز سفر لمدة ست سنوات)،
إضافة إلى إسقاط (الرقم الوطني) عن هذه
الجوازات، ليضاف مئات الألوف إلى طبقة
جديدة كحالة (البدون) في بعض دول الخليج.
ما ذكرناه سيدي الدكتور كمال الهلباوي غيض
من فيض من معاناة المنفيين من جراء معاملة
النظام في سورية لهم، سواء كانوا من جماعة
الإخوان المسلمين أم ممن ينتمون إلى
الأطياف المعارضة الأخرى، وأتمنى عليك
سيدي لو تكرمت وزرت المسؤولين السورين
وعرضت عليهم ما تعرضه على جماعة الإخوان
المسلمين وترى رأيهم وتكون وسيط خير بين
الجماعة وبين النظام علَّ الله يجعل على
يدك الحل الذي عجزت عنه عشرات الأحزاب
السياسية التي ترتبط مع النظام بصداقة أو
تحالف، والمنظمات الإنسانية العربية
والإسلامية والعالمية، والشخصيات العربية
والإسلامية التي سعت جاهدة لفك هذا اللغز
(العلاقة المتشابكة بين جماعة الإخوان
المسلمين والنظام) وقد سبق وقام النظام
السوري في (فك الاشتباك مع العدو الصهيوني
عام 1974) وقد تقنعه يا فضيلة الدكتور بفك
الاشتباك مع جماعة الإخوان |